Articles
Displaying 631-640 of 821 results.
ID:
637
Title: مع الحقيقة: سمير دياب النداء في عيدها الـ 57 .. مستمرون
Content: <p dir="RTL">في 21 كانون الثاني تحتفل "النداء" بسبعة وخمسين عاماً من النضال في حقل نشر الكلمة الحرة. ولدت لحاجة وجود جريدة سياسية ملتزمة قضايا الوطن والشعب. جريدة تخوض بمواقفها الثورية صراعاً وطنياً ضد الاستعمار الإمبريالي وأحلافه العداونية وضد الرجعية العربية.. وصراعاً طبقياً وأيديولوجياً في سبيل النهوض بحركة التحرر الوطني العربية. </p> <p dir="RTL">وقفت "النداء" صامدة وشامخة، في أحلك الظروف وأصعبها، وبقيت منبراً للمشروع الوطني الديمقراطي المستقل الملتزم بقضية الثورة والتحرير والتغيير. وكانت على الدوام منبراً للأحرار الشرفاء ولقضايا تحرر الشعوب من الجزائر إلى الكونغو ومن أميركا اللاتينية إلى جنوب شرقي أسيا، ومن موقعها كجريدة للمقاومة الوطنية اللبنانية ولثورة شعب فلسطين إستطاعت أن تطلق حملات عربية وعالمية من أجل قضايا التحرير والاستقلال والتحرر. </p> <p dir="RTL">بقيت "النداء" تواجه وتقاوم، لتبقى للكلمة الحرة دورها وفعلها، وسعت إلى أن تكون رأس حربة الكلمة الوطنية في المعركة، وعملت لكي تكون الناطقة بأسم جميع القوى السياسية والاجتماعية التي تريد لهذه المعركة أن تنتصر، لإنهم راهنوا بمصيرهم عليها، وبذلوا كل التضحيات من أجلها. نجحت النداء حيناً وأخفقت حيناً آخر، لكنها لم تنكسر يوماً أمام التحديات المفروضة عليها، أو تنسحب من الرهان على دورها ووظيفتها في كل المعارك على أشكالها. </p> <p dir="RTL">فالصحافة بالنسبة لجريدة "النداء" الصادرة عام 1959، كما أخواتها الأكبر من صحف ومجلات صادرة عن الحزب الشيوعي اللبناني (الإنسانية، صوت العمال، الدهور، الطليعة، جريدة صوت الشعب، دورباروس، الطريق، الثقافة الوطنية، الصرخة، الاخبار، إذاعة صوت الشعب..)، هي قضية أولاً قبل أن تكون مهنة. قضية أن تكون مع الناس وللناس، وأن تقف إلى جانب مصالحهم من دون مواربة أو مساومة، قضية أن الحقيقة للجماهير، ولو كانت مكلفة. قضية أن تدافع أبداً عن الحرية والديمقراطية اللتين هما بمثابة حياة للفكر والصحافة والإبداع، وحياة كل شيء.</p> <p dir="RTL">لم نحشر أنفسنا يوماً في عداد المنافسين مع الآخرين على شكل الصحيفة أو المجلة في سوق الإعلام المتوسع والمكلف، وأحياناً المبهر، في نوعية الورق ولمعانه، أو في غلافاته وألوانه البراقة. نحن بكل تواضع كنا دائماً في حقل المنافسة على مضمون الكلمة والموقف والإنتماء، نزرع خيار أمل العمال والفقراء في حقل النضال الوطني من أجل التحرر الاجتماعي والسياسي، إلى جانب الصحف الوطنية التي تشبهنا في حمل وزر القضية والمعركة.</p> <p dir="RTL">لكن هذا لا يعفينا من أن نكون على مستوى التحديات التي قامت "النداء" من أجلها، طالما المعركة مستمرة، يعني أنه لزاماً علينا أن نبحث دائماً رغم الظروف السياسية والمادية القاسية عن إستمرارية إصدار النداء وتحسينها وتحويلها إلى مجلة إسبوعية وهي مهمة مطروحة منذ فترة، وعلى الشيوعيين في مؤتمرهم الوطني الـ11 حسم هذا الخيار، ودعمها بكافة الوسائل الممكنة مادياً ومعنوياً، لتبقى "النداء" صخرة الكلمة تساهم في نقل صورة المعركة النضالية الوطنية والطبقية لحزبنا ولقوى اليسار والديمقراطية والتحرر الوطني العربية.</p> <p dir="RTL">في عيد "النداء" السابع والخمسين لا نملك سوى التأكيد على قضية الحرية والديمقراطية، لن نهادن حولهما، ولن نسكت عن إعتداء يلحق بالصحافة، أو إرهاب فكري يطالها. هي قضية تأخذ أبعادها الكبرى في هذه المرحلة بالذات، مرحلة مواجهة مشروع الشرق الأوسط الامبريالي والصهيوني الجديد في المنطقة، وإرهابه الأصولي المنتشر، ومرحلة الفراغ والتفكك الداخلي الكبير. هي مرحلة تتطلب التمسك بالحرية والديمقراطية لكي تتمكن الصحافة الوطنية التي دفعت إثماناً باهظة لذلك، أن تلعب الدور المطلوب منها وأن تكون سلاحاً فعالاً في معركة المصير الوطني، سلاحاً قادراً على خوض معركة الجماهير الشعبية، وفضح نهج البرجوازية اللبنانية التابعة، ومحاصصاتها الطائفية وفسادها ومتاجرتها بقضايا الوطن والشعب، وعلى أن تكون مرآة للحقيقة الثورية المعبرة عن مصالح كل الفئات الشعبية المسحوقة، وعن طموحاتهم وأحلامهم في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية.</p> <p dir="RTL">فحرية الصحافة لا تستجدى، والديمقراطية لا تمارس بفرمان.. انهما جزء من أهداف المعركة الوطنية الحقيقية التي نكسبها بالنضال.</p> <p dir="RTL" align="center">*****</p> <p dir="RTL">لم نكن لنكتب هذه الكلمات البسيطة، لو لم يكن هناك ستة أجيال سبقتنا في إصدار جريدة النداء، كافحوا، ناضلوا، على درب هذا الخيار الثوري. يصعب تعدادهم كلهم، منهم من غادرنا بصمت، ومنهم من أستشهد على درب قضية الفكر والكلمة والمقاومة الوطنية، بعضهم إغتالته رصاصات الجهل الظلامي الحاقد، وبعضهم غدرته رصاصات الفتن الطائفية العمياء، وبعضهم دفع دمه ثمناً لشجاعة ندر وجودها تلبية لمهمة الصحافة الثورية.. جميعهم، شهداء كبار، نكبر بهم. </p> <p dir="RTL"> لهم حق علينا وواجب، هم سقطوا لنبقى نحن رافعين شعلة النضال التي سنورثها للأجيال القادمة حتماً. </p> <p dir="RTL">قافلة طويلة تضيق بها مساحة العدد، أعذرونا لذكر البعض، من فرج الله الحلو ونقولا الشاوي وجورج حاوي إلى رئيف خوري والياس البواري وأرتين ماديان وخليل الدبس والياس الهبر وكرنيك عطاريان ومحمد عيتاني ومحمد خطاب وصولاً إلى حسين مروة ومهدي عامل وعزيز صليبا ومحمد دكروب.. ومئات غيرهم.</p> <p dir="RTL">أما في مناسبة عيد "النداء" لا يمكن إلا أن ننقل من صفحات القلب إلى هذه الصفحة، أسماء شهداء النداء قاسم الحجيري 1982، جهاد رزق 1983، بهيج جمعة (أبوعلي) 1983، خليل نعوس 1986، سهيل طويلة 1986، جهاد شيا 1987.</p> <p>وخير ما تعد به "النداء" أن تكون على مستوى التحدي، لتكون فعلاً مجلة كل إنسان، ومجلة القضية الوطنية والقومية والإنسانية لغد تحرري مشرق. </p>
Image: سمير دياب.jpg
Title: مع الحقيقة: سمير دياب النداء في عيدها الـ 57 .. مستمرون
Content: <p dir="RTL">في 21 كانون الثاني تحتفل "النداء" بسبعة وخمسين عاماً من النضال في حقل نشر الكلمة الحرة. ولدت لحاجة وجود جريدة سياسية ملتزمة قضايا الوطن والشعب. جريدة تخوض بمواقفها الثورية صراعاً وطنياً ضد الاستعمار الإمبريالي وأحلافه العداونية وضد الرجعية العربية.. وصراعاً طبقياً وأيديولوجياً في سبيل النهوض بحركة التحرر الوطني العربية. </p> <p dir="RTL">وقفت "النداء" صامدة وشامخة، في أحلك الظروف وأصعبها، وبقيت منبراً للمشروع الوطني الديمقراطي المستقل الملتزم بقضية الثورة والتحرير والتغيير. وكانت على الدوام منبراً للأحرار الشرفاء ولقضايا تحرر الشعوب من الجزائر إلى الكونغو ومن أميركا اللاتينية إلى جنوب شرقي أسيا، ومن موقعها كجريدة للمقاومة الوطنية اللبنانية ولثورة شعب فلسطين إستطاعت أن تطلق حملات عربية وعالمية من أجل قضايا التحرير والاستقلال والتحرر. </p> <p dir="RTL">بقيت "النداء" تواجه وتقاوم، لتبقى للكلمة الحرة دورها وفعلها، وسعت إلى أن تكون رأس حربة الكلمة الوطنية في المعركة، وعملت لكي تكون الناطقة بأسم جميع القوى السياسية والاجتماعية التي تريد لهذه المعركة أن تنتصر، لإنهم راهنوا بمصيرهم عليها، وبذلوا كل التضحيات من أجلها. نجحت النداء حيناً وأخفقت حيناً آخر، لكنها لم تنكسر يوماً أمام التحديات المفروضة عليها، أو تنسحب من الرهان على دورها ووظيفتها في كل المعارك على أشكالها. </p> <p dir="RTL">فالصحافة بالنسبة لجريدة "النداء" الصادرة عام 1959، كما أخواتها الأكبر من صحف ومجلات صادرة عن الحزب الشيوعي اللبناني (الإنسانية، صوت العمال، الدهور، الطليعة، جريدة صوت الشعب، دورباروس، الطريق، الثقافة الوطنية، الصرخة، الاخبار، إذاعة صوت الشعب..)، هي قضية أولاً قبل أن تكون مهنة. قضية أن تكون مع الناس وللناس، وأن تقف إلى جانب مصالحهم من دون مواربة أو مساومة، قضية أن الحقيقة للجماهير، ولو كانت مكلفة. قضية أن تدافع أبداً عن الحرية والديمقراطية اللتين هما بمثابة حياة للفكر والصحافة والإبداع، وحياة كل شيء.</p> <p dir="RTL">لم نحشر أنفسنا يوماً في عداد المنافسين مع الآخرين على شكل الصحيفة أو المجلة في سوق الإعلام المتوسع والمكلف، وأحياناً المبهر، في نوعية الورق ولمعانه، أو في غلافاته وألوانه البراقة. نحن بكل تواضع كنا دائماً في حقل المنافسة على مضمون الكلمة والموقف والإنتماء، نزرع خيار أمل العمال والفقراء في حقل النضال الوطني من أجل التحرر الاجتماعي والسياسي، إلى جانب الصحف الوطنية التي تشبهنا في حمل وزر القضية والمعركة.</p> <p dir="RTL">لكن هذا لا يعفينا من أن نكون على مستوى التحديات التي قامت "النداء" من أجلها، طالما المعركة مستمرة، يعني أنه لزاماً علينا أن نبحث دائماً رغم الظروف السياسية والمادية القاسية عن إستمرارية إصدار النداء وتحسينها وتحويلها إلى مجلة إسبوعية وهي مهمة مطروحة منذ فترة، وعلى الشيوعيين في مؤتمرهم الوطني الـ11 حسم هذا الخيار، ودعمها بكافة الوسائل الممكنة مادياً ومعنوياً، لتبقى "النداء" صخرة الكلمة تساهم في نقل صورة المعركة النضالية الوطنية والطبقية لحزبنا ولقوى اليسار والديمقراطية والتحرر الوطني العربية.</p> <p dir="RTL">في عيد "النداء" السابع والخمسين لا نملك سوى التأكيد على قضية الحرية والديمقراطية، لن نهادن حولهما، ولن نسكت عن إعتداء يلحق بالصحافة، أو إرهاب فكري يطالها. هي قضية تأخذ أبعادها الكبرى في هذه المرحلة بالذات، مرحلة مواجهة مشروع الشرق الأوسط الامبريالي والصهيوني الجديد في المنطقة، وإرهابه الأصولي المنتشر، ومرحلة الفراغ والتفكك الداخلي الكبير. هي مرحلة تتطلب التمسك بالحرية والديمقراطية لكي تتمكن الصحافة الوطنية التي دفعت إثماناً باهظة لذلك، أن تلعب الدور المطلوب منها وأن تكون سلاحاً فعالاً في معركة المصير الوطني، سلاحاً قادراً على خوض معركة الجماهير الشعبية، وفضح نهج البرجوازية اللبنانية التابعة، ومحاصصاتها الطائفية وفسادها ومتاجرتها بقضايا الوطن والشعب، وعلى أن تكون مرآة للحقيقة الثورية المعبرة عن مصالح كل الفئات الشعبية المسحوقة، وعن طموحاتهم وأحلامهم في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية.</p> <p dir="RTL">فحرية الصحافة لا تستجدى، والديمقراطية لا تمارس بفرمان.. انهما جزء من أهداف المعركة الوطنية الحقيقية التي نكسبها بالنضال.</p> <p dir="RTL" align="center">*****</p> <p dir="RTL">لم نكن لنكتب هذه الكلمات البسيطة، لو لم يكن هناك ستة أجيال سبقتنا في إصدار جريدة النداء، كافحوا، ناضلوا، على درب هذا الخيار الثوري. يصعب تعدادهم كلهم، منهم من غادرنا بصمت، ومنهم من أستشهد على درب قضية الفكر والكلمة والمقاومة الوطنية، بعضهم إغتالته رصاصات الجهل الظلامي الحاقد، وبعضهم غدرته رصاصات الفتن الطائفية العمياء، وبعضهم دفع دمه ثمناً لشجاعة ندر وجودها تلبية لمهمة الصحافة الثورية.. جميعهم، شهداء كبار، نكبر بهم. </p> <p dir="RTL"> لهم حق علينا وواجب، هم سقطوا لنبقى نحن رافعين شعلة النضال التي سنورثها للأجيال القادمة حتماً. </p> <p dir="RTL">قافلة طويلة تضيق بها مساحة العدد، أعذرونا لذكر البعض، من فرج الله الحلو ونقولا الشاوي وجورج حاوي إلى رئيف خوري والياس البواري وأرتين ماديان وخليل الدبس والياس الهبر وكرنيك عطاريان ومحمد عيتاني ومحمد خطاب وصولاً إلى حسين مروة ومهدي عامل وعزيز صليبا ومحمد دكروب.. ومئات غيرهم.</p> <p dir="RTL">أما في مناسبة عيد "النداء" لا يمكن إلا أن ننقل من صفحات القلب إلى هذه الصفحة، أسماء شهداء النداء قاسم الحجيري 1982، جهاد رزق 1983، بهيج جمعة (أبوعلي) 1983، خليل نعوس 1986، سهيل طويلة 1986، جهاد شيا 1987.</p> <p>وخير ما تعد به "النداء" أن تكون على مستوى التحدي، لتكون فعلاً مجلة كل إنسان، ومجلة القضية الوطنية والقومية والإنسانية لغد تحرري مشرق. </p>
Image: سمير دياب.jpg
ID:
638
Title: بعض الذكريات حلوة... رغم مرارتها - محمد عبدو
Content: <p dir="RTL">كان ذلك في بداية العام 1959، وتحديداً في 21 كانون الثاني عندما صدر العدد الأول من جريدة "النداء"، بعد حملة تبرعات قامت بها المنظمات الحزبية وبخاصة الشبابية والعمالية.</p> <p dir="RTL">جاء هذا الصدور بعد عام 58 الذي انتهى بإسقاط حلم حكم شمعون – مالك، وانتخاب فؤاد شهاب بعده رئيساً للجمهورية – أي إسقاط مشروع "أيزنهاور"، ومحاولات جر لبنان إلى الأحلاف العسكرية الأميركية وبعد استدعاء الأسطول السادس الأميركي من قِبل شمعون وإنزاله على شواطئ خلدة في لبنان.</p> <p dir="RTL">جاء صدور الجريدة بعد أقل من عام على نجاح ثورة 14 تموز في العراق، وإسقاط الملكية فيه. كانت المنطقة تعج بالثورات، منها قيام الوحدة بين مصر وسوريا. وقبل ذلك وفي عام 58 كانت قد شهدت على الصعيد المحلي اغتيال الشهيد نسيب <strong>المتني</strong> (أيار 58) صاحب جريدة "التلغراف" التي كانت المنبر الأساسي في الحرب ضد شمعون وطغيانه ورغبته في التجديد.</p> <p dir="RTL">في تلك السنة، من صدور النداء، كنت تلميذاً في ثانوية الطريق الجديدة الرسمية، حيث لم يكن في بيروت آنذاك سوى ثلاث ثانويات رسمية إلى جانب "ثانوية فرن الشباك"، و"ثانوية رمل الظريف". وكنا عشرات المتعاطفين مع جريدة "النداء" وحزبها نقرأها كل يوم، لنعرف طريقنا إلى المستقبل المضيء، وكنا من مختلف المناطق اللبنانية، وخاصة الجبل والجنوب والبقاع.</p> <p dir="RTL">كان نشاط الجريدة، ومتفردة أحياناً كثيرة، مرتكز على مقارعة وفضح المشاريع الاستعمارية الأميركية، والاعتداءات الإسرائيلية، ومحاربة الاحتكار الداخلي في سبيل لقمة العيش والديمقراطية الحقة.</p> <p dir="RTL">في تلك الأيام امتدت أصابع القمع والإجرام لتطال الوطنيين في الجمهورية العربية المتحدة (وخاصة في سوريا) حيث تم قتل أحد المعلمين (<span style="text-decoration: underline;">سعيد الدروبي</span>) في سجون حمص وطلبت منا "النداء" تأمين عريضة استنكار تمثل هذه الجريمة.</p> <p dir="RTL">إدارة المدرسة تراقبنا وتلاحقنا، واستطاعت بواسطة عملائها، من بعض الطلبة، أن تصل إلى معرفة حقيقة العريضة، وكان الرفاق قد تداركوا الأمر خوفاً من قمع الإدارة، وقاموا بإخفاء العريضة والتقيد بتعليمات القيادة... فمنهم من اختفى، ومنهم من علق بالفخ... وكنت في عداد الفئة الثانية، حيث استدعاني المدير بواسطة النظارة والحاجب، وأصر على معرفة ما إذا كانت العريضة مخبأة معي. بعد أن طرح علي عدد من الأسئلة الخطية، وهي تدور حول: مضمون العريضة؟ من وقعها؟ هل تنتمي إلى حزب معين؟... وغيرها من الأسئلة. ولما لم يصل المدير إلى نتيجة أمر الحاجب بتنبيشي وعندما وصل إلى جيوبي وجد في أحدها جريدة "النداء". فطرحها على الطاولة أمام المدير الذي صرخ بعد أن بدت على وجهه علامات النصر قائلاً: هذا مستمسك جديد! هذا دليل على تورطكم في نشاطات هدامة! تخريب جو المدرسة من الداخل...! الجريدة تؤكد تورطكم في النشاط التخريبي في المدرسة. أنها أخطر من العريضة... أنها إدانة لك ولزملائك.</p> <p dir="RTL">وكانت "النداء" المأخذ الرئيسي لاتخاذ قرار بطردي من الثانوية. <span style="text-decoration: underline;">شرط إكمال تلك السنة الدراسية لألتحق بعدها في السنة التي تلتها بثانوية فرن الشباك الرسمية، التي لم تكن فيها الأجواء أكثر "ديمقراطية" من أجواء ثانوية الطريق الجديدة.</span></p> <p dir="RTL">في فرن الشباك كنا بناءً لتعليمات "النداء" والحزب، من ورائها وأمامها، نقوم بتوقيع عريضة نطالب فيها بإلغاء زيارات الأسطول السادس الأميركي للشواطئ والمرافئ اللبنانية. وقد نشرت بعض الصحف مضمون هذه العريضة، والتي أثارت زملاءنا من الطلاب الكتائب المسيطرين على أجواء الثانوية، وبعض إداراتها، وكانت النتيجة معركة بالزجاجات الفارغة في قلب ملعب المدرسة أدى إلى وقوع عدد من الجرحى في صفوف الطرفين.</p> <p dir="RTL">بعد هذه الهمروجة جاء دور المطابع حيث قامت المخابرات بإلقاء الديناميت على مطابع "النداء"، مما دفعنا نحن الطلاب ومعنا العمال إلى تأمين الحراسة الليلية للجريدة، ومطابعها، في الصيفي قرب بيت الكتائب.</p> <p>في مثل هذه الأجواء ترعرعت في"النداء". أنها ذكريات مؤلمة ولكنها <span style="text-decoration: underline;">تبعث</span> على الفرح (لواحد مثلي) لأن الجريدة مستمرة في الصدور، وإن بشكل <span style="text-decoration: underline;">يبعث</span> على المرارة (نصف شهرية) بدلاً من يومية. وصدورها وصمودها يؤكد مقولة شهيدنا الكبير مهدي عامل (حسن حمدان)... ما دامت الجريدة تصدر أي تقاوم فأنك لم ولن تهزم (لست مهزوماً ما دمت تقاوم)</p>
Image: 281.jpg
Title: بعض الذكريات حلوة... رغم مرارتها - محمد عبدو
