Articles
Displaying 301-310 of 821 results.
ID:
307
Title: بوضوح: ربيع ديركي مجزرة قانا ذاكرة لا تمحى
Content: <p dir="RTL">بين الحادي عشر والسادس والعشرين من نيسان من العام 1996 شن العدو الصهيوني عدوانه على لبنان تحت مسمى "عناقيد الغضب"، استخدم فيه مختلف أنواع أسلحة القتل، من الجو والبر والبحر.</p> <p dir="RTL">مدن لبنان وقراه قصفت، بـ 23 ألف قذيفة، ونفذت طائرات القتل الصهيونية 523 غارة، فكانت حصيلة العدوان خمس مجازر، آخرها كان مجزرة قانا.</p> <p dir="RTL">في قانا مقر الكتيبة الفيجية العاملة ضمن قوات اليونيفيل، لجأ إليها، خلال عدوان "عناقيد الغضب"، أكثر من 800 مدنياً، من الأطفال والنساء والمسنين، ظناً منهم أن العدو الصهيوني يقيم وزناً لعلم الأمم المتحدة، وأنه في وسع هذا العلم حمايتهم من الحقد الصهيوني النازي.</p> <p dir="RTL">وفي الثامن عشر من نيسان من العام 1996، صب الحقد الصهيوني وعطشه إلى الدماء ويلاته على الأبرياء في مقر الكتيبة الفيجية في قانا، مطلقاً نيران القتل العنصري الذي أدّى إلى مجزرة قانا الأولى التي ذهب ضحيتها 102 شهداء من الأطفال والنساء، بدورها الأمم المتحدة حملت العدو الصهيوني مسؤولية ارتكاب مجزرة قانا، فكان الرد الأميركي جاهزاً لحماية رأس حربتها في المنطقة، معارضة شديدة لتحميل العدو الصهيوني مسؤولية المجزرة، وبالتالي منع تنفيذ مقتضاياته.</p> <p dir="RTL">تسعة عشرة عاماً على مجزرة قانا الأولى... وفي الثلاثين من حزيران المقبل تمر تسع سنوات على مجزرة قانا الثانية التي ارتكباها العدو الصهيوني خلال عدوانه على لبنان في العام 2006، والتي ذهب ضحيتها 76 شهيداً من النساء والأطفال (37 طفلاً)، هي مجازر لا تمحى من الذاكرة الوطنية المقاومة.</p> <p dir="RTL">هي ذاكرة حاضرة ما دام العدو الصهيوني يحتل فلسطين، وينتهك السيادة الوطنية اللبنانية، هي ذاكرة يحميها نهج المقاومة ضد الاحتلال والنضال من أجل التغيير الديمقراطي.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: بوضوح: ربيع ديركي مجزرة قانا ذاكرة لا تمحى
Content: <p dir="RTL">بين الحادي عشر والسادس والعشرين من نيسان من العام 1996 شن العدو الصهيوني عدوانه على لبنان تحت مسمى "عناقيد الغضب"، استخدم فيه مختلف أنواع أسلحة القتل، من الجو والبر والبحر.</p> <p dir="RTL">مدن لبنان وقراه قصفت، بـ 23 ألف قذيفة، ونفذت طائرات القتل الصهيونية 523 غارة، فكانت حصيلة العدوان خمس مجازر، آخرها كان مجزرة قانا.</p> <p dir="RTL">في قانا مقر الكتيبة الفيجية العاملة ضمن قوات اليونيفيل، لجأ إليها، خلال عدوان "عناقيد الغضب"، أكثر من 800 مدنياً، من الأطفال والنساء والمسنين، ظناً منهم أن العدو الصهيوني يقيم وزناً لعلم الأمم المتحدة، وأنه في وسع هذا العلم حمايتهم من الحقد الصهيوني النازي.</p> <p dir="RTL">وفي الثامن عشر من نيسان من العام 1996، صب الحقد الصهيوني وعطشه إلى الدماء ويلاته على الأبرياء في مقر الكتيبة الفيجية في قانا، مطلقاً نيران القتل العنصري الذي أدّى إلى مجزرة قانا الأولى التي ذهب ضحيتها 102 شهداء من الأطفال والنساء، بدورها الأمم المتحدة حملت العدو الصهيوني مسؤولية ارتكاب مجزرة قانا، فكان الرد الأميركي جاهزاً لحماية رأس حربتها في المنطقة، معارضة شديدة لتحميل العدو الصهيوني مسؤولية المجزرة، وبالتالي منع تنفيذ مقتضاياته.</p> <p dir="RTL">تسعة عشرة عاماً على مجزرة قانا الأولى... وفي الثلاثين من حزيران المقبل تمر تسع سنوات على مجزرة قانا الثانية التي ارتكباها العدو الصهيوني خلال عدوانه على لبنان في العام 2006، والتي ذهب ضحيتها 76 شهيداً من النساء والأطفال (37 طفلاً)، هي مجازر لا تمحى من الذاكرة الوطنية المقاومة.</p> <p dir="RTL">هي ذاكرة حاضرة ما دام العدو الصهيوني يحتل فلسطين، وينتهك السيادة الوطنية اللبنانية، هي ذاكرة يحميها نهج المقاومة ضد الاحتلال والنضال من أجل التغيير الديمقراطي.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
308
Title: الحدث: مصطفى العاملي لبنان أمام خياري "التغيير" أو عودة "الحرب"
Content: <p dir="RTL">أما وقد أحيا اللبنانيون الذكرى الـ 40 للحرب الأهلية، فالسؤال اليوم ماذا بعد؟ وهل انتهت هذه الحرب ومفاعيلها على مختلف المستويات الانسانية والاقتصادية والسياسية؟ الجواب الذي يكاد يتوحد حوله الجميع: الحرب مازالت قائمة وبأشكال مختلفة، وأن بعض مظاهرها أخطر بكثير مما كانت عليه يوم اندلاعها في العام 1975، مع أن أسبابها ومسبباتها ضاربة في التاريخ.</p> <p dir="RTL">فالانقسام السياسي الطائفي والمذهبي بين الأطراف اللبنانية وخصوصاً تلك المتنازعة على السلطة، ورهاناتها وارتهاناتها الخارجية، يؤكد أن جمر الحرب ما زال متأججاً، والوقود متوفر لتجدد اندلاعها في اية لحظة، لا سيما في ظل التطورات التي تشهدها العديد من الدول العربية وسرعة تأثر لبنان فيها، وهذا ما يتجلى بالجماعات الارهابية المنتشرة في السلسلة الشرقية والتي تحاول بشكل شبه دائم فك الحصار المضروب عليها والسيطرة على إحدى المناطق اللبنانية المحاذية للحدود السورية، في محاولة لتأمين التواصل مع المسلحين المتواجدين في منطقة القلمون، وبالتالي ادخال لبنان بشكل مباشر في الأزمة السورية، خصوصاً وأن هناك خلايا نائمة في العديد من المناطق يمكن استخدامها لتفجير الوضع من خلال القيام بأعمال اجرامية على شكل تفجيرات أو اغتيالات سياسية.</p> <p dir="RTL">ولا تقتصر مخاطر عودة الحرب على هذا الجانب، بل ان انهيار الدولة ومؤسساتها من شأنه ان يساهم أيضاً في دفع اللبنانيين الى الاقتتال مجدداً ما لم يسارع المعنيون الى اعادة بناء الدولة على أسس صحيحة، متجاوزين الأسباب التي أدت الى انهيار وتفكك مؤسساتها وإداراتها، وفي المقدمة التوافق على نظام سياسي جديد على أنقاض النظام القائم حالياً، رغم أنه سقط عملياً، ولكن بعض المستفيدين منه يرفضون تغييره وحتى اصلاحه بشكل جدي، رغم انه ومنذ اعتماده أدخل اللبنانيين في حروب متتالية واستجلبت التدخلات الخارجية على أنواعها ولا يزال. أما الأزمات الاقتصادية والاجتماعية فحدث ولا حرج، والأنكى انها لا تدخل ضمن اهتمامات وأولويات المسؤولين، لا بل هناك إصرار مبرمج من قبلهم على تجاهل مطالب وحقوق الناس وطمسها من خلال اعطاء الأولوية لملفات تتعلق بالصراعات الطائفية والمذهبية والمشاكل الأمنية، التي تمثل اليوم الحيز الأكبر من الاهتمامات، خصوصاً انها قد تطيح بهؤلاء المسؤولين اذا ما خرجت عن السيطرة، وفي هذا الاطار يمكن فهم الأسباب التي تقف خلف استمرار جلسات الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل، رغم الاتهامات والخلافات القائمة بينهما على خلفية الحرب اليمنية والحملة العسكرية التي تقودها السعودية بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة، ضد الشعب اليمني، تحت شعار وقف التمدد الإيراني، مع أن هذه التطورات تزامنت مع اتفاق الإطار الذي توصلت اليه إيران مع أميركا والدول الغربية، حول ملفها النووي الذي سيتم توقيعه بشكل نهائي في حزيران المقبل.</p> <p dir="RTL">ونظراً لالتحاق لبنان بالخارج، وغياب أي قرار وطني يتعلق بتحديد مصيره ومستقبله، فقد كثرت التساؤلات عن مدى تأثير هذا الاتفاق على لبنان، وشكل خاص على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكالعادة انقسم اللبنانيون حول هذا الأمر، فمنهم من رأى ان هذا الاتفاق شكل انتصاراً معنوياً لهم على الأقل، وبالتالي لا بد ان ينعكس ذلك على شخصية الرئيس المقبل، في حين يعتبر الفريق الآخر، أن هذا الاتفاق ما زال حبراً على ورق، ويستبعدون أي تأثير له على الوضع الداخلي في ظل احتدام الخلافات بين إيران والسعودية على خلفية ما يجري في اليمن، وبالتالي فإن الأزمة الرئاسية ما زالت مفتوحة على المجهول وأن الرهان الذي كان يعلقه الكثيرون على تفاهم إيراني – سعودي يمكن أن يساهم في انجاز هذا الاستحقاق قد تلاشى في المدى المنظور على الأقل، في حين أن الدول الخارجية المعنية بالملف اللبناني لها اهتمامات أخرى في هذه المرحلة ترتبط بالتطورات التي تشهدها المنطقة وكيفية إعادة ترتيبها، بما يخدم مصالحها، والخشية أن تكون التسويات التي يمكن أن تحصل على حساب لبنان المنكشف سياسياً والمهدد أمنياً، والمأزوم اقتصادياً واجتماعياً والمتروك إقليمياً ودولياً. مع ان هناك من يؤكد أن حالة الاستقرار النسبي التي ينعم بها لبنان في هذه المرحلة على الرغم من العواصف العاتية التي تضرب عدداً من دول المنطقة.</p> <p dir="RTL">إذاً، لبنان ما زال على رصيف الانتظار، والحلول لأزماته المتنوعة ما زالت مؤجلة، ريثما ينجلي المشهد الإقليمي الذي ما زال ضبابياً، في ظل الصراعات الدائرة على أكثر من محور، وبالتالي فإن حالة الستاتيكو القائمة منذ فترة ستبقى قائمة، يتخللها استمرار التجاذبات بين القوى السياسية اللبنانية المختلفة في ما بينها على كيفية إعادة بناء السلطة، ولكنها متفقة على ما يبدو على تقاسم ما تبقى من خيرات هذه البلد، وهذا ما تؤشر اليه التعيينات التي حصلت في الآونة الأخيرة، ولا سيما تعيين أعضاء لجنة الرقابة على المصارف وأمين عام مجلس الوزراء وهيئة المنطقة الاقتصادية الخالصة في طرابلس...الخ</p> <p dir="RTL">ويؤكد مصدر سياسي مطلع أن القوى السياسية المشاركة في الحكومة باتت مقتنعة بأنها محكومة بضرورة التعايش مع الفراغ الرئاسي لفترة من الزمن، قد تطول أو تقصر وفق التطورات الخارجية المحيطة، وأن هذه الحكومة باقية لإدارة شؤون البلاد ولو بالحد الأدنىن لأن لا إمكانية لتغييرها حالياً، وأن اي مغامرة في هذا الإطار قد تدفع الى الفوضى الشاملة وهذا الأمر ليس لمصلحة أحد. وعليه فإن الحكومة ستتجاوز المشاكل والعقبات التي تعترضها وستواصل لعبة تضييع الوقت والحفاظ على الحد الأدنى من التماسك السياسي ومعالجة بعض القضايا اليومية والإدارية، بالتزامن مع استمرار الحوارات الثنائية (حزب الله – المستقبل) و (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، علّ ذلك يساهم في تخفيف الاحتقان الطائفي والمذهبي بانتظار أن يأتي الترياق من العراق، مع أن هناك من يؤكد أن "كثرة الدق بتفك اللّحام" وان احتدام المواجهة بين طهران والرياض قد تؤدي الى تعطيل الحوار بين حزب الله والمستقبل، الذي انعقد للمرة العاشرة وبات من قبيل رفع العتب أو المحافظة على حد أدنى من التواصل، لمنع انفلات الغرائز المذهبية وتحوّلها الى حوادث وإشكالات أمنية في الشارع، أما الحوار الآخر بين "التيار" و "القوات" فإن سقفه الاستحقاق الرئاسي وشعاراته تتجاوز لبنان والمنطقة لتغطية "السموات بالقبوات".</p> <p dir="RTL">في غضون ذلك لا بد من التأكيد على أهمية الاجراءات والتدابير الاستباقية التي نفذتها وتنفذها القوى الأمنية، رغم إمكانياتها المحدودة وتسليحها المتواضع، في تصديها للجماعات الإرهابية التي تسللت تحت جنح الأزمة السورية، وبتغطية من بعض القوى السياسية اللبنانية، واسقطت مشروعها بإقامة إمارة لها في طرابلس، من خلال اعتقال بعض الرموز المتعاونة معها وإسقاط ظاهرة "قادة المحاور" وما زالت تواصل ملاحقة الذين تواروا عن الأنظار. ويأتي في هذا الإطار مقتل الارهابي أسامة منصور واعتقال الارهابي خالد حبلص الذي اعترف بالعديد من الاعتداءات التي نفذها ضد مراكز ودوريات الجيش في الشمال وعلى دوره في حث الشباب على القتال في سوريا، ولكن خطر هؤلاء لم ينته بعد، فالمسلحون في السلسلة الشرقية يحاولون بشكل شبه يومي الخروج من الشرنقة المحاصرين داخلها والسيطرة على منطقة ولو صغيرة ينطلقون منها للتنكيل بأهالي القرى المجاورة، واذكاء نار الفتنة المذهبية، إضافة الى شن اعتداءات على مراكز الجيش في المنطقة.</p> <p dir="RTL">ليس من عاقل في لبنان يرى أن هذه الأزمات على تنوعها، هي وليدة الساعة، بل أن لها جذوراً تاريخية تعود الى نشوء النظام السياسي الطائفي، الذي اتسم بإنتاج هذه الأزمات التي غالباً ما تحولت الى حروب صغيرة أو كبيرة، بعد أن تقدمت الاعتبارات الطائفية والمذهبية على الولاء للوطن، وتفوقّت المصالح الخارجية الإقليمية والدولية، على حساب الانتماء الوطني، وتحوّلت الحرية فيه الى فوضى، بعد أن غابت الديمقراطية الحقيقية، نتيجة عدم ممارستها بشكل صحيح، خصوصاً في الانتخابات التي غالباً ما تكون فلكلورية بسبب القوانين التي كانت وما زالت تفصّل على قياس زعماء وأمراء الطوائف، الذين يعرفون أن اي تغيير سيكون بمثابة رصاصة الرحمة على مستقبلهم السياسي.</p> <p dir="RTL">في الذكرى الأربعين للحرب ليس باستطاعة أي لبناني رسم صورة مشرقة لمستقبل بلده، بل ان الخوف والقلق على المستقبل والمصير ما زال يحاصره من كل الجهات، ولكن الأمل لم يفقد بعد، طالما في لبنان من يستمر في رفض هذا الواقع ويدعو الى تغيير هذه الطبقة السياسية الفاشلة والعاجزة عن إدارة شؤون البلد، وحل أزماته، وهذا يستدعي حوار وطني شامل، ينتج نظاماً سياسياً قابلاً للحياة وقادراً على مواجهة الحرائق والعواصف من حوله.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: الحدث: مصطفى العاملي لبنان أمام خياري "التغيير" أو عودة "الحرب"
Content: <p dir="RTL">أما وقد أحيا اللبنانيون الذكرى الـ 40 للحرب الأهلية، فالسؤال اليوم ماذا بعد؟ وهل انتهت هذه الحرب ومفاعيلها على مختلف المستويات الانسانية والاقتصادية والسياسية؟ الجواب الذي يكاد يتوحد حوله الجميع: الحرب مازالت قائمة وبأشكال مختلفة، وأن بعض مظاهرها أخطر بكثير مما كانت عليه يوم اندلاعها في العام 1975، مع أن أسبابها ومسبباتها ضاربة في التاريخ.</p> <p dir="RTL">فالانقسام السياسي الطائفي والمذهبي بين الأطراف اللبنانية وخصوصاً تلك المتنازعة على السلطة، ورهاناتها وارتهاناتها الخارجية، يؤكد أن جمر الحرب ما زال متأججاً، والوقود متوفر لتجدد اندلاعها في اية لحظة، لا سيما في ظل التطورات التي تشهدها العديد من الدول العربية وسرعة تأثر لبنان فيها، وهذا ما يتجلى بالجماعات الارهابية المنتشرة في السلسلة الشرقية والتي تحاول بشكل شبه دائم فك الحصار المضروب عليها والسيطرة على إحدى المناطق اللبنانية المحاذية للحدود السورية، في محاولة لتأمين التواصل مع المسلحين المتواجدين في منطقة القلمون، وبالتالي ادخال لبنان بشكل مباشر في الأزمة السورية، خصوصاً وأن هناك خلايا نائمة في العديد من المناطق يمكن استخدامها لتفجير الوضع من خلال القيام بأعمال اجرامية على شكل تفجيرات أو اغتيالات سياسية.</p> <p dir="RTL">ولا تقتصر مخاطر عودة الحرب على هذا الجانب، بل ان انهيار الدولة ومؤسساتها من شأنه ان يساهم أيضاً في دفع اللبنانيين الى الاقتتال مجدداً ما لم يسارع المعنيون الى اعادة بناء الدولة على أسس صحيحة، متجاوزين الأسباب التي أدت الى انهيار وتفكك مؤسساتها وإداراتها، وفي المقدمة التوافق على نظام سياسي جديد على أنقاض النظام القائم حالياً، رغم أنه سقط عملياً، ولكن بعض المستفيدين منه يرفضون تغييره وحتى اصلاحه بشكل جدي، رغم انه ومنذ اعتماده أدخل اللبنانيين في حروب متتالية واستجلبت التدخلات الخارجية على أنواعها ولا يزال. أما الأزمات الاقتصادية والاجتماعية فحدث ولا حرج، والأنكى انها لا تدخل ضمن اهتمامات وأولويات المسؤولين، لا بل هناك إصرار مبرمج من قبلهم على تجاهل مطالب وحقوق الناس وطمسها من خلال اعطاء الأولوية لملفات تتعلق بالصراعات الطائفية والمذهبية والمشاكل الأمنية، التي تمثل اليوم الحيز الأكبر من الاهتمامات، خصوصاً انها قد تطيح بهؤلاء المسؤولين اذا ما خرجت عن السيطرة، وفي هذا الاطار يمكن فهم الأسباب التي تقف خلف استمرار جلسات الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل، رغم الاتهامات والخلافات القائمة بينهما على خلفية الحرب اليمنية والحملة العسكرية التي تقودها السعودية بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة، ضد الشعب اليمني، تحت شعار وقف التمدد الإيراني، مع أن هذه التطورات تزامنت مع اتفاق الإطار الذي توصلت اليه إيران مع أميركا والدول الغربية، حول ملفها النووي الذي سيتم توقيعه بشكل نهائي في حزيران المقبل.</p> <p dir="RTL">ونظراً لالتحاق لبنان بالخارج، وغياب أي قرار وطني يتعلق بتحديد مصيره ومستقبله، فقد كثرت التساؤلات عن مدى تأثير هذا الاتفاق على لبنان، وشكل خاص على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكالعادة انقسم اللبنانيون حول هذا الأمر، فمنهم من رأى ان هذا الاتفاق شكل انتصاراً معنوياً لهم على الأقل، وبالتالي لا بد ان ينعكس ذلك على شخصية الرئيس المقبل، في حين يعتبر الفريق الآخر، أن هذا الاتفاق ما زال حبراً على ورق، ويستبعدون أي تأثير له على الوضع الداخلي في ظل احتدام الخلافات بين إيران والسعودية على خلفية ما يجري في اليمن، وبالتالي فإن الأزمة الرئاسية ما زالت مفتوحة على المجهول وأن الرهان الذي كان يعلقه الكثيرون على تفاهم إيراني – سعودي يمكن أن يساهم في انجاز هذا الاستحقاق قد تلاشى في المدى المنظور على الأقل، في حين أن الدول الخارجية المعنية بالملف اللبناني لها اهتمامات أخرى في هذه المرحلة ترتبط بالتطورات التي تشهدها المنطقة وكيفية إعادة ترتيبها، بما يخدم مصالحها، والخشية أن تكون التسويات التي يمكن أن تحصل على حساب لبنان المنكشف سياسياً والمهدد أمنياً، والمأزوم اقتصادياً واجتماعياً والمتروك إقليمياً ودولياً. مع ان هناك من يؤكد أن حالة الاستقرار النسبي التي ينعم بها لبنان في هذه المرحلة على الرغم من العواصف العاتية التي تضرب عدداً من دول المنطقة.