Articles

Displaying 481-490 of 821 results.
ID: 487
Title: الحدث: مصطفى العاملي استنفار لرموز النظام بعد استشعار الخطر الشعبي
Content: <p dir="RTL">ليس في استطاعة أي من المسؤولين في السلطة الادعاء انه كان في منأىً عن الإدانة التي عبر عنها المتظاهرون في 29 آب الماضي، وهم يهتفون ضد الفساد والنهب وسرقة المال العام. لأن الجميع مشاركون في هذه الجريمة، سواء من خلال مشاركتهم المباشرة في الصفقات المشبوهة، أو من خلال السكوت عنها، لأسباب مختلفة، والساكت عن الحق شيطان أخرس.</p> <p dir="RTL">صحيح أن أزمة النفايات هي التي فجّرت هذا الحراك الشعبي، ولكن الصحيح أيضاً أن الناس وصلت الى حالة من القرف من الطبقة السياسية الحاكمة أكثر من اشمئزازها من الزبالة التي وصلت الى بيوتهم مهدة بكارثة صحية وبيئية،&nbsp; والحكومة، رئيساً ووزراء، مختلفون منذ أكثر من شهرين، على كيفية الاستفادة منها، عبر الشركات التي تخصهم وتخص أبناءهم والمقربين منهم، وكلها لا تستوفي الشروط التي تؤمن السلامة العامة كونها ترتكز على المطامر والمحارق. وتتجاهل أقامة معامل الفرز والتدوير من جهة والإفراج عن أموال البلديات لتولي هذه المهمة من جهة ثانية.</p> <p dir="RTL">وهذه الفضيحة المدوية، شكلت مع استمرار ازمة القطاع الكهربائي، الذي صرفت عليه مليارات الدولارات، ومع الانقطاع المستمر للمياه ومع تداعيات قانون الايجارات التهجيري، ومع الفشل الذريع في التعاطي مع سلسلة الرتب والرواتب، فضلاً عن تردي الخدمات الاجتماعية، استشفاءً، ضماناً، مدارس وغياب فرص العمل أمام خرجي الجامعات، شكلت عوامل محفزة للناس من أجل النزول إلى ساحة الشهداء لتهتف ضد الطبقة السياسية الحاكمة ورموزها وضد النظام الطائفي الذي انبثقت منه، والتي أثبتت فشلها وعجزها عن معالجة أي من هذه الملفات والقضايا، التي تشكل بديهيات حتى لدى الدول المتخلفة.</p> <p dir="RTL">لقد هال هؤلاء المتسلطين على مقدرات الدولة، من فريقي الثامن والرابع عشر من آذار، مشهد المواطنين من كل الأعمار والمناطق، يتوحدون حول مطالبهم ومصالحهم الحقيقية، بعيداً عن الحقن الطائفي والمذهبي. فسارعوا إلى رشق هذا الحراك الشعبي بشتى أنواع الاتهامات والأسئلة غير البريئة، في محاولة لوقف نمو هذا المولود، الذي يشكل خطراً عليهم، بعد أن كشف موبقاتهم طوال السنوات الماضية ووضع الإصبع على الجرح.</p> <p dir="RTL">ماذا حصل خلال الأسبوعين الماضيين؟</p> <p dir="RTL">لم تستطع القوى الأمنية من تحمل هذا المشهد المطلبي والتغييري في آن واحد، فأوعزت إلى قواها الأمنية بفض اعتصامات الأيام الأولى للحراك في ساحة رياض الصلح بالرصاص المطاط وخراطيم المياه والاعتقالات، بعد ملاحقة المتظاهرين في شوارع وسط العاصمة، وكل ذلك بحجة وجود مندسين. تؤكد مختلف المعلومات أن هؤلاء الذين جرى التركيز عليهم هم من صنع الاجهزة. واستخدموا كمبرر للتعاطي بالشدة والعنف مع المتظاهرين في محاولة فاشلة لإرهابهم، كما هو الحال في كل الانظمة الدكتاتورية التي لا تستطيع سماح صرخة شعبها. لا بل أن "ديمقراطية" البعض دفعته إلى ابتكار أسلوب جديد -&nbsp; قديم&nbsp; في التعاطي مع المحتجين تمثل في إقامة الجدارـ الفضيحة لفصل المتظاهرين عن السرايا الحكومي، فسارع المتظاهرون الى تحويله الى جدارية تحكي عقم هذا النظام وهذه الطبقة السياسية، ولتعبر عن آرائهم في التغيير فتشكل أداة إدانة إضافية. تعمدوا إلى إزالته بعد أقل من 24 ساعة على تركيبه.</p> <p dir="RTL">وزيادة في الدلالة على تخبط السلطة في تعاطيها مع هذه الظاهرة، أطلقت العنان لأبواقها السياسية والإعلامية للهجوم عليها. فذهب البعض إلى نبش ملفات بعض رموز الحراك وإلصاق الاتهامات ضده. مثل التعامل مع السفارات الأميركية والغربية، أو أن هناك من دفعهم ويدفع لهم في مواجهة حلف الممانعة ولتشويه صورة المقاومة وانه من خلال وضع الجميع في سلة واحدة فيه إجحاف بحق من لم تلوث يداه بالاستيلاء على مقدرات الدولة، لا بل أنه كان ولا يزال من دعاة التغيير، فيما ذهب البعض الآخر إلى حد القول أن هؤلاء يريدون إدانة مرحلة "الحريرية" السياسية والاقتصادية من خلال تحميلها مسؤولية إيصال البلد إلى هذا الوضع من سقوط المؤسسات الدستورية. ومن مديونية عامة تتجاوز السبعين مليار دولار، فيما اختار البعض الثالث توجيه نصائح للمتظاهرين، بأن تكون خارطة طريقهم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ومن هذه النقطة يمكن البدء بحل ازمة لبنان السياسية ومعها مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والحياتية ... مع العلم أن هذه الازمات والمشاكل متجذرة في لبنان، ومر عليها العديد من رؤساء الجمهورية وحكومات عديدة. ولكن برلمانات قليلة. باعتبار أن الانتخابات في لبنان لا تجري إلاّ وفق الرغبة.</p> <p dir="RTL">مهلاً أيها السادة: ليس سراً أن هؤلاء الذين نزلوا الى الساحات ينادون بوقف السرقة والفساد وبمعالجة قضية النفايات ودخلوا مبنى وزراة البيئة للضغط على وزير البيئة محمد المشنوق للاستقالة بعد أن اعترف بعجزه عن هذا الملف واستقال من اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعته، وكلف وزيراً آخر بذلك؟</p> <p dir="RTL">وأن تكون هذه الواقعة نقطة انطلاق نحو المحاسبة، لهؤلاء ميول سياسية ولكنهم وصلوا إلى قناعة بأن تغيير هذا الوضع العفن يجب أن يبدأ من نقطة ما. فكانت قضية النفايات برمزيتها لتكشف جانباً من جبل الفساد في هذه الدولة التي تحولت إلى هيكل بلا روح على مذبح الخلافات بين المشاركين في الحكومة التي فقدت كل مبررات بقائها وإن عدم سقوطها، وباعتراف رموزها، ينطلق من اعتبارات خارجية، كما هي الحال بالنسبة الى انتخابات رئاسة الجمهورية، التي سقطت فيها&nbsp; كل العوامل المحيطة. وبات هذا الملف رهن التطورات الاقليمية والدولية، باقرار واضح وصريح من هؤلاء الذين يعيبون على بعض منظمي الحراك الشعبي علاقتهم بهذه الدولة أو تلك.</p> <p dir="RTL">إن هذا التحرك الذي طرح هموم الناس ومشاكلهم وتطلعاتهم بشفافية، لا يتجاوز عمره الشهر الواحد، ولا يستبعد أن يكون بعض المشاركين فيه له ارتباطات خارجية، وهذا الأمر يطرح مهمة حقيقية أمام هذه الانتفاضة التغييرية. وهي تنقية صفوفها من هؤلاء اليوم قبل الغد، لأنهم يسيئون إليها لا يمكن إلاّ أن يكون لهم اهداف مشبوهة لا تتناسب مع نقاوة الشعارات المرفوعة التي تحاكي وجع الناس.</p> <p dir="RTL">ولكن في الوقت نفسه هناك سؤال ساذج يطرح ما هو تاريخ وارتباطات هؤلاء الذين يروا في عشرات آلاف الذين نزلوا إلى الشوارع، رافعين راياتهم وشعارات المطلبية، سوى بعض الأسماء - الذين يمكن أن توضع حولهم علامة استفهام؟ مع الإشارة إلى اجتماعات عدة عقدها منظمو الحراك لبحث مثل هذه الأمور وكان سيعلن عن قيادة لهذا التحرك وحتى اسم مشترك للمكونات المشاركة، ولكن أحداث وزارة البيئة شكلت مناسبة للتوسع في بحث الأمور التنظيمية ووضع رؤية متفق عليها. وهذا ما سيحصل في الأيام القليلة المقبلة.</p> <p dir="RTL">ولكن هل يمكن لهؤلاء المنتقدين أن يكاشفوا للرأي العام بكيفية وصولهم إلى الحكم وما دور الدول القريبة والبعيدة في تحديد سياساتهم وخياراتهم؟ أن هؤلاء يجب أن يخجلوا من أنفسهم مرتين في اليوم. مرة لأنهم صنيعة الخارج ومرة ثانية لأنهم عاجزون وفاشلون ومختلفون حتى على كيفية سرقة الأموال التي قد تنتج عن النفايات، وهناك من يؤكد أن بعض مصادر التمويل الخارجية قد انقطعت عنهم ولذلك هم مهتمون بـ"الشغل بالزبالة" وفي الوقت نفسه يجب اقتلاعهم من السلطة ولا مشكلة في أن يأتي أياً كان مكانهم، لأنه لن يكون أسوأ منهم. فالثورة تعزز قياداتها.