Content: <p dir="RTL">كان ذلك في بداية العام 1959، وتحديداً في 21 كانون الثاني عندما صدر العدد الأول من جريدة "النداء"، بعد حملة تبرعات قامت بها المنظمات الحزبية وبخاصة الشبابية والعمالية.</p> <p dir="RTL">جاء هذا الصدور بعد عام 58 الذي انتهى بإسقاط حلم حكم شمعون – مالك، وانتخاب فؤاد شهاب بعده رئيساً للجمهورية – أي إسقاط مشروع "أيزنهاور"، ومحاولات جر لبنان إلى الأحلاف العسكرية الأميركية وبعد استدعاء الأسطول السادس الأميركي من قِبل شمعون وإنزاله على شواطئ خلدة في لبنان.</p> <p dir="RTL">جاء صدور الجريدة بعد أقل من عام على نجاح ثورة 14 تموز في العراق، وإسقاط الملكية فيه. كانت المنطقة تعج بالثورات، منها قيام الوحدة بين مصر وسوريا. وقبل ذلك وفي عام 58 كانت قد شهدت على الصعيد المحلي اغتيال الشهيد نسيب <strong>المتني</strong> (أيار 58) صاحب جريدة "التلغراف" التي كانت المنبر الأساسي في الحرب ضد شمعون وطغيانه ورغبته في التجديد.</p> <p dir="RTL">في تلك السنة، من صدور النداء، كنت تلميذاً في ثانوية الطريق الجديدة الرسمية، حيث لم يكن في بيروت آنذاك سوى ثلاث ثانويات رسمية إلى جانب "ثانوية فرن الشباك"، و"ثانوية رمل الظريف". وكنا عشرات المتعاطفين مع جريدة "النداء" وحزبها نقرأها كل يوم، لنعرف طريقنا إلى المستقبل المضيء، وكنا من مختلف المناطق اللبنانية، وخاصة الجبل والجنوب والبقاع.</p> <p dir="RTL">كان نشاط الجريدة، ومتفردة أحياناً كثيرة، مرتكز على مقارعة وفضح المشاريع الاستعمارية الأميركية، والاعتداءات الإسرائيلية، ومحاربة الاحتكار الداخلي في سبيل لقمة العيش والديمقراطية الحقة.</p> <p dir="RTL">في تلك الأيام امتدت أصابع القمع والإجرام لتطال الوطنيين في الجمهورية العربية المتحدة (وخاصة في سوريا) حيث تم قتل أحد المعلمين (<span style="text-decoration: underline;">سعيد الدروبي</span>) في سجون حمص وطلبت منا "النداء" تأمين عريضة استنكار تمثل هذه الجريمة.</p> <p dir="RTL">إدارة المدرسة تراقبنا وتلاحقنا، واستطاعت بواسطة عملائها، من بعض الطلبة، أن تصل إلى معرفة حقيقة العريضة، وكان الرفاق قد تداركوا الأمر خوفاً من قمع الإدارة، وقاموا بإخفاء العريضة والتقيد بتعليمات القيادة... فمنهم من اختفى، ومنهم من علق بالفخ... وكنت في عداد الفئة الثانية، حيث استدعاني المدير بواسطة النظارة والحاجب، وأصر على معرفة ما إذا كانت العريضة مخبأة معي. بعد أن طرح علي عدد من الأسئلة الخطية، وهي تدور حول: مضمون العريضة؟ من وقعها؟ هل تنتمي إلى حزب معين؟... وغيرها من الأسئلة. ولما لم يصل المدير إلى نتيجة أمر الحاجب بتنبيشي وعندما وصل إلى جيوبي وجد في أحدها جريدة "النداء". فطرحها على الطاولة أمام المدير الذي صرخ بعد أن بدت على وجهه علامات النصر قائلاً: هذا مستمسك جديد! هذا دليل على تورطكم في نشاطات هدامة! تخريب جو المدرسة من الداخل...! الجريدة تؤكد تورطكم في النشاط التخريبي في المدرسة. أنها أخطر من العريضة... أنها إدانة لك ولزملائك.</p> <p dir="RTL">وكانت "النداء" المأخذ الرئيسي لاتخاذ قرار بطردي من الثانوية. <span style="text-decoration: underline;">شرط إكمال تلك السنة الدراسية لألتحق بعدها في السنة التي تلتها بثانوية فرن الشباك الرسمية، التي لم تكن فيها الأجواء أكثر "ديمقراطية" من أجواء ثانوية الطريق الجديدة.</span></p> <p dir="RTL">في فرن الشباك كنا بناءً لتعليمات "النداء" والحزب، من ورائها وأمامها، نقوم بتوقيع عريضة نطالب فيها بإلغاء زيارات الأسطول السادس الأميركي للشواطئ والمرافئ اللبنانية. وقد نشرت بعض الصحف مضمون هذه العريضة، والتي أثارت زملاءنا من الطلاب الكتائب المسيطرين على أجواء الثانوية، وبعض إداراتها، وكانت النتيجة معركة بالزجاجات الفارغة في قلب ملعب المدرسة أدى إلى وقوع عدد من الجرحى في صفوف الطرفين.</p> <p dir="RTL">بعد هذه الهمروجة جاء دور المطابع حيث قامت المخابرات بإلقاء الديناميت على مطابع "النداء"، مما دفعنا نحن الطلاب ومعنا العمال إلى تأمين الحراسة الليلية للجريدة، ومطابعها، في الصيفي قرب بيت الكتائب.</p> <p>في مثل هذه الأجواء ترعرعت في"النداء". أنها ذكريات مؤلمة ولكنها <span style="text-decoration: underline;">تبعث</span> على الفرح (لواحد مثلي) لأن الجريدة مستمرة في الصدور، وإن بشكل <span style="text-decoration: underline;">يبعث</span> على المرارة (نصف شهرية) بدلاً من يومية. وصدورها وصمودها يؤكد مقولة شهيدنا الكبير مهدي عامل (حسن حمدان)... ما دامت الجريدة تصدر أي تقاوم فأنك لم ولن تهزم (لست مهزوماً ما دمت تقاوم)</p>
Image: 281.jpg
ID:
639
Title: الحدث: مصطفى العاملي - جعجع رد الطعنة للحريري بمثلها والاستحقاق الرئاسي مُجمّد حتى إشعار آخر
Content: <p dir="RTL">أما وقد كسر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، السائد في الأعراف السياسية في البلد، ورشح خصمه الرئيسي العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فإنه ليس فقط زاد في خلط التحالفات القائمة منذ العام 2005، بل أيضاً أحدث صدمة لدى جميع القوى المعنية بهذا الملف وجعلها تعيد النظر في حساباتها التي اختلط فيها العامل السياسي بالعامل الشخصي، وهو ساهم الى حد بعيد في ترّوي الكتل النيابية الرئيسية في تحديد موقفها من هذا التطور، رغم أن بعضها يجاهر منذ ما قبل الفراغ الرئاسي بأن مرشحه هو العماد ميشال عون، ولكن بعد أن جاء هذا الترشيح من قبل جعجع ووفق البيان الذي أذيع في معراب فإن المسألة اختلفت أو أنها باتت تتطلب المزيد من الدراسة والتمحيص حول الأسباب والأهداف والمعطيات.</p> <p dir="RTL">لا يختلف اثنان على أن خطوة جعجع جريئة، وإن جاءت رداً على مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية، وهو في الحسابات اللبنانية استطاع تسجيل سلسلة نقاط مستقبلية لصالحه، وإن كانت هذه الصدمة التي خربت الوسط السياسي يمكن أن تحرك الملف الرئاسي وتعطيه دينامية أكبر، ولكنها لا تعني مطلقاً أنها عبدّت الطريق أمام وصول الـ "الجنرال" الى قصر بعبدا، فالمطبات الداخلية ما زالت كثيرة والظروف الإقليمية والدَّولية التي يحاول البعض التقليل من تأثيرها ليست مناسبة في هذه الفترة لانجاز هذا الاستحقاق في وقت قريب.</p> <p dir="RTL">وهناك من يعتقد أن "مبادرة معراب" زادت الأمور تعقيداً لا سيما بعد أن أعلن فرنجية مضيه في الترشح للرئاسة، مع ما يعني ذلك من التزام الذين رشحوه أو دعموا هذا الترشيح الاستمرار في تأييده، وهؤلاء يشكلون أغلبية نيابية ولكنها غير قادرة على تأمين النصاب القانوني لانعقاد الجلسة النيابية، وكذلك الأمر بالنسبة لمؤيدي العماد عون وبالتالي فإن الأزمة الرئاسية مستمرة، ما لم تطرأ تبدلات من شأنها إحداث تغييرات جدّية في مواقف القوى السياسية، وهذا لا يلوح في الأفق حتى الآن، فالاصطفافات الانتخابية باتت واضحة والمعادلة هي هي، ليست لدى أي فريق القدرة على ايصال مرشحه.</p> <p dir="RTL">لذلك، يمكن القول إن جعجع استطاع أن يسلف عون، شكلياً، من دون رصيد عملي، طالما ليس بالإمكان تجييره للوصول الى قصر بعبدا، في حين أن رئيس القوات بدا مترفعاً عن الكرسي وظنيناً بالموقع وبوحدة المجتمع الذي يسعى الى تمثيله.. ويمكن القول وراثته وتنصيب نفسه زعيماً لطائفته فضلاً عن تكريس نفسه صانعاً للرؤساء، مع صك براءة عن تاريخه الإجرامي الأسود الذي لم تتمكن سنوات السجن من شطبه أو نزعه من ذاكرة اللبنانيين.</p> <p dir="RTL">فضلاً عن أن هذه الخطوة التي أقدم عليها جعجع جاءت بعد أن فقد كل أمل له في الوصول الى رئاسة الجمهورية، وذلك بعد أن تخلى عنه حليفه الأساسي في قوى الرابع عشر من آذار سعد الحريري وسارع الى ترشيح خصمه الشخصي سليمان فرنجية، وحتى من دون التشاور والتنسيق معه، وهو ما اعتبره طعنة في الظهر فسارع للرد عليها وبالطريقة نفسها، رغم أن قوى داخلية وخارجية عملت على خط تقريب وجهات النظر بينهما إلا أنها باءت بالفشل، إذ أن جعجع وجد الفرصة سانحة لنزع التهمة عنه بأنه يلتزم بتوجيهات الحريري وأنه متواطىء مع رئيس تيار المستقبل على عدم إقرار قانون للانتخابات النيابية يؤمن المناصفة الحقيقية.</p> <p dir="RTL">في أي حال ولدى انتهاء الاحتفال في معراب بترشيح عون، بدأت الماكينات الانتخابية تعمل ومعها التساؤلات حول الأصوات التي يمكن أن ينالها كل من عون وفرنجية في حال وصلت الأمور الى حد خوض معركة انتخابية بين الرجلين، وهل أن الجنرال يمكن أن يفرض نفسه لمثل هذه المنافسة بعد أن كان يشترط التوافق الوطني شبه الشامل على شخصه؟ ثم ماذا عن موقف حزب الله الذي ما زال يلتزم الصمت منذ ترشيح الحريري لفرنجية ولم يعلق حتى الآن على ترشيح عون، والاثنين حليفين له، ثم ماذا عن الرئيس نبيه بري وإدارته اللعبة الانتخابية؟ والنائب وليد جنبلاط الذي لم يتخلَ حتى الآن عن ترشيح النائب حلو؟ وأيضاً أين سيقف حزب الكتائب الذي يعتبر أن ما يحصل هو تجاهل مقصود لدوره ومحاولة لاستهدافه من خلال هذا التحالف المستجد بين التيار الوطني الحر والقوات الذي لن يقتصر على الملف الرئاسي، بل سيتعداه الى الانتخابات النيابية والبلدية، وهناك من يؤكد أن خيوط التحالفات الانتخابية بينهما بدأت تنسج بهدوء.</p> <p dir="RTL">وفي ظل "البوانتاجات" الانتخابية فإنها لم تصل حتى الآن الى تقديرات دقيقة حول الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها المرشحان المتنافسان نتيجة الغموض في مواقف بعض الكتل، وتستبعد مصادر سياسية متابعة أن تكون جلسة مجلس النواب التي دعا اليها الرئيس بري في الثامن من شباط المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية مختلفة كثيراً عن سابقاتها، وتتوقع أن يتكرر سيناريو المقاطعة طالما أن الاتصالات واللقاءات التي ستتكثف خلال الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة لم تفضِ الى توافق على مرشح واحد مع استبعاد حقيقي لفرضية خوض معركة رئاسية.</p> <p dir="RTL">ولهذه الأسباب تعتبر هذه المصادر أن لبننة هذا الاستحقاق صعبة للغاية، إن لم نقل مستحيلة، وان القفز فوق العوامل والظروف الإقليمية والدَّولية وتأثيرها على الوضع اللبناني بمندرجاته كافة فيه الكثير من المراهقة السياسية، وخصوصاً أن القوى السياسية المحلية مرتبطة بالمحاور الإقليمية المتصارعة، وبالتالي من الصعب فصل الملف الرئاسي عن الأزمة المتفاقمة بين إيران والسعودية، بعد أن كان الرهان حتى الأمس القريب، منصباً على إمكانية تحسن العلاقات بين البلدين، لايجاد مخرج من الأزمة التي يتخبط فيها لبنان ولا تقتصر على الفراغ الرئاسي بل الشلل في مؤسسات الدولة كافة، وهناك من يراهن اليوم أن يجد الموضوع الرئاسي في لبنان طريقه الى الملفات التي ستبحث في القمة بين الرئيسين الفرنسي، فرانسوا هولاند، والإيراني حسن روحاني، التي ستعقد أواخر الشهر الحالي في باريس.</p> <p dir="RTL">ثم كيف يمكن أن تجد الأزمة اللبنانية طريقها الى المعالجة في ظل التطورات في سوريا، حيث تأجل المؤتمر الدولي الذي كان يجري الإعداد له في الخامس والعشرين من الشهر الحالي وأفسح المجال لتقول المستجدات العسكرية على الأرض كلمتها وعندها يمكن البحث في التسوية السياسية ليس لسوريا وحدها بل للدول التي تشهد أزمات في المنطقة، مثل العراق وليبيا واليمن... وعندها يمكن أن تصل الى لبنان "طرطوشة" وقبل ذلك ستبقى الأمور تراوح مكانها مع بعض "المفاجآت" التي تدخل في سياق المماحكات والكيديات السياسية اللبنانية التي أوصلت البلد الى هذا المستوى من التردي على مختلف المستويات.</p> <p dir="RTL">واستناداً الى هذه المعطيات التي تستبعد حسم الملف الرئاسي، فإن هناك اتصالات من نوع آخر تجري بين القوى السلطوية، وتتركز على البحث في السبل الكفيلة بتفعيل عمل الحكومة ذلك أن الاستمرار في التعطيل من شأنه أن يوقف المشاريع والصفقات التي تدر عليهم الأرباح وبالتالي لا بد من تحريكها لا حرصاً على مصالح المواطنين وسعياً لتحقيق مطالبهم المحقة وما أكثرها.</p> <p dir="RTL">وفي هذا السياق أفادت مصادر متابعة أن مساعي تبذل على أكثر من صعيد لتأمين عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، من أجل البت في موضوع التعيينات في المجلس العسكري، لتكون المدخل الى تحريك العمل الحكومي ولو بالحد الأدنى، طالما أن الدول القريبة والبعيدة لا تضع لبنان في سلم أولوياتها في هذه المرحلة، وبالتالي لا بد من حركة داخلية توقف الانهيار الحاصل وخصوصاً أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيرتب مخاطر كبيرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فالأرقام الاقتصادية المرتبطة بالدين العام والنمو والدخل الوطني تؤشر الى ضرورة وقف حالة الهريان التي تضرب الاقتصاد الوطني قبل أن تقع الكارثة.</p> <p dir="RTL">وما يقال على هذا الصعيد، لا يمكن أن يحجب المخاطر الأمنية التي يمكن أن تتأتى من قبل الجماعات الارهابية والخلايا النائمة التي يجري توقيف العديد من عناصرها، ولكن لا يمكن الاطمئنان طالما الحدود اللبنانية مع سوريا مفتوحة، وطالما هناك شبه تسليم لبناني بإبقاء بلدة عرسال الوطنية أسيرة داعش والنصرة، لقد باتت المطالبة بتعزيز الجيش والقوى الأمنية ضرورة وواجب وطني في ظل هذه الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة التي يتصدى لها الجيش في هذه المرحلة، فمن غير المنطقي ان تتوفر مئات ملايين الدولارات لترحيل النفايات على سبيل المثال، في ما الجيش ينتظر المساعدات والهبات المشروطة من هذه الدولة أو تلك وغالباً لا تصل، فضلاً عن الاحتقان الطائفي والمذهبي والانقسامات السياسية التي توفر التربة الصالحة لنمو الارهاب الذي يسعى لايجاد موطىء قدم له في لبنان وفرضه كأمر واقع، ويمكن أن يتحول في المستقبل الى مشروع إمارة حاول إقامتها سابقاً في شمال لبنان وفشل، وليس هناك ما يمنع تكرار المحاولة، وهناك اعترافات بهذا الشأن وخصوصاً أن مصير الجماعات الارهابية في السلسلة الشرقية مرتبط بما سيكون عليه وضعها في سوريا، مما يعني أن مخاطرها قائمة.</p> <p dir="RTL">ورغم كل هذه الأزمات التي يتخبط فيها لبنان، تصر قوة السلطة على اعتماد سياسة النعامة وتجاهل كل المشاكل والمخاطر والتركيز على كيفية توفير الظروف التي تساعد هذا النظام المولّد للأزمات للخروج من حالة الموت السريري التي هدفها الحفاظ على مواقعها وامتيازاتها الفئوية، وهذا ما يتأكد يوماً بعد يوم من خلال التصدي لأية خطوة تغييرية ولو على مستوى إقرار قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل.</p> <p dir="RTL">باختصار لم يعد باستطاعة لبنان أن يعيش في ظل هذا النمط القائم، مما يسقط أية فسحة أمل بغد أفضل، وخصوصاً أن قوى التغيير الحقيقية محاصرة بالاصطفافات الطائفية، وهذا ما برز جلياً خلال تجربة الحراك الشعبي، التي ما إن عبرت عن نفسها حتى اجتمعت قوى السلطة والمال لضربها، كما حصل من قبل مع هيئة التنسيق النقابية.</p> <p dir="RTL">وانطلاقاً من هذه الثابتة، يخطىء من يعتقد أن قوى النظام ضعيفة، وبالتالي فإن مهمة التصدي لها ومنعها من المضي في تدمير البلد وتهجير أبنائه لا تكون إلا بتوافق القوى الديمقراطية صاحبة المصلحة في التغيير، على خطة أو رؤية مستقبلية والابتعاد قدر الإمكان عن الحسابات الضيقة، وعدم الاختلاف على جلد الدب قبل اصطياده.</p>
Image: 281.jpg
Title: الحدث: مصطفى العاملي - جعجع رد الطعنة للحريري بمثلها والاستحقاق الرئاسي مُجمّد حتى إشعار آخر