</p> <p dir="RTL">إذاً، لبنان ما زال على رصيف الانتظار، والحلول لأزماته المتنوعة ما زالت مؤجلة، ريثما ينجلي المشهد الإقليمي الذي ما زال ضبابياً، في ظل الصراعات الدائرة على أكثر من محور، وبالتالي فإن حالة الستاتيكو القائمة منذ فترة ستبقى قائمة، يتخللها استمرار التجاذبات بين القوى السياسية اللبنانية المختلفة في ما بينها على كيفية إعادة بناء السلطة، ولكنها متفقة على ما يبدو على تقاسم ما تبقى من خيرات هذه البلد، وهذا ما تؤشر اليه التعيينات التي حصلت في الآونة الأخيرة، ولا سيما تعيين أعضاء لجنة الرقابة على المصارف وأمين عام مجلس الوزراء وهيئة المنطقة الاقتصادية الخالصة في طرابلس...الخ</p> <p dir="RTL">ويؤكد مصدر سياسي مطلع أن القوى السياسية المشاركة في الحكومة باتت مقتنعة بأنها محكومة بضرورة التعايش مع الفراغ الرئاسي لفترة من الزمن، قد تطول أو تقصر وفق التطورات الخارجية المحيطة، وأن هذه الحكومة باقية لإدارة شؤون البلاد ولو بالحد الأدنىن لأن لا إمكانية لتغييرها حالياً، وأن اي مغامرة في هذا الإطار قد تدفع الى الفوضى الشاملة وهذا الأمر ليس لمصلحة أحد. وعليه فإن الحكومة ستتجاوز المشاكل والعقبات التي تعترضها وستواصل لعبة تضييع الوقت والحفاظ على الحد الأدنى من التماسك السياسي ومعالجة بعض القضايا اليومية والإدارية، بالتزامن مع استمرار الحوارات الثنائية (حزب الله – المستقبل) و (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، علّ ذلك يساهم في تخفيف الاحتقان الطائفي والمذهبي بانتظار أن يأتي الترياق من العراق، مع أن هناك من يؤكد أن "كثرة الدق بتفك اللّحام" وان احتدام المواجهة بين طهران والرياض قد تؤدي الى تعطيل الحوار بين حزب الله والمستقبل، الذي انعقد للمرة العاشرة وبات من قبيل رفع العتب أو المحافظة على حد أدنى من التواصل، لمنع انفلات الغرائز المذهبية وتحوّلها الى حوادث وإشكالات أمنية في الشارع، أما الحوار الآخر بين "التيار" و "القوات" فإن سقفه الاستحقاق الرئاسي وشعاراته تتجاوز لبنان والمنطقة لتغطية "السموات بالقبوات".</p> <p dir="RTL">في غضون ذلك لا بد من التأكيد على أهمية الاجراءات والتدابير الاستباقية التي نفذتها وتنفذها القوى الأمنية، رغم إمكانياتها المحدودة وتسليحها المتواضع، في تصديها للجماعات الإرهابية التي تسللت تحت جنح الأزمة السورية، وبتغطية من بعض القوى السياسية اللبنانية، واسقطت مشروعها بإقامة إمارة لها في طرابلس، من خلال اعتقال بعض الرموز المتعاونة معها وإسقاط ظاهرة "قادة المحاور" وما زالت تواصل ملاحقة الذين تواروا عن الأنظار. ويأتي في هذا الإطار مقتل الارهابي أسامة منصور واعتقال الارهابي خالد حبلص الذي اعترف بالعديد من الاعتداءات التي نفذها ضد مراكز ودوريات الجيش في الشمال وعلى دوره في حث الشباب على القتال في سوريا، ولكن خطر هؤلاء لم ينته بعد، فالمسلحون في السلسلة الشرقية يحاولون بشكل شبه يومي الخروج من الشرنقة المحاصرين داخلها والسيطرة على منطقة ولو صغيرة ينطلقون منها للتنكيل بأهالي القرى المجاورة، واذكاء نار الفتنة المذهبية، إضافة الى شن اعتداءات على مراكز الجيش في المنطقة.</p> <p dir="RTL">ليس من عاقل في لبنان يرى أن هذه الأزمات على تنوعها، هي وليدة الساعة، بل أن لها جذوراً تاريخية تعود الى نشوء النظام السياسي الطائفي، الذي اتسم بإنتاج هذه الأزمات التي غالباً ما تحولت الى حروب صغيرة أو كبيرة، بعد أن تقدمت الاعتبارات الطائفية والمذهبية على الولاء للوطن، وتفوقّت المصالح الخارجية الإقليمية والدولية، على حساب الانتماء الوطني، وتحوّلت الحرية فيه الى فوضى، بعد أن غابت الديمقراطية الحقيقية، نتيجة عدم ممارستها بشكل صحيح، خصوصاً في الانتخابات التي غالباً ما تكون فلكلورية بسبب القوانين التي كانت وما زالت تفصّل على قياس زعماء وأمراء الطوائف، الذين يعرفون أن اي تغيير سيكون بمثابة رصاصة الرحمة على مستقبلهم السياسي.</p> <p dir="RTL">في الذكرى الأربعين للحرب ليس باستطاعة أي لبناني رسم صورة مشرقة لمستقبل بلده، بل ان الخوف والقلق على المستقبل والمصير ما زال يحاصره من كل الجهات، ولكن الأمل لم يفقد بعد، طالما في لبنان من يستمر في رفض هذا الواقع ويدعو الى تغيير هذه الطبقة السياسية الفاشلة والعاجزة عن إدارة شؤون البلد، وحل أزماته، وهذا يستدعي حوار وطني شامل، ينتج نظاماً سياسياً قابلاً للحياة وقادراً على مواجهة الحرائق والعواصف من حوله.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
309
Title: كلمة موريس نهرا انجاز جديد لـ كوبا في قمة الدول الأميركية
Content: <p dir="RTL">بعد 53 سنة من العداء السافر الذي مارسته واشنطن ضد كوبا،والحملات العدائية المتواصلة عليها وفرض حصار اقتصادي جائر على شعبها،واعتبارها دولة تدعم الارهاب،استطاعت كوبا ان تفرض حضورها ومشاركتها في قمة الدول الاميركية التي جرى عقدها الاسبوع المنصرم في جمهورية بنما . فكان حضورها علامة فارقة،جعلت وفدها بقيادة الرئيس الكوبي راوول كاسترو،قطباً جاذباً في هذا المؤتمر،الذي شارك فيه الرئيس الاميركي باراك اوباما،وحوالي 35 دولة في القارة الاميركية .</p> <p dir="RTL">لقد اعتمدت واشنطن هذا النهج العدائي ضد جارتها الصغيرة كوبا،بعد انتصار ثورتها عام 1959،وبخاصة بعد فشل دوائرها ومخابراتها المركزية في اسقاط هذه الثورة وسلطتها في غزو خليج الخنازير (بلايا هيرون) على شواطىء كوبا في 17 نيسان 1961،وكان صمود الثورة الكوبية والالتفاف الشعبي حول قيادتها، من اهم عوامل استمرارها ونجاحاتها،خصوصاً وانها حققت للشعب الكوبي مكاسب وانجازات مهمة على الصعيدين الوطني والاجتماعي . فخرجت كوبا من سلاسل التبعية لسياسات واشنطن،واتجهت لاختيار طريق تطورها الذي يتلاءم مع المصالح الوطنية والاجتماعية لشعب كوبا واعلنت بصوت القائد التاريخي لثورتها،فيديل كاسترو،الاشتراكية هدفاً لها . وهذا ما ادى الى حماية الشعب لها . وهي اليوم تقوم بتحديث تجربتها الاشتراكية بالارتباط مع خصوصية وضع كوبا وتلبية حاجات شعبها .</p> <p dir="RTL">لقد كان للتضامن الشعبي الواسع في بلدان اميركا اللاتينية مع شعب كوبا وثورته،وضد الحكام الخاضعين لهيمنة الامبريالية الاميركية ، اضافة الى التضامن العالمي معها،تأثيراً مهماً في مساندة الشعب الكوبي وحقه في اختيار طريق تطوره . وقد ادى كل ذلك الى جعل كوبا مثالاً ملهماً لشعوب تلك القارة التي وصلت نضالاتها التراكمية الى تحقيق انتصارات جديدة في مسيرتها التحررية . وها هي معظم بلدان اميركا اللاتينية التي كانت حكوماتها تنصاع لضغوط واشنطن ومجاراتها في عزل كوبا،وقفت اليوم بعد اكثر من خمسة عقود ،متبنية ضرورة دعوة كوبا الى المشاركة في قمة الدول الاميركية . ووصل عدد منها الى عدم القبول بالحضور بالمؤتمر اذا لم تدع كوبا اليه . وهذه التغيرات هي التي جعلت الادارة الاميركية تعيد النظر بموقفها وطريقة تعاطيها مع كوبا . ففشل سياسة عزلها ،ووصول العدد الاكبر من دول اميركا اللاتينية الى اقامة علاقات طبيعية بل تضامنية معها ،جعل الولايات المتحدة تخشى هي من عزلة موقفها . هذا علماً ان الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرضته واشنطن على الشعب الكوبي منذ 53 سنة ،لم يلغ بعد .</p> <p dir="RTL">ولا بد من الاشارة هنا الى ان مبادرة الرئيس اوباما،في اواسط كانون الاول 2014،باعادة النظر في العلاقة مع كوبا،لم تكن مترافقة مع شرط تغيير في طبيعة النظام الكوبي ومبادئه الاشتراكية،كما صرح الرئيس الكوبي راوول كاسترو،ولا في طبيعة النظام الرأسمالي وقلعته الاميركية الكبرى . مما استوجب الاقرار بامكانية التعايش بين بلدين ونظامين من طبيعة مختلفة . ويصح القول الجازم هنا ،ان طبيعة الرأسمالية ومطامع احتكاراتها في نهب ثروات الشعوب وجني اقصى الارباح،هو الاساس في رسم سياسات الدولة الرأسمالية ،ودفعها الى نهج التدخل والعدوان والحروب ،مباشرة او بالواسطة، ضد كل نظام او حركة تغييرية،تهدف لحماية ثروات البلاد لتحقيق التنمية والتقدم الاجتماعي لصالح شعبها وطبقاته الاجتماعية والفقيرة . وهذه الدوافع والاسباب ما زالت مائلة في طبيعة النظام الامبريالي ، وهي التي كانت في اساسا المؤامرات لاسقاط الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز،والاعداد مع الاتباع الداخليين ،للانقلاب الذي جرى كشفه مؤخراً ، على الرئيس الحالي نيكولاوس مادورو،وفي اعمال التخريب الامني والتلاعب بالسلع الغذائية واختفاء بعضها من السوق احيانا،مع ان القطاع الخاص هو المسيطر على هذه السوق . كل ذلك بغرض خلق حالة استياء شعبي لاضعاف السلطة واسقاط العملية الثورية البوليفارية التي أرسى نهجها الرئيس الراحل هوغو تشافيز . وليس تأجيج النزاعات والحروب الدينية والمذهبية والقبلية الجارية في منطقتنا،وداخل بلداننا العربية،واستخدام التطرف الديني والارهاب الوحشي،سوى الدليل القاطع على دوافع واهداف الامبريالية واداتها الصهيونية،لاقامة شرق اوسط جديد،يفيض بدويلات مذهبية ودينية وقبلية متنازعة،تصبح فيها الدولة الدينية الصهيونية هي الاقوى،وتوفر سيطرة اميركية مديدة لاستمرار نهب ثروات شعوبنا وافقارها .</p> <p dir="RTL">ومن نافل القول ان طبيعة الدولة الرأسمالية الكبرى هذه،معروفة لدى القيادة الكوبية المجربة،ولدى الشعب الكوبي ونضاله وصموده التاريخي، الذي عبر دائماً عن تمسكه بسيادة وطنه وبمبادىء ثورته وهدفها الاشتراكي .</p> <p dir="RTL">وتجدر الاشارة ايضاً،الى ان اجتماع قمة الدول الاميركية،قد رافقه في بنما ايضاً،وفي التوقيت نفسه ،قمة شعوب القارة بمشاركة 3500 شخص من النقابات ومنظمات الشباب ومجمل هيئات المجتمع المدني من كل القارة . ورغم محاولات بعض المشاركين من اصول كوبية في ميامي – ولاية فلوريدا الاميركية،لاحداث اعمال شغب ضد كوبا ووفدها،فان البيان الذي اقره المؤتمر الشعبي ،يعلن التضامن مع الشعب الكوبي ومطالبته بالغاء الحصار الاقتصادي الاميركي على كوبا ،والتضامن ايضاً مع فينزويلا ورئيسها مادورو ،ومع بوليفيا . كما تضمن البيان المطالبة بالغاء القاعدة الاميركية في مقاطعة غوانتنموا الكوبية،وبجعل القارة اللاتينية خالية من القواعد العسكرية،وغيرها من القضايا الاخرى .</p> <p>لقد شكلت مشاركة كوبا في مؤتمر قمة الدول الاميركية،انجازاً جديداً لكوبا وثورتها،ولنضال شعوب اميركا اللاتينية . وهي عامل مهم في تعزيز الثقة بجدوى النضال والصمود،وبقدرة الشعوب على تحقيق احلامها ومطامحها في الحرية والتقدم،حتى في ظل اختلال التوازن الدولي </p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: كلمة موريس نهرا انجاز جديد لـ كوبا في قمة الدول الأميركية
Content: <p dir="RTL">بعد 53 سنة من العداء السافر الذي مارسته واشنطن ضد كوبا،والحملات العدائية المتواصلة عليها وفرض حصار اقتصادي جائر على شعبها،واعتبارها دولة تدعم الارهاب،استطاعت كوبا ان تفرض حضورها ومشاركتها في قمة الدول الاميركية التي جرى عقدها الاسبوع المنصرم في جمهورية بنما . فكان حضورها علامة فارقة،جعلت وفدها بقيادة الرئيس الكوبي راوول كاسترو،قطباً جاذباً في هذا المؤتمر،الذي شارك فيه الرئيس الاميركي باراك اوباما،وحوالي 35 دولة في القارة الاميركية .</p> <p dir="RTL">لقد اعتمدت واشنطن هذا النهج العدائي ضد جارتها الصغيرة كوبا،بعد انتصار ثورتها عام 1959،وبخاصة بعد فشل دوائرها ومخابراتها المركزية في اسقاط هذه الثورة وسلطتها في غزو خليج الخنازير (بلايا هيرون) على شواطىء كوبا في 17 نيسان 1961،وكان صمود الثورة الكوبية والالتفاف الشعبي حول قيادتها، من اهم عوامل استمرارها ونجاحاتها،خصوصاً وانها حققت للشعب الكوبي مكاسب وانجازات مهمة على الصعيدين الوطني والاجتماعي . فخرجت كوبا من سلاسل التبعية لسياسات واشنطن،واتجهت لاختيار طريق تطورها الذي يتلاءم مع المصالح الوطنية والاجتماعية لشعب كوبا واعلنت بصوت القائد التاريخي لثورتها،فيديل كاسترو،الاشتراكية هدفاً لها . وهذا ما ادى الى حماية الشعب لها . وهي اليوم تقوم بتحديث تجربتها الاشتراكية بالارتباط مع خصوصية وضع كوبا وتلبية حاجات شعبها .</p> <p dir="RTL">لقد كان للتضامن الشعبي الواسع في بلدان اميركا اللاتينية مع شعب كوبا وثورته،وضد الحكام الخاضعين لهيمنة الامبريالية الاميركية ، اضافة الى التضامن العالمي معها،تأثيراً مهماً في مساندة الشعب الكوبي وحقه في اختيار طريق تطوره . وقد ادى كل ذلك الى جعل كوبا مثالاً ملهماً لشعوب تلك القارة التي وصلت نضالاتها التراكمية الى تحقيق انتصارات جديدة في مسيرتها التحررية . وها هي معظم بلدان اميركا اللاتينية التي كانت حكوماتها تنصاع لضغوط واشنطن ومجاراتها في عزل كوبا،وقفت اليوم بعد اكثر من خمسة عقود ،متبنية ضرورة دعوة كوبا الى المشاركة في قمة الدول الاميركية . ووصل عدد منها الى عدم القبول بالحضور بالمؤتمر اذا لم تدع كوبا اليه . وهذه التغيرات هي التي جعلت الادارة الاميركية تعيد النظر بموقفها وطريقة تعاطيها مع كوبا . ففشل سياسة عزلها ،ووصول العدد الاكبر من دول اميركا اللاتينية الى اقامة علاقات طبيعية بل تضامنية معها ،جعل الولايات المتحدة تخشى هي من عزلة موقفها . هذا علماً ان الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرضته واشنطن على الشعب الكوبي منذ 53 سنة ،لم يلغ بعد .</p> <p dir="RTL">ولا بد من الاشارة هنا الى ان مبادرة الرئيس اوباما،في اواسط كانون الاول 2014،باعادة النظر في العلاقة مع كوبا،لم تكن مترافقة مع شرط تغيير في طبيعة النظام الكوبي ومبادئه الاشتراكية،كما صرح الرئيس الكوبي راوول كاسترو،ولا في طبيعة النظام الرأسمالي وقلعته الاميركية الكبرى . مما استوجب الاقرار بامكانية التعايش بين بلدين ونظامين من طبيعة مختلفة . ويصح القول الجازم هنا ،ان طبيعة الرأسمالية ومطامع احتكاراتها في نهب ثروات الشعوب وجني اقصى الارباح،هو الاساس في رسم سياسات الدولة الرأسمالية ،ودفعها الى نهج التدخل والعدوان والحروب ،مباشرة او بالواسطة، ضد كل نظام او حركة تغييرية،تهدف لحماية ثروات البلاد لتحقيق التنمية والتقدم الاجتماعي لصالح شعبها وطبقاته الاجتماعية والفقيرة . وهذه الدوافع والاسباب ما زالت مائلة في طبيعة النظام الامبريالي ، وهي التي كانت في اساسا المؤامرات لاسقاط الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز،والاعداد مع الاتباع الداخليين ،للانقلاب الذي جرى كشفه مؤخراً ، على الرئيس الحالي نيكولاوس مادورو،وفي اعمال التخريب الامني والتلاعب بالسلع الغذائية واختفاء بعضها من السوق احيانا،مع ان القطاع الخاص هو المسيطر على هذه السوق . كل ذلك بغرض خلق حالة استياء شعبي لاضعاف السلطة واسقاط العملية الثورية البوليفارية التي أرسى نهجها الرئيس الراحل هوغو تشافيز . وليس تأجيج النزاعات والحروب الدينية والمذهبية والقبلية الجارية في منطقتنا،وداخل بلداننا العربية،واستخدام التطرف الديني والارهاب الوحشي،سوى الدليل القاطع على دوافع واهداف الامبريالية واداتها الصهيونية،لاقامة شرق اوسط جديد،يفيض بدويلات مذهبية ودينية وقبلية متنازعة،تصبح فيها الدولة الدينية الصهيونية هي الاقوى،وتوفر سيطرة اميركية مديدة لاستمرار نهب ثروات شعوبنا وافقارها .</p> <p dir="RTL">ومن نافل القول ان طبيعة الدولة الرأسمالية الكبرى هذه،معروفة لدى القيادة الكوبية المجربة،ولدى الشعب الكوبي ونضاله وصموده التاريخي، الذي عبر دائماً عن تمسكه بسيادة وطنه وبمبادىء ثورته وهدفها الاشتراكي .</p> <p dir="RTL">وتجدر الاشارة ايضاً،الى ان اجتماع قمة الدول الاميركية،قد رافقه في بنما ايضاً،وفي التوقيت نفسه ،قمة شعوب القارة بمشاركة 3500 شخص من النقابات ومنظمات الشباب ومجمل هيئات المجتمع المدني من كل القارة . ورغم محاولات بعض المشاركين من اصول كوبية في ميامي – ولاية فلوريدا الاميركية،لاحداث اعمال شغب ضد كوبا ووفدها،فان البيان الذي اقره المؤتمر الشعبي ،يعلن التضامن مع الشعب الكوبي ومطالبته بالغاء الحصار الاقتصادي الاميركي على كوبا ،والتضامن ايضاً مع فينزويلا ورئيسها مادورو ،ومع بوليفيا . كما تضمن البيان المطالبة بالغاء القاعدة الاميركية في مقاطعة غوانتنموا الكوبية،وبجعل القارة اللاتينية خالية من القواعد العسكرية،وغيرها من القضايا الاخرى .</p> <p>لقد شكلت مشاركة كوبا في مؤتمر قمة الدول الاميركية،انجازاً جديداً لكوبا وثورتها،ولنضال شعوب اميركا اللاتينية . وهي عامل مهم في تعزيز الثقة بجدوى النضال والصمود،وبقدرة الشعوب على تحقيق احلامها ومطامحها في الحرية والتقدم،حتى في ظل اختلال التوازن الدولي </p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
310
Title: محور العدد: 40 سنة على الحرب الأهلية انتساب إلى الحزب موقع بدم مزارع تبغ محمد عبدو