</p> <p dir="RTL">الطريف أن بعض من في السلطة حمّل موقف هيئة التنسيق النقابية المنتقد لدخول بعض المحتجين إلى وزارة البيئة وراح يروّج له عبر المنابر الإعلامية للدلالة على صوابية موقفه الرافض لهذا الحراك الجماهيري. متناسيا ان هذه الهيئة قد دجّنت منذ أن اجتمعت قيادات فريقي السلطة المختلفين عن كل شيء إلا على ضرب الحركة النقابية المستقلة وحقوق ومطالب ذوي الدخل المحدود، وأطاحت بقيادتها السابقة وأصبحت القيادة الحالية تحاكي قيادة الاتحاد العمالي العام التي لم يعد يسمع بها أحد.</p> <p dir="RTL">ليس المطلوب من هذا الحراك الاجابة على كافة الاسئلة المطروحة، ولا ايجاد حلول لكافة المشاكل المطروحة. ولكن في الوقت نفسه لم يعد من الجائز الرهان على أنه يمكن المعالجة من خلال هؤلاء الذين هم في السلطة اليوم. لأن من جرب المجرب كان عقله مخرب.</p> <p dir="RTL">وبالتالي فإن محاولة الاصلاح من ضمن هذه المؤسسات المتداعية والقائمين عليها، ضرب من الجنون .</p> <p dir="RTL">ومع ذلك فأن الاستنفار السلطوي خلال الأيام الماضية كشف مدى الهلع الذي انتاب اركانها نتيجة هذا الحراك، فالحكومة اوقفت جلسات مجلس الوزراء ، واعتمد اسلوب جديد لمعالجة مشكلة النفايات عبر تكليف الوزير اكرم شهيب بهذه المهمة عله يوفق من خلال النائب وليد جنبلاط في الفرض على أهالي إقليم الخروب فتح مطمر الناعمة مجدداً لمدة ستة أشهر، مع بعض الرشاوى المالية على شكل مشاريع انمائية للمنطقة، كما عرض على أهالي عكار، والجميع يعرف ما يعرف عن هذه المشاريع المفترضة وكيف يذهب الباقي إلى الجيوب التي تمتلىء من المال العام. مع الإشارة إلى أن الوضع في البلد لن يستقيم ما لم تسترجع الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة. ومن يريد الإصلاح يجب أن يبدأ من هذه النقطة تحديداً.</p> <p dir="RTL">مؤشرات كثيرة تدل على أن لبنان دخل في منعطفٍ خطرٍ&nbsp; بعد أن تأكد ان السياسيين غير قادرين على معالجة اي من الملفات الكثيرة المطروحة وفي الوقت نفسه غير مستعدين أو حتى ممنوع عليهم افساح المجال لغيرهم ،&nbsp; وهذا ما يتأكد من خلال رفض الحكومة الاستقالة رغم انها اصبحت غير قادرة على الاجتماع ولا على اتخاذ القرارات والشعب ينتفض ضدها وضد سياساتها، وأن تفرز قاسماً مشتركاً جديداً بين مكوناتها . ألا وهو الحراك الشعبي، الذي يخشى هؤلاء أن يطيح بما يعتبرونه ثوابت أو على الأقل يحدث خرقاً في جدار هذا النظام الذي يخشى الكثيرون الاقتراب منه، مع أن اللبنانيين باتوا على قناعة ثابتة بأنه أصبح ميتاً، وأن "الميت لا يعود إلى الحياة" حتى ولو اجتمعت لإنقاذه عشرات اللجان الطبية المتخصصة، فكيف الحال إذا اقتصر الأمر على طاولة حوار من النوع المجرب سابقاً وثبت أنه غير مطابق للمواصفات المطلوبة ومنتهي الصلاحية سلفاً، ولكن ألا ترون أنه من المفضل المسارعة في دفنه بعد أن طلعت ريحته وريحكتم؟</p>
Image: 271 nidaa.jpg
ID: 488
Title: مع الحقيقة: سمير دياب إنتفاضة التغيير
Content: <p dir="RTL">إكتوى الشعب اللبناني واحترق بنيران نظام سياسي طائفي فاسد، بكل المعايير والمقاييس والمواصفات.</p> <p dir="RTL">وصلت سموم السلطة الى داخل كل بيت، وانتشرت لتشمل المجتمع اللبناني الذي انتفض من مرارة الحياة والحرمان ونفاد الصبر ونزل الى الشارع لتنظيفه من فيروسات النظام وأمراض نفاياته.</p> <p dir="RTL">لم يصدق أرباب هذا النظام الذين تعاقبوا على عرش الحكم بعد " إتفاق الطائف"، وعاثوا، في البلاد فساداً&nbsp; ونهباً وفراغاً وتعطيلاً، كما في العباد ظلماً وقهراً وجوعاً وبطالة وفقراً وذلاً وشرذمة للمجتمع. بعد أن تحاصصوا المناصب والمغانم على قياساتهم الطائفية. وإن اختلفوا وانقسموا في السياسة والتبعية للخارج لكنهم اتفقوا وتوحدوا على تحويل الشعب الى مدين لبنوك الرأسمالية المتوحشة. أو متسول على أبواب أمراء الطوائف طلباً لوظيفة أو لدخول مستشفى أو مدرسة وجامعة، او أمام أبواب السفارات سعياً وراء هجرة.</p> <p dir="RTL">لم يصدق من يسكنون داخل ابراجهم السلطوية والطائفية والمالية العالية أن الشعب سيصل إلى مرحلة الغليان وينفجر في الشارع غضبا ضد استبدادهم وشغفهم الدائم لشفط الأموال والأرواح، طلبا للكرامة والحق في الحياة والتغيير.&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p> <p dir="RTL">السبت 29 آب لم يكن يوماً عادياً في تاريخ لبنان، كان "جيل التغيير" يحفر موقعاً له في ساحة الشهداء&nbsp;&nbsp;&nbsp; المسجلة قبل عشر سنوات باسم تجمع قوى 14 آذار الطائفية. بعد أن حفر قبل أسبوع في 22 آب موقعه في ساحة رياض الصلح المسجلة بذات التاريخ باسم قوى 8 آذار الطائفية.</p> <p dir="RTL">ساحة الشعب (الشهداء) إمتلأت عن بكرة أبيها عند الساعة السادسة مساءً بألوف مؤلفة من الوجوه الفرحة، والقبضات المرفوعة، والحناجر التي لا تتوقف عن هتافات مختلفة لكن على تنوعها وسقوفها&nbsp; المطلبية والاجتماعية والسياسية، جمتعها لغة وطنية واحدة عابرة للطوائف، هي لغة الوجع، الألم، المعاناة وهموم الحياة اليومية، وتوق هذا الشعب الى الخلاص من نظام، عاجز، فاشل وفاقد للشرعية. الشغل الشاغل لأربابه هو البحث عن سرقة خيرات البلد بوضح النهار، ونهب لقمة الفقراء من أفواههم وجيوبهم.</p> <p dir="RTL">هؤلاء هم جيل التغيير، رغم أنوف كل المشككين والخائفين والأبواق المأجورة التي تحاول كأدوات مرتبطة بالسلطة تسليط الضوء على خلفية هذا الحراك الشعبي الوطني الديمقراطي السلمي وأهدافه. لا أحد يقلل من قدرة هذا النظام وأدواته على استخدام كل الأيادي الناعمة والخشنة، وكل الوسائل المباشرة والملتوية لقمع هذه الإنتفاضة أو تطييفها، بغرض طمس مضمونها كإنتفاضة مطلبية وإجتماعية وسياسية وطنية واعدة بهدف التغيير الديمقراطي.&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p> <p dir="RTL">&nbsp;فالنضال من أجل &nbsp;قيام "<strong>دولة مدنية ديمقراطية"،</strong> هو نضال من أجل تحرر المجتمع ككل، بطبقته العاملة وكافة الشرائح الإجتماعية المفقرة من سيطرة أمراء الطوائف واستغلالهم الطبقي والإنساني.&nbsp;&nbsp;</p> <p dir="RTL">وهو نضال كل المحرومين والفقراء على إختلاف طوائفهم ومشاربهم وفئاتهم العمرية ضد طبقة سياسية فاسدة ومريضة، مولدة للأزمات وللحروب الأهلية الطائفية والمذهبية. وبهذا المعنى فإن "إنتفاضة 29 آب، تشكل حلقة جديدة من نضال هذا الشعب وتضحياته، تحمل معها أمل التغيير، ويتوجب مواكبتها ومساندة شبابها من قبل كل مواطن ومواطنة، ومن كل هيئة ومنظمة ونقابة وقوى ديمقراطية وتقدمية ويسارية لدعم هذه الإنتفاضة، والإنخراط في صفوفها، والعمل على تدعيم جسور الثقة مع الناس وقضاياهم بروحية نضالية خلاقة تنم عن وعي كل مرحلة من مراحل الصراع، ومخاطرها، وتداعياتها.. وفق منهجية وآلية عمل قادرة على توظيف كل الطاقات الجماهيرية لإحداث دينامية في العملية النضالية بواسطة أشكال من التعبئة والتنظيم والبرامج لدفع هذه العملية قدماً نحو تحقيق أهدافها التغييرية.&nbsp;</p> <p dir="RTL">&nbsp;لا أحد يدعي أن كل الخطوط سالكة، لكن ما تدركه مكونات حراك 29 آب، هو التصميم على&nbsp;&nbsp; استمرار النضال الميداني، والإرتقاء في شروطه الموضوعية المترافقة مع أزمة الطبقة البرجوازية المسيطرة، وإفلاسها، وتناقضاتها. في مقابل تجاوز الأزمة الاجتماعية كل الخطوط الحمراء. ما جعل&nbsp;&nbsp;&nbsp; "قضية النفايات" الشرارة التي كسرت حواجز الصمت والخوف وهدم الجدران الطائفية المشيدة من قبل أرباب النظام، وإزالة جدار العار بأقل من يوم واحد.