Content: <p dir="RTL">أما وقد كسر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، السائد في الأعراف السياسية في البلد، ورشح خصمه الرئيسي العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فإنه ليس فقط زاد في خلط التحالفات القائمة منذ العام 2005، بل أيضاً أحدث صدمة لدى جميع القوى المعنية بهذا الملف وجعلها تعيد النظر في حساباتها التي اختلط فيها العامل السياسي بالعامل الشخصي، وهو ساهم الى حد بعيد في ترّوي الكتل النيابية الرئيسية في تحديد موقفها من هذا التطور، رغم أن بعضها يجاهر منذ ما قبل الفراغ الرئاسي بأن مرشحه هو العماد ميشال عون، ولكن بعد أن جاء هذا الترشيح من قبل جعجع ووفق البيان الذي أذيع في معراب فإن المسألة اختلفت أو أنها باتت تتطلب المزيد من الدراسة والتمحيص حول الأسباب والأهداف والمعطيات.</p> <p dir="RTL">لا يختلف اثنان على أن خطوة جعجع جريئة، وإن جاءت رداً على مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية، وهو في الحسابات اللبنانية استطاع تسجيل سلسلة نقاط مستقبلية لصالحه، وإن كانت هذه الصدمة التي خربت الوسط السياسي يمكن أن تحرك الملف الرئاسي وتعطيه دينامية أكبر، ولكنها لا تعني مطلقاً أنها عبدّت الطريق أمام وصول الـ "الجنرال" الى قصر بعبدا، فالمطبات الداخلية ما زالت كثيرة والظروف الإقليمية والدَّولية التي يحاول البعض التقليل من تأثيرها ليست مناسبة في هذه الفترة لانجاز هذا الاستحقاق في وقت قريب.</p> <p dir="RTL">وهناك من يعتقد أن "مبادرة معراب" زادت الأمور تعقيداً لا سيما بعد أن أعلن فرنجية مضيه في الترشح للرئاسة، مع ما يعني ذلك من التزام الذين رشحوه أو دعموا هذا الترشيح الاستمرار في تأييده، وهؤلاء يشكلون أغلبية نيابية ولكنها غير قادرة على تأمين النصاب القانوني لانعقاد الجلسة النيابية، وكذلك الأمر بالنسبة لمؤيدي العماد عون وبالتالي فإن الأزمة الرئاسية مستمرة، ما لم تطرأ تبدلات من شأنها إحداث تغييرات جدّية في مواقف القوى السياسية، وهذا لا يلوح في الأفق حتى الآن، فالاصطفافات الانتخابية باتت واضحة والمعادلة هي هي، ليست لدى أي فريق القدرة على ايصال مرشحه.</p> <p dir="RTL">لذلك، يمكن القول إن جعجع استطاع أن يسلف عون، شكلياً، من دون رصيد عملي، طالما ليس بالإمكان تجييره للوصول الى قصر بعبدا، في حين أن رئيس القوات بدا مترفعاً عن الكرسي وظنيناً بالموقع وبوحدة المجتمع الذي يسعى الى تمثيله.. ويمكن القول وراثته وتنصيب نفسه زعيماً لطائفته فضلاً عن تكريس نفسه صانعاً للرؤساء، مع صك براءة عن تاريخه الإجرامي الأسود الذي لم تتمكن سنوات السجن من شطبه أو نزعه من ذاكرة اللبنانيين.</p> <p dir="RTL">فضلاً عن أن هذه الخطوة التي أقدم عليها جعجع جاءت بعد أن فقد كل أمل له في الوصول الى رئاسة الجمهورية، وذلك بعد أن تخلى عنه حليفه الأساسي في قوى الرابع عشر من آذار سعد الحريري وسارع الى ترشيح خصمه الشخصي سليمان فرنجية، وحتى من دون التشاور والتنسيق معه، وهو ما اعتبره طعنة في الظهر فسارع للرد عليها وبالطريقة نفسها، رغم أن قوى داخلية وخارجية عملت على خط تقريب وجهات النظر بينهما إلا أنها باءت بالفشل، إذ أن جعجع وجد الفرصة سانحة لنزع التهمة عنه بأنه يلتزم بتوجيهات الحريري وأنه متواطىء مع رئيس تيار المستقبل على عدم إقرار قانون للانتخابات النيابية يؤمن المناصفة الحقيقية.</p> <p dir="RTL">في أي حال ولدى انتهاء الاحتفال في معراب بترشيح عون، بدأت الماكينات الانتخابية تعمل ومعها التساؤلات حول الأصوات التي يمكن أن ينالها كل من عون وفرنجية في حال وصلت الأمور الى حد خوض معركة انتخابية بين الرجلين، وهل أن الجنرال يمكن أن يفرض نفسه لمثل هذه المنافسة بعد أن كان يشترط التوافق الوطني شبه الشامل على شخصه؟ ثم ماذا عن موقف حزب الله الذي ما زال يلتزم الصمت منذ ترشيح الحريري لفرنجية ولم يعلق حتى الآن على ترشيح عون، والاثنين حليفين له، ثم ماذا عن الرئيس نبيه بري وإدارته اللعبة الانتخابية؟ والنائب وليد جنبلاط الذي لم يتخلَ حتى الآن عن ترشيح النائب حلو؟ وأيضاً أين سيقف حزب الكتائب الذي يعتبر أن ما يحصل هو تجاهل مقصود لدوره ومحاولة لاستهدافه من خلال هذا التحالف المستجد بين التيار الوطني الحر والقوات الذي لن يقتصر على الملف الرئاسي، بل سيتعداه الى الانتخابات النيابية والبلدية، وهناك من يؤكد أن خيوط التحالفات الانتخابية بينهما بدأت تنسج بهدوء.</p> <p dir="RTL">وفي ظل "البوانتاجات" الانتخابية فإنها لم تصل حتى الآن الى تقديرات دقيقة حول الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها المرشحان المتنافسان نتيجة الغموض في مواقف بعض الكتل، وتستبعد مصادر سياسية متابعة أن تكون جلسة مجلس النواب التي دعا اليها الرئيس بري في الثامن من شباط المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية مختلفة كثيراً عن سابقاتها، وتتوقع أن يتكرر سيناريو المقاطعة طالما أن الاتصالات واللقاءات التي ستتكثف خلال الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة لم تفضِ الى توافق على مرشح واحد مع استبعاد حقيقي لفرضية خوض معركة رئاسية.</p> <p dir="RTL">ولهذه الأسباب تعتبر هذه المصادر أن لبننة هذا الاستحقاق صعبة للغاية، إن لم نقل مستحيلة، وان القفز فوق العوامل والظروف الإقليمية والدَّولية وتأثيرها على الوضع اللبناني بمندرجاته كافة فيه الكثير من المراهقة السياسية، وخصوصاً أن القوى السياسية المحلية مرتبطة بالمحاور الإقليمية المتصارعة، وبالتالي من الصعب فصل الملف الرئاسي عن الأزمة المتفاقمة بين إيران والسعودية، بعد أن كان الرهان حتى الأمس القريب، منصباً على إمكانية تحسن العلاقات بين البلدين، لايجاد مخرج من الأزمة التي يتخبط فيها لبنان ولا تقتصر على الفراغ الرئاسي بل الشلل في مؤسسات الدولة كافة، وهناك من يراهن اليوم أن يجد الموضوع الرئاسي في لبنان طريقه الى الملفات التي ستبحث في القمة بين الرئيسين الفرنسي، فرانسوا هولاند، والإيراني حسن روحاني، التي ستعقد أواخر الشهر الحالي في باريس.</p> <p dir="RTL">ثم كيف يمكن أن تجد الأزمة اللبنانية طريقها الى المعالجة في ظل التطورات في سوريا، حيث تأجل المؤتمر الدولي الذي كان يجري الإعداد له في الخامس والعشرين من الشهر الحالي وأفسح المجال لتقول المستجدات العسكرية على الأرض كلمتها وعندها يمكن البحث في التسوية السياسية ليس لسوريا وحدها بل للدول التي تشهد أزمات في المنطقة، مثل العراق وليبيا واليمن... وعندها يمكن أن تصل الى لبنان "طرطوشة" وقبل ذلك ستبقى الأمور تراوح مكانها مع بعض "المفاجآت" التي تدخل في سياق المماحكات والكيديات السياسية اللبنانية التي أوصلت البلد الى هذا المستوى من التردي على مختلف المستويات.</p> <p dir="RTL">واستناداً الى هذه المعطيات التي تستبعد حسم الملف الرئاسي، فإن هناك اتصالات من نوع آخر تجري بين القوى السلطوية، وتتركز على البحث في السبل الكفيلة بتفعيل عمل الحكومة ذلك أن الاستمرار في التعطيل من شأنه أن يوقف المشاريع والصفقات التي تدر عليهم الأرباح وبالتالي لا بد من تحريكها لا حرصاً على مصالح المواطنين وسعياً لتحقيق مطالبهم المحقة وما أكثرها.</p> <p dir="RTL">وفي هذا السياق أفادت مصادر متابعة أن مساعي تبذل على أكثر من صعيد لتأمين عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، من أجل البت في موضوع التعيينات في المجلس العسكري، لتكون المدخل الى تحريك العمل الحكومي ولو بالحد الأدنى، طالما أن الدول القريبة والبعيدة لا تضع لبنان في سلم أولوياتها في هذه المرحلة، وبالتالي لا بد من حركة داخلية توقف الانهيار الحاصل وخصوصاً أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيرتب مخاطر كبيرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فالأرقام الاقتصادية المرتبطة بالدين العام والنمو والدخل الوطني تؤشر الى ضرورة وقف حالة الهريان التي تضرب الاقتصاد الوطني قبل أن تقع الكارثة.</p> <p dir="RTL">وما يقال على هذا الصعيد، لا يمكن أن يحجب المخاطر الأمنية التي يمكن أن تتأتى من قبل الجماعات الارهابية والخلايا النائمة التي يجري توقيف العديد من عناصرها، ولكن لا يمكن الاطمئنان طالما الحدود اللبنانية مع سوريا مفتوحة، وطالما هناك شبه تسليم لبناني بإبقاء بلدة عرسال الوطنية أسيرة داعش والنصرة، لقد باتت المطالبة بتعزيز الجيش والقوى الأمنية ضرورة وواجب وطني في ظل هذه الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة التي يتصدى لها الجيش في هذه المرحلة، فمن غير المنطقي ان تتوفر مئات ملايين الدولارات لترحيل النفايات على سبيل المثال، في ما الجيش ينتظر المساعدات والهبات المشروطة من هذه الدولة أو تلك وغالباً لا تصل، فضلاً عن الاحتقان الطائفي والمذهبي والانقسامات السياسية التي توفر التربة الصالحة لنمو الارهاب الذي يسعى لايجاد موطىء قدم له في لبنان وفرضه كأمر واقع، ويمكن أن يتحول في المستقبل الى مشروع إمارة حاول إقامتها سابقاً في شمال لبنان وفشل، وليس هناك ما يمنع تكرار المحاولة، وهناك اعترافات بهذا الشأن وخصوصاً أن مصير الجماعات الارهابية في السلسلة الشرقية مرتبط بما سيكون عليه وضعها في سوريا، مما يعني أن مخاطرها قائمة.</p> <p dir="RTL">ورغم كل هذه الأزمات التي يتخبط فيها لبنان، تصر قوة السلطة على اعتماد سياسة النعامة وتجاهل كل المشاكل والمخاطر والتركيز على كيفية توفير الظروف التي تساعد هذا النظام المولّد للأزمات للخروج من حالة الموت السريري التي هدفها الحفاظ على مواقعها وامتيازاتها الفئوية، وهذا ما يتأكد يوماً بعد يوم من خلال التصدي لأية خطوة تغييرية ولو على مستوى إقرار قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل.</p> <p dir="RTL">باختصار لم يعد باستطاعة لبنان أن يعيش في ظل هذا النمط القائم، مما يسقط أية فسحة أمل بغد أفضل، وخصوصاً أن قوى التغيير الحقيقية محاصرة بالاصطفافات الطائفية، وهذا ما برز جلياً خلال تجربة الحراك الشعبي، التي ما إن عبرت عن نفسها حتى اجتمعت قوى السلطة والمال لضربها، كما حصل من قبل مع هيئة التنسيق النقابية.</p> <p dir="RTL">وانطلاقاً من هذه الثابتة، يخطىء من يعتقد أن قوى النظام ضعيفة، وبالتالي فإن مهمة التصدي لها ومنعها من المضي في تدمير البلد وتهجير أبنائه لا تكون إلا بتوافق القوى الديمقراطية صاحبة المصلحة في التغيير، على خطة أو رؤية مستقبلية والابتعاد قدر الإمكان عن الحسابات الضيقة، وعدم الاختلاف على جلد الدب قبل اصطياده.</p>
Image: 281.jpg
ID:
640
Title: كلمة: موريس نهرا بين النفايات المنزلية والنفايات السياسية
Content: <p dir="RTL">في ما تصاب التكتلات السياسية بالارتباك، واصطفافاتها بالاهتزاز والتضعضع، خصوصاً مع اقدام سعد الحريري على ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ثم مؤخراً تبنّي سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لموقع الرئاسة، يلاحظ أن مواقف وأشياء كثيرة تتغير، لكن الثابت الباقي هو قضايا الشعب ومشكلاته وهمومه وقضايا الوطن. فقد مضى فصل الصيف ، وبعده الخريف، وها نحن في عزّ فصل الشتاء، والنفايات باقية في الشوارع. ولم يُعِر المسؤولون لحلها عِشر الاهتمام، الذي يولونه في صراعاتهم وتنافسهم على المواقع والمحاصصات.</p> <p dir="RTL">فالمشكلة الحقيقية ليست في النفايات المنزلية، بل في النفايات السياسية، كما نُشر عن لسان رئيس الحكومة تمام سلام. فاكوام هذه النفايات تستمر في الشوارع.. وهي ليست المشكلة الوحيدة بل إنها مظهر لأزمة عميقة تطال دور الطبقة السياسية السلطوية وبنية نظامها الطائفي التحاصصي.. والرائحة النتنة تفوح من المشكلتين معاً. واذا ما احدثت مشكلة النفايات هذا الرد الاحتجاجي الشعبي الكبير، وهذه النقمة العارمة، فلأن الناس كباراً وصغاراً يشاهدون تراكمها في احيائهم صبحاً ومساءً، ويدركون اخطارها على صحتهم. فالحالة التي يتخبط فيها بلدنا وتجليها بالشلل والعجز وخطر إنهيار الدولة والاوضاع بعامة، يندر وجود مثيل لها في العالم.</p> <p dir="RTL">ومع أن لبنان يتميز بجمال طبيعته وعذوبة مائه، واعتدال مناخه، ودِفء مياه بحره، وقربه من البلدان العربية الحارة من جهة، واوروبا والبلدان الباردة من جهة أخرى، مما يجعله مقصداً للسواح والاصطياف وتمضية العطل، ويوفر لشعبه امكانية التمتع بالصحة وجمال الطبيعة، وبحياة أفضل، نجد ان سياسات الطبقة السلطوية، واهمالها الفاضح، يُشوّه لبنان وصورته ويدمّر بيئته، ويُلحق اكبر الأذى بشعبه وبالصحة العامة للبنانيين الذين لا يزال نصفهم من دون ضمان صحي . وفوق ذلك تعرّض مشكلة النفايات صحتهم للضرر والخطر. اما البحر ومياهنا الدافئة وشواطئنا الجميلة التي كانت تمتد على مسافة لبنان الساحلية، والتي كانت مسابح شعبية ومنتزها، بل متنفساً طبيعياً للناس، وخصوصاً الطبقات الشعبية والفقيرة، الذين لا قدرة لهم على السفر لارتياد شواطىء بلدان اجنبية، باتت المساحات الاوسع منها والاهم، مردومة بالصخور والتراب، وتشييد المباني والمؤسسات عليها وملكاً خاصاً لاصحاب المال والثروات، على حساب الحق العام للدولة والبلديات، ومصادرة حقوق الناس. والمسابح القليلة التي تبقى، يعجز معظم الناس عن دفع تكاليف الدخول اليها. وليست المياه التي قال عنها عديدون انها ثروة لبنان التي تماثل الثروة البترولية لبلدان عربية، في حالٍ افضل. فإضافة الى شكوى معظم اللبنانيين من الشّح والانقطاعات في وصولها الى منازلهم في المدن والمناطق، والى الحاجة للري وتوسيع المساحات المزروعة، فإنها ليست بمنأى عن التلوث المتأتي من النفايات على انواعها، ومنها الفوضى في زحف العمران العشوائي والابنية والفيلات بدون تلازم ذلك مع الربط بشبكات مجارير للصرف الصحي واستحداثها. مما عرّض ويعرض المياه الجوفية في اماكن عديدة للتلوث.</p> <p dir="RTL">ويأتي تلوث الهواء في المدن جراء عوادم السيارات وغيرها، والتي تشكل مصدراً لتلوث يفوق كثيراً المعدل المقبول في العالم، ليترك هو الآخر تأثيره الضار على صحة الناس والاطفال، وليكشف جانباً آخر من قصور السلطات المسؤولة، وعدم اقدامها على تخفيف هذا التلوث وأزمة السير معاً، باعتماد وسائل نقل جماعي كالقطارات ان لم يكن مترو، وحافلات الركاب والترامواي وغيرها.</p> <p dir="RTL">إن مجمل هذه المشكلات الضارة بالبيئة، وبصحة شعبنا وبصورة لبنان وسمعته وحقوق أبنائه الطبيعية، تنعكس سلبياتها على اللبنانيين عموماً. واذ تكشف مدى عجز السلطة السياسية واهتراء نظامها الذي يحمي فسادها واهمالها المتواصل، فإنها تشكل احد مظاهر ووجوه أزمات متفاقمة تطال لبنان الوطن والشعب واوضاعه الاقتصادية والاجتماعية. وهي ليست قدراً ولا اسقاطاً سماوياً. فمصدرها واسبابها ترتبط ببنية السلطة ونظام محاصصاتها المذهبية والطائفية، الذي يَستولد الانقسامات والتوترات والنزاعات، كما تستولد المستنقعات البعوض. وكما تستدعي مكافحة البعوض تجفيف المستنقعات، كذلك تتطلب معالجة المشكلات والحلول الحقيقية، لا التنفيسية والمؤقتة، تغييراً ديمقراطياً فعلياً يطال مرتكزات هذا النظام السياسي وإلغاء البنية الطائفية للسلطة، وفتح باب التغيير.</p> <p dir="RTL">وهذا لا يتحقق بدون دور متعاظم للحركة الشعبية وانخراط أوسع الفئات الشبابية في صفوفها، الى جانب العمال والمعلمين وسائر فئات شعبنا. فأطراف الطبقة السلطوية غارقون في تناقضاتهم وانقساماتهم، ليس حيال قضايا شعبنا الوطنية والاجتماعية، بل حيال التحاصص وعلى المواقع والمصالح الشخصية والفئوية. والدولة التي يدّعون حرصهم عليها ليست الدولة المدنية الديمقراطية التي تقوم على أساس المواطنة والعدالة الاجتماعية، بل دولة مزارع لزعامات الطوائف ومصالح ارباب الثروة والمال، التي تغرق الشعب والبلاد بمزيد من تراكم المشكلات والفساد والنفايات السياسية قبل النفايات المنزلية.</p>
Image: 281.jpg
Title: كلمة: موريس نهرا بين النفايات المنزلية والنفايات السياسية
Content: <p dir="RTL">في ما تصاب التكتلات السياسية بالارتباك، واصطفافاتها بالاهتزاز والتضعضع، خصوصاً مع اقدام سعد الحريري على ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ثم مؤخراً تبنّي سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لموقع الرئاسة، يلاحظ أن مواقف وأشياء كثيرة تتغير، لكن الثابت الباقي هو قضايا الشعب ومشكلاته وهمومه وقضايا الوطن. فقد مضى فصل الصيف ، وبعده الخريف، وها نحن في عزّ فصل الشتاء، والنفايات باقية في الشوارع. ولم يُعِر المسؤولون لحلها عِشر الاهتمام، الذي يولونه في صراعاتهم وتنافسهم على المواقع والمحاصصات.</p> <p dir="RTL">فالمشكلة الحقيقية ليست في النفايات المنزلية، بل في النفايات السياسية، كما نُشر عن لسان رئيس الحكومة تمام سلام. فاكوام هذه النفايات تستمر في الشوارع.. وهي ليست المشكلة الوحيدة بل إنها مظهر لأزمة عميقة تطال دور الطبقة السياسية السلطوية وبنية نظامها الطائفي التحاصصي.. والرائحة النتنة تفوح من المشكلتين معاً. واذا ما احدثت مشكلة النفايات هذا الرد الاحتجاجي الشعبي الكبير، وهذه النقمة العارمة، فلأن الناس كباراً وصغاراً يشاهدون تراكمها في احيائهم صبحاً ومساءً، ويدركون اخطارها على صحتهم. فالحالة التي يتخبط فيها بلدنا وتجليها بالشلل والعجز وخطر إنهيار الدولة والاوضاع بعامة، يندر وجود مثيل لها في العالم.</p> <p dir="RTL">ومع أن لبنان يتميز بجمال طبيعته وعذوبة مائه، واعتدال مناخه، ودِفء مياه بحره، وقربه من البلدان العربية الحارة من جهة، واوروبا والبلدان الباردة من جهة أخرى، مما يجعله مقصداً للسواح والاصطياف وتمضية العطل، ويوفر لشعبه امكانية التمتع بالصحة وجمال الطبيعة، وبحياة أفضل، نجد ان سياسات الطبقة السلطوية، واهمالها الفاضح، يُشوّه لبنان وصورته ويدمّر بيئته، ويُلحق اكبر الأذى بشعبه وبالصحة العامة للبنانيين الذين لا يزال نصفهم من دون ضمان صحي . وفوق ذلك تعرّض مشكلة النفايات صحتهم للضرر والخطر. اما البحر ومياهنا الدافئة وشواطئنا الجميلة التي كانت تمتد على مسافة لبنان الساحلية، والتي كانت مسابح شعبية ومنتزها، بل متنفساً طبيعياً للناس، وخصوصاً الطبقات الشعبية والفقيرة، الذين لا قدرة لهم على السفر لارتياد شواطىء بلدان اجنبية، باتت المساحات الاوسع منها والاهم، مردومة بالصخور والتراب، وتشييد المباني والمؤسسات عليها وملكاً خاصاً لاصحاب المال والثروات، على حساب الحق العام للدولة والبلديات، ومصادرة حقوق الناس. والمسابح القليلة التي تبقى، يعجز معظم الناس عن دفع تكاليف الدخول اليها. وليست المياه التي قال عنها عديدون انها ثروة لبنان التي تماثل الثروة البترولية لبلدان عربية، في حالٍ افضل. فإضافة الى شكوى معظم اللبنانيين من الشّح والانقطاعات في وصولها الى منازلهم في المدن والمناطق، والى الحاجة للري وتوسيع المساحات المزروعة، فإنها ليست بمنأى عن التلوث المتأتي من النفايات على انواعها، ومنها الفوضى في زحف العمران العشوائي والابنية والفيلات بدون تلازم ذلك مع الربط بشبكات مجارير للصرف الصحي واستحداثها. مما عرّض ويعرض المياه الجوفية في اماكن عديدة للتلوث.</p> <p dir="RTL">ويأتي تلوث الهواء في المدن جراء عوادم السيارات وغيرها، والتي تشكل مصدراً لتلوث يفوق كثيراً المعدل المقبول في العالم، ليترك هو الآخر تأثيره الضار على صحة الناس والاطفال، وليكشف جانباً آخر من قصور السلطات المسؤولة، وعدم اقدامها على تخفيف هذا التلوث وأزمة السير معاً، باعتماد وسائل نقل جماعي كالقطارات ان لم يكن مترو، وحافلات الركاب والترامواي وغيرها.</p> <p dir="RTL">إن مجمل هذه المشكلات الضارة بالبيئة، وبصحة شعبنا وبصورة لبنان وسمعته وحقوق أبنائه الطبيعية، تنعكس سلبياتها على اللبنانيين عموماً. واذ تكشف مدى عجز السلطة السياسية واهتراء نظامها الذي يحمي فسادها واهمالها المتواصل، فإنها تشكل احد مظاهر ووجوه أزمات متفاقمة تطال لبنان الوطن والشعب واوضاعه الاقتصادية والاجتماعية. وهي ليست قدراً ولا اسقاطاً سماوياً. فمصدرها واسبابها ترتبط ببنية السلطة ونظام محاصصاتها المذهبية والطائفية، الذي يَستولد الانقسامات والتوترات والنزاعات، كما تستولد المستنقعات البعوض. وكما تستدعي مكافحة البعوض تجفيف المستنقعات، كذلك تتطلب معالجة المشكلات والحلول الحقيقية، لا التنفيسية والمؤقتة، تغييراً ديمقراطياً فعلياً يطال مرتكزات هذا النظام السياسي وإلغاء البنية الطائفية للسلطة، وفتح باب التغيير.</p> <p dir="RTL">وهذا لا يتحقق بدون دور متعاظم للحركة الشعبية وانخراط أوسع الفئات الشبابية في صفوفها، الى جانب العمال والمعلمين وسائر فئات شعبنا. فأطراف الطبقة السلطوية غارقون في تناقضاتهم وانقساماتهم، ليس حيال قضايا شعبنا الوطنية والاجتماعية، بل حيال التحاصص وعلى المواقع والمصالح الشخصية والفئوية. والدولة التي يدّعون حرصهم عليها ليست الدولة المدنية الديمقراطية التي تقوم على أساس المواطنة والعدالة الاجتماعية، بل دولة مزارع لزعامات الطوائف ومصالح ارباب الثروة والمال، التي تغرق الشعب والبلاد بمزيد من تراكم المشكلات والفساد والنفايات السياسية قبل النفايات المنزلية.</p>