Content: <p dir="RTL">أحداث 13 نيسان 1975، والتي عرفت بـ"بوسطة عين الرمانة" والتي كان من نتائجها المأساوية اغتيال عدد من كوادر "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" على يد ميليشيات "الكتائب"، هذه الأحداث لم تكن سوى حلقة من سلسلة نشاطات إرهابية إجرامية نظمتها المخابرات الأميركية بتوجيه من الموساد الإسرائيلي، ومشاركة العديد من أجهزة المخابرات في الدول العربية الرجعية.</p> <p dir="RTL">وسياسة "النأي بالنفس" المتبعة اليوم ما هي إلا صورة مشوهة وممسوخة عن سياسة "قوة لبنان في ضعفه" التي أدت إلى تحويل لبنان، بأرضه وجوه وبحره، إلى مجال مفتوح أمام كل التدخلات الخارجية، وكل ذلك جاء بعد هزيمة حزيران 1967، فكانت مجزرة الطائرات في مطار بيروت الدولي. حيث قامت إسرائيل بتدمير سبع طائرات من "الميدل ايست". وبعدما جاء اغتيال ثلاثة من قادة المقاومة الفلسطينية في شارع "فردان"، مع دخول الموساد من البحر بقيادة إيهودا باراك، وبعد أن أمنت لهم مجموعات من الداخل قطع خطوط الهاتف والكهرباء، وتأمين الطرقات دون أن يتدخل أي من القيادات الأمنية اللبنانية والفلسطينية. </p> <p dir="RTL">ثم توالت أعمال المجازر وأعمال القمع ضد التحركات الشعبية اللبنانية من عمال "غندور" إلى إضراب المعلمين وعمال المرفأ... وآخر هذه المجازر كان بحق العمال المزارعين في الجنوب (وخاصة مزارعي التبغ).</p> <p dir="RTL">كان ذلك في كانون الثاني من عام 1973، وكان عدداً من مزارعي التبغ في الجنوب قد حصلوا على ترخيص لمظاهرة سلمية تأيداً لزملائهم من موظفي "الريجي" المعتصمين داخل مبنى "الريجي" في النبطية، وكان الرفيق فؤاد كحيل، الصحفي في جريدة "النداء" اليومية آنذاك، وابن النبطية، توجه بناءً على طلب من الجريدة وتكليفاً من قيادة الحزب الشيوعي اللبناني بتغطية أخبار مظاهرة مزارعي التبغ. كان فؤاد (ابو عبدالله) متحمساً لتغطية الحدث.</p> <p dir="RTL">يوم 24 كانون الثاني مشت المظاهرة من وسط النبطية إلى مركز "الريجي" قرب مفرق كفررمان، وهناك انهالت عليها بكثافة رشاشات المدرعات التابعة للداخلية. فأصابت إصابات مباشرة عدداً من المزارعين المتظاهرين فسقط العديد منهم بين شهيد وجريح، وكانت قوى السلطة، إخفاءً لجريمتها، قد قطعت الاتصالات الهاتفية بين الجنوب وبيروت.</p> <p dir="RTL">كان فؤاد كحيل يريد إيصال خبر عاجل إلى الجريدة، "النداء"، في بيروت والى قيادة الحزب. لم يجد من طريقة سوى الاتصال بي شخصياً، وكنت في صيدا، وتربطني به علاقة صداقة وزمالة ورفاقية، ليقول: "محمد... إسمع... أحدثك من النبطية الخطوط الهاتفية مع بيروت مقطوعة. أُريد إيصال خبر عاجل إلى الجريدة، وقيادة الحزب، مفاده أن المظاهرة السلمية قمعت برصاص قوى وزارة الداخلية وسقط شهيدان وعشرات الجرحى. الشهيدان هما نعيم درويش، من بلدة حبوش، وحسن حايك، من بلدة كفرتبنيت. ثم تابع فؤاد أنا لا استطيع الذهاب إلى بيروت حالياً، أريد متابعة التطورات. أطلب منك تبليغ الجريدة والقيادة بهذه المعلومات وخاصة الرفيق جورج (أبو انيس)."</p> <p dir="RTL">توجهة بسرعة إلى بيروت، وعندما علمت أن جورج (ابو انيس) موجود في بيت كمال جنبلاط حيث يعقد قادة "الحركة الوطنية" اجتماعاً توجهت إلى بيت المعلم كمال في منطقة فرن الحطب، وطلبت من الحراس إبلاغ جورج رغبتي في الحديث إليه، وعن مضمون اتصال فؤاد كحيل... وما كدت انتهي حتى قال لي: "عجل ادخل وأخبر كمال بيك".</p> <p dir="RTL">دخلت إلى قاعة الاجتماع وما كدت أُنهي حديثي حتى انتفض القائد الكبير وقال: "ابقاش بدها... يجب إسقاط هذه الحكومة. يجب وقف المجازر بحق الشعب فوراً."</p> <p dir="RTL">في اليوم التالي، أي في 25 كانون الثاني، كانت "النداء" قد صدرت متشحة بالسواد، وبعنوان كبير يقول: "السفاحون" مع تقرير مفصل عن المجزرة، الذي كتبه المراسل فؤاد كحيل، وفيها معلومات عن الشهداء وطلب انتساب مقدم من نعيم درويش، ابن بلدة حبوش، وفيه أنه مزارع تبغ يملك دونم ونصف الدونم من الأرض يزرعها لإعالة أسرته المكونة من سبعة أطفال وزوجته وله من العمر 38 سنة.</p> <p dir="RTL">ألا تكفي هذه الشروط النبيلة من التضحيات لدخول الحزب؟!</p> <p>ى ان اجتماع قمة الدول الاميركية،قد رافقه في بنما ايضاً،وفي التوقيت نفسه ،قمة شعوب القارة بمشاركة 3500 شخص من النقابات ومنظمات الشباب ومجمل هيئات المجتمع المدني من كل القارة . ورغم محاولات بعض المشاركين من اصول كوبية في ميامي – ولاية فلوريدا الاميركية،لاحداث اعمال شغب ضد كوبا ووفدها،فان البيان الذي اقره المؤتمر الشعبي ،يعلن التضامن مع الشعب الكوبي ومطالبته بالغاء الحصار الاقتصادي الاميركي على كوبا ،والتضامن ايضاً مع فينزويلا ورئيسها مادورو ،ومع بوليفيا . كما تضمن البيان المطالبة بالغاء القاعدة الاميركية في مقاطعة غوانتنموا الكوبية،وبجعل القارة اللاتينية خالية من القواعد العسكرية،وغيرها من القضايا الاخرى .</p> <p> </p> <p>لقد شكلت مشاركة كوبا في مؤتمر قمة الدول الاميركية،انجازاً جديداً لكوبا وثورتها،ولنضال شعوب اميركا اللاتينية . وهي عامل مهم في تعزيز الثقة بجدوى النضال والصمود،وبقدرة الشعوب على تحقيق احلامها ومطامحها في الحرية والتقدم،حتى في ظل اختلال التوازن الدولي </p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: محور العدد: 40 سنة على الحرب الأهلية انتساب إلى الحزب موقع بدم مزارع تبغ محمد عبدو
Content: <p dir="RTL">أحداث 13 نيسان 1975، والتي عرفت بـ"بوسطة عين الرمانة" والتي كان من نتائجها المأساوية اغتيال عدد من كوادر "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" على يد ميليشيات "الكتائب"، هذه الأحداث لم تكن سوى حلقة من سلسلة نشاطات إرهابية إجرامية نظمتها المخابرات الأميركية بتوجيه من الموساد الإسرائيلي، ومشاركة العديد من أجهزة المخابرات في الدول العربية الرجعية.</p> <p dir="RTL">وسياسة "النأي بالنفس" المتبعة اليوم ما هي إلا صورة مشوهة وممسوخة عن سياسة "قوة لبنان في ضعفه" التي أدت إلى تحويل لبنان، بأرضه وجوه وبحره، إلى مجال مفتوح أمام كل التدخلات الخارجية، وكل ذلك جاء بعد هزيمة حزيران 1967، فكانت مجزرة الطائرات في مطار بيروت الدولي. حيث قامت إسرائيل بتدمير سبع طائرات من "الميدل ايست". وبعدما جاء اغتيال ثلاثة من قادة المقاومة الفلسطينية في شارع "فردان"، مع دخول الموساد من البحر بقيادة إيهودا باراك، وبعد أن أمنت لهم مجموعات من الداخل قطع خطوط الهاتف والكهرباء، وتأمين الطرقات دون أن يتدخل أي من القيادات الأمنية اللبنانية والفلسطينية. </p> <p dir="RTL">ثم توالت أعمال المجازر وأعمال القمع ضد التحركات الشعبية اللبنانية من عمال "غندور" إلى إضراب المعلمين وعمال المرفأ... وآخر هذه المجازر كان بحق العمال المزارعين في الجنوب (وخاصة مزارعي التبغ).</p> <p dir="RTL">كان ذلك في كانون الثاني من عام 1973، وكان عدداً من مزارعي التبغ في الجنوب قد حصلوا على ترخيص لمظاهرة سلمية تأيداً لزملائهم من موظفي "الريجي" المعتصمين داخل مبنى "الريجي" في النبطية، وكان الرفيق فؤاد كحيل، الصحفي في جريدة "النداء" اليومية آنذاك، وابن النبطية، توجه بناءً على طلب من الجريدة وتكليفاً من قيادة الحزب الشيوعي اللبناني بتغطية أخبار مظاهرة مزارعي التبغ. كان فؤاد (ابو عبدالله) متحمساً لتغطية الحدث.</p> <p dir="RTL">يوم 24 كانون الثاني مشت المظاهرة من وسط النبطية إلى مركز "الريجي" قرب مفرق كفررمان، وهناك انهالت عليها بكثافة رشاشات المدرعات التابعة للداخلية. فأصابت إصابات مباشرة عدداً من المزارعين المتظاهرين فسقط العديد منهم بين شهيد وجريح، وكانت قوى السلطة، إخفاءً لجريمتها، قد قطعت الاتصالات الهاتفية بين الجنوب وبيروت.</p> <p dir="RTL">كان فؤاد كحيل يريد إيصال خبر عاجل إلى الجريدة، "النداء"، في بيروت والى قيادة الحزب. لم يجد من طريقة سوى الاتصال بي شخصياً، وكنت في صيدا، وتربطني به علاقة صداقة وزمالة ورفاقية، ليقول: "محمد... إسمع... أحدثك من النبطية الخطوط الهاتفية مع بيروت مقطوعة. أُريد إيصال خبر عاجل إلى الجريدة، وقيادة الحزب، مفاده أن المظاهرة السلمية قمعت برصاص قوى وزارة الداخلية وسقط شهيدان وعشرات الجرحى. الشهيدان هما نعيم درويش، من بلدة حبوش، وحسن حايك، من بلدة كفرتبنيت. ثم تابع فؤاد أنا لا استطيع الذهاب إلى بيروت حالياً، أريد متابعة التطورات. أطلب منك تبليغ الجريدة والقيادة بهذه المعلومات وخاصة الرفيق جورج (أبو انيس)."</p> <p dir="RTL">توجهة بسرعة إلى بيروت، وعندما علمت أن جورج (ابو انيس) موجود في بيت كمال جنبلاط حيث يعقد قادة "الحركة الوطنية" اجتماعاً توجهت إلى بيت المعلم كمال في منطقة فرن الحطب، وطلبت من الحراس إبلاغ جورج رغبتي في الحديث إليه، وعن مضمون اتصال فؤاد كحيل... وما كدت انتهي حتى قال لي: "عجل ادخل وأخبر كمال بيك".</p> <p dir="RTL">دخلت إلى قاعة الاجتماع وما كدت أُنهي حديثي حتى انتفض القائد الكبير وقال: "ابقاش بدها... يجب إسقاط هذه الحكومة. يجب وقف المجازر بحق الشعب فوراً."</p> <p dir="RTL">في اليوم التالي، أي في 25 كانون الثاني، كانت "النداء" قد صدرت متشحة بالسواد، وبعنوان كبير يقول: "السفاحون" مع تقرير مفصل عن المجزرة، الذي كتبه المراسل فؤاد كحيل، وفيها معلومات عن الشهداء وطلب انتساب مقدم من نعيم درويش، ابن بلدة حبوش، وفيه أنه مزارع تبغ يملك دونم ونصف الدونم من الأرض يزرعها لإعالة أسرته المكونة من سبعة أطفال وزوجته وله من العمر 38 سنة.</p> <p dir="RTL">ألا تكفي هذه الشروط النبيلة من التضحيات لدخول الحزب؟!</p> <p>ى ان اجتماع قمة الدول الاميركية،قد رافقه في بنما ايضاً،وفي التوقيت نفسه ،قمة شعوب القارة بمشاركة 3500 شخص من النقابات ومنظمات الشباب ومجمل هيئات المجتمع المدني من كل القارة . ورغم محاولات بعض المشاركين من اصول كوبية في ميامي – ولاية فلوريدا الاميركية،لاحداث اعمال شغب ضد كوبا ووفدها،فان البيان الذي اقره المؤتمر الشعبي ،يعلن التضامن مع الشعب الكوبي ومطالبته بالغاء الحصار الاقتصادي الاميركي على كوبا ،والتضامن ايضاً مع فينزويلا ورئيسها مادورو ،ومع بوليفيا . كما تضمن البيان المطالبة بالغاء القاعدة الاميركية في مقاطعة غوانتنموا الكوبية،وبجعل القارة اللاتينية خالية من القواعد العسكرية،وغيرها من القضايا الاخرى .</p> <p> </p> <p>لقد شكلت مشاركة كوبا في مؤتمر قمة الدول الاميركية،انجازاً جديداً لكوبا وثورتها،ولنضال شعوب اميركا اللاتينية . وهي عامل مهم في تعزيز الثقة بجدوى النضال والصمود،وبقدرة الشعوب على تحقيق احلامها ومطامحها في الحرية والتقدم،حتى في ظل اختلال التوازن الدولي </p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
311
Title: جيل اليوم والحرب المستمرة علي غريب
Content: <p dir="RTL">منذ تسميه لبنان السياسي أي منذ الإمارة والقائمقاميه مروراً بالإستقلال وحتى اللحظة الراهنة، لبنان لم يعرف يوماً استقلالاً حقيقياً ولا استقراراً دائماً، انه بلد الحروب والوصايات الخارجية، حروب تبدأ من خلال الصراعات الاجتماعية الطبقية وتنتهي بحروب أهلية طائفية، بسبب نظامه السياسي، والطبقة الحاكمة فيه، وبسبب التدخلات الخارجية التي تستغل نقطة الضعف في نظامه فتجرّ الطوائف لمصالحها الاقتصادية أو لمشاريعها السياسية.</p> <p dir="RTL">وفي معرض الذكرى الأربعين لآخر حرب مرت على لبنان، نجد أن جيل اليوم يطل على نفس المشهد الذي سبق أن رآه جيل الحرب السابقة قبل اندلاعها في منتصف السبعينيات. وأخشى بعد السنوات الأربعين أن تُمحى الحرب وأهوالها من الذاكرة، وهي ما تزال راسخة في أذهان الذين عايشوها حيث قُدر لهم أن يروا بأم العين كيف انهار وطنهم الصغير ووقع في حرب دامية لما تنته بعد. لأن النظام المولد لها وما سبقها ما يزال هو نفسه وعقلية الطبقة الحاكمة هي نفسها وبلدنا ساحة مفتوحة دائماً لكل اللاعبين من الخارج في أي زمن كان يرون فيه مصلحة لاستغلال اهل السلطة كأدوات للتفجير المحلي.</p> <p dir="RTL">وهناك فرق كبير بين تناسي الحرب ونسيانها وبين فقدان الذاكرة أو محوها، حيث يوجد في تلك الحرب الكثير مما يستوجب نسيانه لكن ينبغي أن لا نقع في الوهم بأن الجميع خرجوا خاسرين منها.</p> <p dir="RTL">إن الحروب لها قوانينها، ففي كل حرب هناك خاسر ورابح في السياسة والاقتصاد، وأن الرابح هو من يفرض شروطه على الخاسرين. في حربنا أقلية من كل الطوائف ربحت والأكثرية من كل الطوائف خسرت في الحرب وفي السلم معاً وباختصار أن الرابحين هم الذين تآلفوا وتحالفوا على إعادة تجديد النظام، هم هم التجار والرأسماليون وأثرياء الحرب من أمراء الطوائف. هؤلاء هم الرابحون والمتحالفون ضد الفئات الشعبية والفقيرة من كل الطوائف. وهم الذين رهنوا البلد إلى الخارج بمستوياته كافة السياسية والأمنية والاقتصادية، وهم الذين أوصلوه مجدداً إلى حافة الحرب الأهلية التي لم تنته بعد. ومن أهم الدروس المستفادة من تلك الحرب وغيرها ـ أن كل الأطراف غير منتصرة والكل يخرج منها خاسراً هكذا يوهموننا بينما المنتصرون فيها هم التجار وأمراء الطوائف.</p> <p dir="RTL">- إن الحروب الأهلية لا تنتهي إلا بتدخل خارجي لأنها لا تحصل إلا بإدارة خارجية ومساعدات تغذّي التناقضات الداخلية حيث كل طرف خارجي يسعى وراء مصالحة باستثناء القوى السياسية اللبنانية التي لا تعمل لمصلحة وطنها وهي بحق تمارس فعل الخيانة للوطن والدولة، وإذا استعدنا التاريخ اللبناني وحروبه المستدامة لوجدنا لاندلاعها أسباب مشتركة تبدأ من:</p> <p dir="RTL">- انقسامات حادة بين اللبنانيين وأصطفافهم حول مشروعين نقيضين.</p> <p dir="RTL">- تقاطع المشاريع الخلافية الداخلية مع مشاريع خارجية.</p> <p dir="RTL">- وصول الحوار بين اللبنانيين الى طريق مسدود.</p> <p dir="RTL">على إثر ذلك تنهار مؤسسات الدولة وتُبنى المتاريس وتشحذ النفوس ويعلو شعار "إلى الحرب".</p> <p dir="RTL">والحرب لا تحصل كما علمونا إياها في كتب التاريخ بأن حرباً حصلت بسبب خلاف بين ولدين على لعبة تلاها المجازر والقتل والتهجير، الحرب لم تحصل فجأة، بل ارتبطت بأزمة اقتصادية اجتماعية. كما في كل الحروب السابقة وهذه بدأت منذ عام 1965 من أزمة بنك انترا والبنك العقاري الى أزمات الانتاج الزراعي والمزارعين ومعهم العمال (الزراعيون والصناعيون) مروراً بالطلاب ومزارعي التبغ وحركة المعلمين والسائقين حيث دفع الشعب اللبناني من تلك الفئات والقطاعات شهداء على طريق المطالبة بعيش كريم جرى مواجهتهم من قبل السلطة بأعلى اشكال القمع من الرصاص الحي الى الصرف من الوظيفة والاعتقالات. تزامنت تلك الأزمة الاجتماعية مع أزمة وطنية حادة بعد هزيمة 1967 وبداية العمل الفدائي واستباحة اسرائيل لبلدنا (تفجير الطائرات على ارض المطار ـ كوماندوس 73 في بيروت الخ...) حيث سقط وهم الضمانات الدولية وشعار قوة لبنان في ضعفه.</p> <p dir="RTL">كانت كلفة سبعة عشر عاماً من التقاتل المتنقل على كافة الجبهات اللبنانية باهظة جداً على شعب لا يتعدى تعداد سكانه الأربعة ملايين وبقيت قضية المخطوفين والمفقودين عالقة وهي بمثابة حبل الصرّة بين الحرب السابقة وامتداداتها إلى حرب متجددة.</p> <p dir="RTL">إن أهم ما في تلك الحرب، هو قيام حركة وطنية تصدت للطبقة الرأسمالية وللمشاريع المشبوهة وشكلت بذلك تهديداً لمصالح الصهيونية والامبريالية. و"الوطنيون الشيوعيون" يعتزون بتلك التجربة وبقدرة الحركة الوطنية، التي كادت أن تهزم المشروع الفاشي، وفي ما استكملته وواجهته من مقاومة للإحتلال عبر قيام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.</p> <p dir="RTL">وإذا كنا أمام دروس مستفادة من تلك المرحلة فإن تعليق العمل بصيغة الحركة الوطنية كان خطأ استراتيجياً.</p> <p dir="RTL">وفي هذه الذكرى يطرح الشعب اللبناني على نفسه السؤال الدائم متى تنتهي الحروب من بلدنا، ومتى يخرج القلق الدائم من النفوس على المستقبل. والخلاصة اننا نعيش كل يوم وقائع حرب أهلية مدمرة، اقتصادياً ونفسياً أكثر من تلك التي شهدناها في منتصف السبعينيات. لكن هذه الحرب لا تخاض اليوم بالمواقع والرشاشات (رغم أن ذلك قد حصل أكثر مرة)، بل بالسموم الطائفية والمذهبية ليس عن جهل الطبقة الحاكمة بل من خلال مصالحها الطبقية التي ما تزال مستمرة على نفس الأسس التي تشكل تهديداً دائماً للسلم الأهلي. وإذا ما اضفنا الى سلوكها الانقسامي وتعبئتها المذهبية، وجود التيارات الإرهابية من حولنا والخلايا النائمة بيننا وتباين مواقف القوى السياسية حولها، فإننا بالتأكيد سنبقى نعيش حرباً أهلية مستدامة لإننا امام تحالف طبقي طائفي لا يتولد من سياسته سوى الأزمات الاقتصادية الاجتماعية ولا يقيم اعتباراً لسيادة أو وطنية، فنحن في نظام متخلف معادٍ للتجديد والتغيير وهذا النوع من الطبقات الحاكمة يجد في الصراعات الطائفية والمذهبية مخرجاً لإزماته السياسية والاقتصادية، ويرى التحالف الحاكم في الطائفية فضيلة لنظامهم بديلاً عن متاعب المواطنية وموجباتها.</p> <p dir="RTL">إننا نشهد تحضيراً لحرب مقبلة بدأت بحروب نفسية أشد ضراوة وفتكاً من الحروب العسكرية، فهي تستهدف عقل الانسان لا جسده وتحوله الى مجرد أداة ورقم في طائفة يتزعمها أمير تأسر عقله في سجن مسوّر بايديولوجيا مذهبية، أمراء اقتسموا الوطن والشعب وأدرجوهم ضمن أملاكهم الخاصة يتصرفون بها حسب الرغبة والمشيئة.</p> <p dir="RTL">كما أننا نعيش وضعاً اجتماعياً أقسى مما كان عليه قبل الحرب الماضية نعيش، وضعاً مأساوياً على المستوى المعيشي من (غلاء وفقدان الكهرباء والمياه ومن فساد غذائي يشمل كل المواد والسلع). نعيش حرباً تستهدف تهجير المستأجرين من بيوتهم بالقانون وليس بالسلاح.</p> <p dir="RTL">هذه الطبقة السياسية تضع البلد اليوم أمام نفس العوامل التاريخية المتفجّرة للحروب الأهلية من خلال الانقسامات العمودية الحادة والاصطفافات والإرتهان الى الخارج والتقاطع مع المشاريع الإقليمية والشحن المذهبي غير المحدود.</p> <p dir="RTL">والدولة اليوم هي الغائب الأكبر والمؤسسات الدستورية معلّقة والتمديد والتعطيل والفراغ سادة المواقف والأمن بالتراضي والخطر يحيط بنا من كل صوب، من الجنوب إسرائيل ومن الشرق تيارات إرهابية، وفي الداخل عصابات وخلايا نائمة، والجريمة أصبحت خبراً عادياً والفساد نمط حياة يومي ونهب المال العام من قبل المسؤولين سياسة لا رقيب عليها ولا حسيب لها والهجرة من البلد هي الخيار الوحيد لشبابنا، هذا النظام سقط دستورياً وشرعياً لكنه ما يزال قوياً برعايا الطوائف المصطفة وراء أمرائها.</p> <p dir="RTL">إن المهمة الراهنة للقوى الوطنية والتقدمية هي مهمة إعادة تأسيس الوطن والدولة على ركائز مختلفة لما قام عليه البلد، دولة تقوم على المواطنة وليس على<strong> </strong>الرعايا دولة قادرة على حماية الوطن والشعب فالقضايا التي تواجه البلاد لم يعد من الممكن معالجتها إلا عبر برنامج نضالي متكامل لا يمكن فصل القضايا والمهمات عن بعضها فالمعركة من أجل التحرير ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعركة من أجل التغيير وصولاً الى تأسيس دولة مدنية وما أحوجنا اليوم الى بذل الجهد من أجل تشكيل حركة وطنية من نوع جديد تحمل برنامج حكم وطني ديمقراطي إنقاذي.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: جيل اليوم والحرب المستمرة علي غريب