</p> <p dir="RTL">قال الشعب كلمته، وشعاراته دليل على ماذا يريد. الشعب يريد ماء وكهرباء وهواء نظيف. الشعب يريد عمل وتعليم وصحة وسكن وتحسين أجور. هذه مطالب إجتماعية تشكل الحد الأدنى لمقومات الحياة بكرامة. فأين جريمة المطالبة بهذه الحقوق المغيبة عمداً؟. الشعب يريد دولة مدنية ديمقراطية، دولة المواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة. من إقرار قانون ديمقراطي للإنتخابات يقوم على النسبية والدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي، إلى إلغاء الطائفية، وإقرار قانون مدني للأحوال الشخصية، وإلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة، وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، وإصلاحات اقتصادية وطنية، واسترداد الأموال المسروقة، ومحاسبة الفاسدين والسارقين والمسؤولين عن القمع واعتقال الحريات.. فأين الشبهة في هذه المطالب الوطنية الممنوعة؟. الجواب ليس مرهوناً بحوار أصحاب الأزمة الوطنية لأن حوارهم الطائفي وإتفاقاتهم هي علة الوطن والمواطن. اما الجواب الحقيقي فهو مرهون بقدرة تلازم مسار النضال الاجتماعي بمسار النضال السياسي للعبور نحو التغيير الديمقراطي المنشود.</p> <p dir="RTL" align="center">*****</p> <p dir="RTL">صوت الشعب لا يخيف إلا من يخاف على إمتيازاته ومكاسبه الشخصية أو الفئوية والطائفية. والشعب هو الوحيد الحريص على الوطن ومقاومته واستقراره، فمن قاوم العدو الصهيوني وأستشهد على طريق التحرير من شمال لبنان وساحله وبيروته وجبله وبقاعه وجنوبه يحق له أن يثور وينتفض ليتحرر من قيود زعماء فيدرالية الطوائف ومحاصصاتهم . كمواطن وإنسان. من أجل وطن حر وشعب سعيد.</p>
Image: سمير دياب.jpg
ID: 489
Title: مر الكلام: نديم علاء الدين الحراك الشعبي والدور المطلوب من الشيوعيين
Content: <p dir="RTL">عشرات الآلاف لبوا نداء التحدي ونزلوا إلى الشارع، كسروا حاجز الخوف والسكوت والاستكانة وتدفقوا إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح، ليصرخوا بأعلى صوت، كفى لهذا المسار، فليسقط النظام.</p> <p dir="RTL">لا يمكن لأحد أن ينكر أن تلك التحركات الشعبية التي تجلت بأبهى صورها في تظاهرة يوم السبت في 29 آب، انها حفرت في ذاكرة اللبنانيين مكاناً يعطيها شرعية في الشارع تقارن مع تظاهرات فريقي الثامن والرابع عشر من آذار عام 2005، إلى حد القول أن ما قبل ذلك التاريخ لن يكون كما بعده. لا لكون تلك الانتفاضة قسمت اللبنانيين إلى فريقين جديدين: لبنان النظام وأهله، من جهة، ولبنان الشعب وأحراره. من جهة ثانية، بل لكونها بدت أيضاً في بعض مظاهرها بمثابة انتفاضة مصغرة داخل كل طائفة على زعامتها السياسية، أو للدقة بمثابة هزة سياسية داخل كل طائفة، ستكون لها ارتداداتها اللاحقة.</p> <p dir="RTL">بعيداً عن لغة الأرقام واعداد الحشود وهوياتهم وأسباب مشاركتهم، فان انتفاضة 29 آب 2015 سجلت محطة تاريخية نقلت الحراك من مجرد حملة تحتج على أزمة النفايات والفساد إلى حراك اجتماعي ـ سياسي عريض قابل لأن يفرض جدول أعمال جديداً في البلاد، وقادر على إحداث توازنات جديدة، بما عبرت عنه من حماس واستعداد شعبي متنامي، ومستعد للذهاب بعيداً في المواجهة، وفي رفع السقف في حال عدم الحصول على تغييرات ملموسة فيما يتعلق بالمطالب، أو حصول أحداث أو تطورات تحاول أو تسعى لإجبار الناس على البقاء حيث كانوا، والعودة للاستكانة والخضوع.</p> <p dir="RTL">بالرغم من كل تلك الدلالات الواعدة التي قدمها الحراك حتى الآن، والتي يمكن تعداد الكثير منها بعد، إلا أنه ينبغي أن لا يتملكنا الوهم بإمكان تحقيق نتائج فورية وضخمة، أو انتظار سقوط سريع للنظام أو للطبقة السياسية الحاكمة، رغم ارتباكها وتعريتها جملة، فهي لا تزال قادرة على المناورة ولديها العديد من الوسائل والإمكانات والأدوات للمواجهة، فضلاً عن وقاحتها المشهودة في إدارة الظهر للناس ومطالبها، حسبنا في هذا المجال التذكير بحراك هيئة التنسيق النقابية، في قضية تمس جزءاً من مكتسباتها، فكيف بقضايا تطال وجودها وسلطتها وموقعها. لكننا في المقابل متفقون على أننا أمام فرصة أما لتحقيق خرق سياسي، أو لإنتاج وضعية قادرة على إطلاق ورشة وطنية، ومسار جديد في البلاد ضد هذه الطبقة وفسادها بكل مسمياته وأنواعه.. وركيزته المتمثلة بالنظام الطائفي.</p> <p dir="RTL">الواقع أن الخطر لا يكمن في ردّة فعل الطبقة السياسية الفاسدة والعاجزة فحسب، بقدر ما هو موجود أيضاً في النهج والتوجهات التي ستُعتمد في الخطوات المقبلة للحراك، ومدى واقعيتها، وفعاليتها في الحفاظ على الزخم الشعبي متحفزاً ومتحمساً، حتى تحقيق أهدافه المنشودة.</p> <p dir="RTL">من هنا يواجه الحراك الشعبي تحدي إثبات جدواه وقدرته على الاستمرار والتغيير، في معركة صعبة وطويلة، هي بالنسبة إلى الشيوعيين يجب أن تكون معركتهم، لا يتقدم عليها، راهناً، في الوقت والجهد أي عمل آخر، فالحراك حراكهم بشعاراته وآفاقه وقواه الشعبية، لا لكونهم يدعون اطلاقه وحدهم، بل لكونه يفتح الطريق أمامهم واسعاً أمام الشيوعيين لتعزيز نضالهم وتطويره والسير به إلى الأمام، وهذا يتطلب منهم السهر على عدم حرفه أو سقوطه أو تشتيت ما تم إنجازه، مثلما حصل مع حراك إسقاط النظام الطائفي، وبذل ما لديهم من مخزون نضالي بنفس طويل وزخم شعبي ووعي وشجاعة. وفي هذا المجال لا بد لهم من التعامل بحكمة مع مجموعة من الملفات المطروحة أمام هذا الحراك.</p> <p dir="RTL">إن عفوية الاستجابة الشعبية وطابعها العابر للانقسامات الطائفية تمثل تحولا مهما ونوعيا في الحراك، لكنها سرعان ما تندثر بسبب غياب العمل الثوري الطليعي السياسي والتنظيمي الهادف والمتدرج. فتقديس العفوية أو الانبهار بها لا يمكن أن يصنع تغييراً، بل قد يؤدي إلى انحراف الحراك وسقوطه فريسة خطط الأعداء.</p> <p dir="RTL">وما يجب التحذير منه، ايضاً، التساهل مع الطابع السلمي للحراك سواء الذي تشهده العاصمة بيروت حالياً، أو ذاك الذي تشهده ساحات أكثر من منطقة في لبنان. والأمر هنا لا يتعلق بتصرف فردي منفعل أو خارج عن السيطرة، حيث لا حراك شعبي على المسطرة، مثلما ليست الأناقة صفة للحركة الشعبية الغاضبة، لكن المطلوب أن نحافظ على صورة غالبة، ولغة مسيطرة عموماً، هي صورة ولغة الأكثرية التي ترفع سلمية تحركها حقاً، ومدنية في تصرفها، وديمقراطية في القول والفعل.</p> <p dir="RTL">إن مخاطر إبعاد الطابع السلمي عن الحراك في مناخات لبنان الطائفية والمنطقة الملتهبة يمكن أن تأخذ الساحة إلى تسريع مسارات خطيرة في البلاد، تحتاجها الطبقة السياسية لتمرير مشاريعها وتمكنها من الإفلات، كمسار إجراء انتخابات رئاسية بحجة انتظام عمل المؤسسات في ظل الفوضى، مثلما لا يجوز المهادنة في الحراك بعدم الذهاب لوضع صيغة مطلبية واضحة قابلة للتطبيق وتعبر عن أسباب الغضب للنزول إلى الشارع والتصدي لمحاولات ترك الحراك يضيع في متاهات اللعبة السياسية بدلاً من الضغط لتوظيفه لإنتاج حلول واقعية للازمات يمكن البناء عليها.</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL">ان وضع خطة منسقة للحراك، تجمع بين الحد الأدنى والأعلى على نحو خلاق، بحيث يكون الحد الأدنى مرتكزاً لنجاح موضعي يعزز ثقة الجموع الشعبية بقدرتها على انتزاع مطلب أو أكثر كخطوة لتحقيق مطلب أعلى. وعدم الرضوخ لإبقاء تحركاً من هذا النوع وبهذا الحجم أسير مطالب جزئية. لا تقدم ولا تؤخر في مسار الأحداث من قبيل استقالة وزير أو إجراء انتخابات رئاسية أو نيابية كيفما اتفق.</p> <p dir="RTL">فالمطلوب عملياً للحفاظ على حيوية هذا التحرك وزخمه هو الدفع باتجاه إعطاء هذه الشرعية الشعبية حق التمثيل والمشاركة في القرار بإدارة شؤون البلاد، وهذا لن يتم الا عبر انتخابات نيابية وفق قانون جديد خارج القيد الطائفي ويعتمد النسبية، يشكل أساساً لإعادة بناء الدولة وإنتاج المؤسسات الدستورية.</p> <p dir="RTL">لقد تجاوز الحراك بشعاراته وبحجم المشاركة الشعبية فيه قدرة أي فصيل على احتكار قيادته أو فرض برنامجه عليه، لذلك ينبغي الذهاب لإيجاد إطار ديمقراطي يجمع مكوناته جميعاً ومنفتح على مزيد من المكونات التي يمكن ان تنخرط فيه في مجرى النضال، على مستوى المناطق او القطاعات. وهي مجالات توسع قاعدته الشعبية التي ينبغي ان تكون المهمة الأولى للشيوعيين.</p>