Image: 281.jpg
ID:
641
Title: تحقيق: محمود الزيات - وكالة "الانروا" .. لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين ام لتجويعهم؟ فلسطينيو المخيمات: الحصار الدولي يُثمر معاناة اجتماعية وصحية خطيرة.. متى الانفجار؟
Content: <p dir="RTL">مجدداً، اشتعلت ساحات المخيمات الفلسطينية في لبنان، بعد أن ذاق اللاجئون الفلسطينيون المقيمون فيها ذرعاً بسياسات تقليص الخدمات الصحية والتربوية والإغاثية التي انتهجتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الانروا"، ما انعكس سلباً على الواقع الاجتماعي والحياتي للفلسطينيين، وما زاد الطين بلة، قرارات التقنين الحاد في الخدمات، وبخاصة في قطاع الصحة والاستشفاء، فتصاعدت الاحتجاجات الغاضبة داخل المخيمات، وأقيمت الاعتصامات أمام مكاتب الوكالة، ونظمت الاضرابات واقفلت المدارس والمستوصفات، واطلقت الصرخات "كفانا موت على ابواب المستشفيات.. "الامم المتحدة تُشهر سلاح التجويع بوجهنا"، واُصدرت البيانات ورفعت اللافتات المطالبة بالتحرك وتحمل المسؤولية .. وإلا فالبركان الاجتماعي في المخيمات سينفجر أزمة اجتماعية من شأنها ان تترك الكثير من التداعيات والمفاعيل، ولا سيما أن نسبة البطالة في المخيمات الى ارتفاع، جراء السياسات التي تعاقبت على انتهاجها الحكومات اللبنانية، والتي حرمت اللاجئين الفلسطينيين ابسط حقوقهم الاجتماعية والمعيشية والانسانية.</p> <p dir="RTL">من مخيمات الرشيدية والبرج الشمالي في منطقة صور .. الى عين الحلوة والمية ومية في منطقة صيدا الى البداوي والبارد في الشمال، وصولاً الى كل مخيم او تجمع ، المعاناة واحدة والوجع واحد.. آخرها الفاجعة التي تمثلت بإقدام الشاب الفلسطيني محمد عمر خضير ( 22 عاماً) على اضرام النار بجسده داخل منزله في مخيم البرج الشمالي، ووفاة الفلسطينية عائشة حسين نايف التي لم تتمكن من الحصول على موافقة وكالة "الانروا" من الدخول الى المستشفى للعلاج ، ومعهما عشرات المصابين بأمراض مزمنة باتت حياتهم مهددة، إذا ما استمر الوضع على حاله.</p> <p dir="RTL">يعيش اكثر من اربعماية الف لاجىء فلسطيني في اكثر من 20 مخيماً وتجمعاً، ينتشرون في معظم المناطق اللبنانية، في مستوى معيشي متدن، وتبرز داخل المجتمعات الفلسطينية مشكلات حياتية واجتماعية ومعيشية تكاد تشكل، قنبلة موقوتة، من شأنها إذا ما تفاقمت أن تشكل أزمة تنعكس على الواقع اللبناني برمته، هؤلاء يعيشون في ظروف هي أقل بكثير من الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية، حولت واقعهم إلى نموذج صارخ عن حجم المعاناة والتأزم الاجتماعي للاجئين الفلسطينيين، حتى غدت المخيمات ساحات لبؤر الفقر والحرمان والظلم الاجتماعي، فيغوصون في معاناة لا حدود لها، في الصحة والاستشفاء والتعليم والعمل والتملك والأمور الحياتية والمعيشية الأخرى، وسط إهمال يصل إلى حد التواطوء من المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية.<strong></strong></p> <p dir="RTL"><strong>اللاجئون الفلسطينيون مسؤولية الأمم المتحدة .. والدولة</strong></p> <p dir="RTL"> ويقول منسق عمل "لجان الدفاع عن حق العودة" القيادي في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين فؤاد عثمان .. أن الأوضاع الحياتية للاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان تتفاقم بشكل مريع، وشعبنا في المخيمات والتجمعات العشوائية المنتشرة على امتداد الأراضي اللبناني يعيش أوضاعاً إنسانية صعبة جداً، من شأنها أن تؤدي إلى انفجار اجتماعي لا يرغب فيه أحد، ما لم يتم تداركها وإعادة النظر في التعاطي مع اللاجئين الفلسطينين بشكل جدي بمعالجة اﻷوضاع الاقتصادية، هذا التردي تصاعد مؤخراً، بعد قرارات وكالة الانروا بتقليص مخيف لحجم تقديماتها وخدماتها الصحية، في ظل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف اللاجئين، وهناك دراسات استندت إلى إحصاءات دقيقة، تتحدث عن أن نسبة البطالة المتفاقمة بلغت إلى حدود الـ 70 في المئة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وُضعت في صورة هذا الواقع، ولم تكن تقديماتها توزاي هذه المخاطر، بل إنها تنتهج سياسات تجويعية من خلال تقليص خدماتها الاجتماعية والصحية والتربوية، علماً انها الجهة الدولية المكلفة من الأمم المتحدة رعاية شؤون الفلسطينيين المقيمين في لبنان.</p> <p dir="RTL">وتقول مريم الميعاري .. من مخاطر السياسة المتبعة من قبل منظمات الأمم المتحدة مع موضوع اللاجئين المقيمين في المخيمات منذ ستة عقود، أنها تزيد من المعاناة إلى درجة لا يستطيع أي أحد تحملها، خاصة وأنها تتعلق بالصحة، فالفلسطيني يمكن أن يتحمل تضييقاً يمنعه من مزاولة مهنة في لبنان أو إيجاد عمل أو وظيفة، لكن أن يُطلب منه تحمل منعه من الحصول على حقه في الطبابة والاستشفاء؟ قبل أسابيع قليلة جال مدير عام الانروا في لبنان على المراكز الصحية وأطلق وعوداً بتعزيز الواقع الصحي، من خلال تفعيل دور المراكز والمستوصفات الصحية في المخيمات، واتخاذ الخطوات المناسبة لتأمين استشفاء حقيقي للاجئين الفلسطينيين، إلا أن ما شاهدناه المزيد من تخفيض الخدمات والمزيد من التضييق على الفلسطيني في مجال الصحة والاستشفاء.</p> <p dir="RTL">اللجان الشعبية الفلسطينية</p> <p dir="RTL">ويشير أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في مخيمات منطقة صيدا عبد الرحمن ابو صلاح إلى الواقع الاجتماعي والمعيشي للفلسطينيين في المخيمات، من انتشار للبطالة والفقر والعوز، وتردي الواقع الصحي، وقال أن وكالة الانروا تتعاطى مع ملف اللاجئين الفلسطينيين باستخفاف ودون الالتفاتة الى مرارة العيش التي يواجهونها، مناشداً مجلس الأمن ولجنة حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية والحقوقية الى التحرك لوقف المجزرة التي ترتكب بحق اللاجئين من الشعب الفلسطيني، هناك حرمان للفلسطينيين من كافة الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية، حيث يواجه اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في المخيمات أسوأ الظروف الحياتية، وإن السياسة التي تنتهجها وكالة الانروا والتي أصدرت سلسلة قرارات انسجمت مع سياسة التقشف التي اعتمدتها منذ سنوات، لتضيف إلى المعاناة معاناة أكثر قساوة.</p> <p dir="RTL">وأكد على رفض الفلسطينيين أن يكون المرضى من سكان المخيمات ضحية لسياسات ظالمة وقاهرة، وسنمارس كل الضغوط من أجل إجبار الجهات المعنية على التراجع عن سياسة تقليص الخدمات في مجال الاستشفاء والتعليم، وأكد عدم التفريط بأي حق من حقوق شعبنا المدنية والاجتماعية والإنسانية، ودعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تحمل المسؤولية، وإلا فإن الفلسطينيين في المخيمات سيتحركون من أجل انتزاع حقوقهم الإنسانية، وفي مقدمها تحمل وكالة الانروا الكلفة الكاملة للاستشفاء والتعاطي مع كافة الحالات المرضية وإلغاء النسبة المئوية للاستشفاء في المستشفيات المتعاقدة مع الوكالة، وزيادة كلفة الاستشفاء بحيث لا تنحصر التكلفة كحد أقصى 5 آلاف دولار اميركي من قيمة الفاتورة.</p> <p dir="RTL">ويقول عبد الكريم الاحمد من إعلام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن اللاجئين الفلسطينيين، ومنذ النكبة قبل أكثر من ستة عقود، يطالبون بحقوقهم في العودة الى فلسطين، وهناك من يجعلهم ينصرفون عن قضيتهم الأساسية في العودة، تحت وطأة الجوع والحصار الاجتماعي والصحي، للمطالبة بلقمة عيش كريمة، والأمم المتحدة هي المسؤولة عما يجري من ظلم بحق شعبنا، نرفض سياسة الانروا، التي تحولت إلى شاهد على المجزرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وها هي الأمم المتحدة تحاصر الفلسطينيين في شتاتهم، فيما يحاصر الاحتلال الاسرائيلي الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني، كفانا موتاً على أبواب المستشفيات، الاستشفاء حق للاجئين وليس منّة، أنهم يشهرون أمام شعبنا اللاجئ في مخيمات لبنان سلاح التجويع الذي بدأ يفتك بشعبنا، من خلال حصاره في الصحة والتعليم والخدمات الاغاثية، والخطورة أن تأتي هذه السياسات المجحفة بحق شعبنا، من قبل وكالة الانروا، بالتزامن مع استهدافات اسرائيلية ودولية لقضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.</p> <p dir="RTL">أما عاصف موسى القيادي في اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني.. فيدعو إلى تصعيد التحركات لإجبار وكالة الانروا للتراجع عن سياساتها التجويعية، وقال: من واجبنا أن نطلق التحركات وعدم السكوت عما يجري من انتهاكات خطيرة بحق اللاجئين الفلسطينيين من شعبنا المقيم في المخيمات، لأن المؤسسات الدولية ومنها وكالة الانروا، التي <span style="text-decoration: underline;">كُلفت من الأمم المتحدة، الاهتمام بالشعب الفلسطيني</span>.</p>
Image: 281.jpg
Title: تحقيق: محمود الزيات - وكالة "الانروا" .. لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين ام لتجويعهم؟ فلسطينيو المخيمات: الحصار الدولي يُثمر معاناة اجتماعية وصحية خطيرة.. متى الانفجار؟
Content: <p dir="RTL">مجدداً، اشتعلت ساحات المخيمات الفلسطينية في لبنان، بعد أن ذاق اللاجئون الفلسطينيون المقيمون فيها ذرعاً بسياسات تقليص الخدمات الصحية والتربوية والإغاثية التي انتهجتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الانروا"، ما انعكس سلباً على الواقع الاجتماعي والحياتي للفلسطينيين، وما زاد الطين بلة، قرارات التقنين الحاد في الخدمات، وبخاصة في قطاع الصحة والاستشفاء، فتصاعدت الاحتجاجات الغاضبة داخل المخيمات، وأقيمت الاعتصامات أمام مكاتب الوكالة، ونظمت الاضرابات واقفلت المدارس والمستوصفات، واطلقت الصرخات "كفانا موت على ابواب المستشفيات.. "الامم المتحدة تُشهر سلاح التجويع بوجهنا"، واُصدرت البيانات ورفعت اللافتات المطالبة بالتحرك وتحمل المسؤولية .. وإلا فالبركان الاجتماعي في المخيمات سينفجر أزمة اجتماعية من شأنها ان تترك الكثير من التداعيات والمفاعيل، ولا سيما أن نسبة البطالة في المخيمات الى ارتفاع، جراء السياسات التي تعاقبت على انتهاجها الحكومات اللبنانية، والتي حرمت اللاجئين الفلسطينيين ابسط حقوقهم الاجتماعية والمعيشية والانسانية.</p> <p dir="RTL">من مخيمات الرشيدية والبرج الشمالي في منطقة صور .. الى عين الحلوة والمية ومية في منطقة صيدا الى البداوي والبارد في الشمال، وصولاً الى كل مخيم او تجمع ، المعاناة واحدة والوجع واحد.. آخرها الفاجعة التي تمثلت بإقدام الشاب الفلسطيني محمد عمر خضير ( 22 عاماً) على اضرام النار بجسده داخل منزله في مخيم البرج الشمالي، ووفاة الفلسطينية عائشة حسين نايف التي لم تتمكن من الحصول على موافقة وكالة "الانروا" من الدخول الى المستشفى للعلاج ، ومعهما عشرات المصابين بأمراض مزمنة باتت حياتهم مهددة، إذا ما استمر الوضع على حاله.</p> <p dir="RTL">يعيش اكثر من اربعماية الف لاجىء فلسطيني في اكثر من 20 مخيماً وتجمعاً، ينتشرون في معظم المناطق اللبنانية، في مستوى معيشي متدن، وتبرز داخل المجتمعات الفلسطينية مشكلات حياتية واجتماعية ومعيشية تكاد تشكل، قنبلة موقوتة، من شأنها إذا ما تفاقمت أن تشكل أزمة تنعكس على الواقع اللبناني برمته، هؤلاء يعيشون في ظروف هي أقل بكثير من الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية، حولت واقعهم إلى نموذج صارخ عن حجم المعاناة والتأزم الاجتماعي للاجئين الفلسطينيين، حتى غدت المخيمات ساحات لبؤر الفقر والحرمان والظلم الاجتماعي، فيغوصون في معاناة لا حدود لها، في الصحة والاستشفاء والتعليم والعمل والتملك والأمور الحياتية والمعيشية الأخرى، وسط إهمال يصل إلى حد التواطوء من المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية.<strong></strong></p> <p dir="RTL"><strong>اللاجئون الفلسطينيون مسؤولية الأمم المتحدة .. والدولة</strong></p> <p dir="RTL"> ويقول منسق عمل "لجان الدفاع عن حق العودة" القيادي في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين فؤاد عثمان .. أن الأوضاع الحياتية للاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان تتفاقم بشكل مريع، وشعبنا في المخيمات والتجمعات العشوائية المنتشرة على امتداد الأراضي اللبناني يعيش أوضاعاً إنسانية صعبة جداً، من شأنها أن تؤدي إلى انفجار اجتماعي لا يرغب فيه أحد، ما لم يتم تداركها وإعادة النظر في التعاطي مع اللاجئين الفلسطينين بشكل جدي بمعالجة اﻷوضاع الاقتصادية، هذا التردي تصاعد مؤخراً، بعد قرارات وكالة الانروا بتقليص مخيف لحجم تقديماتها وخدماتها الصحية، في ظل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف اللاجئين، وهناك دراسات استندت إلى إحصاءات دقيقة، تتحدث عن أن نسبة البطالة المتفاقمة بلغت إلى حدود الـ 70 في المئة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وُضعت في صورة هذا الواقع، ولم تكن تقديماتها توزاي هذه المخاطر، بل إنها تنتهج سياسات تجويعية من خلال تقليص خدماتها الاجتماعية والصحية والتربوية، علماً انها الجهة الدولية المكلفة من الأمم المتحدة رعاية شؤون الفلسطينيين المقيمين في لبنان.</p> <p dir="RTL">وتقول مريم الميعاري .. من مخاطر السياسة المتبعة من قبل منظمات الأمم المتحدة مع موضوع اللاجئين المقيمين في المخيمات منذ ستة عقود، أنها تزيد من المعاناة إلى درجة لا يستطيع أي أحد تحملها، خاصة وأنها تتعلق بالصحة، فالفلسطيني يمكن أن يتحمل تضييقاً يمنعه من مزاولة مهنة في لبنان أو إيجاد عمل أو وظيفة، لكن أن يُطلب منه تحمل منعه من الحصول على حقه في الطبابة والاستشفاء؟ قبل أسابيع قليلة جال مدير عام الانروا في لبنان على المراكز الصحية وأطلق وعوداً بتعزيز الواقع الصحي، من خلال تفعيل دور المراكز والمستوصفات الصحية في المخيمات، واتخاذ الخطوات المناسبة لتأمين استشفاء حقيقي للاجئين الفلسطينيين، إلا أن ما شاهدناه المزيد من تخفيض الخدمات والمزيد من التضييق على الفلسطيني في مجال الصحة والاستشفاء.</p> <p dir="RTL">اللجان الشعبية الفلسطينية</p> <p dir="RTL">ويشير أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في مخيمات منطقة صيدا عبد الرحمن ابو صلاح إلى الواقع الاجتماعي والمعيشي للفلسطينيين في المخيمات، من انتشار للبطالة والفقر والعوز، وتردي الواقع الصحي، وقال أن وكالة الانروا تتعاطى مع ملف اللاجئين الفلسطينيين باستخفاف ودون الالتفاتة الى مرارة العيش التي يواجهونها، مناشداً مجلس الأمن ولجنة حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية والحقوقية الى التحرك لوقف المجزرة التي ترتكب بحق اللاجئين من الشعب الفلسطيني، هناك حرمان للفلسطينيين من كافة الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية، حيث يواجه اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في المخيمات أسوأ الظروف الحياتية، وإن السياسة التي تنتهجها وكالة الانروا والتي أصدرت سلسلة قرارات انسجمت مع سياسة التقشف التي اعتمدتها منذ سنوات، لتضيف إلى المعاناة معاناة أكثر قساوة.</p> <p dir="RTL">وأكد على رفض الفلسطينيين أن يكون المرضى من سكان المخيمات ضحية لسياسات ظالمة وقاهرة، وسنمارس كل الضغوط من أجل إجبار الجهات المعنية على التراجع عن سياسة تقليص الخدمات في مجال الاستشفاء والتعليم، وأكد عدم التفريط بأي حق من حقوق شعبنا المدنية والاجتماعية والإنسانية، ودعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تحمل المسؤولية، وإلا فإن الفلسطينيين في المخيمات سيتحركون من أجل انتزاع حقوقهم الإنسانية، وفي مقدمها تحمل وكالة الانروا الكلفة الكاملة للاستشفاء والتعاطي مع كافة الحالات المرضية وإلغاء النسبة المئوية للاستشفاء في المستشفيات المتعاقدة مع الوكالة، وزيادة كلفة الاستشفاء بحيث لا تنحصر التكلفة كحد أقصى 5 آلاف دولار اميركي من قيمة الفاتورة.</p> <p dir="RTL">ويقول عبد الكريم الاحمد من إعلام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن اللاجئين الفلسطينيين، ومنذ النكبة قبل أكثر من ستة عقود، يطالبون بحقوقهم في العودة الى فلسطين، وهناك من يجعلهم ينصرفون عن قضيتهم الأساسية في العودة، تحت وطأة الجوع والحصار الاجتماعي والصحي، للمطالبة بلقمة عيش كريمة، والأمم المتحدة هي المسؤولة عما يجري من ظلم بحق شعبنا، نرفض سياسة الانروا، التي تحولت إلى شاهد على المجزرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وها هي الأمم المتحدة تحاصر الفلسطينيين في شتاتهم، فيما يحاصر الاحتلال الاسرائيلي الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني، كفانا موتاً على أبواب المستشفيات، الاستشفاء حق للاجئين وليس منّة، أنهم يشهرون أمام شعبنا اللاجئ في مخيمات لبنان سلاح التجويع الذي بدأ يفتك بشعبنا، من خلال حصاره في الصحة والتعليم والخدمات الاغاثية، والخطورة أن تأتي هذه السياسات المجحفة بحق شعبنا، من قبل وكالة الانروا، بالتزامن مع استهدافات اسرائيلية ودولية لقضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.</p> <p dir="RTL">أما عاصف موسى القيادي في اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني.. فيدعو إلى تصعيد التحركات لإجبار وكالة الانروا للتراجع عن سياساتها التجويعية، وقال: من واجبنا أن نطلق التحركات وعدم السكوت عما يجري من انتهاكات خطيرة بحق اللاجئين الفلسطينيين من شعبنا المقيم في المخيمات، لأن المؤسسات الدولية ومنها وكالة الانروا، التي <span style="text-decoration: underline;">كُلفت من الأمم المتحدة، الاهتمام بالشعب الفلسطيني</span>.</p>