Content: <p dir="RTL">منذ تسميه لبنان السياسي أي منذ الإمارة والقائمقاميه مروراً بالإستقلال وحتى اللحظة الراهنة، لبنان لم يعرف يوماً استقلالاً حقيقياً ولا استقراراً دائماً، انه بلد الحروب والوصايات الخارجية، حروب تبدأ من خلال الصراعات الاجتماعية الطبقية وتنتهي بحروب أهلية طائفية، بسبب نظامه السياسي، والطبقة الحاكمة فيه، وبسبب التدخلات الخارجية التي تستغل نقطة الضعف في نظامه فتجرّ الطوائف لمصالحها الاقتصادية أو لمشاريعها السياسية.</p> <p dir="RTL">وفي معرض الذكرى الأربعين لآخر حرب مرت على لبنان، نجد أن جيل اليوم يطل على نفس المشهد الذي سبق أن رآه جيل الحرب السابقة قبل اندلاعها في منتصف السبعينيات. وأخشى بعد السنوات الأربعين أن تُمحى الحرب وأهوالها من الذاكرة، وهي ما تزال راسخة في أذهان الذين عايشوها حيث قُدر لهم أن يروا بأم العين كيف انهار وطنهم الصغير ووقع في حرب دامية لما تنته بعد. لأن النظام المولد لها وما سبقها ما يزال هو نفسه وعقلية الطبقة الحاكمة هي نفسها وبلدنا ساحة مفتوحة دائماً لكل اللاعبين من الخارج في أي زمن كان يرون فيه مصلحة لاستغلال اهل السلطة كأدوات للتفجير المحلي.</p> <p dir="RTL">وهناك فرق كبير بين تناسي الحرب ونسيانها وبين فقدان الذاكرة أو محوها، حيث يوجد في تلك الحرب الكثير مما يستوجب نسيانه لكن ينبغي أن لا نقع في الوهم بأن الجميع خرجوا خاسرين منها.</p> <p dir="RTL">إن الحروب لها قوانينها، ففي كل حرب هناك خاسر ورابح في السياسة والاقتصاد، وأن الرابح هو من يفرض شروطه على الخاسرين. في حربنا أقلية من كل الطوائف ربحت والأكثرية من كل الطوائف خسرت في الحرب وفي السلم معاً وباختصار أن الرابحين هم الذين تآلفوا وتحالفوا على إعادة تجديد النظام، هم هم التجار والرأسماليون وأثرياء الحرب من أمراء الطوائف. هؤلاء هم الرابحون والمتحالفون ضد الفئات الشعبية والفقيرة من كل الطوائف. وهم الذين رهنوا البلد إلى الخارج بمستوياته كافة السياسية والأمنية والاقتصادية، وهم الذين أوصلوه مجدداً إلى حافة الحرب الأهلية التي لم تنته بعد. ومن أهم الدروس المستفادة من تلك الحرب وغيرها ـ أن كل الأطراف غير منتصرة والكل يخرج منها خاسراً هكذا يوهموننا بينما المنتصرون فيها هم التجار وأمراء الطوائف.</p> <p dir="RTL">- إن الحروب الأهلية لا تنتهي إلا بتدخل خارجي لأنها لا تحصل إلا بإدارة خارجية ومساعدات تغذّي التناقضات الداخلية حيث كل طرف خارجي يسعى وراء مصالحة باستثناء القوى السياسية اللبنانية التي لا تعمل لمصلحة وطنها وهي بحق تمارس فعل الخيانة للوطن والدولة، وإذا استعدنا التاريخ اللبناني وحروبه المستدامة لوجدنا لاندلاعها أسباب مشتركة تبدأ من:</p> <p dir="RTL">- انقسامات حادة بين اللبنانيين وأصطفافهم حول مشروعين نقيضين.</p> <p dir="RTL">- تقاطع المشاريع الخلافية الداخلية مع مشاريع خارجية.</p> <p dir="RTL">- وصول الحوار بين اللبنانيين الى طريق مسدود.</p> <p dir="RTL">على إثر ذلك تنهار مؤسسات الدولة وتُبنى المتاريس وتشحذ النفوس ويعلو شعار "إلى الحرب".</p> <p dir="RTL">والحرب لا تحصل كما علمونا إياها في كتب التاريخ بأن حرباً حصلت بسبب خلاف بين ولدين على لعبة تلاها المجازر والقتل والتهجير، الحرب لم تحصل فجأة، بل ارتبطت بأزمة اقتصادية اجتماعية. كما في كل الحروب السابقة وهذه بدأت منذ عام 1965 من أزمة بنك انترا والبنك العقاري الى أزمات الانتاج الزراعي والمزارعين ومعهم العمال (الزراعيون والصناعيون) مروراً بالطلاب ومزارعي التبغ وحركة المعلمين والسائقين حيث دفع الشعب اللبناني من تلك الفئات والقطاعات شهداء على طريق المطالبة بعيش كريم جرى مواجهتهم من قبل السلطة بأعلى اشكال القمع من الرصاص الحي الى الصرف من الوظيفة والاعتقالات. تزامنت تلك الأزمة الاجتماعية مع أزمة وطنية حادة بعد هزيمة 1967 وبداية العمل الفدائي واستباحة اسرائيل لبلدنا (تفجير الطائرات على ارض المطار ـ كوماندوس 73 في بيروت الخ...) حيث سقط وهم الضمانات الدولية وشعار قوة لبنان في ضعفه.</p> <p dir="RTL">كانت كلفة سبعة عشر عاماً من التقاتل المتنقل على كافة الجبهات اللبنانية باهظة جداً على شعب لا يتعدى تعداد سكانه الأربعة ملايين وبقيت قضية المخطوفين والمفقودين عالقة وهي بمثابة حبل الصرّة بين الحرب السابقة وامتداداتها إلى حرب متجددة.</p> <p dir="RTL">إن أهم ما في تلك الحرب، هو قيام حركة وطنية تصدت للطبقة الرأسمالية وللمشاريع المشبوهة وشكلت بذلك تهديداً لمصالح الصهيونية والامبريالية. و"الوطنيون الشيوعيون" يعتزون بتلك التجربة وبقدرة الحركة الوطنية، التي كادت أن تهزم المشروع الفاشي، وفي ما استكملته وواجهته من مقاومة للإحتلال عبر قيام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.</p> <p dir="RTL">وإذا كنا أمام دروس مستفادة من تلك المرحلة فإن تعليق العمل بصيغة الحركة الوطنية كان خطأ استراتيجياً.</p> <p dir="RTL">وفي هذه الذكرى يطرح الشعب اللبناني على نفسه السؤال الدائم متى تنتهي الحروب من بلدنا، ومتى يخرج القلق الدائم من النفوس على المستقبل. والخلاصة اننا نعيش كل يوم وقائع حرب أهلية مدمرة، اقتصادياً ونفسياً أكثر من تلك التي شهدناها في منتصف السبعينيات. لكن هذه الحرب لا تخاض اليوم بالمواقع والرشاشات (رغم أن ذلك قد حصل أكثر مرة)، بل بالسموم الطائفية والمذهبية ليس عن جهل الطبقة الحاكمة بل من خلال مصالحها الطبقية التي ما تزال مستمرة على نفس الأسس التي تشكل تهديداً دائماً للسلم الأهلي. وإذا ما اضفنا الى سلوكها الانقسامي وتعبئتها المذهبية، وجود التيارات الإرهابية من حولنا والخلايا النائمة بيننا وتباين مواقف القوى السياسية حولها، فإننا بالتأكيد سنبقى نعيش حرباً أهلية مستدامة لإننا امام تحالف طبقي طائفي لا يتولد من سياسته سوى الأزمات الاقتصادية الاجتماعية ولا يقيم اعتباراً لسيادة أو وطنية، فنحن في نظام متخلف معادٍ للتجديد والتغيير وهذا النوع من الطبقات الحاكمة يجد في الصراعات الطائفية والمذهبية مخرجاً لإزماته السياسية والاقتصادية، ويرى التحالف الحاكم في الطائفية فضيلة لنظامهم بديلاً عن متاعب المواطنية وموجباتها.</p> <p dir="RTL">إننا نشهد تحضيراً لحرب مقبلة بدأت بحروب نفسية أشد ضراوة وفتكاً من الحروب العسكرية، فهي تستهدف عقل الانسان لا جسده وتحوله الى مجرد أداة ورقم في طائفة يتزعمها أمير تأسر عقله في سجن مسوّر بايديولوجيا مذهبية، أمراء اقتسموا الوطن والشعب وأدرجوهم ضمن أملاكهم الخاصة يتصرفون بها حسب الرغبة والمشيئة.</p> <p dir="RTL">كما أننا نعيش وضعاً اجتماعياً أقسى مما كان عليه قبل الحرب الماضية نعيش، وضعاً مأساوياً على المستوى المعيشي من (غلاء وفقدان الكهرباء والمياه ومن فساد غذائي يشمل كل المواد والسلع). نعيش حرباً تستهدف تهجير المستأجرين من بيوتهم بالقانون وليس بالسلاح.</p> <p dir="RTL">هذه الطبقة السياسية تضع البلد اليوم أمام نفس العوامل التاريخية المتفجّرة للحروب الأهلية من خلال الانقسامات العمودية الحادة والاصطفافات والإرتهان الى الخارج والتقاطع مع المشاريع الإقليمية والشحن المذهبي غير المحدود.</p> <p dir="RTL">والدولة اليوم هي الغائب الأكبر والمؤسسات الدستورية معلّقة والتمديد والتعطيل والفراغ سادة المواقف والأمن بالتراضي والخطر يحيط بنا من كل صوب، من الجنوب إسرائيل ومن الشرق تيارات إرهابية، وفي الداخل عصابات وخلايا نائمة، والجريمة أصبحت خبراً عادياً والفساد نمط حياة يومي ونهب المال العام من قبل المسؤولين سياسة لا رقيب عليها ولا حسيب لها والهجرة من البلد هي الخيار الوحيد لشبابنا، هذا النظام سقط دستورياً وشرعياً لكنه ما يزال قوياً برعايا الطوائف المصطفة وراء أمرائها.</p> <p dir="RTL">إن المهمة الراهنة للقوى الوطنية والتقدمية هي مهمة إعادة تأسيس الوطن والدولة على ركائز مختلفة لما قام عليه البلد، دولة تقوم على المواطنة وليس على<strong> </strong>الرعايا دولة قادرة على حماية الوطن والشعب فالقضايا التي تواجه البلاد لم يعد من الممكن معالجتها إلا عبر برنامج نضالي متكامل لا يمكن فصل القضايا والمهمات عن بعضها فالمعركة من أجل التحرير ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعركة من أجل التغيير وصولاً الى تأسيس دولة مدنية وما أحوجنا اليوم الى بذل الجهد من أجل تشكيل حركة وطنية من نوع جديد تحمل برنامج حكم وطني ديمقراطي إنقاذي.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
312
Title: ضيف المحور: جورج علم ما بين 13 نيسان 1975 .. و13 نيسان 2015 ورثة الدم يتصدّرون "لائحة الشرف"
Content: <p dir="RTL">أسماؤهم معروفة، عناوينهم أيضاً، و"لائحة الشرف" لا تزال محشورة بالأسماء الموصوفة بالأحمر القاني، ومن غاب، هو من أخذه الموت بمرفقه، أما البقية الباقية، المشرئبة الأعناق، المديدة العمر فهي تلك التي لا تزال "تملط" من ضرع المذهبيّة، وتغرف من معجن الطائفيّة، وتنهش من جيف الفئوية. أربعون سنة إنطوت من عمر الوطن، ما الجديد؟ منذ 13 نيسان 1975، إلى 13 نيسان 2015، ماذا تغيّر؟... لقد تغيّر الكثير.</p> <p dir="RTL">دوليّاً، إنهار الإتحاد السوفياتي، سقط جدار برلين، توحّدت الإلمانيتين، توسّع الإتحاد الأوروبي ليضم الدول المنسلخة، ومارست الولايات المتحدة سياسة القطب الواحد، دخلت ملعب الشرق الأوسط من بوّاباته الواسعة، لتغيير التحالفات، وتأجيج صراع الحضارات.</p> <p dir="RTL">إفتعلت إستخباراتها المركزيّة أحداث 11 أيلول 2001، كان الهدف إطلاق إستراتيجيّة قائمة على الإستثمار بدماء الآخرين ومعاناتهم. قبل هذا التاريخ كان الإرهاب مجرد كلمة منسيّة في قاموس اللغة، بعده تحوّل إلى ظاهرة استغلتها الدول المتمكّنة في الأمن، والسياسة، والاقتصاد والثقافة. شعوبها تشتغل في الفضاء، وشعوبنا تشتغل في السماء، هي تنتج، تخترع، تبدع، ونحن نشتغل بالدين، والمذهب، ونفرز الجنة حصصاً وعقارات، وفق اجتهادات مدّعيي الوكالة عن الأصالة، وفتاويهم، ومقارباتهم للدنيا وللآخرة. هم ينتجون الصواريخ، ونحن نتراشقها ما بيننا.. هم يخترعون آلة الدمار، ونحن نتباهى في أن نكون حقل الرماية. إنهم إكتشفوا من أي معدن نحن، وعلى أي مستوى من الجهل والهبل، أعدّوا لنا جدول أعمال، ورفعوا شعارات الحريّة، والديموقراطيّة، وحقوق الإنسان، ودفعوا بنا للتناحر، والتقاتل، والتذابح حولها، لأننا نؤمن بأن الشرف الرفيع لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم؟!.</p> <p dir="RTL">لا أدري إن كان "الشيطان الأكبر" بدعة ربّانيّة، ام حبكة إيرانيّة، المهم أنه ملهم الثورات، والإنتفاضات، والصولات، والجولات، محرّض الشعوب، محرّك الأحاسيس، ملهب المشاعر، وزّع شياطينه في كلّ اتجاه بعدما أوكل إليهم عديد المهمات، كانت الغزوة الأولى بإتجاه أفغانستان بحجة أنها عرين "القاعدة"، وسرعان ما قاد جورج دبليو بوش الغزوة الثانية بإتجاه العراق عرين التاريخ، ومجمّع الحضارة، من شريعة حمورابي إلى "شريعة" كلّ "حمار أبي؟!".</p> <p dir="RTL">رفع عالياً مظلّة وارفة بالإدعاءات الكاذبة، فنّدها بمواقف رسميّة تارة أمام الكونغرس، وطوراً أمام وسائل الإعلام، وفيها أن الهجوم غير المسبوق على العراق كان للقضاء على أسلحة الدمار الشامل، وإسقاط حكم الطاغية، وقيام الجمهورية الفاضلة، وتأمين العدالة الإنسانيّة والإنمائيّة، وتوزيع مردود الثروة النفطية بشكل عادل، وتوفير الرخاء، والبحبوحة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعيّة... فماذا كانت النتيجة؟ ضرب الجيش في الصميم، أقاله من الخدمة، إنهى دوره، وسرّح ضبّاطه وجنوده، وأمسك بمفاصل الأمن والسياسيّة والاقتصاد، ونهب الثروة الوطنيّة، وقضى على أكثر من ثلاثة ملايين شجرة نخيل، ودمّر الثروة الزراعيّة، ووضع اليد على النفط، وإستنجد بمجلس الأمن الدولي لتبرير معادلة "النفط مقابل الغذاء؟!"... تصوّروا كيف يمكن أن يصبح الشعب العراقي جوعاناً معوزاً وهو الذي يموج فوق حقول النفط، ووسط الجنائن المعلّقة؟!.</p> <p dir="RTL">سنوات طويلة من الإحتكار الأمني، والسياسي، والاقتصادي، خرج الأميركي بعدها من عراق مشظّى، وقبل أن يلتقط أنفاسه أطلق "الربيع العربي" في تونس، في مصر، في ليبيا، في سوريا والعراق... أهدافه واضحة، تغيير التحالفات، والإنطلاق بحروب لا تنتهي ما بين الأقليات والأكثريات، والطوائف والمذاهب، والحلل والملل... شعوب مقهورة، مغلوب على أمرها، هو يشتغل في الأرض والفضاء، ونحن نشتغل في السماء، ونختلف على جنس الملائكة؟!. ساحاتهم مراسم حريّات... وساحاتنا مراسم جنازات؟!.</p> <p dir="RTL">إقليميّاً: إستلّ العرب سيوف الغضب، وخناجر الغدر والنحر. الأرض خصبة، والساحة مهيأة، وشيم المروءة تقضي بقطع الأرزاق والأعناق معاً، وكيف لا؟، "ويا دار ما يعزّك حدا.. ونفطك مسيّب عالمدا.. وخيلك ترقص عا صوات الحدا.. وشعبك عا سنّ الرمح مبيضا؟!"... لم يبق من العرب سوى خارطة سوداء مزركشة ببرك الدم القاني، أفرزت "الداعشيّة" مساحات لها، وتمددت ثقافة "التوحش" في ديارنا لتظلل حضارة القرن الواحد بعد العشرين، حيث يحاول الآخرون بناء حضارتهم على سطح المريخ، فيما نبنيها نحن بهمجيّة مستولدة من عفن التاريخ؟! لم يبق للعرب من أثر على خريطة الشرق الأوسط سوى "داعش"، ومشتقاتها، و"هلّي عالريح يا رايتنا العليّة..." فيما حلم الإمبرطوريات القديمة ينبعث من جديد، من إمبرطورية رجب الطيب اردوغان، وشدّ الحنين إلى سلطنة بني عثمان، إلى إمبراطوريّة علي يونسي الإيرانيّة وفق إدعاءات المستشار السياسي للرئيس حسن روحاني .. إلى أسباط بني إسرائيل؟!...</p> <p dir="RTL">محليّاً، لا شيء تغيّر، "قائمة الشرف" عامرة "محشوكة" بورثة الدم. إتفاق الطائف لملم الميليشيات من الشوارع والأزقة، وعهد إليها بناء الدولة؟! تصوّروا أيّ إحتقار، وأي عار؟!. قبل 13 نيسان 1975 كانت المصطلحات السياسيّة على قدر وقيمة، حركة وطنيّة، رجعيّة، إنعزال، مارونيّة سياسيّة، فساد محتشم، طائفيّة خجولة، إنفتاح، ثقافة، إلتزام بالقضيّة الفلسطينيّة، والقضايا العربيّة المحقّة. كانت بيروت عاصمة الريشة والقلم، صحيفة الصباح، وقهوة الرصيف المطلّة على المدى العربي والدولي. كانت عاصمة العرب، وملتقى العرب، ومستشفى العرب، وجامعة العرب، ومنتجع العرب. كانت هناك أخطاء وخطايا .. لكنها أصبحت مغفورة مقارنة مع أخطاء وخطايا هذا الزمن البائس؟!</p> <p dir="RTL">ماذا بعد أربعين سنة على 13 نيسان 1975؟!. "الشبيحة" يتصدرون "لائحة الشرف"، وأيضاً بعض الإقطاع، وبعض المنافقين، والفريّسييّن، وتجّار الهيكل؟!... قبل أربعين سنّة كنّا نتحدث لغة جبران، الآن نتحدث لغة الزعران. قبل أربعين سنة كنا نتباهى بالقوميّة، ونزايد في الدعوة الى الوحدة العربيّة.. اليوم نتغنّى بالمذهبيّة، والفئوية، والطائفيّة، والعنصريّة، مانشيت الصباح تفتيت، وعمود المساء تقسيم وتجزئة. قبل أربعين سنة كان الفساد محتشماً، الآن الفساد قدوة، وعقيدة، وديناً، ومذهباً، وحزب "النبلاء، والأشراف والسلاطين"، أما الآدمي فـ"بلكاد يحظى بشرّابة خرج؟!". قبل أربعين سنة كان للخارج دور وتأثير على الداخل، اليوم أصبح لبنان مقسّماً شقفاً على الخارج، كلّ محور له شقفة منه، وبإختصار شديد، هل "المجموعة الدولية لدعم لبنان" تريد أن يبقى هذا الكيان بحدوده، بتركيبته بنظامه؟، ولأي دور ووظيفة؟!.. الجواب حتماً ليس عند "لائحة الشرف".. إنهم مجرد دمى على طاولة الشطرنج الدوليّة - الإقليميّة... وتصبحون على خير؟!...</p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: ضيف المحور: جورج علم ما بين 13 نيسان 1975 .. و13 نيسان 2015 ورثة الدم يتصدّرون "لائحة الشرف"