Image: نديم علاء الدين.jpg
ID: 490
Title: كلمة: موريس نهرا الحراك الشعبي ضد فساد السلطة وفشلها ومن اجل التغيير والعيش بكرامة
Content: <p dir="RTL">تظاهرة مساء السبت 29 آب في ساحتي الشهداء ورياض الصلح لم تكن مشابهة لتلك التي جرت في 8 و 14 آذار عام 2005.. فالحشود الضخمة التي اكتظّت بها الساحتان، والتي لم يقل عددها عن المئة الف متظاهر، حسب تقديرات&nbsp; العديد من المراقبين، تميزت هذه المرّة، بكونها لم تأتِ إنسياقاً وراء زعيم سلطوي وطوائف ومذاهب، بل على العكس من ذلك، فقد دفعها تحسّسها بالمشكلات المتفاقمة، والتدهور المتواصل في ظروف&nbsp; حياتها ومعيشتها، خصوصاً موضوع الكهرباء والماء، اضافة لقضايا الضمانات الصحية والتعليمية، وانعدام التنمية وضآلة فرص العمل، خصوصاً للشبيبة التي تصل البطالة في صفوفهم الى 50%. من الذين يخرجون من مقاعد التعليم الثانوي والمهني والجامعي سنوياً.</p> <p dir="RTL">ولم تكن مشكلة النفايات وتراكمها في الشوارع سوى النقطة التي جعلت الكيل يطفح..</p> <p dir="RTL">لقد تميز هذا الحراك الشعبي ايضاً بالطابع الشبابي الذي لا يقل&nbsp; عن 80% من جموع المتظاهرين. تلاقوا معاً في الشارع، وبصرخات الاحتجاج والغضب على السلطة ونهجها ومحاصصاتها وفسادها ونفاياتها، مطالبين باصرار بمحاسبتها وبشعارات اسقاط نظامها الطائفي.</p> <p dir="RTL">لقد اندفع الشباب وجميع المشاركين في هذا الحراك الى التظاهر بسبب بروز عجز الطبقة السلطوية وعدم اهتمامها بإيجاد الحلول، ليس لعدم&nbsp; وجود امكانية حلول، بل لكون اطراف هذه السلطة لا يهتمون بمعالجة أي قضية، مهما تكون أهميتها وحاجة&nbsp; الشعب اليها، إلا إذا توافقوا على محاصصتها بينهم، مثلها مثل قاعدة تحاصصهم للسلطة ومواقعهم فيها.. ألم ينكشف ذلك في&nbsp; تلزيم موضوع النفايات في المناطق، واضطرار الحكومة لإلغائه تحت الضغط الشعبي؟</p> <p dir="RTL">إن هذا النمط في عمل السلطويين والامعان في ممارستهم وفسادهم بكل وقاحة واستخفاف بالشعب وهمومه، هو الذي استولد حالة الاستياء العام، وجعل الناس تنزل الى الشارع،&nbsp; بدءاً من قطع اهالي برجا والاقليم طريق بيروت- صيدا، رفضاً لجعل منطقتهم مطمراً او مكباً للنفايات، وصولاً الى ساحات وشوارع بيروت. ولم يجدِ القمع والاعتقال الذي لجأت اليه السلطة، في إخافة المتظاهرين. فقد استمر الحراك، وتضاعف حجم المشاركين في الشوارع والساحات مرات عديدة. فانكسر حاجز الخوف، وبرز التصميم على مواصلة الحراك وتوسيعه. وقد امتدّ الى معظم المناطق اللبنانية، ووصلت اصداؤه الى صفوف اللبنانيين في الخارج، فتظاهر المغتربون واعتصموا في العديد من عواصم ومدن العالم، تضامناً مع شعب بلدهم وأهاليهم، وأحقية مطالبهم وحقوقهم.</p> <p dir="RTL">لقد برز هذا الحراك بطابعه الشعبي اللبناني الشامل، بعيداً عن لوثة الطائفية والمذهبية. وشكل بالمطالب والشعارات التي رفعها المشاركون ، محوراً شعبياً خارج الانقسام المعروف بين 8 و 14 آذار. فالمشاركون هم من جميع الطوائف والمذاهب والمناطق، ولم يسأل احدهم الآخر من انت!! وما اسمك!! فالكل مواطنون، والكل يعانون من الوجع نفسه، والكل فاقد الثقة بالطبقة السلطوية وزعاماتها الطائفية، ونسبة غير قليلة من المشاركين بدأت التفلت من تبعيتها لهذا الزعيم او ذاك ، سواء لتكتل 14 آذار او 8 آذارز فقد وجدوا في صعوبات معيشتهم ان وَجَعَهم&nbsp; واحدٌ، وقضاياهم واحدة ومطالبهم واحدة. وهذا ما يشكل اساساً صلباً لترسيخ وحدتهم وادراك ضرورة استقلاليتهم عن الزعامات الطائفية والتقليدية&nbsp; التي تستخف بهم وبأوجاعهم ومصالحهم، فهم لا يمثلون مصالح الشعب، ولا يُنتظر منهم، تحت سقف نظامهم، تحقيق الحلول التي تخرج شعبنا وفقرائه وكادحيه من المأزق الذي اوصلوا البلد اليه. لقد بينت التجربة ان انتزاع الحقوق وفرض الحلول، لا يتحقق إلا بتعاظم دور الشعب وقواه الحية، بشبابه ونقاباته وعماله ومزارعيه ومثقفيه ونسائه. فالطبقة السلطوية والتسويات التي كانت تحصل بينها، جرت وتجري في اطار محاصصاتها ومصالحها وحماية نظامها ومواقعها. لذلك فهذه التسويات لم تعد تفِ بالحاجة لإزالة اسباب الازمات. والطريق الى الحلول لا تكفي فيها محاسبة من قمع واطلق النار على المتظاهرين، بل المحاسبة على الفساد وسرقة مال الشعب ايضا. وهذا ما يستدعي الحرص على استمرار الحراك الشعبي موحداً، ومستمراً على اساس بلورة برنامج وخارطة طريق&nbsp; بالمطالب والقضايا، بدءًا من قضية النفايات والكهرباء، مروراً باعتماد قانون انتخاب ديمقراطي على قاعدة النسبية والدائرة الوطنية وخارج القيد الطائفي، وصولاً الى تحقيق الضمانات الصحية والتعليمية وحل قضية المستأجرين وغيرها.</p> <p dir="RTL">لقد أكد هذا الحراك ايضاً محورية القضية الاجتماعية الجامعة&nbsp; لكل شعبنا ارتباطاً بحياته ومستقبل ابنائه ووطنه. وان الطبقة السلطوية اهملت هذه&nbsp; القضية ظناً منها انها تمسك برقاب جماهير طوائفها ومذاهبها. لكن ذلك لم يعد مطابقاً للواقع. فثمة تغيير مهم ملحوظ بدأ يتجلى بوعي جديد يتنامى، ونقمة شعبية متصاعدة خصوصاً في وسط&nbsp; الشبيبة. فهم يتحسّسون اكثر من اي وقت مضى اصطدامهم بجدار هذا النظام الطبقي الطائفي. وهذا الوعي المتنامي هو ما يخيف الطبقة السلطوية.&nbsp; ولم يكن هذا الحراك وليد الايام الاخيرة فقط، فقد اتى في سياق نضالات جماهيرية&nbsp; اجتماعية وسياسية متتالية،&nbsp; تركت اثرها في وعي الرأي العام، مثل تظاهرات اسقاط النظام الطائفي، والتحركات الضخمة لهيئة التنسيق النقابية، وقضايا المستأجرين والمتعاقدين وغيرهم. وقد شكل هذا الحراك الان بأهميته وحجمه الشعبي، منعطفاً جديداً في المسار النضالي لشعبنا. وكشف فشل وعجز الطبقة السلطوية ليس في إيجاد الحلول الضرورية فقط، بل وفي إدارة شؤون البلاد والدولة وسلطاتها وتوفير حماية الوطن في مواجهة الخطر الاسرائيلي من جهة، ومواجهة الداعشيين وارهابهم من جهة ثانية، وتلبية المطالب الحياتية والمعيشية من جهة ثالثة. كما اظهر هذا الحراك اهمية الترابط بين تحرير الارض وتوفير حقوق ومصالح المواطن والشعب، التي تتطلب اصلاحاً جدياً لإقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، وحماية الوطن وامن المواطن&nbsp; ومعالجة هذه القضايا الكبيرة تستدعي عقد مؤتمر وطني يشمل جميع قوى المجتمع، وبينها القوى السياسية العلمانية وممثلو الحراك الشعبي والنقابات المهنية والعمالية والهيئات الثقافية والشبابية، للمشاركة في حوار بناء يعتمد حلولاً فعلية وفق روزنامة يقرها المؤتمر. وبدون ذلك تبقى الازمات في تفاقم، ويتزايد الغضب الشعبي وحراك الشارع. فلا&nbsp; التحايل وتواطؤ الطبقة السلطوية على الشعب، ولا الوسائل التخريبية التشويهية، ولا تكرار حوار عام 2006 بين الزعامات السلطوية نفسها، ينتج الحلول الضرورية، فالمسكنات&nbsp; المؤقتة&nbsp; ليست علاجاً. وحراك الشارع هو السبيل لفرض التغيير الديمقراطي وانتزاع الحلول.</p>
Image: 271 nidaa.jpg
ID: 491
Title: محور العدد: انتفاضة التغيير الحراك الشعبي من أجل التغيير عمر ديب