Image: 281.jpg
ID:
642
Title: قضية: معتصم حمادة - مخيم اليرموك... الأمل بالعودة ما زال قوياً
Content: <p dir="RTL">النكبة التي حلت بمخيم اليرموك في 17/12/2012، شكلت منعطفاً تاريخياً في حياة الوجود الفلسطيني في سوريا، فقد كان اليرموك أكثر من مخيم، فهو إلى جانب كونه التجمع الفلسطيني الأكبر في سوريا، كان يشكل نقطة مركزية في منطقة جغرافية واسعة تمتد من الحجر الأسود، إلى القدم، إلى بلدات ببيلا ويلدا، إلى منطقة التضامن، والزاهرتين القديمة والجديدة.</p> <p dir="RTL">كان في الوقت نفسه مركزاً تجارياً مزدهراً، والحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية. فيه المقرات المركزية للفصائل، وفيه مراكزها الثقافية والاجتماعية، وأنشطتها النسائية والشبابية، ومقرات اتحاداتها الشعبية، ضم في أرجائه نازحين سوريين من الجولان، ووافدين عراقيين، ازدهر في فترته الأخيرة بحيث تحول إلى المركز التجاري الأول في المنطقة، استقطب فروع الشركات المختلفة، بما فيها فروع المصارف الوطنية والخاصة. اجتياح المسلحين له في 17/12/2012، غيّر وجه المخيم حين تحول من منطقة تعج بالحياة إلى ساحة للقتال، ما ألحق به أضراراً واسعة، أدت إلى تدمير عشرات المباني، والبنية التحتية، حتى بات الكثير من أحيائه غير قابلة للحياة. غادره سكانه وانتشروا في أنحاء مختلفة من دمشق وضواحيها، والأخطر من هذا كله أن الفئات الوسطى، التي كانت تمنحه الحيوية السياسية والاقتصادية، من تجار، وأطباء، وصيادلة، ومحامين، ورجال أعمال ومثقفين، كانوا في مقدمة من غادروا سوريا، في ضوء النكبة التي حلت بالمخيم، تبع ذلك هجرة واسعة للشباب، بعد أن لحقت النكبة بباقي المخيمات، كسبينة في دمشق، وحندارات في الشمال ودرعا في الجنوب، ما ألحق تشوها في النسيج الاجتماعي للوجود الفلسطيني في سوريا، وما زال مفتوحاً على المزيد من الهجرة، خاصة في ظل البطالة، وفقدان مصادر الرزق، وعجز وكالة الغوث (الأونروا) عن تحمل الأعباء كافة المتولدة عن النكبات التي حلت بمخيم اليرموك وغيره من المخيمات، وتقاعس م.ت.ف، عن مجمل واجباتها الوطنية نحو شعبها، ما ألحق الضرر بسمعة الفصائل الفلسطينية دون استثناء، وقدمها إلى الرأي العام الفلسطيني في سوريا عاجزة عن حل العديد من المعضلات التي تولدت عن انفجار الوضع في سوريا وتداعياته على الوجود الفلسطيني.</p> <p dir="RTL">يعيش اليرموك الآن تحت وطأة الوجود المسلح لجماعة «النصرة» بشكل خاص، ومجموعات أخرى صغيرة تعيش على ضفاف «النصرة»، بعد أن غادرته عناصر «داعش»، في ظل الاتفاق الأخير مع الدولة السورية على مغادرة مسلحيه من الحجر الأسود، جنوب اليرموك إلى منطقة الرقة. وقد تعطل تنفيذ الاتفاق بعد مقتل زهران علوش، متزعم جيش الإسلام في الغوطة الشرقية. واستعادت المشاورات والوساطات دورها، لإقناع جيش الإسلام بالسماح لعناصر «داعش» بالمرور بمناطقه، في طريقه إلى الرقة شرق البلاد. وأفادت المعلومات أن مكتب الإعلام لدى «داعش» في الحجر، بدأ بتحضير دفعات من مقاتليه لمغادرة الحجر الأسود في الأيام القليلة الماضية.</p> <p dir="RTL">يعيش في اليرموك حوالي 8 آلاف فلسطيني، معظمهم من كبار السن. يتواجدون بشكل رئيسي في المناطق الجنوبية من المخيم بعيداً عن خطوط التماس، وهو يفتقد إلى الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية، كالماء، والكهرباء، ووسائل الاتصال، ومراكز الرعاية الصحية والمدارس وغيرها. واجهته موجات من الجوع أودت بحياة العشرات من أبنائه، كذلك أودت الحرب والاشتباكات بعشرات آخرين. ولولا انفتاحه جنوباً على بلدتي يلدا وببيلا، ولولا المساعدات الغذائية التي توفرها وكالة الغوث لسكانه، بين فترة وأخرى، يبقى اليرموك ضحية الجوع والمرض. تتواجد في اليرموك مجموعات ناشطة من ممثلي الفصائل، كمنظمتي فتح والجبهة الديمقراطية بشكل خاص، تقتصر أنشطتها على معالجة القضايا الاجتماعية والحياتية اليومية للمخيم بالتعاون مع وكالة الغوث، وممثلي الفصائل الفلسطينية خارجه.</p> <p dir="RTL">يشكل اليرموك ساحة اشتباكات شبه دائمة بين عناصر «التحالف» الفلسطيني خارجه [القيادة العامة والانتفاضة بشكل خاص]، وعناصر «النصرة» داخله، خاصة في خاصرته الوسطى المطلة على تقاطعات شارعي لوبية وصفد، وهي اشتباكات لا تغير من الخريطة العسكرية شيئاً يذكر، بقدر ما تشكل عنواناً دائماً للحالة العسكرية المتوترة التي يعيشها المخيم، المحاط من جوانبه كافة، [ماعدا جهات ببيلا ويلدا والحجر الأسود حيث العناصر المسلحة للقوى المعارضة] بالسواتر الترابية، التي تجعل منه محاصراً من جهة دمشق. مثل هذا الواقع جعل من الحياة في اليرموك جحيماً لا يطاق، خاصة في ظل الارتفاع الجنوني للمواد الغذائية والحاجات الإنسانية، والبطالة التي تجتاح الوجود كله.</p> <p dir="RTL">في الفترة الأخيرة تحركت الوساطات على خط اليرموك، خاصة بعد أن اتفقت الدولة السورية مع عناصر «داعش» المتواجدين في «الحجر الأسود»، وأجزاء من اليرموك على المغادرة إلى الرقة.</p> <p dir="RTL">الوساطات تحدثت عن إمكانية الوصول إلى «مصالحة» مع عناصر «النصرة»، في حال انسحب عناصر «داعش»، حيث ستجد «النصرة» نفسها مطوقة من أكثر من جهة، وستفقد عمقها الاستراتيجي المتمثل في الحجر الأسود. أما يلدا وببيلا فلا تشكلان هذا العمق كونهما تابعتين لقوى مسلحة أخرى على خلاف مع «النصرة» وترتبط بشكل معين «بجيش الإسلام» في الغوطة الشرقية.</p> <p dir="RTL">الاتفاق المبدئي، ينص على إجراء تسويات لعناصر «النصرة» مقابل أن يسلموا أسلحتهم للدولة. بعدها تتولى فرق فنية الكشف على المخيم، لتنظيفه من آثار الحرب، والألغام والقذائف غير المتفجرة، والأماكن المفخخة وغيرها، ثم تتولى قوة من فصائل المقاومة الفلسطينية ــــ وليس من الدولة ـــ تمشيط المخيم، خوفاً من أية مفاجآت. هذه القوة، والتي قدر عددها بحوالي 300 عنصر ستتولى الإمساك بأمن محيط المخيم [من شارع الثلاثين غرباً، إلى مداخل الحجر الأسود جنوباً، إلى شارع فلسطين على التماس مع منطقة التضامن شرقاً، إلى مداخله الشمالية. وإغلاق الثغرة المفتوحة على المسلحين في يلدا وببيلا من دوار فلسطين.] أما الأمن الداخلي للمخيم فتتولاه قوة أخرى من الفصائل تعدادها حوالي 150 عنصراً تتواجد في مخافر لها داخل المخيم. أي بعبارة أوضح استنكفت الدولة السورية عن الدخول إلى المخيم، وأحالت مسؤولياته الأمنية إلى الفصائل الفلسطينية [الفصائل الــ14 التي تضم فصائل م.ت.ف، والتحالف].</p> <p dir="RTL"> فتح باب العودة إلى المخيم، سيعني الفتح على ورشة إنمائية إنسانية بلا ضفاف. فإعادة الحياة إلى اليرموك ستكون قضية شديدة التعقيد، أهمها أن يعود سكانه إليه، وهذا يتطلب ورشة كبرى في إعادة الأعمار، لا تتوفر حتى الآن موازناتها الضخمة، فضلاً عن توفير فرص العمل للسكان، في وضع اقتصادي عام في سورية يشكو العطب بفعل الحرب الدائرة، حيث من المستبعد في القريب المنظور، وربما المتوسط، أن يستعيد اليرموك مركزيته التي كان يتمتع بها، خاصة في ظل الهجرة الواسعة التي طالت الفئات الفاعلة والنشطة والشابة من أبنائه.</p> <p dir="RTL">مخيم اليرموك ما بعد 17/12/2012، لن يكون على شاكلة ما كان عليه قبل هذا التاريخ. لكن تبقى عودة سكانه إليه، والخلاص من آلام التهجير والنزوح مكسباً مهماً، يفترض مواصلة الجهود لتحقيقه. فأياً كان الوضع في قابل الأيام، بعد العودة، فإنه سيكون أفضل بكثير مما كان عليه، وسكان المخيم مشردون في المدارس والأبنية المدمرة، وخلف الحصار.</p>
Image: 281.jpg
Title: قضية: معتصم حمادة - مخيم اليرموك... الأمل بالعودة ما زال قوياً
Content: <p dir="RTL">النكبة التي حلت بمخيم اليرموك في 17/12/2012، شكلت منعطفاً تاريخياً في حياة الوجود الفلسطيني في سوريا، فقد كان اليرموك أكثر من مخيم، فهو إلى جانب كونه التجمع الفلسطيني الأكبر في سوريا، كان يشكل نقطة مركزية في منطقة جغرافية واسعة تمتد من الحجر الأسود، إلى القدم، إلى بلدات ببيلا ويلدا، إلى منطقة التضامن، والزاهرتين القديمة والجديدة.</p> <p dir="RTL">كان في الوقت نفسه مركزاً تجارياً مزدهراً، والحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية. فيه المقرات المركزية للفصائل، وفيه مراكزها الثقافية والاجتماعية، وأنشطتها النسائية والشبابية، ومقرات اتحاداتها الشعبية، ضم في أرجائه نازحين سوريين من الجولان، ووافدين عراقيين، ازدهر في فترته الأخيرة بحيث تحول إلى المركز التجاري الأول في المنطقة، استقطب فروع الشركات المختلفة، بما فيها فروع المصارف الوطنية والخاصة. اجتياح المسلحين له في 17/12/2012، غيّر وجه المخيم حين تحول من منطقة تعج بالحياة إلى ساحة للقتال، ما ألحق به أضراراً واسعة، أدت إلى تدمير عشرات المباني، والبنية التحتية، حتى بات الكثير من أحيائه غير قابلة للحياة. غادره سكانه وانتشروا في أنحاء مختلفة من دمشق وضواحيها، والأخطر من هذا كله أن الفئات الوسطى، التي كانت تمنحه الحيوية السياسية والاقتصادية، من تجار، وأطباء، وصيادلة، ومحامين، ورجال أعمال ومثقفين، كانوا في مقدمة من غادروا سوريا، في ضوء النكبة التي حلت بالمخيم، تبع ذلك هجرة واسعة للشباب، بعد أن لحقت النكبة بباقي المخيمات، كسبينة في دمشق، وحندارات في الشمال ودرعا في الجنوب، ما ألحق تشوها في النسيج الاجتماعي للوجود الفلسطيني في سوريا، وما زال مفتوحاً على المزيد من الهجرة، خاصة في ظل البطالة، وفقدان مصادر الرزق، وعجز وكالة الغوث (الأونروا) عن تحمل الأعباء كافة المتولدة عن النكبات التي حلت بمخيم اليرموك وغيره من المخيمات، وتقاعس م.ت.ف، عن مجمل واجباتها الوطنية نحو شعبها، ما ألحق الضرر بسمعة الفصائل الفلسطينية دون استثناء، وقدمها إلى الرأي العام الفلسطيني في سوريا عاجزة عن حل العديد من المعضلات التي تولدت عن انفجار الوضع في سوريا وتداعياته على الوجود الفلسطيني.</p> <p dir="RTL">يعيش اليرموك الآن تحت وطأة الوجود المسلح لجماعة «النصرة» بشكل خاص، ومجموعات أخرى صغيرة تعيش على ضفاف «النصرة»، بعد أن غادرته عناصر «داعش»، في ظل الاتفاق الأخير مع الدولة السورية على مغادرة مسلحيه من الحجر الأسود، جنوب اليرموك إلى منطقة الرقة. وقد تعطل تنفيذ الاتفاق بعد مقتل زهران علوش، متزعم جيش الإسلام في الغوطة الشرقية. واستعادت المشاورات والوساطات دورها، لإقناع جيش الإسلام بالسماح لعناصر «داعش» بالمرور بمناطقه، في طريقه إلى الرقة شرق البلاد. وأفادت المعلومات أن مكتب الإعلام لدى «داعش» في الحجر، بدأ بتحضير دفعات من مقاتليه لمغادرة الحجر الأسود في الأيام القليلة الماضية.</p> <p dir="RTL">يعيش في اليرموك حوالي 8 آلاف فلسطيني، معظمهم من كبار السن. يتواجدون بشكل رئيسي في المناطق الجنوبية من المخيم بعيداً عن خطوط التماس، وهو يفتقد إلى الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية، كالماء، والكهرباء، ووسائل الاتصال، ومراكز الرعاية الصحية والمدارس وغيرها. واجهته موجات من الجوع أودت بحياة العشرات من أبنائه، كذلك أودت الحرب والاشتباكات بعشرات آخرين. ولولا انفتاحه جنوباً على بلدتي يلدا وببيلا، ولولا المساعدات الغذائية التي توفرها وكالة الغوث لسكانه، بين فترة وأخرى، يبقى اليرموك ضحية الجوع والمرض. تتواجد في اليرموك مجموعات ناشطة من ممثلي الفصائل، كمنظمتي فتح والجبهة الديمقراطية بشكل خاص، تقتصر أنشطتها على معالجة القضايا الاجتماعية والحياتية اليومية للمخيم بالتعاون مع وكالة الغوث، وممثلي الفصائل الفلسطينية خارجه.</p> <p dir="RTL">يشكل اليرموك ساحة اشتباكات شبه دائمة بين عناصر «التحالف» الفلسطيني خارجه [القيادة العامة والانتفاضة بشكل خاص]، وعناصر «النصرة» داخله، خاصة في خاصرته الوسطى المطلة على تقاطعات شارعي لوبية وصفد، وهي اشتباكات لا تغير من الخريطة العسكرية شيئاً يذكر، بقدر ما تشكل عنواناً دائماً للحالة العسكرية المتوترة التي يعيشها المخيم، المحاط من جوانبه كافة، [ماعدا جهات ببيلا ويلدا والحجر الأسود حيث العناصر المسلحة للقوى المعارضة] بالسواتر الترابية، التي تجعل منه محاصراً من جهة دمشق. مثل هذا الواقع جعل من الحياة في اليرموك جحيماً لا يطاق، خاصة في ظل الارتفاع الجنوني للمواد الغذائية والحاجات الإنسانية، والبطالة التي تجتاح الوجود كله.</p> <p dir="RTL">في الفترة الأخيرة تحركت الوساطات على خط اليرموك، خاصة بعد أن اتفقت الدولة السورية مع عناصر «داعش» المتواجدين في «الحجر الأسود»، وأجزاء من اليرموك على المغادرة إلى الرقة.</p> <p dir="RTL">الوساطات تحدثت عن إمكانية الوصول إلى «مصالحة» مع عناصر «النصرة»، في حال انسحب عناصر «داعش»، حيث ستجد «النصرة» نفسها مطوقة من أكثر من جهة، وستفقد عمقها الاستراتيجي المتمثل في الحجر الأسود. أما يلدا وببيلا فلا تشكلان هذا العمق كونهما تابعتين لقوى مسلحة أخرى على خلاف مع «النصرة» وترتبط بشكل معين «بجيش الإسلام» في الغوطة الشرقية.</p> <p dir="RTL">الاتفاق المبدئي، ينص على إجراء تسويات لعناصر «النصرة» مقابل أن يسلموا أسلحتهم للدولة. بعدها تتولى فرق فنية الكشف على المخيم، لتنظيفه من آثار الحرب، والألغام والقذائف غير المتفجرة، والأماكن المفخخة وغيرها، ثم تتولى قوة من فصائل المقاومة الفلسطينية ــــ وليس من الدولة ـــ تمشيط المخيم، خوفاً من أية مفاجآت. هذه القوة، والتي قدر عددها بحوالي 300 عنصر ستتولى الإمساك بأمن محيط المخيم [من شارع الثلاثين غرباً، إلى مداخل الحجر الأسود جنوباً، إلى شارع فلسطين على التماس مع منطقة التضامن شرقاً، إلى مداخله الشمالية. وإغلاق الثغرة المفتوحة على المسلحين في يلدا وببيلا من دوار فلسطين.] أما الأمن الداخلي للمخيم فتتولاه قوة أخرى من الفصائل تعدادها حوالي 150 عنصراً تتواجد في مخافر لها داخل المخيم. أي بعبارة أوضح استنكفت الدولة السورية عن الدخول إلى المخيم، وأحالت مسؤولياته الأمنية إلى الفصائل الفلسطينية [الفصائل الــ14 التي تضم فصائل م.ت.ف، والتحالف].</p> <p dir="RTL"> فتح باب العودة إلى المخيم، سيعني الفتح على ورشة إنمائية إنسانية بلا ضفاف. فإعادة الحياة إلى اليرموك ستكون قضية شديدة التعقيد، أهمها أن يعود سكانه إليه، وهذا يتطلب ورشة كبرى في إعادة الأعمار، لا تتوفر حتى الآن موازناتها الضخمة، فضلاً عن توفير فرص العمل للسكان، في وضع اقتصادي عام في سورية يشكو العطب بفعل الحرب الدائرة، حيث من المستبعد في القريب المنظور، وربما المتوسط، أن يستعيد اليرموك مركزيته التي كان يتمتع بها، خاصة في ظل الهجرة الواسعة التي طالت الفئات الفاعلة والنشطة والشابة من أبنائه.</p> <p dir="RTL">مخيم اليرموك ما بعد 17/12/2012، لن يكون على شاكلة ما كان عليه قبل هذا التاريخ. لكن تبقى عودة سكانه إليه، والخلاص من آلام التهجير والنزوح مكسباً مهماً، يفترض مواصلة الجهود لتحقيقه. فأياً كان الوضع في قابل الأيام، بعد العودة، فإنه سيكون أفضل بكثير مما كان عليه، وسكان المخيم مشردون في المدارس والأبنية المدمرة، وخلف الحصار.</p>
Image: 281.jpg
ID:
643
Title: شؤون عربية: حسين عبد الرازق التحالف الإسلامي .. والهيمنة السعودية