Content: <p dir="RTL">أسماؤهم معروفة، عناوينهم أيضاً، و"لائحة الشرف" لا تزال محشورة بالأسماء الموصوفة بالأحمر القاني، ومن غاب، هو من أخذه الموت بمرفقه، أما البقية الباقية، المشرئبة الأعناق، المديدة العمر فهي تلك التي لا تزال "تملط" من ضرع المذهبيّة، وتغرف من معجن الطائفيّة، وتنهش من جيف الفئوية. أربعون سنة إنطوت من عمر الوطن، ما الجديد؟ منذ 13 نيسان 1975، إلى 13 نيسان 2015، ماذا تغيّر؟... لقد تغيّر الكثير.</p> <p dir="RTL">دوليّاً، إنهار الإتحاد السوفياتي، سقط جدار برلين، توحّدت الإلمانيتين، توسّع الإتحاد الأوروبي ليضم الدول المنسلخة، ومارست الولايات المتحدة سياسة القطب الواحد، دخلت ملعب الشرق الأوسط من بوّاباته الواسعة، لتغيير التحالفات، وتأجيج صراع الحضارات.</p> <p dir="RTL">إفتعلت إستخباراتها المركزيّة أحداث 11 أيلول 2001، كان الهدف إطلاق إستراتيجيّة قائمة على الإستثمار بدماء الآخرين ومعاناتهم. قبل هذا التاريخ كان الإرهاب مجرد كلمة منسيّة في قاموس اللغة، بعده تحوّل إلى ظاهرة استغلتها الدول المتمكّنة في الأمن، والسياسة، والاقتصاد والثقافة. شعوبها تشتغل في الفضاء، وشعوبنا تشتغل في السماء، هي تنتج، تخترع، تبدع، ونحن نشتغل بالدين، والمذهب، ونفرز الجنة حصصاً وعقارات، وفق اجتهادات مدّعيي الوكالة عن الأصالة، وفتاويهم، ومقارباتهم للدنيا وللآخرة. هم ينتجون الصواريخ، ونحن نتراشقها ما بيننا.. هم يخترعون آلة الدمار، ونحن نتباهى في أن نكون حقل الرماية. إنهم إكتشفوا من أي معدن نحن، وعلى أي مستوى من الجهل والهبل، أعدّوا لنا جدول أعمال، ورفعوا شعارات الحريّة، والديموقراطيّة، وحقوق الإنسان، ودفعوا بنا للتناحر، والتقاتل، والتذابح حولها، لأننا نؤمن بأن الشرف الرفيع لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم؟!.</p> <p dir="RTL">لا أدري إن كان "الشيطان الأكبر" بدعة ربّانيّة، ام حبكة إيرانيّة، المهم أنه ملهم الثورات، والإنتفاضات، والصولات، والجولات، محرّض الشعوب، محرّك الأحاسيس، ملهب المشاعر، وزّع شياطينه في كلّ اتجاه بعدما أوكل إليهم عديد المهمات، كانت الغزوة الأولى بإتجاه أفغانستان بحجة أنها عرين "القاعدة"، وسرعان ما قاد جورج دبليو بوش الغزوة الثانية بإتجاه العراق عرين التاريخ، ومجمّع الحضارة، من شريعة حمورابي إلى "شريعة" كلّ "حمار أبي؟!".</p> <p dir="RTL">رفع عالياً مظلّة وارفة بالإدعاءات الكاذبة، فنّدها بمواقف رسميّة تارة أمام الكونغرس، وطوراً أمام وسائل الإعلام، وفيها أن الهجوم غير المسبوق على العراق كان للقضاء على أسلحة الدمار الشامل، وإسقاط حكم الطاغية، وقيام الجمهورية الفاضلة، وتأمين العدالة الإنسانيّة والإنمائيّة، وتوزيع مردود الثروة النفطية بشكل عادل، وتوفير الرخاء، والبحبوحة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعيّة... فماذا كانت النتيجة؟ ضرب الجيش في الصميم، أقاله من الخدمة، إنهى دوره، وسرّح ضبّاطه وجنوده، وأمسك بمفاصل الأمن والسياسيّة والاقتصاد، ونهب الثروة الوطنيّة، وقضى على أكثر من ثلاثة ملايين شجرة نخيل، ودمّر الثروة الزراعيّة، ووضع اليد على النفط، وإستنجد بمجلس الأمن الدولي لتبرير معادلة "النفط مقابل الغذاء؟!"... تصوّروا كيف يمكن أن يصبح الشعب العراقي جوعاناً معوزاً وهو الذي يموج فوق حقول النفط، ووسط الجنائن المعلّقة؟!.</p> <p dir="RTL">سنوات طويلة من الإحتكار الأمني، والسياسي، والاقتصادي، خرج الأميركي بعدها من عراق مشظّى، وقبل أن يلتقط أنفاسه أطلق "الربيع العربي" في تونس، في مصر، في ليبيا، في سوريا والعراق... أهدافه واضحة، تغيير التحالفات، والإنطلاق بحروب لا تنتهي ما بين الأقليات والأكثريات، والطوائف والمذاهب، والحلل والملل... شعوب مقهورة، مغلوب على أمرها، هو يشتغل في الأرض والفضاء، ونحن نشتغل في السماء، ونختلف على جنس الملائكة؟!. ساحاتهم مراسم حريّات... وساحاتنا مراسم جنازات؟!.</p> <p dir="RTL">إقليميّاً: إستلّ العرب سيوف الغضب، وخناجر الغدر والنحر. الأرض خصبة، والساحة مهيأة، وشيم المروءة تقضي بقطع الأرزاق والأعناق معاً، وكيف لا؟، "ويا دار ما يعزّك حدا.. ونفطك مسيّب عالمدا.. وخيلك ترقص عا صوات الحدا.. وشعبك عا سنّ الرمح مبيضا؟!"... لم يبق من العرب سوى خارطة سوداء مزركشة ببرك الدم القاني، أفرزت "الداعشيّة" مساحات لها، وتمددت ثقافة "التوحش" في ديارنا لتظلل حضارة القرن الواحد بعد العشرين، حيث يحاول الآخرون بناء حضارتهم على سطح المريخ، فيما نبنيها نحن بهمجيّة مستولدة من عفن التاريخ؟! لم يبق للعرب من أثر على خريطة الشرق الأوسط سوى "داعش"، ومشتقاتها، و"هلّي عالريح يا رايتنا العليّة..." فيما حلم الإمبرطوريات القديمة ينبعث من جديد، من إمبرطورية رجب الطيب اردوغان، وشدّ الحنين إلى سلطنة بني عثمان، إلى إمبراطوريّة علي يونسي الإيرانيّة وفق إدعاءات المستشار السياسي للرئيس حسن روحاني .. إلى أسباط بني إسرائيل؟!...</p> <p dir="RTL">محليّاً، لا شيء تغيّر، "قائمة الشرف" عامرة "محشوكة" بورثة الدم. إتفاق الطائف لملم الميليشيات من الشوارع والأزقة، وعهد إليها بناء الدولة؟! تصوّروا أيّ إحتقار، وأي عار؟!. قبل 13 نيسان 1975 كانت المصطلحات السياسيّة على قدر وقيمة، حركة وطنيّة، رجعيّة، إنعزال، مارونيّة سياسيّة، فساد محتشم، طائفيّة خجولة، إنفتاح، ثقافة، إلتزام بالقضيّة الفلسطينيّة، والقضايا العربيّة المحقّة. كانت بيروت عاصمة الريشة والقلم، صحيفة الصباح، وقهوة الرصيف المطلّة على المدى العربي والدولي. كانت عاصمة العرب، وملتقى العرب، ومستشفى العرب، وجامعة العرب، ومنتجع العرب. كانت هناك أخطاء وخطايا .. لكنها أصبحت مغفورة مقارنة مع أخطاء وخطايا هذا الزمن البائس؟!</p> <p dir="RTL">ماذا بعد أربعين سنة على 13 نيسان 1975؟!. "الشبيحة" يتصدرون "لائحة الشرف"، وأيضاً بعض الإقطاع، وبعض المنافقين، والفريّسييّن، وتجّار الهيكل؟!... قبل أربعين سنّة كنّا نتحدث لغة جبران، الآن نتحدث لغة الزعران. قبل أربعين سنة كنا نتباهى بالقوميّة، ونزايد في الدعوة الى الوحدة العربيّة.. اليوم نتغنّى بالمذهبيّة، والفئوية، والطائفيّة، والعنصريّة، مانشيت الصباح تفتيت، وعمود المساء تقسيم وتجزئة. قبل أربعين سنة كان الفساد محتشماً، الآن الفساد قدوة، وعقيدة، وديناً، ومذهباً، وحزب "النبلاء، والأشراف والسلاطين"، أما الآدمي فـ"بلكاد يحظى بشرّابة خرج؟!". قبل أربعين سنة كان للخارج دور وتأثير على الداخل، اليوم أصبح لبنان مقسّماً شقفاً على الخارج، كلّ محور له شقفة منه، وبإختصار شديد، هل "المجموعة الدولية لدعم لبنان" تريد أن يبقى هذا الكيان بحدوده، بتركيبته بنظامه؟، ولأي دور ووظيفة؟!.. الجواب حتماً ليس عند "لائحة الشرف".. إنهم مجرد دمى على طاولة الشطرنج الدوليّة - الإقليميّة... وتصبحون على خير؟!...</p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
313
Title: الفلسطينيون والتجربة اللبنانية صقر أبو فخر
Content: <p dir="RTL">ترك سقوط فلسطين بين أيدي الحركة الصهيونية آثاراً خطيرة على العالم العربي كله، ولا سيما دول المشرق العربي، فقيام إسرائيل في سنة 1948 جسد تحدياً أمنياً وعسكرياً واستراتيجياً غير معهود لدى دول بلاد الشام التي احتلت الحركة الصهيونية قلبها، أي فلسطين. ثم أن نشوء مشكلة اللاجئين، خصوصاً في لبنان وسوريا والأردن، مهد السبيل لظهور توترات اجتماعية في هذه الدول. وفي ما بعد، مع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة سنة 1965 باتت المخاطر العسكرية على دول الطوق العربية عبئاً جديداً يُضاف إلى مجموعة الأعباء التي أثقلت كاهل العرب. ومع ذلك ليس صحيحاً أن العمل الفدائي جرّ على لبنان اعتداءات إسرائيلية غير محتملة، وليس دقيقاً الكلام الذي يقول إنه لولا الفدائيين وعملياتهم في الجنوب اللبناني لما تعرضت الأراضي اللبنانية لاعتداءات الإسرائيليين؛ فالإحصاءات الرسمية اللبنانية الموجودة لدى لجنة الهدنة اللبنانية – الإسرائيلية، ولدى وزارة الخارجية وقيادة الجيش اللبناني تؤكد إن ما بين 1949 و1965 تعرض لبنان إلى نحو 1800 اعتداء إسرائيلي قتل فيها العشرات من اللبنانيين، علاوة على الخسائر المادية غير المحددة تماماً.</p> <p dir="RTL">كان ياسر عرفات بعد سنة 1970 يريد لبنان قاعدة سياسية وإعلامية له، وقاعدة عسكرية محصورة في الجنوب اللبناني. لكنه لم يكن يرغب، على الإطلاق، في إشعال لبنان، لأن من شأن ذلك أن يخسر كثيراً، خصوصاً الطرف المسيحي. لذلك استغل علاقته بكريم بقرادوني لتحسين صلته بحزب الكتائب، وجهد كثيراً في تطمين المسيحيين اللبنانيين إلى أنه لا يرغب في التوطين أو في أي وطن بديل، وأنه لا يريد أن يكون حليفاً لأي طرف لبناني في مواجهة طرف آخر. ولهذه الغاية أقام علاقات مكشوفة مع الرئيس سليمان فرنجية، ثم مع الرئيس الياس سركيس، فضلاً عن كميل شمعون وبيار الجميل. لكنه، في الوقت نفسه، كان الحليف الحقيقي للحركة الوطنية اللبنانية التي شكلت له السند الأمين في تقلبات الأوضاع اللبنانية. على الرغم من الاختلافات في النهج السياسي أحياناً.</p> <p dir="RTL"><strong>التجربة اللبنانية</strong></p> <p dir="RTL">بعد الخروج من الأردن في صيف سنة 1971 اتخذ ياسر عرفات مقره الرسمي في دمشق، لكن مقره الفعلي كان في بيروت. ومن مقره في بيروت أدار أصعب ثورة في التاريخ العربي المعاصر، وواجه أهوالاً كثيرة، ونال، في الوقت نفسه، مكانة لا تضاهى. وفي لبنان كان ياسر عرفات يخشى تكرار التجربة الأردنية، فسعى إلى التفاهم مع الجميع يميناً ويساراً. لكن حلفه الأساسي ترسخ مع كمال جنبلاط ومع الحركة الوطنية اللبنانية التي تألفت آنذاك من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وحزب البعث وحركة المرابطون وشخصيات لبنانية يسارية. وكان لكمال جنبلاط مكانة خاصة لدى ياسر عرفات، فلم يرفض له طلباً على الرغم من بعض الاختلافات في النهج السياسي. وفي هذه الأثناء كانت إسرائيل تغتال غسان كنفاني في منطقة الحازمية شرقي بيروت في 8/7/1972، وترسل طرداً ملغوماً لينفجر بين يدي أنيس صايغ في 19/7/1972، وترسل طرداً ثانياً لينفجر بين يدي بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة "الهدف" في 25/7/1972، وتغتال وائل زعيتر في روما في 16/10/1982، وتطلق النار على محمود الهمشري في باريس في 8/12/1972 ليتوفى في 9/1/1973، وتغتال باسل كبيسي في باريس أيضاً في 6/4/1973. وكانت الذروة في 10/4/1973 عندما تسلل فريق من الكوماندوس الإسرائيلي بقيادة إيهودا باراك إلى بيروت، وتمكن، بتسهيل من عناصر داخلية لبنانية من اغتيال كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر. وهذه الحادثة أدخلت الوضع اللبناني في مشكلات سياسية وأمنية متفاعلة، ومهدت السبيل للانفجار اللاحق في أيار 1973.</p> <p dir="RTL"><strong>الطريق نحو الانفجار</strong></p> <p dir="RTL">سار في جنازة القادة الثلاثة كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر نحو 250 ألف شخص بحسب تقديرات تلك المرحلة. وكان الفلسطينيون آنذاك لا يستطيعون حشد أكثر من خمسين ألفاً في أقصى امكاناتهم. وهذا يعني أن الأغلبية الساحقة من المشاركين هي من اللبنانيين. وقد لفت هذا الأمر الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان، ومحطات المخابرات الأجنبية في بيروت، ولاحظ الجميع أن المقاومة الفلسطينية باتت قوة كبيرة، بل قوة سياسية لبنانية يحسب لها الحساب. ومنذ ذلك الحين بدأت العُدة لضربها. وكان أن انفجر القتال في 2/5/1973 بين الجيش اللبناني والفدائيين الذين تصدوا لمحاولات تطويق المخيمات وقصفها بالطيران. وقد كان المقصود شل فاعلية المقاومة تماماً، وإخضاعها للقواعد الأمنية اللبنانية، وإن تيسر الأمر، فالقضاء عليها على الطريقة الأردنية. وبالطبع لم يتمكن الجيش من اقتحام المخيمات، وتلقى الرئيس اللبناني سليمان فرنجية إنذاراً من الرئيس أنور السادات، وإنذاراً آخر من الرئيس حافظ الأسد الذي اتبع إنذاره بإغلاق الحدود السورية – اللبنانية. وعند ذلك توقف القتال، وخرج الفدائيون من هذه المعركة بفوز سياسي. وكانت سوريا ومصر آنذاك قد بدأتا العد العكسي لحرب تشرين الأول 1973.</p> <p dir="RTL">استثمر ياسر عرفات نتائج أحداث أيار 1973 لتعزيز مكانته السياسية. وهذه المكانة أتاحت له المشاركة في الحرب التي نشبت في 6 تشرين الأول 1973 بين جيشي مصر وسوريا من جهة والجيش الإسرائيلي من الجهة المقابلة. وساهمت هذه المشاركة في انتزاع مكانة عربية خاصة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وصار ياسر عرفات لاعباً أساسياً في سياسات المنطقة. وفي هذا الميدان كوفئ ياسر عرفات في مؤتمر القمة العربية السابعة المنعقد في الرباط في 26/10/1974 باتخاذ قرار يعترف فيه بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. ثم وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1974، وبأغلبية 110 دول، على قبول منظمة التحرير الفلسطينية عضواً مراقباً لديها، ما أفسح في المجال أمام ياسر عرفات لإلقاء كلمة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.</p> <p dir="RTL"><strong>أمام أنظار العالم</strong></p> <p dir="RTL">في 13/11/1974 وقف ياسر عرفات أمام ممثلي دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى جانب الكرسي الأصفر المخصص للرؤساء تلقى عاصفة من التصفيق لم تتح لغيره على الإطلاق. ومن على منصة الخطابة ألقى أبو عمار خطبة بليغة ختمها بالقول: "جئتكم ثائراً أحمل غصن الزيتون بيد والبندقية في اليد الأخرى. فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي". وكرر هذه العبارة مرة ثانية، فانفجرت القاعة بالتصفيق الذي استمر نحو ثلاث دقائق.</p> <p dir="RTL">لم تكن الأرض السياسية ممهدة أو معبدة تحت أقدام ياسر عرفات ورفاقه حينما تمكن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية من تحقيق هذه الإنجازات. ولم تكن الولايات المتحدة الأميركية لتقبل مثل هذه التطورات في الشرق الأوسط بعد انسحابها من فييتنام في سنة 1975. لذلك راح هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركية، بجولاته المكوكية، يعمل على تفجير صاعق الحرب الأهلية اللبنانية في سنة 1975 والتي لم تتوقف إلا في سنة 1990.</p> <p dir="RTL"><strong>وحول الحرب الأهلية</strong></p> <p dir="RTL">بدأت الحرب الأهلية اللبنانية بمجزرة ضد الفلسطينيين في 13/4/1975 حينما أطلقت عناصر تنتمي إلى حزب الوطنيين الأحرار النار على باص لبناني يقل عدداً من الفلسطينيين واللبنانيين. لكن مقدمات هذه الحرب بدأت بعد حرب تشرين الأول 1973. وكان اليسار اللبناني في ذروة صعوده، وكان يتطلع إلى تغيير النظام اللبناني الطائفي أو تطويره إلى نظام أقل طائفية، وأكثر عدالة. وكان ياسر عرفات يخشى انفجار التناقضات اللبنانية في وجهه، بينما كان كمال جنبلاط ورفاقه في الحركة الوطنية يسعون إلى كسر المعادلة اللبنانية وتغييرها. وفي خضم التعقيدات السياسية والعسكرية التي خلقتها الحرب الأهلية، صار ياسر عرفات لاعباً في السياسة المحلية اللبنانية، وهو الأمر الذي لم يكن يريده، بل وجد نفسه غارقاً فيه. وفي معمعان هذه الحرب سقط العديد من المخيمات الفلسطينية وجرى تدميرها والتمثيل بساكنيها مثل تل الزعتر وجسر الباشا وضبيه. وتشابكت خيوط هذه الحرب حتى صار من غير الممكن الخروج منها بتاتاً، بل إن حماية منظمة التحرير الفلسطينية باتت تستوجب الانخراط في الحرب نفسها. وجاء اغتيال كمال جنبلاط في 16/3/1977 ليصيب ياسر عرفات بخسارة هائلة. ولم تكد المقاومة الفلسطينية تتوازن قليلاً بعد اغتيال كمال جنبلاط وبعد التفاهم مع سوريا حتى كانت إسرائيل تحتل جزءاً من جنوب لبنان، وتنشئ ما أسمته "الحزام الأمني" في جنوب لبنان. وهكذا صارت الحدود مع إسرائيل بعيدة، وتقلص نطاق العمليات الفدائية ضد إسرائيل.</p> <p dir="RTL">بين سنة 1980 و1982 تهتكت الأوضاع اللبنانية كثيراً، وأُنهك المجتمع اللبناني والمقاومة الفلسطينية معاً، وسقط الجميع في شباط القتل اليومي من دون أي نتيجة سياسية. واضطر ياسر عرفات إلى إدارة الشؤون اليومية بطرق تجريبية لم يختبرها من قبل. واستمر الوضع على حاله من التدهور والتفتت والانحلال حتى وقوع الاجتياح الإسرائيلي في الخامس من حزيران 1982.