Content: <p dir="RTL">لم تذهب جهود المناضلين سدى. هذا ما قاله الكثيرون عندما رأوا عشرات آلاف المتظاهرين في شوارع بيروت من أجل التغيير. فالتراكم الذي قام به المناضلون طوال السنين الماضية خلق البيئة الحاضنة والوعي التغييري الذي، وفي اللحظة التاريخية، تحول أعداداً كبيرة من الناس تملأ الشوارع مطالبةً بحقوقها. هذا التجمع الشعبي ليس وليد لحظته ولا ابن الساعة، ولم ينزل فجأةً ليلبي نداءً أطلقته حملة من الحملات الناشطة على مواضيع مطلبية محددة. قبل ذلك كانت هناك سنوات من النضال من أجل رفع الوعي ونشر ثقافة الحقوق الأساسية للمواطنين وتحفيزهم على التصدي للسلطة المهيمنة.</p> <p dir="RTL">هذه البيئة الشعبية الحاضنة كان قد عمل فيها المناضلون من الهيئات والأطر والشخصيات وخاضوا فيها معارك كبيرة تمخضت وعياً متنامياً. فالجهود التي بذلتها أحزاب فاعلة بين صفوف الناس كالحزب الشيوعي اللبناني وكذلك الأطر النقابية بين العمال مثل الاتحاد الوطني للنقابات، والأطر الشبابية مثل اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني بالإضافة للحركات النسائية والطلابية والمحلية الأخرى راكمت الكثير بين صفوف المواطنين. ولعلَّ التجارب الأقوى في السنين الأخيرة كانت تلك التي خاضها رفاقنا في إسقاط النظام الطائفي قبل بضعة سنوات ثم معركة سلسلة الرتب والرواتب عبر هيئة التنسيق النقابية بقيادة حنا غريب، ومعركة التغطية الصحية الشاملة والأجور في القطاع الخاص مع الوزير شربل نحاس.</p> <p dir="RTL">من هذه الزاوية تصبح المعركة التي يخوضها اليوم الشباب والطلاب والعمال والبيئيون والحقوقيون وكافة المواطنين هي استمرار في سياق التراكم النضالي لكل هذه التجارب والأعمال السابقة.</p> <p dir="RTL">بناء عليه يصبح التفكير في آفاق التحرك ومستقبله مفتوحاً على المزيد من التطوير والمراكمة باتجاه عملية التغيير. نحن اليوم من ضمن الحملات الناشطة على الأرض ونشكل مكوناً اساسياً في حملة "طلعت ريحتكم" ومكوناً داعماً في حملة "بدنا نحاسب" بالإضافة إلى عملنا ضمن أطرنا الداخلية في المناطق، ونحن نسعى إلى رفع السقف السياسي والمطلبي في هذه التحركات. إعلان المبادئ الذي أطلقه الحراك تضمن وبشكل صريح "الدولة المدنية الديمقراطية التي تؤمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لجميع مواطنيها" وهو مرتكز أساسي وهام في رؤيتنا لشكل الدولة التي نطمح إليها، وهو مبدأ عام يمكن تطويره والمراكمة عليه مستقبلاً. لكن الأهداف المباشرة للتحركات ظلت، رغم أحقيتها وأهميتها، أقل مما نريد ونعمل عليه.&nbsp; فحتى كتابة هذه السطور كانت الشعارات والمطالب الأساسية للتحركات تتركز في مطالب محقة ولكن غير كافية مثل:</p> <p dir="RTL">-&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; تحرير أموال البلديات من الصندوق البلدي المستقل وتوزيع حصتها من عائدات الخلوي (10% من عائدات الشركات المشغلة) كما ينص القانون كي تتمكن من معالجة النفايات بإمكاناتها.</p> <p dir="RTL">-&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; إلغاء كافة المناقصات ومشاريع احتكار معالجة النفايات من قبل شركات خاصة وفق منطق المحاصصة وتمكين البلديات والاتحادات البلدية من المعالجة بنفسها بعد تطور إيرادتها.</p> <p dir="RTL">-&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; محاسبة المسؤولين الأمنيين والسياسيين وفي طليعتهم وزير الداخلية نهاد المشنوق على قرار إطلاق النار على المتظاهرين خلال عدة تظاهرات.</p> <p dir="RTL">-&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; استقالة وزير البيئة كونه المسؤول الأول عن ملف النفايات.</p> <p dir="RTL">-&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; إجراء انتخابات نيابية لإنتاج سلطة شرعية جديدة.</p> <p dir="RTL">تشكل النقطتان الأولى والثانية حلاً فعلياً لأزمة النفايات وتوفر للبلديات السيولة الكاملة لتنفيذ المشاريع المتعلقة بالجمع والكنس وكذلك إمكانية المعالجة الفردية أو الجماعية بين عدة بلديات، وتخرج الملف من بازار السلطة وتخفف من ارتهان البلديات للزعامات المحلية النافذة وبالتالي ندعم نحن هذين الطرحين كمدخل اساسي لبدء أي إصلاح في هذا الملف.</p> <p dir="RTL">كذلك، للنقطة الثالثة أهميتها لأن أي ارتكاب لا يجب أن يمر دون محاسبة، خاصة إذا كان ارتكاباً أدى إلى جرح العشرات من المواطنين بينهم من هو في حالة الخطر الشديد وآخرون بإصابات متوسطة؛ وكاد هذا التصرف الأرعن أن يؤدي إلى كوارث أكبر. وبحكم تراتب المسؤوليات، ومبدأ مسؤولية الرئيس عن المرؤوس في القانون يصبح وزير الداخلية المتهم الأول عن هذه الأحداث الخطيرة ويجب أن يخضع للمحاسبة القضائية ناهيك عن المحاسبة الشعبية.</p> <p dir="RTL">أما بخصوص النقطة الرابعة فهي تشكل مطلباً محقاً في الشكل لكنه غير ذي جدوى في المضمون لأن الوزير الحالي هو امتداد لسنوات من الإهمال والفساد ولا يجوز اعتباره المسؤول وحده، بل كل السلطة الحاكمة في هذه الحكومة وفي سابقاتها وكل وزير للبيئة طوال فترة عمل سوكلين ومطمر الناعمة؛ هم، مسؤولون بشكل فاضح عن حجم الكارثة الصحية والبيئية التي سببها مطمر الناعمة وعن الكارثة المالية المتمثلة بالسرقة الهائلة لأموال البلديات لمصلحة سوكلين وأخواتها ورعاتها السياسيين.</p> <p dir="RTL">وفيما تشدد النقطة الأخيرة على لاشرعية المجلس الممدد لنفسه وتدعو إلى انتخابات نيابية، يغيب عنها أن أية انتخابات وفق نفس القانون التقسيمي والمذهبي ستعيد إنتاج السلطة نفسها لأن التقسميات الموجودة وضعت لتأبيد سيطرة الفرقاء الحاليين على موازين القوى. لذلك لا بد من تضمين هذه النقطة تشديداً واضحاً على وضع قانون انتخابات جديد يعتمد النسبية خارج القيد الطائفي معياراً وحيداً لحسن التمثيل.</p> <p dir="RTL">وإذا كان لهذا الحراك أن يتطور ويتمدد ليطال فئات متضررة جديدة لا بد من توسيع مروحة المطالب لتطال حقوق الناس جميعاً من سلسلة الرتب والرواتب والتغطية الصحية الشاملة والمستأجرين القدامى والمياومين في مصالح الدولة، وكذلك الكهرباء والماء اللتان تكبدان المواطنين أعباء فاتورتين شهرياً للدولة وللمافيات. هذه الأبعاد ستجذب فئات جديدة متضررة إلى التحركات وسترفع من منسوب التأييد الشعبي للمطالب.</p> <p dir="RTL">اما على الصعيد السياسي، فبعد اشتداد عود الحراك وتنظيمه، وبعد مراكمة المزيد من الثقة بين المواطنين وكسب تأييدهم في مشروع التغيير، تأتي المرحلة الثانية التي يجب أن تتضمن المزيد من التصويب في السياسة لأن التغيير فعلياً يحصل في الميدان السياسي وليس في المجال المطلبي (على أهميته)، فيصبح لزاماً تشديد الضغط على مطلب الانتخابات النيابية النسبية خارج القيد الطائفي وبلورة رؤوية لخوض هذه الانتخابات إذا تحقق المطلب. كذلك يصبح لزاماً الخوض في ماهية الدولة المدنية وكيفية تحقيقها ومشروع القانون المدني للأحوال الشخصية. أما على المستوى الاقتصادي- السياسي فيجب أن يتوسع المطلب ليطال السياسات المالية للدولة والضرائب على الفوائد والودائع والريوع العقارية والمالية.</p> <p dir="RTL">نحن نعي أننا لا زلنا في المرحلة الأولى من الحراك، وأن الكثير من الجهد والعمل مطلوب لتحقيق انتصارات صغيرة في قضايا محدودة من أجل اكتساب الثقة وكسب الرأي العام، وتطوير التنظيم في بنية الحراك كي نستطيع الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تجسد أهدافنا وتطلعاتنا في بناء مشروع حقيقي للتغيير.</p> <p>هي مسؤولية مشتركة على الجميع، من الناشطين في قلب هذا الحراك إلى المناضلين في مجالات عملهم وفي مناطقهم، وكذلك هي مسؤولية على جهازنا التنظيمي وخطتنا الجماهيرية، كي نتمكن معاً من تحقيق بعض المكاسب للناس الذين نمثلهم.</p>
Image: 271 nidaa.jpg
ID: 492
Title: عن "سوكلين" و"الحريرية" والحراك الشعبي أزمة نفايات تعكس أزمة حكم وسام متى