Content: <p dir="RTL">أعلنت المملكة العربية السعودية في ساعة متأخرة من مساء الاثنين 13 ديسمبر (2015) وخلال زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للقاهرة واجتماعه مع الرئيس " عبد الفتاح السيسي"، عن تشكيل التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.</p> <p dir="RTL">وأذاعت وكالة الأنباء السعودية بياناً حول هذا التحالف جاء فيه ".. تأكيداً على مبادئ وأهداف ميثاق" منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب، فقد تقرر تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية، وأن يتم في مدينة الرياض تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود".</p> <p dir="RTL">وأعلنت السعودية أن التحالف الإسلامي العسكري يضم 34 دولة "إضافة إلى 10 دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن ومنها أندونيسيا". والدول التي أعلنت السعودية مشاركتها في هذا التحالف تشمل 18 دولة عربية هي "السعودية ـ مصر ـ الإمارات ـ الأردن ـ البحرين ـ تونس ـ فلسطين ـ قطر ـ الكويت ـ لبنان ـ ليبيا ـ جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية ـ السودان ـ جيبوتي ـ الصومال ـ موريتانيا ـ المغرب ـ اليمن"، و11 دولة إفريقية هي " بنين ـ تشاد ـ توجو ـ السنغال ـ سيراليون ـ الغابون ـ غينيا ـ ساحل العاج ـ مالي ـ النيجر ـ نيجيريا "، و5 دول آسيوية هي "تركيا ـ باكستان ـ بنغلاديش ـ المالديف ـ ماليزيا".</p> <p dir="RTL">وقال وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" إن التحالف الإسلامي سيعمل على جانبين:</p> <p dir="RTL"><span style="text-decoration: underline;">الأول</span>: يتصل بالأمن وسيسمح بتبادل المعلومات والمساعدة في التدريب وتسلم المعدات وإرسال قوات إذا كان ذلك ضروريا، وسيتم إنشاء "مركز قيادة مشترك " في الرياض.</p> <p dir="RTL"><span style="text-decoration: underline;">والثاني</span>: محاربة الفكر المتطرف "بحيث يشمل المسؤولين الدينيين والمربين والقادة السياسيين لنشر رسالة تسامح وإعتدال وحماية شبابنا من التطرف".</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL" align="center">تساؤلات حول التحالف</p> <p dir="RTL">وقد طُرح عديد من التساؤلات حول هذا "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب".. لا في توقيت إعلانه وملابسات ذلك والجهة التي أعلنته وحسب، وإنما في أهدافه وآليات عمله وخططه للعمل الميداني، والأهم من ذلك كله التعريف الذي سيتبناه بشأن "الإرهاب" وخصوصاً أن المملكة السعودية التي طرحت الفكرة وأعلنتها ونصبت نفسها قائدة له، لديها "لائحتها" الخاصة للمنظمات التي تعتبرها إرهابية. فأي إرهاب هذا الذي تعتزم الدول المتحالفة قتاله؟ وهل للدول الـ 34 المنضوية فيه مفهوم موحد للإرهاب؟ ولماذا يضم التحالف الإسلامي مثلاً أوغندا وبنين والنيجير وساحل العاجل وجزر المالديف، ولا يضم دولاً محورية في المواجهة مع الإرهابيين كالعراق وإيران وسوريا وروسيا والصين وغيرها؟ ثم ما علاقة توقيت إعلان "التحالف الإسلامي" هذا بتطورات الوضع في اليمن حيث واجه "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية أيضاً، حائطاً مسدوداً بعد تسعة أشهر من حرب الخراب؟ وهل هي صدفة هذا التزامن ما بين إنطواء حرب اليمن إلى مرحلة التفاوض في سويسرا والانتكاسات العسكرية للتحالف الذي أصيب بكثير من الهشاشة والخيبات، ومبادرة الرياض إعلان تحالفها الجديد باسم الإسلام!".</p> <p dir="RTL" align="center">الحكومة المصرية ترحب!</p> <p dir="RTL">وبادرت الحكومة المصرية بالترحيب بهذا التحالف الإسلامي، وأعلن "المستشار أحمد أبو زيد" المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية "دعم مصر لكل الجهود الخاصة بمحاربة الإرهاب لاسيما إذا كان الجهد إسلامياً أو عربياً" وأكد "عدم وجود تعارض بين تشكيل التحالف الإسلامي العسكري والقوة العربية المشتركة. ووصف شيخ الأزهر "د. أحمد الطيب" تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بالقرار التاريخي.</p> <p dir="RTL">وربطت مصادر صحفية بين قرار مصر دعم التحالف الإسلامي، وقرار الملك سلمان برفع استثمارات السعودية في مصر لتصل إلى 30 مليار ريال سعودي ( 8 مليارات دولار)، وتوفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات.</p> <p dir="RTL">ولكن النظر إلى الدعم السعودي لمصر بموضوعية يؤكد أن هذا الدعم محدود، فالزيادة في الاستثمارات لا تتجاوز "ملياري دولار" حيث توجد استثمارات سعودية حالياً بما قيمته ستة مليارات دولار، خاصة إذا قارناها بالمساعدات التي قدمت لمصر من دول الخليج والتي وصلت إلى 25 مليار دولار بعد الإطاحة بنظام الإخوان ومحمد مرسي عام 2013 وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة. ولم توضح السلطات السعودية ما إذا كانت الإمدادات البترولية لمصر عبارة عن مساعدات أم ستقدم بشروط سداد ميسرة وهو الأمر الأكثر ترجيحاً.</p> <p dir="RTL"><span style="text-decoration: line-through;"> </span></p> <p dir="RTL" align="center">العداء لمصر عبد الناصر</p> <p dir="RTL">والواضح أن "التحالف الإسلامي" هو نسخة العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين من "الحلف الإسلامي" عام 1965 الذي حاولت المملكة العربية السعودية تأسيسه.</p> <p dir="RTL">ففي خضم الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي الإمبريالي بزعامة الولايات المتحدة الأميركية والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي المساند لحركة التحرر الوطني في الوطن العربي وأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية والوسطى، أصبحت "المملكة العربية السعودية" تحت قيادة الملك "فيصل بن عبد العزيز" لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط لتنفيذ السياسة الأميركية في المنطقة، كان الهدف تقويض حركة التحرر الوطني العربية التي إقترن نهجها السياسي الخارجي المعادي للإمبريالية بإصلاحات داخلية موجهة ضد الاقطاعيين وضد البرجوازية المحلية الكبيرة" مما عمق نهج معاداة الامبريالية، وأغتنت الفكرة القومية السابقة بأيديولوجية التحولات الاجتماعية والبحث عن بنى وطنية ديمقراطية، وكانت مصر الرائدة على هذا الطريق إبان الستينيات".</p> <p dir="RTL">"وتحولت المملكة العربية السعودية للمركز الرئيسي لمجابهة مصر عبد الناصر، وشرعت الطبقة الحاكة السعودية في محاولة تقويض نفود مصر وسوريا وغيرها من دول التحرر الوطني بالبحث عن سبل وأساليب لرص صفوف البلدان ذات الأنظمة المحافظة، وكانت فكرة "جون فوستر دالاس" وزير خارجية الولايات المتحدة حول إنشاء أحلاف عسكرية تساهم فيها الدول الغربية قد بلغت من سوء السمعة دركاً سحيقاً بحيث لم تجر حتى محاولة بعثها، وكان النظام الملكي لا يحظى بشعبية في غالبية البلدان العربية، وبغية رفع شعارات جاذبة لمواجهة فكرة القومية العربية والتضامن العربي المقترنة بالدعوة إلى التحولات الاجتماعية "الاشتراكية" توجهت السعودية لاستخدام "الإسلام". فتأثير "الإسلام" لم يخفت أو يتراجع حتى في الدول العلمانية مثل تركيا. وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات بدأت عملية "الانبعاث الإسلامي".</p> <p dir="RTL">طرح الملك فيصل خطة تأسيس "الحلف الإسلامي" أملاً في جعله نقيضاً للجامعة العربية، وحظيت فكرة فيصل بتعاطف واشنطن ولندن اللتين كانتا تقليدياً تعتبران الدين حائلاً دون انتشار الأفكار الاشتراكية والتحررية. وزار الملك فيصل إيران في ديسمبر 1965، وأثناء مفاوضاته هناك اقترح لأول مرة علناً عقد مؤتمر قمة إسلامي، فأيد شاه إيران الفكرة، وفي 31 ديسمبر 1965 أعلن الملك فيصل في عمان (الأردن) أثناء زيارته لها رسمياً أنه سوف تشكل لجنة إسلامية للتحضير لمؤتمر قمة إسلامي.</p> <p dir="RTL">"جابه فيصل معارضة شديدة من جميع الدول الإسلامية منذ الخطوات الأولى، فقد أثار تأييد "الحلف الإسلامي" من قبل الشاه عدو عبد الناصر وصديق إسرائيل، مخاوف حتى لدى العديد من الملوك العرب، وفي خاتمة المطاف لم يوافق على عقد مؤتمر الدول الإسلامية أحد بإستثناء إيران والأردن، أما البلدان الأخرى فقد عارضت مبادرة فيصل وأعلن الرئيس جمال عبد الناصر في 22 فبراير 1966 في خطاب ألقاه باجتماع جماهيري في جامعة القاهرة أن الامبريالية والرجعية تقومان بتأسيس الحلف الإسلامي، وأنه على غرار حلف بغداد والأحلاف السياسية الاستعمارية السابقة موجه ضد حركات التحرر الوطني.</p> <p dir="RTL" align="center">الوهابية منبع الفكر الإرهابي</p> <p dir="RTL">وإذا تركنا الجانب الأمني والعسكري لهذا "التحالف الإسلامي" السني السعودي وانتقلنا إلى الجانب الفكري والذي حدده وزير الخارجية السعودي "بمحاربة الفكر المتطرف" فسنصطدم بأن المنطلق الفكري السعودي القائم على المذهب الوهابي، هو منبع الفكر الإرهابي.</p> <p dir="RTL">فمنذ البداية شكلت الوهابية حركة تعصب شامل تجاه أولئك الذين لا يتبنون مبادئها، بمن في ذلك المسلمون الآخرون. هذا التعصب الديني المتطرف اقتضى أولاً أن يستأصل رموز الحضارة غير الوهابية. إذ لم يكن هذا الأمر بمثابة ممارسة كونية للإسلام في الماضي. وحتى عندما تملك المسلمون الأماكن المقدسة لصالح العقيدة الإسلامية كانوا عادة يبقون على البنيات المقدسة القائمة منذ ما قبل الإسلام.</p> <p dir="RTL">"وعقد "محمد بن سعود" حاكم الدرعية القريبة من الرياض عام 1744 حلفاً مع "محمد بن عبد الوهاب" مؤسس الوهابية. وتقول الرواية أن إبن سعود طمأن حليفه الجديد: "هذه الواحة واحتك، لاتخشى أعداءك. ولو اجتمعت نجد كلها لإخراجك لما إتفقنا على طردك"، وأجاب ابن عبد الوهاب قائلاً: "إنكم قائد الاستقرار ورجل حكيم. أريدك أن تقسم لي على كلمة جهاد الكفار".</p> <p dir="RTL"> وهكذا عقد إبن سعود ومحمد بن عبد الوهاب ميثاقاً أسس بموجبه إبن سعود الدولة السعودية الأولى، ووضع إبن عبد الوهاب عقيدتها الرسمية. كان الميثاق ـ بإختصار ـ صفقة سياسية حيث سيحمي إبن سعود إبن عبد الوهاب، وينشر عقيدته الجديدة، بينما يضفي إبن عبد الوهاب المشروعية على الحكم السعودي داخل دارة متسعة من قبائل البدو التي اخضعها الجهاد الجديد، وسمت الجماعة الجديدة حركتها باسم "الدعوة والتوحيد" لكن سميت العقيدة الطٌهرانية الجديدة في الغرب بالوهابية نسبة إلى مؤسسها، وسٌمي أتباعها بالوهابيين. ورغم أن محمد بن عبد الوهاب لم يؤسس مذهباً جديداً، فإن دعوته داخل المذهب الحنبلي تميزت بانفصال واضح عن الإسلام الأساسي. إذ ظل أتباع المذهب الإسلامي السني الواحد ينظرون طيلة قرون إلى أتباع المذهب الآخر كمسلمين حقيقيين، لكن إبن عبد الوهاب قطع مع هذا التقليد.</p> <p dir="RTL"> تحالف الوهابية والإخوان</p> <p dir="RTL">ولجأت السعودية عام 1962 إلى تأسيس "رابطة العالم الإسلامي" وهي منظمة دولية مكرسة لنشر الإسلام وإحياء الوهابية، وخضعت الرابطة لهيمنة سعودية كاملة، وأتخذت من "مكة" مقراً لها، وأوفدت الرابطة البعثات الدينية، وجمعت المال لبناء المساجد، ووزعت أعمال "إبن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب". وأصبح بعض الأمناء العامين للرابطة وزراء في الحكومة السعودية. وباتت الرابطة ناطقاً غير حكومي باسم السعودية" ووسيلة لحماية العالم الإسلامي من الأيديولوجيات الأجنبية المتشدده، وكان المقصود بها في الستينيات القومية العربية والناصرية.</p> <p dir="RTL">ولقد شب الجيل الذي رأى النور خلال الستينيات وبلغ سن الرشد خلال الثمانينيات برمته على العقائد الوهابية. ومنحت هيمنة الزعامات الدينية السعودية على منظومة التربية الوهابية إمتداداً وأثراً لا يصدق.</p> <p dir="RTL">وتحالفت السعودية الوهابية مع جماعة الإخوان في الخمسينيات، عقب صدام الإخوان مع النظام الثوري الجديد ومحاولة اغتيال "جمال عبد الناصر" عام 1954 في المنشية بالاسكندرية، ولجأ العديد من الأعضاء المصريين في جماعة الإخوان إلى العربية السعودية، وحصل بعضهم على معاشات من الحكومة السعودية، وأصبح بعض "الإخوان" المصريين الذين وصلوا إلى المملكة العربية السعودية أواخر الخمسينيات شخصيات بارزة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، التي أمل السعوديون أن تكون بدلاً لجامعة الأزهر في القاهرة! وراكم إخوان آخرون ثروات هائلة في العربية السعودية.</p> <p dir="RTL">والتمس مزيد من المتشددين الإسلاميين اللجوء إلى المملكة العربية السعودية من بينهم السوداني "حسن الترابي" والشيخ "عمر عبد الرحمن" و"أيمن الظواهري" و"عبد الله عزام".</p> <p dir="RTL">وهكذا يتضح أن "التحالف الإسلامي الذي أعلنته المملكة العربية السعودية بجانبيه الأمني العسكري والفكري يستحيل أن يكون هدفه محاربة الإرهاب، ولكنه وسيلة لهيمنة سعودية على المنطقة يخدم أول ما يخدم التعصب الديني والإرهاب.</p>
Image: 281.jpg
Title: شؤون عربية: حسين عبد الرازق التحالف الإسلامي .. والهيمنة السعودية
Content: <p dir="RTL">أعلنت المملكة العربية السعودية في ساعة متأخرة من مساء الاثنين 13 ديسمبر (2015) وخلال زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للقاهرة واجتماعه مع الرئيس " عبد الفتاح السيسي"، عن تشكيل التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.</p> <p dir="RTL">وأذاعت وكالة الأنباء السعودية بياناً حول هذا التحالف جاء فيه ".. تأكيداً على مبادئ وأهداف ميثاق" منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب، فقد تقرر تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية، وأن يتم في مدينة الرياض تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود".</p> <p dir="RTL">وأعلنت السعودية أن التحالف الإسلامي العسكري يضم 34 دولة "إضافة إلى 10 دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن ومنها أندونيسيا". والدول التي أعلنت السعودية مشاركتها في هذا التحالف تشمل 18 دولة عربية هي "السعودية ـ مصر ـ الإمارات ـ الأردن ـ البحرين ـ تونس ـ فلسطين ـ قطر ـ الكويت ـ لبنان ـ ليبيا ـ جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية ـ السودان ـ جيبوتي ـ الصومال ـ موريتانيا ـ المغرب ـ اليمن"، و11 دولة إفريقية هي " بنين ـ تشاد ـ توجو ـ السنغال ـ سيراليون ـ الغابون ـ غينيا ـ ساحل العاج ـ مالي ـ النيجر ـ نيجيريا "، و5 دول آسيوية هي "تركيا ـ باكستان ـ بنغلاديش ـ المالديف ـ ماليزيا".</p> <p dir="RTL">وقال وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" إن التحالف الإسلامي سيعمل على جانبين:</p> <p dir="RTL"><span style="text-decoration: underline;">الأول</span>: يتصل بالأمن وسيسمح بتبادل المعلومات والمساعدة في التدريب وتسلم المعدات وإرسال قوات إذا كان ذلك ضروريا، وسيتم إنشاء "مركز قيادة مشترك " في الرياض.</p> <p dir="RTL"><span style="text-decoration: underline;">والثاني</span>: محاربة الفكر المتطرف "بحيث يشمل المسؤولين الدينيين والمربين والقادة السياسيين لنشر رسالة تسامح وإعتدال وحماية شبابنا من التطرف".</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL" align="center">تساؤلات حول التحالف</p> <p dir="RTL">وقد طُرح عديد من التساؤلات حول هذا "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب".. لا في توقيت إعلانه وملابسات ذلك والجهة التي أعلنته وحسب، وإنما في أهدافه وآليات عمله وخططه للعمل الميداني، والأهم من ذلك كله التعريف الذي سيتبناه بشأن "الإرهاب" وخصوصاً أن المملكة السعودية التي طرحت الفكرة وأعلنتها ونصبت نفسها قائدة له، لديها "لائحتها" الخاصة للمنظمات التي تعتبرها إرهابية. فأي إرهاب هذا الذي تعتزم الدول المتحالفة قتاله؟ وهل للدول الـ 34 المنضوية فيه مفهوم موحد للإرهاب؟ ولماذا يضم التحالف الإسلامي مثلاً أوغندا وبنين والنيجير وساحل العاجل وجزر المالديف، ولا يضم دولاً محورية في المواجهة مع الإرهابيين كالعراق وإيران وسوريا وروسيا والصين وغيرها؟ ثم ما علاقة توقيت إعلان "التحالف الإسلامي" هذا بتطورات الوضع في اليمن حيث واجه "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية أيضاً، حائطاً مسدوداً بعد تسعة أشهر من حرب الخراب؟ وهل هي صدفة هذا التزامن ما بين إنطواء حرب اليمن إلى مرحلة التفاوض في سويسرا والانتكاسات العسكرية للتحالف الذي أصيب بكثير من الهشاشة والخيبات، ومبادرة الرياض إعلان تحالفها الجديد باسم الإسلام!".</p> <p dir="RTL" align="center">الحكومة المصرية ترحب!</p> <p dir="RTL">وبادرت الحكومة المصرية بالترحيب بهذا التحالف الإسلامي، وأعلن "المستشار أحمد أبو زيد" المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية "دعم مصر لكل الجهود الخاصة بمحاربة الإرهاب لاسيما إذا كان الجهد إسلامياً أو عربياً" وأكد "عدم وجود تعارض بين تشكيل التحالف الإسلامي العسكري والقوة العربية المشتركة. ووصف شيخ الأزهر "د. أحمد الطيب" تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بالقرار التاريخي.</p> <p dir="RTL">وربطت مصادر صحفية بين قرار مصر دعم التحالف الإسلامي، وقرار الملك سلمان برفع استثمارات السعودية في مصر لتصل إلى 30 مليار ريال سعودي ( 8 مليارات دولار)، وتوفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات.</p> <p dir="RTL">ولكن النظر إلى الدعم السعودي لمصر بموضوعية يؤكد أن هذا الدعم محدود، فالزيادة في الاستثمارات لا تتجاوز "ملياري دولار" حيث توجد استثمارات سعودية حالياً بما قيمته ستة مليارات دولار، خاصة إذا قارناها بالمساعدات التي قدمت لمصر من دول الخليج والتي وصلت إلى 25 مليار دولار بعد الإطاحة بنظام الإخوان ومحمد مرسي عام 2013 وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة. ولم توضح السلطات السعودية ما إذا كانت الإمدادات البترولية لمصر عبارة عن مساعدات أم ستقدم بشروط سداد ميسرة وهو الأمر الأكثر ترجيحاً.</p> <p dir="RTL"><span style="text-decoration: line-through;"> </span></p> <p dir="RTL" align="center">العداء لمصر عبد الناصر</p> <p dir="RTL">والواضح أن "التحالف الإسلامي" هو نسخة العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين من "الحلف الإسلامي" عام 1965 الذي حاولت المملكة العربية السعودية تأسيسه.</p> <p dir="RTL">ففي خضم الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي الإمبريالي بزعامة الولايات المتحدة الأميركية والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي المساند لحركة التحرر الوطني في الوطن العربي وأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية والوسطى، أصبحت "المملكة العربية السعودية" تحت قيادة الملك "فيصل بن عبد العزيز" لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط لتنفيذ السياسة الأميركية في المنطقة، كان الهدف تقويض حركة التحرر الوطني العربية التي إقترن نهجها السياسي الخارجي المعادي للإمبريالية بإصلاحات داخلية موجهة ضد الاقطاعيين وضد البرجوازية المحلية الكبيرة" مما عمق نهج معاداة الامبريالية، وأغتنت الفكرة القومية السابقة بأيديولوجية التحولات الاجتماعية والبحث عن بنى وطنية ديمقراطية، وكانت مصر الرائدة على هذا الطريق إبان الستينيات".</p> <p dir="RTL">"وتحولت المملكة العربية السعودية للمركز الرئيسي لمجابهة مصر عبد الناصر، وشرعت الطبقة الحاكة السعودية في محاولة تقويض نفود مصر وسوريا وغيرها من دول التحرر الوطني بالبحث عن سبل وأساليب لرص صفوف البلدان ذات الأنظمة المحافظة، وكانت فكرة "جون فوستر دالاس" وزير خارجية الولايات المتحدة حول إنشاء أحلاف عسكرية تساهم فيها الدول الغربية قد بلغت من سوء السمعة دركاً سحيقاً بحيث لم تجر حتى محاولة بعثها، وكان النظام الملكي لا يحظى بشعبية في غالبية البلدان العربية، وبغية رفع شعارات جاذبة لمواجهة فكرة القومية العربية والتضامن العربي المقترنة بالدعوة إلى التحولات الاجتماعية "الاشتراكية" توجهت السعودية لاستخدام "الإسلام". فتأثير "الإسلام" لم يخفت أو يتراجع حتى في الدول العلمانية مثل تركيا. وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات بدأت عملية "الانبعاث الإسلامي".</p> <p dir="RTL">طرح الملك فيصل خطة تأسيس "الحلف الإسلامي" أملاً في جعله نقيضاً للجامعة العربية، وحظيت فكرة فيصل بتعاطف واشنطن ولندن اللتين كانتا تقليدياً تعتبران الدين حائلاً دون انتشار الأفكار الاشتراكية والتحررية. وزار الملك فيصل إيران في ديسمبر 1965، وأثناء مفاوضاته هناك اقترح لأول مرة علناً عقد مؤتمر قمة إسلامي، فأيد شاه إيران الفكرة، وفي 31 ديسمبر 1965 أعلن الملك فيصل في عمان (الأردن) أثناء زيارته لها رسمياً أنه سوف تشكل لجنة إسلامية للتحضير لمؤتمر قمة إسلامي.</p> <p dir="RTL">"جابه فيصل معارضة شديدة من جميع الدول الإسلامية منذ الخطوات الأولى، فقد أثار تأييد "الحلف الإسلامي" من قبل الشاه عدو عبد الناصر وصديق إسرائيل، مخاوف حتى لدى العديد من الملوك العرب، وفي خاتمة المطاف لم يوافق على عقد مؤتمر الدول الإسلامية أحد بإستثناء إيران والأردن، أما البلدان الأخرى فقد عارضت مبادرة فيصل وأعلن الرئيس جمال عبد الناصر في 22 فبراير 1966 في خطاب ألقاه باجتماع جماهيري في جامعة القاهرة أن الامبريالية والرجعية تقومان بتأسيس الحلف الإسلامي، وأنه على غرار حلف بغداد والأحلاف السياسية الاستعمارية السابقة موجه ضد حركات التحرر الوطني.</p> <p dir="RTL" align="center">الوهابية منبع الفكر الإرهابي</p> <p dir="RTL">وإذا تركنا الجانب الأمني والعسكري لهذا "التحالف الإسلامي" السني السعودي وانتقلنا إلى الجانب الفكري والذي حدده وزير الخارجية السعودي "بمحاربة الفكر المتطرف" فسنصطدم بأن المنطلق الفكري السعودي القائم على المذهب الوهابي، هو منبع الفكر الإرهابي.</p> <p dir="RTL">فمنذ البداية شكلت الوهابية حركة تعصب شامل تجاه أولئك الذين لا يتبنون مبادئها، بمن في ذلك المسلمون الآخرون. هذا التعصب الديني المتطرف اقتضى أولاً أن يستأصل رموز الحضارة غير الوهابية. إذ لم يكن هذا الأمر بمثابة ممارسة كونية للإسلام في الماضي. وحتى عندما تملك المسلمون الأماكن المقدسة لصالح العقيدة الإسلامية كانوا عادة يبقون على البنيات المقدسة القائمة منذ ما قبل الإسلام.</p> <p dir="RTL">"وعقد "محمد بن سعود" حاكم الدرعية القريبة من الرياض عام 1744 حلفاً مع "محمد بن عبد الوهاب" مؤسس الوهابية. وتقول الرواية أن إبن سعود طمأن حليفه الجديد: "هذه الواحة واحتك، لاتخشى أعداءك. ولو اجتمعت نجد كلها لإخراجك لما إتفقنا على طردك"، وأجاب ابن عبد الوهاب قائلاً: "إنكم قائد الاستقرار ورجل حكيم. أريدك أن تقسم لي على كلمة جهاد الكفار".</p> <p dir="RTL"> وهكذا عقد إبن سعود ومحمد بن عبد الوهاب ميثاقاً أسس بموجبه إبن سعود الدولة السعودية الأولى، ووضع إبن عبد الوهاب عقيدتها الرسمية. كان الميثاق ـ بإختصار ـ صفقة سياسية حيث سيحمي إبن سعود إبن عبد الوهاب، وينشر عقيدته الجديدة، بينما يضفي إبن عبد الوهاب المشروعية على الحكم السعودي داخل دارة متسعة من قبائل البدو التي اخضعها الجهاد الجديد، وسمت الجماعة الجديدة حركتها باسم "الدعوة والتوحيد" لكن سميت العقيدة الطٌهرانية الجديدة في الغرب بالوهابية نسبة إلى مؤسسها، وسٌمي أتباعها بالوهابيين. ورغم أن محمد بن عبد الوهاب لم يؤسس مذهباً جديداً، فإن دعوته داخل المذهب الحنبلي تميزت بانفصال واضح عن الإسلام الأساسي. إذ ظل أتباع المذهب الإسلامي السني الواحد ينظرون طيلة قرون إلى أتباع المذهب الآخر كمسلمين حقيقيين، لكن إبن عبد الوهاب قطع مع هذا التقليد.</p> <p dir="RTL"> تحالف الوهابية والإخوان</p> <p dir="RTL">ولجأت السعودية عام 1962 إلى تأسيس "رابطة العالم الإسلامي" وهي منظمة دولية مكرسة لنشر الإسلام وإحياء الوهابية، وخضعت الرابطة لهيمنة سعودية كاملة، وأتخذت من "مكة" مقراً لها، وأوفدت الرابطة البعثات الدينية، وجمعت المال لبناء المساجد، ووزعت أعمال "إبن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب". وأصبح بعض الأمناء العامين للرابطة وزراء في الحكومة السعودية. وباتت الرابطة ناطقاً غير حكومي باسم السعودية" ووسيلة لحماية العالم الإسلامي من الأيديولوجيات الأجنبية المتشدده، وكان المقصود بها في الستينيات القومية العربية والناصرية.</p> <p dir="RTL">ولقد شب الجيل الذي رأى النور خلال الستينيات وبلغ سن الرشد خلال الثمانينيات برمته على العقائد الوهابية. ومنحت هيمنة الزعامات الدينية السعودية على منظومة التربية الوهابية إمتداداً وأثراً لا يصدق.</p> <p dir="RTL">وتحالفت السعودية الوهابية مع جماعة الإخوان في الخمسينيات، عقب صدام الإخوان مع النظام الثوري الجديد ومحاولة اغتيال "جمال عبد الناصر" عام 1954 في المنشية بالاسكندرية، ولجأ العديد من الأعضاء المصريين في جماعة الإخوان إلى العربية السعودية، وحصل بعضهم على معاشات من الحكومة السعودية، وأصبح بعض "الإخوان" المصريين الذين وصلوا إلى المملكة العربية السعودية أواخر الخمسينيات شخصيات بارزة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، التي أمل السعوديون أن تكون بدلاً لجامعة الأزهر في القاهرة! وراكم إخوان آخرون ثروات هائلة في العربية السعودية.</p> <p dir="RTL">والتمس مزيد من المتشددين الإسلاميين اللجوء إلى المملكة العربية السعودية من بينهم السوداني "حسن الترابي" والشيخ "عمر عبد الرحمن" و"أيمن الظواهري" و"عبد الله عزام".</p> <p dir="RTL">وهكذا يتضح أن "التحالف الإسلامي الذي أعلنته المملكة العربية السعودية بجانبيه الأمني العسكري والفكري يستحيل أن يكون هدفه محاربة الإرهاب، ولكنه وسيلة لهيمنة سعودية على المنطقة يخدم أول ما يخدم التعصب الديني والإرهاب.</p>
Image: 281.jpg
ID:
644
Title: شؤون اقتصادية: نديم دياب إيران بلا عقوبات غربية وأسعار النفط بلا قعر
Content: <p dir="RTL">في الصباح الذي صعد فيه وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الطائرة متوجّهاً إلى العاصمة النمساوية، هبطت أسعار النفط بنسبة %6. كان ذلك نهار السبت الواقع في السادس عشر من كانون الثاني من العام 2016، يومٌ تاريخي انتظره الإيرانيون منذ إبرام الإتّفاق النووي مع الدول الـستّ، وتوجّس منه المستثمرون في قطاع النفط.</p> <p dir="RTL">ساعاتٌ قليلة وتعلن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من فيينا، دخول الإتفاق النووي حيّز التنفيذ، وتهوي أسعار البترول إلى أدنى مستوى لها من 12 عاماً. 48 ساعة أخرى، وتهبط الأسعار إلى ما سجّلته عام 2003 مع بدء التعاملات الأسبوعية في الأسواق العالمية، لتتراجع أسعار كلٍّ من خام برنت والخام الأميركي إلى ما دون عتبة الثلاثين دولار للبرميل الواحد تزامناً مع بدء رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، ومنها تلك التي قوّضت صادرتها النفطية لسنواتٍ خلت، وتخوّف السوق، الغارقة أصلاً بمعروض النفط، من تفاقم تخمة الإمدادات.</p> <p dir="RTL"><strong>النفط مقابل النووي</strong></p> <p dir="RTL">قايضت إيران طموحاتها النووية السلمية بالانضمام مجدّداً إلى المجتمع الدولي من البوابة الدبلوماسية والإنخراط بالنظام العالمي الاقتصادي من خلال خلع القيود التي كبّلت نموّها الاقتصادي. ربحت طهران أكثر مما خسرته. إستغنت عن عشرات الأطنان من اليورانيوم المنخفض التخصيب وفككت قلوب بضعة مفاعلات نووية، لكنّها استعاضت عنها بمشاريع استثمارية مستقبلية خارجية، وتعاونٍ دولي في مجالات التنمية، بالإضافة إلى أسواقٍ مفتوحة للتبادل التجاري، مع ما يستتبع كل ذلك من انتعاشٍ في الاقتصاد الإيراني.</p> <p dir="RTL">ما تزال خطّة إيران الاقتصادية للمرحلة المقبلة غير واضحة المعالم، إلّا أنّ بوادر خطوطها العريضة بدأت تتجلّى بشكلٍ لا ريب فيه مع إتّخاذ الحكومة الإيرانية القرار بضخ ّ نصف مليون برميل نفط يومياًّ، من ضمن أولى المراسيم التي اتّخذتها طهران بعد الاعلان عن بدء تطبيق الاتّفاق النووي.</p> <p dir="RTL">العزلة الاقتصادية التي عانت منها إيران خلال فترة الحظر، الذي امتد على مراحل عدّة خلال السنوات الـ13 الماضية، انسحبت على قطاعها النفطي، قاطعةً الطريق أمام صادرات البترول التي انخفضت إلى مليون برميل (من أصل إنتاجٍ يُقدّر حالياً بثلاثة ملايين برميل يوميّاً) بعد أن وصلت إلى ذروتها في فترة ما قبل العام 2012 مسجّلةً صادرات بنحو 3.2 مليون برميل يومياً.</p> <p dir="RTL"><strong>إيران والسعودية والعداء ثالثهما</strong></p> <p dir="RTL">انحسار حصّة إيران السوقية النفطية أدّت إلى خسارتها لثقلها في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، متراجعةً أمام السعودية، التي تشكّل مع أخواتها من الدول الخليجية الأخرى معسكراً نديّاً للمعسكر الذي ترأسه طهران وكراكاس الفنزولية في المنظّمة الدولية.</p> <p dir="RTL">استطاع المحور السعودي، بإيعازٍ أميركي، من فرملة استجابة "أوبك" لتدهور أسعار النفط، مانعاً كبح الإنتاج النفطي للكارتيل الذي يضمّ 12 دولة ووضع سقفٍ ملزمٍ له، في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات، من داخل المنظمة وخارجها، مطالبةً "أوبك" بالتدخل لدعم الأسعار التي تراجعت بشكلٍ مطّرد.</p> <p dir="RTL">ضعف الطلب العالمي الذي ما زال يعاني من ارتدادات الأزمة الاقتصادية أدّى إلى كثافة المعروض النفطي، فيما تأتى عن الانتاج الذي بقي على حاله فائضاً في المخزون النفطي لم تعد تجد بعض الدول أمكنة لإيداعه. إغراق السوق بالبترول أدى إلى انهيار سعر الخام بنسبة قاربت %35 العام الماضي وقرابة %20 اضافية منذ مطلع العام الحالي، ليقارب سعره الـ28 دولاراً للبرميل بعد أن وصلت إلى مستوى 125 دولاراً في العام 2012.</p> <p dir="RTL">تسعى إيران، الدولة الثانية المنتجة للنفط منخفض الكلفة في الشرق الأوسط بعد جارتها اللدودة السعودية، إلى استكمال الاستفادة من مخزونها النفطي، التي بطأت عملية استخراجه مع انسداد آفاق تصريفه خلال فترة العقوبات، إضافةً إلى رغبتها في استرداد موقعها في السوق العالمية، في تحدًّ واضحٍ للرياض التي بدأ اقتصادها يرزح نتيجة تهاوي مداخيل النفط بفعل السياسية الانتاجية البترولية التي سعت وما زالت تسعى السعودية للدفاع عنها.</p> <p dir="RTL"><strong>المعروض الإيراني والعجز في الطلب</strong></p> <p dir="RTL">وفي صراع عملاقي النفط الشرق-أوسطيين، أخبارٌ سيئة بالجملة للمتداولين بالذهب الأسود. لم تفتح إيران المزيد من صنابر مخازن نفطها بعد، ولم تبدأ حفاراتها بالعمل لساعاتٍ إضافية أو استكشاف آبار جديدة. لكنّ في عزم إيران العودة إلى السوق النفطية ضغوطات إضافية على أسعار النفط التي قد يدفعها كثافة المعروض إلى مستوى الـ16 دولاراً للبرميل، بحسب توقّعات بعض المحللين. يشهد السوق النفطي العالمي فائضاً يومياً يقدر بين نصف مليون برميل إلى مليون ونصف مليون برميل، وتقود هذا العجز "أوبك" التي يشكل مجموع إنتاجها النفطي اليومي 32.2 مليون برميل (حسب إحصاءات شهر كانون الأول الماضي)، فيما الطلب العالمي يقدر بـ31.6 مليون برميل.</p> <p dir="RTL">من الطبيعي أن تهدد أية مشاريع نفطية تصديرية لإيران الديناميكيات الاقتصادية المحدِّدَة للأسعار من خلال زيادة تشبّع السوق بمعروض المادة النفطية التي، في ظل الطلب الضعيف، ستدفع بالأسعار إلى هاويةٍ أعمق من التي وصلت لها. إلّا في حال أعادت السعودية، التي تحقن حالياً قرابة الـ10 ملايين برميل نفط، النظر في سياستها النفطية الهجومية. إلا أن هذا الأمر، بطبيعة الحال، مستبعدٌ، خصوصاً أنّ أية خطوة للرياض إلى الوراء تعني تسجيل الخصم- طهران هدفاً في المرمى السعودي، الذي فضّل رفع الدعم عن أسعار مواد الطاقة داخل المملكة لخفض النفقات وسدّ العجز التاريخي (86 مليار دولار لعام 2015) عوضاً عن الاستغناء عن حصته السوقية.</p> <p dir="RTL"><strong>التبعات الاقتصادية لشجار الجارتين</strong></p> <p dir="RTL">الخلافات السعودية- الإيرانية التاريخية، وتنافس الاثنين على بسط السيطرة، سياسيةً كانت أم عسكريّةً، على مناطق الشرق الأوسط، يحول دون تقديمهما تنازلاتٍ، حتّى ولو صبّت في صالحهما الشخصي. الاتّفاق النووي لم يعجب السعودية قطّ. ذاك التناغم الإيراني، وإن كان محدوداً، مع الدول الكبرى، وخصوصاً الولايات المتحدة التي لم تألُ الرياض جهداً لاستمالة رضاها، أثار هلع المملكة من إمكانية خلط أوراق التحالفات الدولية وتدعيم الثقل الإيراني في المنطقة.</p> <p dir="RTL">ولم يخف أمراء النفط تململهم من إنفتاح واشنطن على طهران قلقاً من أن يؤثر هذا التطور، ولو هامشياً، على علاقات المملكة مع من تراها "البلد رقم واحد في العالم"، كما جاء على لسان ولي ولي العهد السعودي مؤخراً. هذا الامتعاض من وراء المنابر ما لبثت أن ترجمته السعودية، قبل أسابيع معدودة من "السبت المفصلي"، على أرض الواقع عبر تسعير الصراع مع إيران من خلال افتعال أزمةٍ دبلوماسية حادة بحجّة الاعتداء على منشآتها الدبلوماسية في العاصمة طهران ومشهد، في أعقاب إعدام الرياض رجل الدين المعارض نمر باقر النمر. ولهذا الاحتدام السياسي آثاره على الواقع النفطي، إذ أن الرياض من خلال تأزيم علاقاتها مع إيران، قد قطعت الطريق أمام أي اتفاقٍ أو حتى تفاهمٍ بين الطرفين العضوين في أوبك على استراتيجية لإعادة الانتظام للأسعار النفطية بعد استعادة طهران موقعها كلاعبٍ رئيسيٍّ في السوق المثقلة أساساً بالامدادات النفطية. الأمر الذي يلقي سحابة سوداء على آفاق الأسعار وإمكانية إعادة الانتظام لقطاع الطاقة الذي يشكل عصب العمليات الصناعية.</p> <p dir="RTL">لا مهرب من تدفق النفط الإيراني في الأسواق، لكنّ الحدث المرتقب قد يكون آجلاً بدل عاجلاً. انقطاع إيران عن عالم الاستثمارات الأجنبية لسنوات أرخى بظلاله على جهاز نفطها الانتاجي وبنيتها التحتية غير المتطورتين بالمقارنة مع الطفرة الفجائية في الاستخراج النفطي التي تروّج لها طهران الطامحة بزيادة الانتاج بنحو 500 ألف برميل العام الحالي، ومليون برميل إضافي العام المقبل. وبالتالي من المستبعد أن تستطيع طهران في الوقت الراهن أن تشكّل ضغطاً مادياًّ ملموساً على السوق النفطية، مكتفيةً بضغطٍ نفسي على المتداولين، على الأقل لحد الساعة.</p> <p dir="RTL">ومع ترقب أن تدفعها إيران إلى المزيد من الانحدار، ستبقى الأسعار في الوقت الراهن ترزح تحت وفرة معروضٍ نفطي وصلت حد التخمة مع رفع واشنطن الحظر على صادرات النفط الأميركية (الذي دام 40 عاماً) وارتفاع المخزونات والصادرات النفطية، مقابل محدودية الطلب الذي يقوده تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي سجّل في الربع الأخير من العام الماضي أسوأ نموٍّ له منذ 25 عاماً، وتراجع قطاع الصناعات في الهند والولايات المتحدة... ليصبح النفط أرخص سائلٍ في السوق متغلّباً على المياه المعدنية والغازية والكحول.</p>