</p> <p dir="RTL"><strong>إلى منفى جديد</strong></p> <p dir="RTL">وصلت القوات الإسرائيلية إلى مشارف بيروت في 14/6/1982 وطوقتها وفرضت عليها الحصار. وبين 14 حزيران و20 آب 1982 خاض ياسر عرفات قتالاً على جميع الجبهات رافضاً الاستسلام أو الخروج من بيروت تحت راية الصليب الأحمر الدولي. وبعد 88 يوماً من القتال اليومي والحصار الشامل، وبعد مشاورات مع حلفائه اللبنانيين ولا سيما الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي، وافق ياسر عرفات على خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت بناء على اتفاق مشرِّف يحفظ كرامة الثورة والمقاتلين، ويفصل كيفية خروج المقاتلين بأسلحتهم وكيفية خروج موكبه. وفي 30/8/1982 بعد أن غادرت آخر دفعة من الفدائيين، انطلق موكب ياسر عرفات من مقره في منطقة الفاكهاني إلى منزل وليد جنبلاط في المصيطبة حيث كان قادة الحركة الوطنية اللبنانية والأحزاب اللبنانية في انتظاره. ثم انتقل الجميع في موكب حاشد، وتحت زخات الرصاص، إلى القصر الحكومي لوداع رئيس الوزراء شفيق الوزان. أما محطة الوداع الأخيرة في بيروت فكانت في الميناء الذي تولت مهمات الحراسة وحفظ الأمن فيه قوات فرنسية وقوات أخرى من مشاة البحرية الأميركية. وقد حظي ياسر عرفات بوداع رسمي وشعبي طغى عليه التأثر العاطفي الشديد. وفي خطوة تجاوزت الأصول البروتوكولية أوفد الرئيس اللبناني الياس سركيس رئيس الحكومة شفيق الوزان والوزير رينيه معوض ليمثلاه في مراسم وداع ياسر عرفات. كما كان في الوداع المفتي حسن خالد، والرئيس سليم الحص والرئيس صائب سلام والرئيس تقي الدين الصلح والرئيس رشيد الصلح ومالك سلام ونسيب البربير وتمام سلام ومنح الصلح ومحسن ابراهيم ووليد جنبلاط وجورج حاوي ومروان حمادة وإنعام رعد وعبد الرحيم مراد وبشارة مرهج وفؤاد شبقلو ومحسن دلول ورياض رعد وحبيب صادق ونبيه بري ومدير المخابرات العسكرية في الجيش اللبناني العقيد جوني عبده، فضلاً عن سفراء فرنسا وإيطاليا واليونان. وبعد ذلك صعد ياسر عرفات إلى السفينة اليونانية "أطلنتيس" التي واكبتها أربع سفن حربية تابعة للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإيطاليا واليونان. وكانت محطته الأولى اليونان التي استقبله على مينائها رئيس الوزراء اندرياس باباندريو. ثم انتقل بعدها إلى تونس التي وصلها في 3/9/1982 وكان في استقباله الرئيس الحبيب بورقيبة. وقبل مغادرة عرفات بيروت منح هذه المدينة وأهاليها "وسام صمود بيروت". وفي لحظة الوداع خاطب المودعين بقوله: "إلى فلسطين إني راحل. لكن قلبي سيبقى في بيروت. نركع أمام كل رجل وامرأة وطفل لبناني، لأنهم قدموا لنا ما لم يقدم".</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL" align="center">* * *</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL">لم تنتهِ قضية فلسطين بخروج قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان. وقعت مجازر صبرا وشاتيلا، ثم حرب المخيمات، وفي ما بعد دُمر مخيم نهر البارد. وما برح الفلسطينيون يشكلون عاملاً مهماً في الحياة السياسية اللبنانية، إما كقوة بشرية، أو كقوة سياسية وعسكرية. ولا يستطيع لبنان أن يخرج من دوامة العنف والاضطرابات السياسية ما لم تتضمن أي تسوية داخلية فيه، تسوية حقوق الفلسطينيين المدنية، وتطوير علاقة تفصيلية تأخذ في الاعتبار حاجة لبنان إلى الأمن، وحاجة الفلسطينيين، في الوقت نفسه، إلى الأمان.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: الفلسطينيون والتجربة اللبنانية صقر أبو فخر
Content: <p dir="RTL">ترك سقوط فلسطين بين أيدي الحركة الصهيونية آثاراً خطيرة على العالم العربي كله، ولا سيما دول المشرق العربي، فقيام إسرائيل في سنة 1948 جسد تحدياً أمنياً وعسكرياً واستراتيجياً غير معهود لدى دول بلاد الشام التي احتلت الحركة الصهيونية قلبها، أي فلسطين. ثم أن نشوء مشكلة اللاجئين، خصوصاً في لبنان وسوريا والأردن، مهد السبيل لظهور توترات اجتماعية في هذه الدول. وفي ما بعد، مع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة سنة 1965 باتت المخاطر العسكرية على دول الطوق العربية عبئاً جديداً يُضاف إلى مجموعة الأعباء التي أثقلت كاهل العرب. ومع ذلك ليس صحيحاً أن العمل الفدائي جرّ على لبنان اعتداءات إسرائيلية غير محتملة، وليس دقيقاً الكلام الذي يقول إنه لولا الفدائيين وعملياتهم في الجنوب اللبناني لما تعرضت الأراضي اللبنانية لاعتداءات الإسرائيليين؛ فالإحصاءات الرسمية اللبنانية الموجودة لدى لجنة الهدنة اللبنانية – الإسرائيلية، ولدى وزارة الخارجية وقيادة الجيش اللبناني تؤكد إن ما بين 1949 و1965 تعرض لبنان إلى نحو 1800 اعتداء إسرائيلي قتل فيها العشرات من اللبنانيين، علاوة على الخسائر المادية غير المحددة تماماً.</p> <p dir="RTL">كان ياسر عرفات بعد سنة 1970 يريد لبنان قاعدة سياسية وإعلامية له، وقاعدة عسكرية محصورة في الجنوب اللبناني. لكنه لم يكن يرغب، على الإطلاق، في إشعال لبنان، لأن من شأن ذلك أن يخسر كثيراً، خصوصاً الطرف المسيحي. لذلك استغل علاقته بكريم بقرادوني لتحسين صلته بحزب الكتائب، وجهد كثيراً في تطمين المسيحيين اللبنانيين إلى أنه لا يرغب في التوطين أو في أي وطن بديل، وأنه لا يريد أن يكون حليفاً لأي طرف لبناني في مواجهة طرف آخر. ولهذه الغاية أقام علاقات مكشوفة مع الرئيس سليمان فرنجية، ثم مع الرئيس الياس سركيس، فضلاً عن كميل شمعون وبيار الجميل. لكنه، في الوقت نفسه، كان الحليف الحقيقي للحركة الوطنية اللبنانية التي شكلت له السند الأمين في تقلبات الأوضاع اللبنانية. على الرغم من الاختلافات في النهج السياسي أحياناً.</p> <p dir="RTL"><strong>التجربة اللبنانية</strong></p> <p dir="RTL">بعد الخروج من الأردن في صيف سنة 1971 اتخذ ياسر عرفات مقره الرسمي في دمشق، لكن مقره الفعلي كان في بيروت. ومن مقره في بيروت أدار أصعب ثورة في التاريخ العربي المعاصر، وواجه أهوالاً كثيرة، ونال، في الوقت نفسه، مكانة لا تضاهى. وفي لبنان كان ياسر عرفات يخشى تكرار التجربة الأردنية، فسعى إلى التفاهم مع الجميع يميناً ويساراً. لكن حلفه الأساسي ترسخ مع كمال جنبلاط ومع الحركة الوطنية اللبنانية التي تألفت آنذاك من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وحزب البعث وحركة المرابطون وشخصيات لبنانية يسارية. وكان لكمال جنبلاط مكانة خاصة لدى ياسر عرفات، فلم يرفض له طلباً على الرغم من بعض الاختلافات في النهج السياسي. وفي هذه الأثناء كانت إسرائيل تغتال غسان كنفاني في منطقة الحازمية شرقي بيروت في 8/7/1972، وترسل طرداً ملغوماً لينفجر بين يدي أنيس صايغ في 19/7/1972، وترسل طرداً ثانياً لينفجر بين يدي بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة "الهدف" في 25/7/1972، وتغتال وائل زعيتر في روما في 16/10/1982، وتطلق النار على محمود الهمشري في باريس في 8/12/1972 ليتوفى في 9/1/1973، وتغتال باسل كبيسي في باريس أيضاً في 6/4/1973. وكانت الذروة في 10/4/1973 عندما تسلل فريق من الكوماندوس الإسرائيلي بقيادة إيهودا باراك إلى بيروت، وتمكن، بتسهيل من عناصر داخلية لبنانية من اغتيال كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر. وهذه الحادثة أدخلت الوضع اللبناني في مشكلات سياسية وأمنية متفاعلة، ومهدت السبيل للانفجار اللاحق في أيار 1973.</p> <p dir="RTL"><strong>الطريق نحو الانفجار</strong></p> <p dir="RTL">سار في جنازة القادة الثلاثة كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر نحو 250 ألف شخص بحسب تقديرات تلك المرحلة. وكان الفلسطينيون آنذاك لا يستطيعون حشد أكثر من خمسين ألفاً في أقصى امكاناتهم. وهذا يعني أن الأغلبية الساحقة من المشاركين هي من اللبنانيين. وقد لفت هذا الأمر الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان، ومحطات المخابرات الأجنبية في بيروت، ولاحظ الجميع أن المقاومة الفلسطينية باتت قوة كبيرة، بل قوة سياسية لبنانية يحسب لها الحساب. ومنذ ذلك الحين بدأت العُدة لضربها. وكان أن انفجر القتال في 2/5/1973 بين الجيش اللبناني والفدائيين الذين تصدوا لمحاولات تطويق المخيمات وقصفها بالطيران. وقد كان المقصود شل فاعلية المقاومة تماماً، وإخضاعها للقواعد الأمنية اللبنانية، وإن تيسر الأمر، فالقضاء عليها على الطريقة الأردنية. وبالطبع لم يتمكن الجيش من اقتحام المخيمات، وتلقى الرئيس اللبناني سليمان فرنجية إنذاراً من الرئيس أنور السادات، وإنذاراً آخر من الرئيس حافظ الأسد الذي اتبع إنذاره بإغلاق الحدود السورية – اللبنانية. وعند ذلك توقف القتال، وخرج الفدائيون من هذه المعركة بفوز سياسي. وكانت سوريا ومصر آنذاك قد بدأتا العد العكسي لحرب تشرين الأول 1973.</p> <p dir="RTL">استثمر ياسر عرفات نتائج أحداث أيار 1973 لتعزيز مكانته السياسية. وهذه المكانة أتاحت له المشاركة في الحرب التي نشبت في 6 تشرين الأول 1973 بين جيشي مصر وسوريا من جهة والجيش الإسرائيلي من الجهة المقابلة. وساهمت هذه المشاركة في انتزاع مكانة عربية خاصة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وصار ياسر عرفات لاعباً أساسياً في سياسات المنطقة. وفي هذا الميدان كوفئ ياسر عرفات في مؤتمر القمة العربية السابعة المنعقد في الرباط في 26/10/1974 باتخاذ قرار يعترف فيه بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. ثم وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1974، وبأغلبية 110 دول، على قبول منظمة التحرير الفلسطينية عضواً مراقباً لديها، ما أفسح في المجال أمام ياسر عرفات لإلقاء كلمة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.</p> <p dir="RTL"><strong>أمام أنظار العالم</strong></p> <p dir="RTL">في 13/11/1974 وقف ياسر عرفات أمام ممثلي دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى جانب الكرسي الأصفر المخصص للرؤساء تلقى عاصفة من التصفيق لم تتح لغيره على الإطلاق. ومن على منصة الخطابة ألقى أبو عمار خطبة بليغة ختمها بالقول: "جئتكم ثائراً أحمل غصن الزيتون بيد والبندقية في اليد الأخرى. فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي". وكرر هذه العبارة مرة ثانية، فانفجرت القاعة بالتصفيق الذي استمر نحو ثلاث دقائق.</p> <p dir="RTL">لم تكن الأرض السياسية ممهدة أو معبدة تحت أقدام ياسر عرفات ورفاقه حينما تمكن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية من تحقيق هذه الإنجازات. ولم تكن الولايات المتحدة الأميركية لتقبل مثل هذه التطورات في الشرق الأوسط بعد انسحابها من فييتنام في سنة 1975. لذلك راح هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركية، بجولاته المكوكية، يعمل على تفجير صاعق الحرب الأهلية اللبنانية في سنة 1975 والتي لم تتوقف إلا في سنة 1990.</p> <p dir="RTL"><strong>وحول الحرب الأهلية</strong></p> <p dir="RTL">بدأت الحرب الأهلية اللبنانية بمجزرة ضد الفلسطينيين في 13/4/1975 حينما أطلقت عناصر تنتمي إلى حزب الوطنيين الأحرار النار على باص لبناني يقل عدداً من الفلسطينيين واللبنانيين. لكن مقدمات هذه الحرب بدأت بعد حرب تشرين الأول 1973. وكان اليسار اللبناني في ذروة صعوده، وكان يتطلع إلى تغيير النظام اللبناني الطائفي أو تطويره إلى نظام أقل طائفية، وأكثر عدالة. وكان ياسر عرفات يخشى انفجار التناقضات اللبنانية في وجهه، بينما كان كمال جنبلاط ورفاقه في الحركة الوطنية يسعون إلى كسر المعادلة اللبنانية وتغييرها. وفي خضم التعقيدات السياسية والعسكرية التي خلقتها الحرب الأهلية، صار ياسر عرفات لاعباً في السياسة المحلية اللبنانية، وهو الأمر الذي لم يكن يريده، بل وجد نفسه غارقاً فيه. وفي معمعان هذه الحرب سقط العديد من المخيمات الفلسطينية وجرى تدميرها والتمثيل بساكنيها مثل تل الزعتر وجسر الباشا وضبيه. وتشابكت خيوط هذه الحرب حتى صار من غير الممكن الخروج منها بتاتاً، بل إن حماية منظمة التحرير الفلسطينية باتت تستوجب الانخراط في الحرب نفسها. وجاء اغتيال كمال جنبلاط في 16/3/1977 ليصيب ياسر عرفات بخسارة هائلة. ولم تكد المقاومة الفلسطينية تتوازن قليلاً بعد اغتيال كمال جنبلاط وبعد التفاهم مع سوريا حتى كانت إسرائيل تحتل جزءاً من جنوب لبنان، وتنشئ ما أسمته "الحزام الأمني" في جنوب لبنان. وهكذا صارت الحدود مع إسرائيل بعيدة، وتقلص نطاق العمليات الفدائية ضد إسرائيل.</p> <p dir="RTL">بين سنة 1980 و1982 تهتكت الأوضاع اللبنانية كثيراً، وأُنهك المجتمع اللبناني والمقاومة الفلسطينية معاً، وسقط الجميع في شباط القتل اليومي من دون أي نتيجة سياسية. واضطر ياسر عرفات إلى إدارة الشؤون اليومية بطرق تجريبية لم يختبرها من قبل. واستمر الوضع على حاله من التدهور والتفتت والانحلال حتى وقوع الاجتياح الإسرائيلي في الخامس من حزيران 1982.</p> <p dir="RTL"><strong>إلى منفى جديد</strong></p> <p dir="RTL">وصلت القوات الإسرائيلية إلى مشارف بيروت في 14/6/1982 وطوقتها وفرضت عليها الحصار. وبين 14 حزيران و20 آب 1982 خاض ياسر عرفات قتالاً على جميع الجبهات رافضاً الاستسلام أو الخروج من بيروت تحت راية الصليب الأحمر الدولي. وبعد 88 يوماً من القتال اليومي والحصار الشامل، وبعد مشاورات مع حلفائه اللبنانيين ولا سيما الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي، وافق ياسر عرفات على خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت بناء على اتفاق مشرِّف يحفظ كرامة الثورة والمقاتلين، ويفصل كيفية خروج المقاتلين بأسلحتهم وكيفية خروج موكبه. وفي 30/8/1982 بعد أن غادرت آخر دفعة من الفدائيين، انطلق موكب ياسر عرفات من مقره في منطقة الفاكهاني إلى منزل وليد جنبلاط في المصيطبة حيث كان قادة الحركة الوطنية اللبنانية والأحزاب اللبنانية في انتظاره. ثم انتقل الجميع في موكب حاشد، وتحت زخات الرصاص، إلى القصر الحكومي لوداع رئيس الوزراء شفيق الوزان. أما محطة الوداع الأخيرة في بيروت فكانت في الميناء الذي تولت مهمات الحراسة وحفظ الأمن فيه قوات فرنسية وقوات أخرى من مشاة البحرية الأميركية. وقد حظي ياسر عرفات بوداع رسمي وشعبي طغى عليه التأثر العاطفي الشديد. وفي خطوة تجاوزت الأصول البروتوكولية أوفد الرئيس اللبناني الياس سركيس رئيس الحكومة شفيق الوزان والوزير رينيه معوض ليمثلاه في مراسم وداع ياسر عرفات. كما كان في الوداع المفتي حسن خالد، والرئيس سليم الحص والرئيس صائب سلام والرئيس تقي الدين الصلح والرئيس رشيد الصلح ومالك سلام ونسيب البربير وتمام سلام ومنح الصلح ومحسن ابراهيم ووليد جنبلاط وجورج حاوي ومروان حمادة وإنعام رعد وعبد الرحيم مراد وبشارة مرهج وفؤاد شبقلو ومحسن دلول ورياض رعد وحبيب صادق ونبيه بري ومدير المخابرات العسكرية في الجيش اللبناني العقيد جوني عبده، فضلاً عن سفراء فرنسا وإيطاليا واليونان. وبعد ذلك صعد ياسر عرفات إلى السفينة اليونانية "أطلنتيس" التي واكبتها أربع سفن حربية تابعة للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإيطاليا واليونان. وكانت محطته الأولى اليونان التي استقبله على مينائها رئيس الوزراء اندرياس باباندريو. ثم انتقل بعدها إلى تونس التي وصلها في 3/9/1982 وكان في استقباله الرئيس الحبيب بورقيبة. وقبل مغادرة عرفات بيروت منح هذه المدينة وأهاليها "وسام صمود بيروت". وفي لحظة الوداع خاطب المودعين بقوله: "إلى فلسطين إني راحل. لكن قلبي سيبقى في بيروت. نركع أمام كل رجل وامرأة وطفل لبناني، لأنهم قدموا لنا ما لم يقدم".</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL" align="center">* * *</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL">لم تنتهِ قضية فلسطين بخروج قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان. وقعت مجازر صبرا وشاتيلا، ثم حرب المخيمات، وفي ما بعد دُمر مخيم نهر البارد. وما برح الفلسطينيون يشكلون عاملاً مهماً في الحياة السياسية اللبنانية، إما كقوة بشرية، أو كقوة سياسية وعسكرية. ولا يستطيع لبنان أن يخرج من دوامة العنف والاضطرابات السياسية ما لم تتضمن أي تسوية داخلية فيه، تسوية حقوق الفلسطينيين المدنية، وتطوير علاقة تفصيلية تأخذ في الاعتبار حاجة لبنان إلى الأمن، وحاجة الفلسطينيين، في الوقت نفسه، إلى الأمان.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
314
Title: أزمة التضخم قبل الحرب: بروفا لما هو آت غسان ديبه