Content: <p dir="RTL">لم يعد ممكناً حصر الحراك الشعبي في لبنان بأزمة النفايات.</p> <p dir="RTL">تلك حقيقة ارتقت إلى مستوى البديهية منذ يوم السبت الماضي، حين احتشد الآلاف في وسط بيروت، فارضين معادلة جديدة على الطبقة السياسية، التي تستنزف كل مناوراتها القذرة لترميم هيكلها، الآخذ في التآكل من الداخل.</p> <p dir="RTL">صحيح أن أزمة النفايات كانت السبب الأساس لانطلاق أكبر حملة شعبية ضد فساد السلطة الحاكمة، إلا أن مطالب الحراك الشعبي، وفي ظل الإنكار المتمادي من قبل الطبقة السياسية لأبسط حقوق المواطن في بيئة نظيفة وصحّية، تحوّلت شيئاً فشيئاً إلى مطالب أكثر عمقاً، بدأت تصوّب باتجاه قلب النظام الطائفي المتآكل.</p> <p dir="RTL">ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن أزمة النفايات تكتسب رمزية بالغة في تعرية النظام الطائفي في لبنان، وهو بتشكيلته الحالية، هجين من مافيات أثرياء الحرب وقادة ميليشياتها وبعض القيادات التقليدية، المتمركزة في الوسط بين معسكري 8 و14 آذار.</p> <p dir="RTL">ولعل رمزية أزمة النفايات تكمن في أنها تمثل انعكاساً لفساد السلطة الحاكمة، ما يجعل سقوط "سوكلين" وأخواتها موازياً بدرجة كبيرة لسقوط رموز الأنظمة الاستبدادية في الوطن العربي، على شاكلة "الحزب الوطني" وشبكة مصالحه في مصر، و"التجمع الدستوري الديمقراطي" وزبانيته في تونس... الخ.</p> <p dir="RTL">وليس أقل دلالة على رمزية أزمة النفايات، وتلخيصها لسياسات السلطة الحاكمة في لبنان، ما كتبه رئيس "حركة الشعب" النائب السابق نجاح واكيم&nbsp; في كتابه الشهير "الأيادي السود" (1999) عن بدايات فساد "سوكلين"، ومنه نقتبس:</p> <p dir="RTL">"في مطلع التسعينيات، وضع المحافظ نايف المعلوف خطة لتنظيف العاصمة من جبال ‫&rlm;النفايات وتنظيم عملية تجميع النفايات المنزلية، بكلفة سنوية قيمتها 1.5 مليون دولار، ورفع هذه الخطة إلى رئيس الحكومة رفيق الحريري للموافقة عليها، إلا أن الرئيس الحريري أهمل الخطة لأنه كان قد أعد مشروعه الخاص لهذه المهمة، مع شريكه ميسرة سكر، الذي أسس شركة سوكلين لهذا الغرض، وبعد مرور وقت قصير، فوجئ المعلوف بتوقيع عقدٍ بين مجلس الإنماء والإعمار وهذه الشركة بقيمة أربعة ملايين دولار، أي ما يوازي ثلاثة أضعاف الكلفة التي وضعها المعلوف، والغريب في العقد هو أن البلدية هي التي سوف تدفع قيمة التلزيم دون أن يكون لها حق مراقبة أعمال هذه الشركة؛ كما منح العقد شركة سوكلين حق استخدام موظفي وعمال البلدية كمياومين لديها على أن تتحمل البلدية تعويضات هؤلاء، والمنح المدرسية والمساعدات المرضية، كما أجاز لها استخدام آليات ومستودعات البلدية لقاء تعويض يبلغ مليارين ومائتي مليون ليرة لبنانية؛ لكن سوكلين لم تسدد هذه التعويضات، ما دفع المحافظ المعلوف إلى توجيه ثلاث رسائل إنذار للشركة بوجوب الدفع، فكان رد سوكلين أن العقد الذي وقعته، قد أبرم مع مجلس الإنماء والإعمار، ولا صلاحية للمحافظ أو للمجلس البلدي بمراجعتها في هذا الشأن".</p> <p dir="RTL">ويضيف واكيم: "لقد أثارت هذه المشكلة تجاذبات واعتراضات عديدة، مما اضطر شركة سوكلين إلى دفع أقل من نصف المبلغ أي مليار ليرة لبنانية، هذه الحادثة وغيرها كانت من الأسباب التي أدت إلى إزاحة المعلوف من موقعه، والمجيء بمحافظ آخر. وهكذا أصبحت شركة سوكلين، المتعهد الرسمي لرفع النفايات من العاصمة، وأصبح العقد الموقع معها من قبل مجلس الإنماء والإعمار، يجدد تلقائياً عند انتهاء كل سنة، مع فارق أن قيمة العقد ارتفعت في السنة الثانية مباشرة من أربعة ملايين دولار إلى 23 مليون دولار، وفي السنة الثالثة من 23 مليون إلى 45 مليون دولار، مع اتساع نطاق عملها ليشمل حدود بيروت الكبرى أمنياً، علماً أن رئيس لجنة الإدارة والعدل البرلمانية السابق المحامي أوغست باخوس، أكد خلال مقابلة تلفزيونية أن تكلفة رفع طن النفايات الواحد لا تتعدى الـ 4و5 دولارات فيما التزمت سوكلين الطن بـ 45 دولاراً".</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL">لعلَّ هذه السطور تظهر كيف أسس رفيق الحريري لنظام الفساد في لبنان. وللمناسبة، فإن "سوكلين" لا تمثل تجسيداً قذراً للفساد الإداري فحسب، وإنما أيضاً للفساد السياسي، في ظل الحديث المستمر منذ سنوات طويلة عن صندوق "سوكليني" سري دفعت منه ملايين الدولارات كرشى سياسية لهذا الطرف أو ذاك.</p> <p dir="RTL">وهكذا يمكن القول إن منظمي الحراك الشعبي أحسنوا صنعاً في اختيار أزمة النفايات كنقطة بداية لأكبر حركة احتجاجية يشهدها لبنان ضد النظام الطائفي منذ سنوات، وجعلها منطلقاً لمطالب سياسية، لخصها البيان الذي تلي في ساحة الشهداء ليل السبت الماضي على النحو التالي:</p> <p dir="RTL">* استقالة وزير البيئة محمد المشنوق.</p> <p dir="RTL">*محاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق و كل من أصدر الأوامر بإطلاق النار.</p> <p dir="RTL">* إجراء انتخابيات نيابية جديدة.</p> <p dir="RTL">* حل بيئي مستدام لملف النفايات في لبنان يتضمن تحرير أموال البلديات من المجلس البلدي المستقل وإصدار نتائج تحقيق المدعي العام المالي.</p> <p dir="RTL">بذلك، يمكن القول إن كرة ثلج الحراك الشعبي تتعاظم يوماً بعد يوم. ويبدو واضحاً أن إنكار السلطة الحاكمة للمطالب الشعبية المحقة، قد بدأت تدفع باتجاه رفع سقف المطالب المطلبية والسياسية، وصولاً إلى المطالبة بإسقاط النظام السياسي، وهي ظاهرة سبق أن شهدها الوطن العربي، حين تنكر نظام حسني مبارك لحق المصريين في الحرية والعدالة الاجتماعية، ونظام زين العابدين حين تنكر لحق التونسيين بالعيش بكرامة إنسانية، والنظام السوري حين تنكر لمطالب الإصلاح الديمقراطي.</p> <p dir="RTL">حتى الآن، ينبغي الاعتراف بأن الحراك الشعبي، بمكوّناته المختلفة، قد كسب، منذ يوم السبت 22 آب، جولات عدّة في المعركة ضد النظام الطائفي، وهي معركة يفترض أن تكون طويلة ومعقدة، خصوصاً أنها معركة يفترض أن تحسم نتائجها بالنقاط، وليس بالضربة القاضية، كما يعتقد البعض.</p> <p dir="RTL">وإذا كان ما حصل منذ ليل 22 آب قد أعاد الثقة بإمكانية إحداث فجوة كبيرة في أكوام نفايات الطبقة السياسية العفنة، إلا أن الحرص على نجاح الحراك الشعبي يستوجب التطرق إلى بعض الملاحظات المرافقة له، لتحديد ما له وما عليه.</p> <p dir="RTL">1- حسناً فعل المنظمون في اختيار ملف النفايات نقطة بداية للحراك الشعبي، للأسباب المشار إليها أعلاه. لكن لا بد من التعامل مع هذا الملف باعتباره نقطة في بحر فساد السلطة الحاكمة، ما يفرض بالتالي التصدي لملفات أخرى تعشش فيها عناكب الطبقة السياسية، منذ عهد رفيق الحريري، وربما قبل ذلك. (الكهرباء، المياه، الضمان الاجتماعي، البلديات.. الخ).</p> <p dir="RTL">2- حسناً فعل القائمون على الحملات الشعبية في رفع سقف المطالب السياسية، لكن ذلك يتطلب ترتيب الأولويات ضمن خريطة طريق يبنى عليها النضال التراكمي باتجاه إسقاط النظام الطائفي.</p> <p dir="RTL">3- حسناً فعل المنظمون في اختيارهم ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح بؤرة للحراك الشعبي، بما يعني ذلك إخراج هاتين الساحتين من احتكار فريقي 8 و14 آذار. ولكن لا ينبغي بأي شكل من الأشكال حصر التحركات الشعبية في نطاق مركزي، وهو ما يستوجب توسيع ميدان الحراك الشعبي مناطقياً.</p> <p dir="RTL">4- حسناً فعل المنظمون في تثبيت الطابع السلمي للحراك الشعبي، برغم تحوّل تظاهرات يوم السبت 29 آب إلى أجواء احتفالية - وهي للمناسبة ضرورية في مقابل الكآبة العمومية التي تسعى الطبقة الحاكمة إلى فرضها على اللبنانيين - إلا أنهم بذلك يخاطرون في جعل الحراك الشعبي مجرّد "كرنفال" أسبوعي و"هايد بارك" ينفس الغضب الشعبي بدلاً من توجيهه بشكل فعال في المعركة ضد النظام السياسي.