Image: 281.jpg
Title: شؤون اقتصادية: نديم دياب إيران بلا عقوبات غربية وأسعار النفط بلا قعر
Content: <p dir="RTL">في الصباح الذي صعد فيه وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الطائرة متوجّهاً إلى العاصمة النمساوية، هبطت أسعار النفط بنسبة %6. كان ذلك نهار السبت الواقع في السادس عشر من كانون الثاني من العام 2016، يومٌ تاريخي انتظره الإيرانيون منذ إبرام الإتّفاق النووي مع الدول الـستّ، وتوجّس منه المستثمرون في قطاع النفط.</p> <p dir="RTL">ساعاتٌ قليلة وتعلن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من فيينا، دخول الإتفاق النووي حيّز التنفيذ، وتهوي أسعار البترول إلى أدنى مستوى لها من 12 عاماً. 48 ساعة أخرى، وتهبط الأسعار إلى ما سجّلته عام 2003 مع بدء التعاملات الأسبوعية في الأسواق العالمية، لتتراجع أسعار كلٍّ من خام برنت والخام الأميركي إلى ما دون عتبة الثلاثين دولار للبرميل الواحد تزامناً مع بدء رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، ومنها تلك التي قوّضت صادرتها النفطية لسنواتٍ خلت، وتخوّف السوق، الغارقة أصلاً بمعروض النفط، من تفاقم تخمة الإمدادات.</p> <p dir="RTL"><strong>النفط مقابل النووي</strong></p> <p dir="RTL">قايضت إيران طموحاتها النووية السلمية بالانضمام مجدّداً إلى المجتمع الدولي من البوابة الدبلوماسية والإنخراط بالنظام العالمي الاقتصادي من خلال خلع القيود التي كبّلت نموّها الاقتصادي. ربحت طهران أكثر مما خسرته. إستغنت عن عشرات الأطنان من اليورانيوم المنخفض التخصيب وفككت قلوب بضعة مفاعلات نووية، لكنّها استعاضت عنها بمشاريع استثمارية مستقبلية خارجية، وتعاونٍ دولي في مجالات التنمية، بالإضافة إلى أسواقٍ مفتوحة للتبادل التجاري، مع ما يستتبع كل ذلك من انتعاشٍ في الاقتصاد الإيراني.</p> <p dir="RTL">ما تزال خطّة إيران الاقتصادية للمرحلة المقبلة غير واضحة المعالم، إلّا أنّ بوادر خطوطها العريضة بدأت تتجلّى بشكلٍ لا ريب فيه مع إتّخاذ الحكومة الإيرانية القرار بضخ ّ نصف مليون برميل نفط يومياًّ، من ضمن أولى المراسيم التي اتّخذتها طهران بعد الاعلان عن بدء تطبيق الاتّفاق النووي.</p> <p dir="RTL">العزلة الاقتصادية التي عانت منها إيران خلال فترة الحظر، الذي امتد على مراحل عدّة خلال السنوات الـ13 الماضية، انسحبت على قطاعها النفطي، قاطعةً الطريق أمام صادرات البترول التي انخفضت إلى مليون برميل (من أصل إنتاجٍ يُقدّر حالياً بثلاثة ملايين برميل يوميّاً) بعد أن وصلت إلى ذروتها في فترة ما قبل العام 2012 مسجّلةً صادرات بنحو 3.2 مليون برميل يومياً.</p> <p dir="RTL"><strong>إيران والسعودية والعداء ثالثهما</strong></p> <p dir="RTL">انحسار حصّة إيران السوقية النفطية أدّت إلى خسارتها لثقلها في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، متراجعةً أمام السعودية، التي تشكّل مع أخواتها من الدول الخليجية الأخرى معسكراً نديّاً للمعسكر الذي ترأسه طهران وكراكاس الفنزولية في المنظّمة الدولية.</p> <p dir="RTL">استطاع المحور السعودي، بإيعازٍ أميركي، من فرملة استجابة "أوبك" لتدهور أسعار النفط، مانعاً كبح الإنتاج النفطي للكارتيل الذي يضمّ 12 دولة ووضع سقفٍ ملزمٍ له، في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات، من داخل المنظمة وخارجها، مطالبةً "أوبك" بالتدخل لدعم الأسعار التي تراجعت بشكلٍ مطّرد.</p> <p dir="RTL">ضعف الطلب العالمي الذي ما زال يعاني من ارتدادات الأزمة الاقتصادية أدّى إلى كثافة المعروض النفطي، فيما تأتى عن الانتاج الذي بقي على حاله فائضاً في المخزون النفطي لم تعد تجد بعض الدول أمكنة لإيداعه. إغراق السوق بالبترول أدى إلى انهيار سعر الخام بنسبة قاربت %35 العام الماضي وقرابة %20 اضافية منذ مطلع العام الحالي، ليقارب سعره الـ28 دولاراً للبرميل بعد أن وصلت إلى مستوى 125 دولاراً في العام 2012.</p> <p dir="RTL">تسعى إيران، الدولة الثانية المنتجة للنفط منخفض الكلفة في الشرق الأوسط بعد جارتها اللدودة السعودية، إلى استكمال الاستفادة من مخزونها النفطي، التي بطأت عملية استخراجه مع انسداد آفاق تصريفه خلال فترة العقوبات، إضافةً إلى رغبتها في استرداد موقعها في السوق العالمية، في تحدًّ واضحٍ للرياض التي بدأ اقتصادها يرزح نتيجة تهاوي مداخيل النفط بفعل السياسية الانتاجية البترولية التي سعت وما زالت تسعى السعودية للدفاع عنها.</p> <p dir="RTL"><strong>المعروض الإيراني والعجز في الطلب</strong></p> <p dir="RTL">وفي صراع عملاقي النفط الشرق-أوسطيين، أخبارٌ سيئة بالجملة للمتداولين بالذهب الأسود. لم تفتح إيران المزيد من صنابر مخازن نفطها بعد، ولم تبدأ حفاراتها بالعمل لساعاتٍ إضافية أو استكشاف آبار جديدة. لكنّ في عزم إيران العودة إلى السوق النفطية ضغوطات إضافية على أسعار النفط التي قد يدفعها كثافة المعروض إلى مستوى الـ16 دولاراً للبرميل، بحسب توقّعات بعض المحللين. يشهد السوق النفطي العالمي فائضاً يومياً يقدر بين نصف مليون برميل إلى مليون ونصف مليون برميل، وتقود هذا العجز "أوبك" التي يشكل مجموع إنتاجها النفطي اليومي 32.2 مليون برميل (حسب إحصاءات شهر كانون الأول الماضي)، فيما الطلب العالمي يقدر بـ31.6 مليون برميل.</p> <p dir="RTL">من الطبيعي أن تهدد أية مشاريع نفطية تصديرية لإيران الديناميكيات الاقتصادية المحدِّدَة للأسعار من خلال زيادة تشبّع السوق بمعروض المادة النفطية التي، في ظل الطلب الضعيف، ستدفع بالأسعار إلى هاويةٍ أعمق من التي وصلت لها. إلّا في حال أعادت السعودية، التي تحقن حالياً قرابة الـ10 ملايين برميل نفط، النظر في سياستها النفطية الهجومية. إلا أن هذا الأمر، بطبيعة الحال، مستبعدٌ، خصوصاً أنّ أية خطوة للرياض إلى الوراء تعني تسجيل الخصم- طهران هدفاً في المرمى السعودي، الذي فضّل رفع الدعم عن أسعار مواد الطاقة داخل المملكة لخفض النفقات وسدّ العجز التاريخي (86 مليار دولار لعام 2015) عوضاً عن الاستغناء عن حصته السوقية.</p> <p dir="RTL"><strong>التبعات الاقتصادية لشجار الجارتين</strong></p> <p dir="RTL">الخلافات السعودية- الإيرانية التاريخية، وتنافس الاثنين على بسط السيطرة، سياسيةً كانت أم عسكريّةً، على مناطق الشرق الأوسط، يحول دون تقديمهما تنازلاتٍ، حتّى ولو صبّت في صالحهما الشخصي. الاتّفاق النووي لم يعجب السعودية قطّ. ذاك التناغم الإيراني، وإن كان محدوداً، مع الدول الكبرى، وخصوصاً الولايات المتحدة التي لم تألُ الرياض جهداً لاستمالة رضاها، أثار هلع المملكة من إمكانية خلط أوراق التحالفات الدولية وتدعيم الثقل الإيراني في المنطقة.</p> <p dir="RTL">ولم يخف أمراء النفط تململهم من إنفتاح واشنطن على طهران قلقاً من أن يؤثر هذا التطور، ولو هامشياً، على علاقات المملكة مع من تراها "البلد رقم واحد في العالم"، كما جاء على لسان ولي ولي العهد السعودي مؤخراً. هذا الامتعاض من وراء المنابر ما لبثت أن ترجمته السعودية، قبل أسابيع معدودة من "السبت المفصلي"، على أرض الواقع عبر تسعير الصراع مع إيران من خلال افتعال أزمةٍ دبلوماسية حادة بحجّة الاعتداء على منشآتها الدبلوماسية في العاصمة طهران ومشهد، في أعقاب إعدام الرياض رجل الدين المعارض نمر باقر النمر. ولهذا الاحتدام السياسي آثاره على الواقع النفطي، إذ أن الرياض من خلال تأزيم علاقاتها مع إيران، قد قطعت الطريق أمام أي اتفاقٍ أو حتى تفاهمٍ بين الطرفين العضوين في أوبك على استراتيجية لإعادة الانتظام للأسعار النفطية بعد استعادة طهران موقعها كلاعبٍ رئيسيٍّ في السوق المثقلة أساساً بالامدادات النفطية. الأمر الذي يلقي سحابة سوداء على آفاق الأسعار وإمكانية إعادة الانتظام لقطاع الطاقة الذي يشكل عصب العمليات الصناعية.</p> <p dir="RTL">لا مهرب من تدفق النفط الإيراني في الأسواق، لكنّ الحدث المرتقب قد يكون آجلاً بدل عاجلاً. انقطاع إيران عن عالم الاستثمارات الأجنبية لسنوات أرخى بظلاله على جهاز نفطها الانتاجي وبنيتها التحتية غير المتطورتين بالمقارنة مع الطفرة الفجائية في الاستخراج النفطي التي تروّج لها طهران الطامحة بزيادة الانتاج بنحو 500 ألف برميل العام الحالي، ومليون برميل إضافي العام المقبل. وبالتالي من المستبعد أن تستطيع طهران في الوقت الراهن أن تشكّل ضغطاً مادياًّ ملموساً على السوق النفطية، مكتفيةً بضغطٍ نفسي على المتداولين، على الأقل لحد الساعة.</p> <p dir="RTL">ومع ترقب أن تدفعها إيران إلى المزيد من الانحدار، ستبقى الأسعار في الوقت الراهن ترزح تحت وفرة معروضٍ نفطي وصلت حد التخمة مع رفع واشنطن الحظر على صادرات النفط الأميركية (الذي دام 40 عاماً) وارتفاع المخزونات والصادرات النفطية، مقابل محدودية الطلب الذي يقوده تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي سجّل في الربع الأخير من العام الماضي أسوأ نموٍّ له منذ 25 عاماً، وتراجع قطاع الصناعات في الهند والولايات المتحدة... ليصبح النفط أرخص سائلٍ في السوق متغلّباً على المياه المعدنية والغازية والكحول.</p>
Image: 281.jpg
ID:
645
Title: نضال لزياد أبو عبسي
Content: <p dir="RTL">النضال هو جهد في سبيل التغيير. التغيير هو انتقال من حال إلى حال. من المرجو أن الانتقال يكون من سيء إلى جيد.</p> <p dir="RTL">لا يأتي التغيير من دون جهد. لذلك فإن الإنسان الذي يجهد في العمل على التغيير هو إنسان مناضل. وهنا أصر على أن التغيير شرط للنضال، ولا أعني إطلاقاً، أن التكيُف مع الظروف هو نضال.</p> <p dir="RTL">إن التكيف مع الظروف هو خضوع لما هو حاصل، ولا يكون هذا الخضوع أمراً مفرحاً إنما يأتي لأنه ليس في اليد حيلة.</p> <p dir="RTL">يتطلب النضال حيلة تسير النضال، وتسدد طريقه وتقوده إلى غايته. لهذا فإن الحيلة هي طريقة عمل أو خارطة طريق تؤمن وصول الإنسان إلى غايته المرجوة، وهكذا نرى أن الجهد والحيل هما ما يجسد النضال، والنضال هو سعي. السعي إلى التغيير هو تثبيته في رؤيا الإنسان إلى ما يبتغيه. هذا التفضيل بين الوقائع هو في متن البنية النفسية لدى كل فرد، لذلك فهي في كونية الإنسان الكائن في هذا الكون.</p> <p dir="RTL">أقول في كونية الإنسان وذلك لاتساع إمكانيته وفعالية هذا المتن. إن التطلع الدائم لدى الإنسان وجهده في التغيير، وتفكيره الحثيث هو ما يجعل الإنسان كائناً يناضل. النضال ليس خياراً. النضال التزام بين الكائن والكون. يستمر الإنسان في وجوده لأنه يلتزم الوجود، وفي الالتزام هذا نضال.</p> <p dir="RTL">هكذا يمكننا القول إن الإنسان كائن يناضل، أي الغاية من وجود الإنسان. ولهذه الغاية وجد الإنسان.</p> <p dir="RTL">لا يتوصل النضال إلى غاية تتحقق وتثبت عبر التاريخ. تاريخ البشرية هو سرد لتغيرات التي تحصل في أحوال البشر. قد تصل الشعوب إلى أحوال مرجوة لكنها حتماً تسعى وتستمر في سعيها لصون ما أنجزت نتيجة نضالها. في هذه الحالة نرى أن النضال يتطلب نضالاً فوق نضال. الحياة نضال مستمر.</p> <p dir="RTL">نذكر هنا بـ"أسطورة سيزيف" الإغريقية. تقول الأسطورة إن شخصاً اسمه سيزيف يدحرج الصخرة إلى أعلى الجبل. ما أن يصل هذا الرجل إلى أعلى الجبل ليثبت الصخرة على القمة حتى تتدحرج الصخرة نزولاً. ثم يعاود سيزيف الدحرجة مرة أخرى، ومن جديد، وهكذا مراراً وتكراراً إلى ما لا نهاية. لهذا السبب يجب أن يكون سيزيف سعيداً لأن لديه التزام، هو الذي اختار أن يستمر في نضاله واختار أن لا يتوانى عن القيام بتحقيق ما يرغب، وما يحقق له تثبيت هدفه.</p> <p dir="RTL">إن نظرت إلى نفسك ترى أنك مناضل باستمرار. ما يحبط المرء هو عدم وضوح الرؤيا، أو عدم وجود الحيلة، ولهذا فإن المعرفة أمر يجعل الحياة سعيدة.</p> <p> </p> <p> </p>
Image: 281.jpg
Title: نضال لزياد أبو عبسي
Content: <p dir="RTL">النضال هو جهد في سبيل التغيير. التغيير هو انتقال من حال إلى حال. من المرجو أن الانتقال يكون من سيء إلى جيد.</p> <p dir="RTL">لا يأتي التغيير من دون جهد. لذلك فإن الإنسان الذي يجهد في العمل على التغيير هو إنسان مناضل. وهنا أصر على أن التغيير شرط للنضال، ولا أعني إطلاقاً، أن التكيُف مع الظروف هو نضال.</p> <p dir="RTL">إن التكيف مع الظروف هو خضوع لما هو حاصل، ولا يكون هذا الخضوع أمراً مفرحاً إنما يأتي لأنه ليس في اليد حيلة.</p> <p dir="RTL">يتطلب النضال حيلة تسير النضال، وتسدد طريقه وتقوده إلى غايته. لهذا فإن الحيلة هي طريقة عمل أو خارطة طريق تؤمن وصول الإنسان إلى غايته المرجوة، وهكذا نرى أن الجهد والحيل هما ما يجسد النضال، والنضال هو سعي. السعي إلى التغيير هو تثبيته في رؤيا الإنسان إلى ما يبتغيه. هذا التفضيل بين الوقائع هو في متن البنية النفسية لدى كل فرد، لذلك فهي في كونية الإنسان الكائن في هذا الكون.</p> <p dir="RTL">أقول في كونية الإنسان وذلك لاتساع إمكانيته وفعالية هذا المتن. إن التطلع الدائم لدى الإنسان وجهده في التغيير، وتفكيره الحثيث هو ما يجعل الإنسان كائناً يناضل. النضال ليس خياراً. النضال التزام بين الكائن والكون. يستمر الإنسان في وجوده لأنه يلتزم الوجود، وفي الالتزام هذا نضال.</p> <p dir="RTL">هكذا يمكننا القول إن الإنسان كائن يناضل، أي الغاية من وجود الإنسان. ولهذه الغاية وجد الإنسان.</p> <p dir="RTL">لا يتوصل النضال إلى غاية تتحقق وتثبت عبر التاريخ. تاريخ البشرية هو سرد لتغيرات التي تحصل في أحوال البشر. قد تصل الشعوب إلى أحوال مرجوة لكنها حتماً تسعى وتستمر في سعيها لصون ما أنجزت نتيجة نضالها. في هذه الحالة نرى أن النضال يتطلب نضالاً فوق نضال. الحياة نضال مستمر.</p> <p dir="RTL">نذكر هنا بـ"أسطورة سيزيف" الإغريقية. تقول الأسطورة إن شخصاً اسمه سيزيف يدحرج الصخرة إلى أعلى الجبل. ما أن يصل هذا الرجل إلى أعلى الجبل ليثبت الصخرة على القمة حتى تتدحرج الصخرة نزولاً. ثم يعاود سيزيف الدحرجة مرة أخرى، ومن جديد، وهكذا مراراً وتكراراً إلى ما لا نهاية. لهذا السبب يجب أن يكون سيزيف سعيداً لأن لديه التزام، هو الذي اختار أن يستمر في نضاله واختار أن لا يتوانى عن القيام بتحقيق ما يرغب، وما يحقق له تثبيت هدفه.</p> <p dir="RTL">إن نظرت إلى نفسك ترى أنك مناضل باستمرار. ما يحبط المرء هو عدم وضوح الرؤيا، أو عدم وجود الحيلة، ولهذا فإن المعرفة أمر يجعل الحياة سعيدة.</p> <p> </p> <p> </p>
Image: 281.jpg
ID:
646
Title: حديث الكاتب والمحلل السياسي سايد فرنجية لصوت الشعب
Content: <p dir="RTL">اعتبر الكاتب والمحلل السياسي سايد فرنجية ان الأحداث الميدانية الاخيرة في جرود عرسال هي انعكاس للتطورات العسكرية في سوريا لصالح الجيش السوري، لافتا الى ان استباحة الجماعات الارهابية لتلك المنطقة وعدم تواجد الجيش اللبناني فيها جاء نتيجة اتفاق سياسي اقرته اجزاء من حكومة الرئيس تمام سلام بضغط سعودي اميركي لإبقاء المجموعات الارهابية على حدود لبنان، التي تشكل خطرا وجودياً على كل اللبنانيين، في ظل غياب اي عمل جدي يحصن جبهتنا الداخلية.</p> <p dir="RTL">ورأى سايد فرنجية في حديث الى صوت الشعب ان ربط مسألة إعادة تفعيل العمل الحكومي بالاتفاق على التعيينات العسكرية يشير الى أنها عملية تحاصصية طائفية بين اطراف السلطة على حساب مصالح المواطنين، معتبرا ان الهيئة العسكرية هي من يملك القرار في البت بالقضايا العسكرية وليس اهل السلطة.</p> <p dir="RTL">واستبعد فرنجية اجراء انتخابات رئاسية في المدى المنظور وقال إنَّ هناك اجواء انتظار اقليمية ودولية تفرض حالة الجمود الداخلي في المؤسسات الدستورية في انتظار اتضاح مسار احداث المنطقة.</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL"> </p> <p> </p> <p> </p> <p> </p> <p> </p>
Image: logo sawtachaab.jpg
Title: حديث الكاتب والمحلل السياسي سايد فرنجية لصوت الشعب
Content: <p dir="RTL">اعتبر الكاتب والمحلل السياسي سايد فرنجية ان الأحداث الميدانية الاخيرة في جرود عرسال هي انعكاس للتطورات العسكرية في سوريا لصالح الجيش السوري، لافتا الى ان استباحة الجماعات الارهابية لتلك المنطقة وعدم تواجد الجيش اللبناني فيها جاء نتيجة اتفاق سياسي اقرته اجزاء من حكومة الرئيس تمام سلام بضغط سعودي اميركي لإبقاء المجموعات الارهابية على حدود لبنان، التي تشكل خطرا وجودياً على كل اللبنانيين، في ظل غياب اي عمل جدي يحصن جبهتنا الداخلية.</p> <p dir="RTL">ورأى سايد فرنجية في حديث الى صوت الشعب ان ربط مسألة إعادة تفعيل العمل الحكومي بالاتفاق على التعيينات العسكرية يشير الى أنها عملية تحاصصية طائفية بين اطراف السلطة على حساب مصالح المواطنين، معتبرا ان الهيئة العسكرية هي من يملك القرار في البت بالقضايا العسكرية وليس اهل السلطة.</p> <p dir="RTL">واستبعد فرنجية اجراء انتخابات رئاسية في المدى المنظور وقال إنَّ هناك اجواء انتظار اقليمية ودولية تفرض حالة الجمود الداخلي في المؤسسات الدستورية في انتظار اتضاح مسار احداث المنطقة.</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL"> </p> <p> </p> <p> </p> <p> </p> <p> </p>
Image: logo sawtachaab.jpg