Content: <p dir="RTL">عندما دقت أجراس موت الكينزيه بُعيد الأزمة المالية لمدينة نيويورك في عام 1975 وانفلات ظاهرة التضخم في البلدان الرأسمالية الغربية، كانت الدولة اللبنانية لا تزال رهينة مستنقع العقل الاقتصادي الكلاسيكي. فعلى الرغم من أن الدولة أعلنت منذ البدء ولاءها للنموذج والفكر الغربيين، إلا أنها لم تقفز على عربة الثورة الكينزيه وعهدها الذهبي الذي اتسم بمعدلات نمو عالية، اقتصاديات مستقرة، توزيع دخل، وأنواع جديدة من علاقات الأجر. لكن عندما انهارت الكينزية ضرب الاقتصاد اللبناني ظواهر موتها: التضخم وعدم الاستقرار المالي، قبل الحرب 1975، اتسم الاقتصاد اللبناني بالخصائص التالية: الإنفصال بين المال والصناعة، بنك مركزي مستقل، ميزانية دولة متوازنة، عملة قوية، انفتاح ومعدلات صرف حرة، سياسة نقدية معادية للتضخم، وتوزيع خاص للقروض.</p> <p dir="RTL">إن هذه الخصائص المترابطة شكلت الفسحة الاقتصادية التي عمل العملاء الاقتصاديون من خلالها. إن سيطرة القطاع المالي (المتمثل بالبنوك التجارية) كان واضحاً. وكانت سياسة البنك المركزي الذي يلعب دوراً هاماً في كمية المال المتواجد وتوسع الإقراض تدعم مثل تلك السيطرة. إن المؤسسات المالية هي أكثر العملاء الاقتصاديين تأثراً بظاهرة التضخم وتؤيد عملة وطنية قوية. في المقابل أن اقتصاداً ذو أساس صناعي يتسم بمرونة للأجر الحقيقي تكون فيه القطاعات الصناعية المسيطرة مؤيدة أو محايدة تجاه سياسة تضخمية مما يزيد من أرباح المؤسسات الصناعية. وفي حال أدى التضخم إلى تدهور سعر العملة تؤدي السياسة التوسعية إلى زيادة المنافسة الخارجية للبضائع المنتجة محلياً.</p> <p dir="RTL">برهن جيرالد ابشتاين، الاقتصادي في جامعة ماساشوسس، وجولييت شور من جامعة هارفارد إنه في الدول التي تتمتع بإنفصال القطاعين المالي والصناعي يكون البنك المركزي أكثر استقلالية ويمارس سياسة نقدية انكماشية، أو أكثر مُحافظة من الدول التي تتمتع بقطاعات صناعية ومالية مُندمجة. إن مؤشرين في الاقتصاد اللبناني لما قبل الحرب يؤكدان هذه النظرية أولاً، إن معدل نمو الاقراض انخفض في فترة 1964- 1974 كما قيست بالفرق بين معدل زيادة المطلوبات ومعدل زيادة الموجودات. كما أنه إذا نظرنا إلى إحصائيات زيادة الكتلة النقدية لفترة ما بعد 1964 فنرى أنه باستثناء عام 1968 الذي شهد نمواً غير طبيعي نتيجة حرب 1967. كان معدل نمو الكتلة النقدية السنوي في فترة 1965- 1970، 1.2% مما يشير إلى اتباع سياسة نقدية انكماشية. ماذا يعني هذا؟</p> <p dir="RTL">إن سياسة نقدية أكثر انفتاحاً لو اتبعها البنك المركزي كانت ستؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي والدخل القومي من دون أن تؤدي إلى مشاكل في ميزان المدفوعات. ففي لبنان سُجل هبوط في معدلات النمو في الفترة الممتدة من 1966 – 1970 وعلى الرغم من تحركها في بيئة تتسم بفائض في ميزان المدفوعات ومخزون عالي من العملات الصعبة، قررت الدولة أن لا تتدخل وتتبع سياسة توسعية كما كان واضحاً في معدل نمو الكتلة النقدية السنوي. إن السياسة الإنكماشية كانت لها نتائج سلبية على العديد من القطاعات مثل الصناعة، الزراعة، البناء... يقول ابشتاين "إن الذين يُسّيرون البنك المركزي ربما تكون لديهم حساسية مفرطة تجاه التضخم وبالنتيجة فإن السياسة النقدية لن تغطي التجارة وتبادل السلع مما يؤدي إلى معدلات نمو غير مرغوبة اجتماعياً وإلى معدلات بطالة أعلى من المرغوب فيها" في لبنان تدنى معدل نمو التجارة في فترة ما بعد 1964 وهو دليل واضح على إحدى النتائج الاقتصادية لقيام البنك المركزي عام 1964. إن أي سياسة توسعية كانت ستؤدي إلى معدلات أعلى من التضخم مما كان سيثير حفيظة البنوك التجارية وطبقة رأسماليي العقارات، وإن إحجام البنك المركزي عن اتباع هكذا سياسة تؤكد سيطرة هذه القطاعات الاقتصادية على سياساته. في الإطار نفسه لم تفكر الدولة باستخدام السياسة المالية كأداة تجاه الأوضاع الاقتصادية واتسمت الميزانية العامة بالفائض في كل تلك الفترة. فالمعايير الموضوعة على اقتراض الدولة في مصرف سورية ولبنان حوفظ عليها بعد قيام البنك المركزي اللبناني. هذه السياسة كانت لها عدة تأثيرات:</p> <p dir="RTL">أولاً، عدم وجود دين للدولة في النظام المصرفي مما يجعل الدولة أقل فعالية من مجال السياسة النقدية.</p> <p dir="RTL">ثانياً، ترك سعر العملة الوطنية في يد النظام المصرفي.</p> <p dir="RTL">ثالثاً، عدم استعمال ميزانية الدولة في التعامل مع الاوضاع الاقتصادية ومثال ذلك كسلاح في وجه التقلبات الاقتصادية. وكان لهذه التأثيرات دوراً مهماً في تعميق وتمأسس استقلالية البنك المركزي عن الدولة.</p> <p dir="RTL">إن وجهاً آخراً من استقلالية البنك المركزي هو في علاقاته أو تأثيره على معدلات الأجور. ففي الدول التي فيها حركة عمالية قوية أو تحكمها حكومات عمالية أو ديمقراطية اشتراكية اتسمت بنوكها المركزية بعلاقاتها القوية مع الدولة (على سبيل المثال ايطاليا في السبعينيات) مما أتاح للدولة أن يكون لديها عجز في الخزينة الممول قانونياً من البنك المركزي، وبالتالي يتم تأمين المداخيل والمصاريف التي يُطالب بها العملاء الاقتصاديون المتنافسون ولا سيما الطبقة العاملة.</p> <p dir="RTL">صدّعت الضغوطات التضخمية التي راوحت معدلاتها 8% سنوياً في فترة 1971-1975 العالم الساحر للأسعار المستقرة. الدولة التي تفاجأت بها استجابت بإتباع سياسات ضيقة الأفق وفي الكثير من الأحيان متضاربة. فكان، ولم يزل، تشييء الذهب يحكم عقل البنك المركزي. وعلى الرغم من أن الذهب لم يلعب دور الذهب - المال كمنظم للأسعار، أصرت الدولة على ابقاء الذهب كاحتياطي بشكل سيكولوجي من دون وجود سياسة واضحة المعالم حول ما يُعتبر مستوى مفيد من الاحتياط. ففي عام 1974 بلغت الموجدات الأجنبية للبنك المركزي 260% من إصدار النقد أكثر بكثير من 50% المفروض من قبل قانون المال، والاقراض. إن الإيمان المطلق بأهمية "ذهب البنك المركزي" في محاربة التضخم أو وقف تدهور سعر العملة، جعل الدولة تقف متفرجة أمام الضغوطات التضخمية في تلك الفترة، وأمام تدهور سعر العملة حالياً.</p> <p dir="RTL">بالطبع وكما برهنت التطورات اللاحقة وبدء التضخم المتسارع فكل الأوهام المعقودة حول الذهب، كذهب- المال (كمنظم للأسعار ومنظف للاضطرابات القيمية في الاقتصاد) قد تبخرت وجرفت بمكانس التاريخ وجابهت النظرية الكلاسيكية ملاك موتها في لبنان.</p> <p dir="RTL">إن هذه الفترة التضخمية كان يجب ألا تعتبر كفترة مؤقته أو عابرة. إن هذا القطع مع فترة استقرار الأسعار تطابق مع انهيار اتفاقيات بريثيون - وودز في عام 1971 والتي أتاحت للعالم أكبر فترة تاريخية من الاستقرار في التجارة، والمالية الدولية خصوصاً بعد السنوات العاصفة في العشرينيات والثلاثينيات.</p> <p dir="RTL">إن هذا الإنهيار أدى إلى ازدياد عدم الإستقرار في البيئة التي يعمل ضمنها الاقتصاد اللبناني. بالإضافة إلى أن انهيار عصر النمو الكينزي في نهاية الستينيات وما رافقه من تضخم وعودة التقلبات الاقتصادية في الاقتصاديات الغربية كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد اللبناني على الرغم من أن دول أوبك الصاعدة في السبعينيات ساعدت على تهيئة هذه العواصف اللاستقرارية.</p> <p dir="RTL">وأطلق سمير المقدسي على هذه الموجة التضخمية ما أسماه بأهم سياسة للدولة اللبنانية في فترة ما قبل 1973 وهي استقرار الأسعار، عندما قال "كما بينت تجربة الدول الأخرى وبالتأكيد كما بينت الميول التي سيطرت في فترة 1971 -1974 فليس هناك سبب أولي (مبدئي) للإعتقاد بأن العمل الاقتصادي الخاص يؤدي إلى تأمين استقرار مالي على الصعيد المحلي أو العالمي". ويذهب المقدسي إلى تبيان أن العلاقة الإستقرارية بين معدلات الصرف (الدولار) والأسعار المحلية انهارت بعد عام 1971 وأصبحت الأسعار تعتمد على ازدياد الكلفة على الصعيد المحلي، التضخم المستورد وازدياد وتوسع الاقراض المحلي.</p> <p dir="RTL">إن نهاية عصر استقرار الأسعار التي شكلت منعطفاً أساسياً في التاريخ اللبناني نحو أرضية غير معروفة سابقاً وهي عالم اللإستقرار والالتباس مالي. الجميع استغرب ولكن أزمة 1971-1975 برهنت على كونها "بروفا" لما سيأتي في فترة ما بعد 1984 حيث الانهيار الكامل الذي سيجر الجميع إلى شفير الهاوية.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: أزمة التضخم قبل الحرب: بروفا لما هو آت غسان ديبه
Content: <p dir="RTL">عندما دقت أجراس موت الكينزيه بُعيد الأزمة المالية لمدينة نيويورك في عام 1975 وانفلات ظاهرة التضخم في البلدان الرأسمالية الغربية، كانت الدولة اللبنانية لا تزال رهينة مستنقع العقل الاقتصادي الكلاسيكي. فعلى الرغم من أن الدولة أعلنت منذ البدء ولاءها للنموذج والفكر الغربيين، إلا أنها لم تقفز على عربة الثورة الكينزيه وعهدها الذهبي الذي اتسم بمعدلات نمو عالية، اقتصاديات مستقرة، توزيع دخل، وأنواع جديدة من علاقات الأجر. لكن عندما انهارت الكينزية ضرب الاقتصاد اللبناني ظواهر موتها: التضخم وعدم الاستقرار المالي، قبل الحرب 1975، اتسم الاقتصاد اللبناني بالخصائص التالية: الإنفصال بين المال والصناعة، بنك مركزي مستقل، ميزانية دولة متوازنة، عملة قوية، انفتاح ومعدلات صرف حرة، سياسة نقدية معادية للتضخم، وتوزيع خاص للقروض.</p> <p dir="RTL">إن هذه الخصائص المترابطة شكلت الفسحة الاقتصادية التي عمل العملاء الاقتصاديون من خلالها. إن سيطرة القطاع المالي (المتمثل بالبنوك التجارية) كان واضحاً. وكانت سياسة البنك المركزي الذي يلعب دوراً هاماً في كمية المال المتواجد وتوسع الإقراض تدعم مثل تلك السيطرة. إن المؤسسات المالية هي أكثر العملاء الاقتصاديين تأثراً بظاهرة التضخم وتؤيد عملة وطنية قوية. في المقابل أن اقتصاداً ذو أساس صناعي يتسم بمرونة للأجر الحقيقي تكون فيه القطاعات الصناعية المسيطرة مؤيدة أو محايدة تجاه سياسة تضخمية مما يزيد من أرباح المؤسسات الصناعية. وفي حال أدى التضخم إلى تدهور سعر العملة تؤدي السياسة التوسعية إلى زيادة المنافسة الخارجية للبضائع المنتجة محلياً.</p> <p dir="RTL">برهن جيرالد ابشتاين، الاقتصادي في جامعة ماساشوسس، وجولييت شور من جامعة هارفارد إنه في الدول التي تتمتع بإنفصال القطاعين المالي والصناعي يكون البنك المركزي أكثر استقلالية ويمارس سياسة نقدية انكماشية، أو أكثر مُحافظة من الدول التي تتمتع بقطاعات صناعية ومالية مُندمجة. إن مؤشرين في الاقتصاد اللبناني لما قبل الحرب يؤكدان هذه النظرية أولاً، إن معدل نمو الاقراض انخفض في فترة 1964- 1974 كما قيست بالفرق بين معدل زيادة المطلوبات ومعدل زيادة الموجودات. كما أنه إذا نظرنا إلى إحصائيات زيادة الكتلة النقدية لفترة ما بعد 1964 فنرى أنه باستثناء عام 1968 الذي شهد نمواً غير طبيعي نتيجة حرب 1967. كان معدل نمو الكتلة النقدية السنوي في فترة 1965- 1970، 1.2% مما يشير إلى اتباع سياسة نقدية انكماشية. ماذا يعني هذا؟</p> <p dir="RTL">إن سياسة نقدية أكثر انفتاحاً لو اتبعها البنك المركزي كانت ستؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي والدخل القومي من دون أن تؤدي إلى مشاكل في ميزان المدفوعات. ففي لبنان سُجل هبوط في معدلات النمو في الفترة الممتدة من 1966 – 1970 وعلى الرغم من تحركها في بيئة تتسم بفائض في ميزان المدفوعات ومخزون عالي من العملات الصعبة، قررت الدولة أن لا تتدخل وتتبع سياسة توسعية كما كان واضحاً في معدل نمو الكتلة النقدية السنوي. إن السياسة الإنكماشية كانت لها نتائج سلبية على العديد من القطاعات مثل الصناعة، الزراعة، البناء... يقول ابشتاين "إن الذين يُسّيرون البنك المركزي ربما تكون لديهم حساسية مفرطة تجاه التضخم وبالنتيجة فإن السياسة النقدية لن تغطي التجارة وتبادل السلع مما يؤدي إلى معدلات نمو غير مرغوبة اجتماعياً وإلى معدلات بطالة أعلى من المرغوب فيها" في لبنان تدنى معدل نمو التجارة في فترة ما بعد 1964 وهو دليل واضح على إحدى النتائج الاقتصادية لقيام البنك المركزي عام 1964. إن أي سياسة توسعية كانت ستؤدي إلى معدلات أعلى من التضخم مما كان سيثير حفيظة البنوك التجارية وطبقة رأسماليي العقارات، وإن إحجام البنك المركزي عن اتباع هكذا سياسة تؤكد سيطرة هذه القطاعات الاقتصادية على سياساته. في الإطار نفسه لم تفكر الدولة باستخدام السياسة المالية كأداة تجاه الأوضاع الاقتصادية واتسمت الميزانية العامة بالفائض في كل تلك الفترة. فالمعايير الموضوعة على اقتراض الدولة في مصرف سورية ولبنان حوفظ عليها بعد قيام البنك المركزي اللبناني. هذه السياسة كانت لها عدة تأثيرات:</p> <p dir="RTL">أولاً، عدم وجود دين للدولة في النظام المصرفي مما يجعل الدولة أقل فعالية من مجال السياسة النقدية.</p> <p dir="RTL">ثانياً، ترك سعر العملة الوطنية في يد النظام المصرفي.</p> <p dir="RTL">ثالثاً، عدم استعمال ميزانية الدولة في التعامل مع الاوضاع الاقتصادية ومثال ذلك كسلاح في وجه التقلبات الاقتصادية. وكان لهذه التأثيرات دوراً مهماً في تعميق وتمأسس استقلالية البنك المركزي عن الدولة.</p> <p dir="RTL">إن وجهاً آخراً من استقلالية البنك المركزي هو في علاقاته أو تأثيره على معدلات الأجور. ففي الدول التي فيها حركة عمالية قوية أو تحكمها حكومات عمالية أو ديمقراطية اشتراكية اتسمت بنوكها المركزية بعلاقاتها القوية مع الدولة (على سبيل المثال ايطاليا في السبعينيات) مما أتاح للدولة أن يكون لديها عجز في الخزينة الممول قانونياً من البنك المركزي، وبالتالي يتم تأمين المداخيل والمصاريف التي يُطالب بها العملاء الاقتصاديون المتنافسون ولا سيما الطبقة العاملة.</p> <p dir="RTL">صدّعت الضغوطات التضخمية التي راوحت معدلاتها 8% سنوياً في فترة 1971-1975 العالم الساحر للأسعار المستقرة. الدولة التي تفاجأت بها استجابت بإتباع سياسات ضيقة الأفق وفي الكثير من الأحيان متضاربة. فكان، ولم يزل، تشييء الذهب يحكم عقل البنك المركزي. وعلى الرغم من أن الذهب لم يلعب دور الذهب - المال كمنظم للأسعار، أصرت الدولة على ابقاء الذهب كاحتياطي بشكل سيكولوجي من دون وجود سياسة واضحة المعالم حول ما يُعتبر مستوى مفيد من الاحتياط. ففي عام 1974 بلغت الموجدات الأجنبية للبنك المركزي 260% من إصدار النقد أكثر بكثير من 50% المفروض من قبل قانون المال، والاقراض. إن الإيمان المطلق بأهمية "ذهب البنك المركزي" في محاربة التضخم أو وقف تدهور سعر العملة، جعل الدولة تقف متفرجة أمام الضغوطات التضخمية في تلك الفترة، وأمام تدهور سعر العملة حالياً.</p> <p dir="RTL">بالطبع وكما برهنت التطورات اللاحقة وبدء التضخم المتسارع فكل الأوهام المعقودة حول الذهب، كذهب- المال (كمنظم للأسعار ومنظف للاضطرابات القيمية في الاقتصاد) قد تبخرت وجرفت بمكانس التاريخ وجابهت النظرية الكلاسيكية ملاك موتها في لبنان.</p> <p dir="RTL">إن هذه الفترة التضخمية كان يجب ألا تعتبر كفترة مؤقته أو عابرة. إن هذا القطع مع فترة استقرار الأسعار تطابق مع انهيار اتفاقيات بريثيون - وودز في عام 1971 والتي أتاحت للعالم أكبر فترة تاريخية من الاستقرار في التجارة، والمالية الدولية خصوصاً بعد السنوات العاصفة في العشرينيات والثلاثينيات.</p> <p dir="RTL">إن هذا الإنهيار أدى إلى ازدياد عدم الإستقرار في البيئة التي يعمل ضمنها الاقتصاد اللبناني. بالإضافة إلى أن انهيار عصر النمو الكينزي في نهاية الستينيات وما رافقه من تضخم وعودة التقلبات الاقتصادية في الاقتصاديات الغربية كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد اللبناني على الرغم من أن دول أوبك الصاعدة في السبعينيات ساعدت على تهيئة هذه العواصف اللاستقرارية.</p> <p dir="RTL">وأطلق سمير المقدسي على هذه الموجة التضخمية ما أسماه بأهم سياسة للدولة اللبنانية في فترة ما قبل 1973 وهي استقرار الأسعار، عندما قال "كما بينت تجربة الدول الأخرى وبالتأكيد كما بينت الميول التي سيطرت في فترة 1971 -1974 فليس هناك سبب أولي (مبدئي) للإعتقاد بأن العمل الاقتصادي الخاص يؤدي إلى تأمين استقرار مالي على الصعيد المحلي أو العالمي". ويذهب المقدسي إلى تبيان أن العلاقة الإستقرارية بين معدلات الصرف (الدولار) والأسعار المحلية انهارت بعد عام 1971 وأصبحت الأسعار تعتمد على ازدياد الكلفة على الصعيد المحلي، التضخم المستورد وازدياد وتوسع الاقراض المحلي.</p> <p dir="RTL">إن نهاية عصر استقرار الأسعار التي شكلت منعطفاً أساسياً في التاريخ اللبناني نحو أرضية غير معروفة سابقاً وهي عالم اللإستقرار والالتباس مالي. الجميع استغرب ولكن أزمة 1971-1975 برهنت على كونها "بروفا" لما سيأتي في فترة ما بعد 1984 حيث الانهيار الكامل الذي سيجر الجميع إلى شفير الهاوية.</p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
315
Title: الى الوراء در! د. طنوس شلهوب
Content: <p dir="RTL">عندما طُلب مني الكتابة عن التربية والتعليم في ملف الذكرى الأربعين لاندلاع الحرب الأهلية وجدت نفسي مأخوذاً بالعودة الى الوراء، وكأن الأربعين عاماً المنصرمة ليست سوى لحظة تم اجتيازها ذهنياً بما يمتلكه العقل من خاصية إحياء الماضي واسترجاع أحداثه، وبالتالي يسهل على المرء التنقل بين الماضي والحاضر عبر جسر الذكريات، وقررت أن أجانب مقاربة الموضوع بالطريقة البحثية الصارمة، راغباً في إضفاء البعض من الذاتي، علَّني أنجح في تقديم رؤية عبر موشور التجربة الشخصية آملاً أن أوفق في تقديم صورة متعددة الألوان تجعل من النص اكثر متعة للقراءة، تماماً كما يتحول اللون الأبيض العابر للموشور الهندسي الى مجموع ألوان قوس القزح.</p> <p dir="RTL">في تكميلية عين الرمانة (المعروفة بتكميلية داغر نسبة الى مديرها آنذاك الاستاذ ميخائيل داغر) أنهيت المرحلة التكميلية، وانتقلت الى ثانوية الشياح المجاورة (والمعروفة بثانوية سعيد نسبة الى مديرها أيضاً الأستاذ شفيق سعيد). ما يلفت الانتباه في تلك الفترة الزمنية نسب المدرسة الى مديرها، وهي حالة تميز بها الكثير من التكميليات والثانويات وهذا يشير الى النجاح الذي حققته المدرسة الرسمية، والدور المحوري الذي لعبه المديرون على الصعيدين الإداري والتعليمي التربوي. أما البرنامج التدريسي فهو من العناصر الأساسية في المشروع التربوي. وكان لافتاً المستوى العلمي الجيد الذي تميز به الطلاب اللبنانيون الذين التحقوا في الجامعات خارج لبنان مما يشير الى جودة البرامج التعليمية قبل الجامعية في فترة ما قبل الحرب الأهلية.</p> <p dir="RTL">في السبعينيات شهدت المدرسة الرسمية ذروة تألقها، وكانت ملجأ أبناء الكادحين وحتى متوسطي الحال، وكانت المعارك الطبقية تتمحور حول شعار ديمقراطية التعليم، مع ما يفترضه هذا الشعار من تطوير للمدرسة الرسمية ومن إنشاء كليات تطبيقية في الجامعة اللبنانية، وكان التعليم الرسمي هو المجال الذي يمكن من خلاله للبنانيين الفقراء من تسلق سلم الترقي الاجتماعي. معركة ديمقراطية التعليم أولاً، وجودته تالياً، اختصرت أحد أهم أركان وظيفة الدولة، وربما تحددت هوية الدولة انطلاقاً من دورها في قطاع التعليم، أي أن تكون دولة الرعاية الاجتماعية أم تكون سلطة الطغمة المالية. اليسار رفع قضية التعليم كإحدى الأولويات على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي، باعتبار التعليم الرسمي هو الإطار الذي يتكون في سياقه وعي وطني موحد للبنانيين بغض النظر عن الانتماءات الدينية، أو الاجتماعية أو حتى الطبقية.</p> <p dir="RTL">التعليم الرسمي كان الحاضنة الثقافية لمشروع النهوض الوطني بما يجسد الصراع الطبقي في المستوى الأيديولوجي بين تعليم خاص "مفرنج" وأحياناً "مطيف" وتعليم رسمي مجاني لتأكيد حضور دولة الرعاية الاجتماعية على الصعيد التعليمي. وانعكست التغيرات الاجتماعية التي طرأت على ضواحي العاصمة بفعل الهجرة المتزايدة من الريف الى المدينة على دور المدرسة الرسمية وعلى تركيبتها البشرية لناحية الادارة والمعلمين والتلامذة.</p> <p dir="RTL">وكما في التكميلية، كذلك في الثانوية، كان لي الأصدقاء من المناطق والأطياف المختلفة، وانخرطت مع الكثير من زملاء تلك المرحلة في الأنشطة الطلابية عبر اتحاد الشباب الديمقراطي، وكان لنا دور رائد كما في المظاهرات والتحركات المطلبية المختلفة، كذلك في إطلاق العديد من المبادرات ومنها تنظيم صفوف تدريس مجاني للأولاد في مركز الاتحاد في الشياح، بحيث كان المركز يغص بالتلامذة التواقين للحصول على المساعدة من قبل شباب الاتحاد. وصرنا نمارس دوراً مزدوجاً، فكنا طلاباً في الثانوية، و"مدرسين" في الاتحاد. كان التفوق الدراسي من معايير النجاح النضالي. وربما لن يكون مبالغاً فيه القول إن التعليم الرسمي بكل مراحله ومساراته قد عزز تكون المشروع السياسي للحركة الوطنية بما هو، وحتى اليوم، يشكل المدخل لبناء وطن معاصر.</p> <p dir="RTL">الحرب، التي اندلعت ما قبل البارحة، وانتهت البارحة، كما في أفلام السينما، هي فعل قتل، وتدمير، وتهجير، ولها تداعيات مادية ومعنوية، ولكنها انتهت على زغل. ما كان متاحاً لمشروع الدولة غير المكتملة، تم القضاء عليه، وما جرى تشييده لم يكن سوى سلطة سياسية تتميز بانتهازية ويقوم مشروعها على الريع والتجارة والسمسرة. الحرب قسمت الوطن تبعاً للتركيبة الطائفية في الكثير من المناطق، وتفاقم استخدام التعليم الرسمي كمجال للتوظيف السياسي والطائفي، وأفرزت عمليات التهجير المناطق "الصافية طائفياً ومذهبياً"، وانعكس ذلك على الأجواء في المدارس وفي معظم فروع كليات الجامعة اللبنانية. وتراجعت منظومة القيم الاجتماعية لصالح بيئة الفساد والانتهازية والاستزلام، وغابت السياسة التربوية، وهذا الغياب هو من خصائص نظام الطغمة المالية المرتبطة بالشركات والمصالح الخارجية. قطاع التعليم الرسمي كان من بين القطاعات الأكثر تضرراً، وتراجع موقعه لحساب القطاع الخاص. ما تحققه بعض الثانويات من نجاحات يعود فيه الفضل للطاقم الإداري والتعليمي الذي كان له الدور الأساس في تطوير التعليم الرسمي. ولأن الحرب اقفلت على زغل فإننا غير قادرين اليوم على وضع كتاب تاريخ مدرسي موحد. والبرامج التي عُدلت وتم تقليص حجمها جاءت في ظل منحى عام يؤشر الى هيمنة فلسفة التعليم الأميركية على تلك الأوروبية، وبالتالي فإن التعديلات تجري وفق مبدأ "النسخ (بعد الترجمة الرديئة) واللصق" من دون القيام بالمجهود الكافي "للبننة" التعديلات، التي من الضروري القيام بها بشكل مستمر بما يخدم الاحتياجات الاجتماعية والاهداف التي تحددها السياسة التربوية.</p> <p dir="RTL">الناسُ تطلب العلم للتحرر والترقي. المعرفة قوة وحرية. في القوة والحرية يسهل التخلص من معوقات الجهل والتخلف. اللبنانيون بشكل عام يضحون بالغالي والرخيص لتعليم أولادهم. المدرسة الرسمية فتحت الآفاق أمام الآلاف من أبناء الشعب اللبناني لسلوك طريق الترقي الاجتماعي والنجاح الفردي. التعليم الرسمي هو ابن الدولة، الدولة غير مكتملة التكوين، الدولة المُنتهكة من قبل الطوائف والمذاهب. العلم وما يتبعه من ترقي يفترض بالفرد التخلص من ترسبات الطائفية والانعتاق نحو مشروع المواطنة. الدولة الطائفية لا تسمح للفرد بان يكون مواطناً. <em>في الدولة الطائفية لا مواطنين إلا من موقع المعارضة والتغيير الديمقراطي</em>. أن تكون مواطناً في ظل النظام الطائفي ليس عليك فقط أن تتخلى عن منظومة الحماية الطائفية التي تتوهم بأن النظام الطائفي يؤمنها لك، انما أيضاً عليك ان تواجه هذا النظام.</p> <p dir="RTL">أن تكون أستاذاً هو امتياز لما يُفترض أن يكون مناطاً بك من دور في صياغة عقول التلامذة والتأثير عليهم. على الأستاذ ممارسة دور المربي الى جانب الدور الأكاديمي. و يُفترض به أن يكون طليعياً، ليس فقط بعمله الأكاديمي إنما أيضاً بالتفاعل مع طلابه على أرضية توسيع المشتركات الإنسانية، ونبذ كل عصبيات نافية للعلم والمنطق، خصوصاً إذا كان هذا الأستاذ ينتمي الى قطاع التعليم الرسمي.</p> <p dir="RTL">أساتذة اليوم، هم أولاد الحرب وما بعدها، وهم نتاج لوعي اجتماعي مشوه يقوم على كل إفرازات الحرب من طائفية ومذهبية واستزلام، وتوكل اليهم إحدى أكثر المسائل حساسية وأهمية: تكوين العقول.</p> <p dir="RTL">في النتائج، فإن نظامنا التربوي، بكافة عناصره وعلى كل مستوياته، وفي قطاعيه العام والخاص، يحتاج إلى إعادة بحث حول الأهداف والوسائل، وهذه المراجعة لا تستقيم خارج مشروع الدولة، والتي ينبغي عليها أن تحدد وظيفة التعليم وأهدافه. وغياب مشروع الدولة الوطنية لن ينتج مشروعاً تربوياً وطنياً، إنما ازدهار المزارع الطائفية في كنف الوطن سينتج بالتأكيد المشاريع التربوية الخاصة بالطوائف والمذاهب المختلفة، المتضامنة حيناً والمتناحرة غالباً، ولن يكون التعليم بعيداً عن الأنشطة التجارية الربحية، وسيكون اللبناني ضحية للطائفية والرأسمالية في آن معاً.</p> <p dir="RTL">هل أن الحنين إلى الماضي هو ما طبع مقاربتي بهذه النظرة التشاؤمية، أم أن ما نشهده من هشاشة وسطحية وغياب للأحلام الجميلة هو تأكيد لما أوردت؟ </p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: الى الوراء در! د. طنوس شلهوب
Content: <p dir="RTL">عندما طُلب مني الكتابة عن التربية والتعليم في ملف الذكرى الأربعين لاندلاع الحرب الأهلية وجدت نفسي مأخوذاً بالعودة الى الوراء، وكأن الأربعين عاماً المنصرمة ليست سوى لحظة تم اجتيازها ذهنياً بما يمتلكه العقل من خاصية إحياء الماضي واسترجاع أحداثه، وبالتالي يسهل على المرء التنقل بين الماضي والحاضر عبر جسر الذكريات، وقررت أن أجانب مقاربة الموضوع بالطريقة البحثية الصارمة، راغباً في إضفاء البعض من الذاتي، علَّني أنجح في تقديم رؤية عبر موشور التجربة الشخصية آملاً أن أوفق في تقديم صورة متعددة الألوان تجعل من النص اكثر متعة للقراءة، تماماً كما يتحول اللون الأبيض العابر للموشور الهندسي الى مجموع ألوان قوس القزح.</p> <p dir="RTL">في تكميلية عين الرمانة (المعروفة بتكميلية داغر نسبة الى مديرها آنذاك الاستاذ ميخائيل داغر) أنهيت المرحلة التكميلية، وانتقلت الى ثانوية الشياح المجاورة (والمعروفة بثانوية سعيد نسبة الى مديرها أيضاً الأستاذ شفيق سعيد). ما يلفت الانتباه في تلك الفترة الزمنية نسب المدرسة الى مديرها، وهي حالة تميز بها الكثير من التكميليات والثانويات وهذا يشير الى النجاح الذي حققته المدرسة الرسمية، والدور المحوري الذي لعبه المديرون على الصعيدين الإداري والتعليمي التربوي. أما البرنامج التدريسي فهو من العناصر الأساسية في المشروع التربوي. وكان لافتاً المستوى العلمي الجيد الذي تميز به الطلاب اللبنانيون الذين التحقوا في الجامعات خارج لبنان مما يشير الى جودة البرامج التعليمية قبل الجامعية في فترة ما قبل الحرب الأهلية.</p> <p dir="RTL">في السبعينيات شهدت المدرسة الرسمية ذروة تألقها، وكانت ملجأ أبناء الكادحين وحتى متوسطي الحال، وكانت المعارك الطبقية تتمحور حول شعار ديمقراطية التعليم، مع ما يفترضه هذا الشعار من تطوير للمدرسة الرسمية ومن إنشاء كليات تطبيقية في الجامعة اللبنانية، وكان التعليم الرسمي هو المجال الذي يمكن من خلاله للبنانيين الفقراء من تسلق سلم الترقي الاجتماعي. معركة ديمقراطية التعليم أولاً، وجودته تالياً، اختصرت أحد أهم أركان وظيفة الدولة، وربما تحددت هوية الدولة انطلاقاً من دورها في قطاع التعليم، أي أن تكون دولة الرعاية الاجتماعية أم تكون سلطة الطغمة المالية. اليسار رفع قضية التعليم كإحدى الأولويات على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي، باعتبار التعليم الرسمي هو الإطار الذي يتكون في سياقه وعي وطني موحد للبنانيين بغض النظر عن الانتماءات الدينية، أو الاجتماعية أو حتى الطبقية.</p> <p dir="RTL">التعليم الرسمي كان الحاضنة الثقافية لمشروع النهوض الوطني بما يجسد الصراع الطبقي في المستوى الأيديولوجي بين تعليم خاص "مفرنج" وأحياناً "مطيف" وتعليم رسمي مجاني لتأكيد حضور دولة الرعاية الاجتماعية على الصعيد التعليمي. وانعكست التغيرات الاجتماعية التي طرأت على ضواحي العاصمة بفعل الهجرة المتزايدة من الريف الى المدينة على دور المدرسة الرسمية وعلى تركيبتها البشرية لناحية الادارة والمعلمين والتلامذة.</p> <p dir="RTL">وكما في التكميلية، كذلك في الثانوية، كان لي الأصدقاء من المناطق والأطياف المختلفة، وانخرطت مع الكثير من زملاء تلك المرحلة في الأنشطة الطلابية عبر اتحاد الشباب الديمقراطي، وكان لنا دور رائد كما في المظاهرات والتحركات المطلبية المختلفة، كذلك في إطلاق العديد من المبادرات ومنها تنظيم صفوف تدريس مجاني للأولاد في مركز الاتحاد في الشياح، بحيث كان المركز يغص بالتلامذة التواقين للحصول على المساعدة من قبل شباب الاتحاد. وصرنا نمارس دوراً مزدوجاً، فكنا طلاباً في الثانوية، و"مدرسين" في الاتحاد. كان التفوق الدراسي من معايير النجاح النضالي. وربما لن يكون مبالغاً فيه القول إن التعليم الرسمي بكل مراحله ومساراته قد عزز تكون المشروع السياسي للحركة الوطنية بما هو، وحتى اليوم، يشكل المدخل لبناء وطن معاصر.</p> <p dir="RTL">الحرب، التي اندلعت ما قبل البارحة، وانتهت البارحة، كما في أفلام السينما، هي فعل قتل، وتدمير، وتهجير، ولها تداعيات مادية ومعنوية، ولكنها انتهت على زغل. ما كان متاحاً لمشروع الدولة غير المكتملة، تم القضاء عليه، وما جرى تشييده لم يكن سوى سلطة سياسية تتميز بانتهازية ويقوم مشروعها على الريع والتجارة والسمسرة. الحرب قسمت الوطن تبعاً للتركيبة الطائفية في الكثير من المناطق، وتفاقم استخدام التعليم الرسمي كمجال للتوظيف السياسي والطائفي، وأفرزت عمليات التهجير المناطق "الصافية طائفياً ومذهبياً"، وانعكس ذلك على الأجواء في المدارس وفي معظم فروع كليات الجامعة اللبنانية. وتراجعت منظومة القيم الاجتماعية لصالح بيئة الفساد والانتهازية والاستزلام، وغابت السياسة التربوية، وهذا الغياب هو من خصائص نظام الطغمة المالية المرتبطة بالشركات والمصالح الخارجية. قطاع التعليم الرسمي كان من بين القطاعات الأكثر تضرراً، وتراجع موقعه لحساب القطاع الخاص. ما تحققه بعض الثانويات من نجاحات يعود فيه الفضل للطاقم الإداري والتعليمي الذي كان له الدور الأساس في تطوير التعليم الرسمي. ولأن الحرب اقفلت على زغل فإننا غير قادرين اليوم على وضع كتاب تاريخ مدرسي موحد. والبرامج التي عُدلت وتم تقليص حجمها جاءت في ظل منحى عام يؤشر الى هيمنة فلسفة التعليم الأميركية على تلك الأوروبية، وبالتالي فإن التعديلات تجري وفق مبدأ "النسخ (بعد الترجمة الرديئة) واللصق" من دون القيام بالمجهود الكافي "للبننة" التعديلات، التي من الضروري القيام بها بشكل مستمر بما يخدم الاحتياجات الاجتماعية والاهداف التي تحددها السياسة التربوية.</p> <p dir="RTL">الناسُ تطلب العلم للتحرر والترقي. المعرفة قوة وحرية. في القوة والحرية يسهل التخلص من معوقات الجهل والتخلف. اللبنانيون بشكل عام يضحون بالغالي والرخيص لتعليم أولادهم. المدرسة الرسمية فتحت الآفاق أمام الآلاف من أبناء الشعب اللبناني لسلوك طريق الترقي الاجتماعي والنجاح الفردي. التعليم الرسمي هو ابن الدولة، الدولة غير مكتملة التكوين، الدولة المُنتهكة من قبل الطوائف والمذاهب. العلم وما يتبعه من ترقي يفترض بالفرد التخلص من ترسبات الطائفية والانعتاق نحو مشروع المواطنة. الدولة الطائفية لا تسمح للفرد بان يكون مواطناً. <em>في الدولة الطائفية لا مواطنين إلا من موقع المعارضة والتغيير الديمقراطي</em>. أن تكون مواطناً في ظل النظام الطائفي ليس عليك فقط أن تتخلى عن منظومة الحماية الطائفية التي تتوهم بأن النظام الطائفي يؤمنها لك، انما أيضاً عليك ان تواجه هذا النظام.</p> <p dir="RTL">أن تكون أستاذاً هو امتياز لما يُفترض أن يكون مناطاً بك من دور في صياغة عقول التلامذة والتأثير عليهم. على الأستاذ ممارسة دور المربي الى جانب الدور الأكاديمي. و يُفترض به أن يكون طليعياً، ليس فقط بعمله الأكاديمي إنما أيضاً بالتفاعل مع طلابه على أرضية توسيع المشتركات الإنسانية، ونبذ كل عصبيات نافية للعلم والمنطق، خصوصاً إذا كان هذا الأستاذ ينتمي الى قطاع التعليم الرسمي.</p> <p dir="RTL">أساتذة اليوم، هم أولاد الحرب وما بعدها، وهم نتاج لوعي اجتماعي مشوه يقوم على كل إفرازات الحرب من طائفية ومذهبية واستزلام، وتوكل اليهم إحدى أكثر المسائل حساسية وأهمية: تكوين العقول.</p> <p dir="RTL">في النتائج، فإن نظامنا التربوي، بكافة عناصره وعلى كل مستوياته، وفي قطاعيه العام والخاص، يحتاج إلى إعادة بحث حول الأهداف والوسائل، وهذه المراجعة لا تستقيم خارج مشروع الدولة، والتي ينبغي عليها أن تحدد وظيفة التعليم وأهدافه. وغياب مشروع الدولة الوطنية لن ينتج مشروعاً تربوياً وطنياً، إنما ازدهار المزارع الطائفية في كنف الوطن سينتج بالتأكيد المشاريع التربوية الخاصة بالطوائف والمذاهب المختلفة، المتضامنة حيناً والمتناحرة غالباً، ولن يكون التعليم بعيداً عن الأنشطة التجارية الربحية، وسيكون اللبناني ضحية للطائفية والرأسمالية في آن معاً.</p> <p dir="RTL">هل أن الحنين إلى الماضي هو ما طبع مقاربتي بهذه النظرة التشاؤمية، أم أن ما نشهده من هشاشة وسطحية وغياب للأحلام الجميلة هو تأكيد لما أوردت؟ </p>
Image: 261- nidaa.jpg
ID:
316
Title: بزيع: الشاعر لا يكتب لنفسه.. يكتب كي يؤثر في المجتمع
Content: <p dir="RTL">في الذكرى الأربعين للحرب الأهلية نحاور الفنان والشاعر المناضل شوقي بزيع الذي ساهم في كتاباته الشعرية في التحفيز على الصمود ابان الحصار الإسرائيلي... شوقي بزيع هو من شعراء الجنوب كتب عدداً كبيراً من القصائد التي امتازت بتوظيف التراث الإسلامي والمسيحي بنفحة من التصوف، وامتزجت في شعره المعاني الشفيفة والغنائية العذبة والشاعرية...غنى مارسيل خليفة بعضا ًمن قصائده مثل " سأحدثكم عن أيمن" و"جبل الباروك" وغيرها من القصائد التي كتبها في مناخ المقاومة ونضالات مزارعي التبغ وعمال المصانع و(معمل غندور) في سبعينيات القرن الماضي...</p>
Image: 261- nidaa.jpg
Title: بزيع: الشاعر لا يكتب لنفسه.. يكتب كي يؤثر في المجتمع
Content: <p dir="RTL">في الذكرى الأربعين للحرب الأهلية نحاور الفنان والشاعر المناضل شوقي بزيع الذي ساهم في كتاباته الشعرية في التحفيز على الصمود ابان الحصار الإسرائيلي... شوقي بزيع هو من شعراء الجنوب كتب عدداً كبيراً من القصائد التي امتازت بتوظيف التراث الإسلامي والمسيحي بنفحة من التصوف، وامتزجت في شعره المعاني الشفيفة والغنائية العذبة والشاعرية...غنى مارسيل خليفة بعضا ًمن قصائده مثل " سأحدثكم عن أيمن" و"جبل الباروك" وغيرها من القصائد التي كتبها في مناخ المقاومة ونضالات مزارعي التبغ وعمال المصانع و(معمل غندور) في سبعينيات القرن الماضي...</p>
Image: 261- nidaa.jpg