</p> <p dir="RTL">5- حسناً فعل القائمون على الحراك الشعبي في تحييد القضايا الخلافية التي أصابت حراك "إسقاط النظام الطائفي" قبل أربعة أعوام في مقتل، حين برزت ثنائية "سلاح المقاومة" في مقابل "المحكمة الدولية"، وهو أمر يستدعي العمل أكثر على تصويب المطالب المرفوعة حالياً باتجاهات واضحة تجمع ولا تفرّق.</p> <p dir="RTL">6- حسناً فعل المنظمون في توجيه إنذار الساعات الـ72 للسلطة الحاكمة، قبل اللجوء إلى المطالب التصعيدية، إلا أن ترك الشارع، ولو يوماً واحداً، ينطوي على مخاطرة كبيرة، لجهة الحفاظ على زخم الشارع. ولذلك، فقد كان أجدى بالإبقاء على التحركات اليومية، وإن بإطار محدود، واعتبارها رافداً لفعاليات ضخمة في نهاية كل أسبوع.</p> <p dir="RTL">7- بالرغم من أن بعض أعمال الشغب في ساحة رياض الصلح قد بدت مفتعلة من رموز الطبقة السياسية لإفساد الحراك المدني، إلا أن تعامل بعض القائمين على الحملات الشعبية مع الشباب القادم من بيئات مهمّشة على أنهم بغالبيتم "مندسون" ينذر بشرذمة روافد الحركة الشعبية المتصاعدة يوماً بعد يوم.</p> <p>وبرغم ما ورد من ملاحظات في هذا الشأن أو ذاك، يبقى ضرورياً القول إنه لا ينبغي تحميل الحراك الشعبي والحملات المنضوية فيه أكثر مما تحمل، ومع ذلك، فإن معركة مصيرية كالتي يخوضها الشعب اللبناني اليوم، تتطلب التوقف عند الايجابيات، بغرض تعزيزها، وعند بعض السلبيات، بغرض تصويبها... ومهما يكن الأمر فإن الانتفاضة الشعبية انطلقت ولا بد من إنجاحها</p>
Image: 271 nidaa.jpg
ID: 493
Title: محطات هامة في الطريق الى انتفاضة 29 آب عطالله السليم
Content: <p dir="RTL"><strong>في 17 تموز،</strong> أُقفل مطمر الناعمة بعد ضغط من الجمعيات الأهلية والبيئية وأهالي المنطقة بعد أن تسبب بمشاكل صحية للسكان القاطنين في الناعمة وعين درافيل وجوارهما. كان من المفترض أن يتم وقف العمل بالمطمر في شهر كانون الثاني، إلا أنه تم التمديد ستة أشهر إضافية لحين ايجاد مطامر أخرى. وكعادة السلطة السياسية في بلدنا، والتي تؤجل الاستحقاقات لحين انفجارها وتتلهى بالمحاصصات عوضاً عن تقديم حلول علمية، لم تُقدِم هذه السلطة على أي خطوة في الأشهر الستة التي فصلت ما بين قرار تأجيل الإقفال وقرار إقفاله نهائياً في 17 تموز كما ذكرنا.</p> <p dir="RTL" align="center"><strong>النفايات في الشوارع</strong></p> <p dir="RTL">بدأت النفايات تتكدس في شوارع بيروت وأقضية جبل لبنان وذلك بسبب اقفال مطمر الناعمة وعدم ايجاد مطمر آخر. ثلاثة عشر يوماً مضت والنفايات لا زالت في الشارع في مشهدٍ لم يعتده البلد حتى في عزّ أيام الحرب الأهلية حيث الدمّ والدمار. تم تأليف لجنة وزارية مخصصة للبحث في الموضوع، ويا ليتها لم تكن، لأنّ الحل الذي اجترحته الحكومة آنذاك كان رمي النفايات عشوائياً في الكرنتينا ونهر بيروت والمونتفيردي وسن الفيل وعيد دارة، وفي العديد من الغابات والأحراج ما أضاف الى هذا الملف معارضةً من قبل السكان والأهالي والبلديات والجمعيات الأهلية. وفي ذلك الإطار، هبّ أبناء إقليم الخروب (أبناء برجا والجية وكترمايا وغيرها من القرى)، هبةً واحدة بعد محاولات من قبل أحد المستثمرين المعروفين بوضع النفايات في شاحنات كبيرة والسير بها تحت جنح الظلام. ولكن الخطة هذه أفشلت بسبب وعي الناس وتنامي التأثير على وسائل التواصل الاجتماعي، فانتفضت برجا وشبابها وكان اللافت في هذا المجال أن أهالي البلدة اتفقوا على معارضة هذا المشروع رغم اختلافاتهم السياسية، فكانت انتفاضة الإقليم أولاً.</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL" align="center"><strong>الشيوعي يتحرك</strong></p> <p dir="RTL"><strong>في الأسبوع الأخير من شهر تموز،</strong> وفي وقت لم تفلح السلطة السياسية في ايجاد حلّ لأزمة النفايات، قامت منطقية بيروت في الحزب الشيوعي اللبناني بتنظيم اعتصام قرب " الزيتونة باي". للمكان رمزية لأنه يقع على مقربة من مكب النورماندي والذي كان المطمر الأساسي لطمر النفايات وفيه أخفيت الكثير من الأوراق والحقائق. أمّا الدلالة الثانية للمكان هي أنه في أرضٍ يفترض أن تكون مساحةً عامةً للمواطنين، إلا أنها مستثمرة لصالح حيتان المال والذين بالمناسبة لم يتركوا متراً واحداً من الممتلكات العامة البحرية إلاّ وحولوه الى منفعة خاصة، من عكّار شمالاً الى الناقورة جنوباً. لبّى الاعتصام عشرات الشيوعيين حيث عمدوا الى جلب كميات من أكياس الزبالة ووضعها أمام مدخل الزيتونة باي.</p> <p dir="RTL" align="center"><strong>طلعت ريحتكم</strong></p> <p dir="RTL"><strong>في الأسبوع الأوّل من شهر آب،</strong> تشكّلت حملة تحت عنوان " طلعت ريحتكم " ضمت العديد من الجمعيات المدنية والبيئية وناشطين مستقلين. نظمّت الحملة اعتصاماً حاشداً يوم <strong>السبت في 8 آب</strong> في ساحة الشهداء فلبّى النداء قرابة الألفي شخص. تركزّت المطالب على استقالة وزير البيئة وايجاد حلول علمية لموضوع النفايات بعيداً عن المطامر والحرق ومركزّة على ضرورة الفرز من المصدر، وتمكين البلديات من القيام بالمهام التي أوكلت اليها بحسب القانون التي ينظمها. بالإضافة الى ذلك، طالبت الحملة بإجراء مناقصات شفافة بعيداً عن المحاصصة الطائفية. زاد الضغط الشعبي خاصةً بعد تأخر موعد المناقصات واستمرار الحكومة بالرمي العشوائي لأطنان النفايات مهددةً صحة المواطن. والجدير ذكره في هذا الإطار أن رفاقنا الشيوعيين وأصدقاءهم في اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني قد لعبوا دوراً ريادياً على صعيد الحشد والمشاركة وتنظيم تلك التظاهرات، فانطلقوا من أكثر من منطقة لبنانية مع أفراد وجمعيات عديدة. دعت الحملة الى اعتصامٍ آخر <strong>يوم السبت في 22 آب</strong>، فكانت ساحة رياض الصلح على موعد مع <strong>انتفاضة شعبية.</strong></p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL" align="center"><strong>انتفاضة 22 آب</strong></p> <p dir="RTL">أكثر من سبعة آلاف مواطن لبّى الدعوة. شباب وطلاّب ورجال ونساء وكهول أتوا من مختلف الطبقات والبيئات الاجتماعية. كان المشهد رائعاً مما أزعج السلطة السياسية وأجهزتها الأمنية. كانت الجموع تصرخ ضدّ السرقة والنهب والفساد والمحاصصة، مطالبين بإسقاط النظام عبر إسقاط طرفي السلطة 8 و14 آذار الذين جعلوا " البلد دكانة" مثلما قالوا في هتافاتهم.</p> <p dir="RTL" align="center"><strong>السلطة تقمع!</strong></p> <p dir="RTL">في تمام الساعة السابعة، بدأت خراطيم المياه تنهال بكثافة على المتظاهرين السلميين. أكثر من أربع ساعات في كرٍ وفرٍ استخدمت فيه السلطة السياسية جميع أنواع القمع من رصاص حيّ ومطاطي ومئات القنابل المسيلة للدموع والقنابل الدخانية. تحولت منطقة وسط البلد الى ساحة حرب حقيقية وسط ذهول المتظاهرين من إفراط القوى الأمنية باستعمال العنف. وبحسب بعض المطلعين، فإنّ مستوى القمع الذي حصل هو الأكبر منذ عامي 1973 و1974 حيث قامت الطبقة السياسية البرجوازية بقمع التحركات الطلابية.</p> <p dir="RTL" align="center"><strong>التحدي والإرادة الشعبية تزداد</strong></p> <p dir="RTL">ما حصل يوم السبت في 22 آب حفّز العديد ممن لم يشاركوا في تظاهرة السبت، <strong>بالنزول يوم الأحد في حشد فاق التوقعات حيث قدرته بعض وسائل الإعلام بأكثر من خمسة عشر ألف متظاهر</strong>. تمّ وصل ساحة رياض الصلح بساحة الشهداء، ولكن ليس بالاسلاك الشائكة إنما بأجساد المتظاهرين! الشعارات نفسها كيوم السبت: البعض يطالب بإسقاط الحكومة والبعض الآخر يطالب بإسقاط النظام. في اليوم التالي، بدأت تحركات شعبية ومطلبية في المدن والقرى اللبنانية دعماً للحراك الشعبي وتحديداً في عكّار وبعلبك وراشيا وصيدا وصور والنبطية. إنها الإرادة الشعبية التي تجلت بأبهى صورها من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب.</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p dir="RTL" align="center"><strong>ساحة رياض الصلح محجة المتظاهرين</strong></p> <p dir="RTL">بدءاً من يوم الاثنين في 24 آب، أصبح الموعد ثابتاً. السادسة مساءً موعد نزول المتظاهرين الى الساحة. خافت السلطة السياسية من تنامي السخط الشعبي فأقدمت على&nbsp; بناء جدار اسمنتي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار من الأرض ليفصل بين الناس والطبقة السياسية الفاسدة بأجهزتها الأمنية وما لبثت أن أزالته في اليوم التالي! ونتيجة القمع الذي جرى يومي السبت والأحد، انبثقت حملة جديدة ضمن الحراك الشعبي سميت "بدنا نحاسب"، طالبت بمحاسبة المسؤولين الأمنيين والسياسيين الذين أعطوا الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين. نظمت الحملة تحركاً حاشداً من أمام قصر العدل وصولاً الى ساحة رياض الصلح شارك فيه أكثر من خمسمئة متظاهر(ة).</p> <p dir="RTL">استحقاق السبت في 29 آب تاريخ شعبي مفصلي</p> <p dir="RTL">السبت 29 آب وعند الساعة الخامسة عصراً انطلقت تظاهرة شعبية كبيرة من أمام وزارة الداخلية بدعوة من الحراك الشعبي باتجاه ساحة الشهداء ضمنت الآلاف في مشهدية شعبية اجتمعت في ساحة الشهداء اتسعت وكبرت لتشمل عشرات الآلاف من المتظاهرين من مختلف الفئات الاجتماعية، مطالبة ببناء دولة تتوفر فيها الحقوق التي يريدها الشعب، دولة المواطنة قوامها المساءلة والمحاسبة ونظام العدالة الاجتماعية من أجل تحقيق المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهل يكون هذا الحراك المفصلي فرصة ومحطة لأن تجتمع قوى التغيير قاطبة وتصنع ربيعاً حقيقياً طال انتظاره؟ السؤال رهن الأيام الآتية.&nbsp;</p>
Image: 271 nidaa.jpg
ID: 494
Title: كسرات الخبز الكاسرة لهيمنة الأحزاب الطائفية نديم دياب
Content: <p dir="RTL">في خضم الشلل السياسي المزمن والموت السريري للمؤسسات الدستورية، نَبَضَ قلبُ الشارع. خفقانٌ خجول في البدء سرعان ما تسارعت وتيرته ليُعيد لشحوب لبنان بعضاً من حيويته ويوقظه من سباتٍ عميق أدخلته فيه لوثة الطائفية. الشارع استفاق من غيبوبته القصرية وتحرك. وفي حراكه، ثمة الكثير من الحواجز التي كُسرت.</p> <p dir="RTL">حاجز الصمت كان أولها، هشّمته الحشود الشعبية لتخترق جدارالصوت. لم يعد بمقدور الأغلبية المُخرَسة الاعتصام بالسكوت. آلمها التوجع بصمت. استعادت صوتها بعد أن كمّم المشرّعون أفواهها وصادروا، لأكثر من عامين، حقها في التعبير عمن تريده في أن يمثّلها. شحذت حناجرها لتقول "أنا السلطة ومصدر الشرعية، والكلمة الفصل لي وأنا لا أريدكم". هتفت في وجه الطغاة السياسيين قائلةً "طلعت ريحتكم"، ونددت بنظام المحاصصة الطائفية المذهبية وسياسات التجويع والتفقير مطالبةً بوطنٍ جامع لا إماراتٍ طائفية متداخلة الحدود. صدحت إرادتها بدولةٍ مدنية ديموقراطية تؤمّن الرعاية الاجتماعية، لا كعكة يتقاسمها ويتناهشها أمراء الحرب الأهلية وحاشياتهم ومهرّجينهم، تحت مسمى "الديمقراطية التوافقية" المنبثقة عن اتفاق الطائف، تاركين منها فُتاتاً لا يسد رمق الشعب.</p> <p dir="RTL">أصلاً، كسرات الخبز ما عادت تكفي حاجة الجائعين. هم اجتاحوا الشوارع مع المظلومين، والكادحين، والمتضررين من فساد النظام، والمسروقين من أبسط مقومات الحد الأدنى من العيش المعقول، والناقمين على سارقي كرامة الشعب، ومفسدي راحة المسنين، وطمأنينة الأمهات، وقاتلي أحلام الشباب وفرحة الأطفال. جميعهم نزلوا، بهمومهم وقهرهم وغضبهم، فجاءت صرخاتهم موجعة، أشبه بدوي انفجارات، ترددت أصداءها في فضاء ساحتي رياض الصلح والشهداء، وشوارع بيروت والمناطق المُفقرة وصولاً إلى آذان مستوطني البرلمان وشاغري السرايا الحكومي. جدار الفصل الاسمنتي بين المتظاهرين ومقر الرئاسة الثانية الذي استقدمته السلطة السياسية إلى وسط المدينة باستيحاء من حكومة الكيان الاسرائيلي في الضفة الغربية ونظام الفصل العنصري الأبارتايد في جنوب أفريقيا، لم يكن عازلاً للصوت ولا حاجباً لصيحات الفقراء الحارقة.</p> <p dir="RTL">صيحاتٌ أطلقوها كي لا يبقى هناك من يموت على مداخل المستشفيات، أو ينتظر على أبواب السفارات، أو يحل الليل فيجلس في الظلمة. الشعب تحدث بحرقة الشعب كي لا يضطر المسن إلى افتراش الأرصفة مساءً، أو يحتاج الشباب للبحث في القمامة عن ما يقيتهم، أو تسمرّ سحنة الأطفال تحت وطأة الشمس والعمل المبكر. رفع الصامتون أصواتهم كي لا يُعَمّر الحاكمون، هم الذين قضوا ردحاً من الزمن جالسين على كراسيهم السيادية وعلى أنفاس المواطنين وقضوا على خيرات البلاد وقطاعاته الانتاجية. الشعب يريد إسقاط النظام كي تتوافر الخدمات الصحية والاجتماعية، وتُصحح الأجور، ويستقيم التعليم الرسمي، وتتكافئ الفرص التوظيفية، وتتحقق حقوق المرأة دون تمييز، وينتظم عمل المؤسسات.</p> <p dir="RTL">منذ الثاني والعشرين من آب، عَصْر بدء الحراك الجماهيري المتواصل حتى كتابة هذه السطور،&nbsp; كُسر حاجز الخوف. ما عاد المتظاهرون يتوجسون بطش القوى الأمنية، ولا يهابون تسمية الأمور بأسمائها.ذاك النهار فتحت القوى الأمنية خراطيم مياهها باتجاه المتظاهرين السلميين لتفريقهم. عناصر الأمن، شريكو المعتصمين في حقوقهم المسلوبة، أُمروا بقرارٍ سياسي، ونفذوا الأمر حتى سالت الدماء. بعضهم تنكًر لإنسانيته، وبهرواتهم وأعقاب بنادقهم ووحشيةٍ كاسرة خلّفوا آثارهم على ضلوع المعتصمين العُزّل ووجوههم. الرصاص المطاطي والحيّ حوّل سواد ليل ذلك السبت إلى أحَمَرٍ قانٍ امتزج معه ضباب القنابل المسيلة للدموع. تلك الليلة أيضاً أُمطر المنضمون للحراك بوابلٍ من الحجارة. نيران الأمن أصابت العشرات، منهم الشاب محمد قصير في رأسه، ليقبع ابن الحادي والعشرين عاماً في المستشفى منذ حوالي الاسبوعين متأثراً بجروحه البالغة. السيناريو نفسه استُنسخ بوتيرةٍ شبه يومية. قمعٌ ممنهج وعدائيةٌ مفرطة كانت في انتظار أصحاب المطالب المحقة مساء الأحد والاثنين، استُتْبعت ليل الثلاثاء بحملة اعتقالاتٍ اعتباطية وبالجملة.كثيرون سُحِلوا، وآخرون أُوقفوا والبعض أُحيل إلى المحاكمات. قيل عنهم الكثير، معتقلو شغب ومتعدين على الأملاك العامة، ومدمني مخدرات. حيكت حولهم المؤامرات ونظريات الاحتكام لقوى وسفارات خارجية. خُوَّنوا. لكنهم أبوا الرّضوخ والعودة إلى بيوتهم خاليي الوفاض.</p> <p dir="RTL">توجيه البنادق نحو المتظاهرين أعاد توجيه بوصلة الحراك. المطالب منذ اليوم الثاني لم تعد تقتصر على محاسبة من راكم النفايات في العاصمة، تعدّتها إلى الاقتصاص ممن تعرّض لسلمية التظاهر. طالبوا باستقالة وزير الداخلية، طالبوا باستقالة رئيس مجلس الوزراء، طالبوا باستقالة الجميع. الطاقم السياسي بالاجماع شريكٌ في جرائم القوى الأمنية، هناك من اقترح ومن أصدر ومن صفق لهكذا اقتراح بالخفاء. وهناك أيضاً من دافع عنه أمام الملأ. جميعهم رفضوا توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وجميعهم أيضاً رفضوا تأمين أمن وسلامة تعبير المواطنين عن آرائهم. مياه السلطة لم تطفئ الغضب الذي تآكل الرابضين في الشوارع، ونيرانها أشعلت فتيل الثورة في قلوبهم وقلوب من تابعوهم على شاشات التلفزة يتعرضون لهمجية أدوات السلطة وجنونها. الشعب ما عاد يحتمل الاهانات. العشرات تكاثروا مع مرور الأيام، تحولوا إلى مئات، فأُلوفٍ فعشرات الألوف في غضون أسبوعٍ. عمليات الترهيب لم تُرعب الناس، والخوف من الموت برصاصةٍ، طائشةٍ كانت أم مقصودة، لم تثنيهم عن الانضمام إلى الانتفاضة الشعبية. اللبنانيون يُقتلون أكثر من مرّةٍ يومياً بعد أن ضحّت بهم السلطة منذ عقود من أجل حفنةٍ من الدولارات. على الأقل، الموت على أرض المعركة لا يذهب هباءً.</p> <p dir="RTL">الطغمة السياسية التي لطالما احترفت الادعاء والكذب وامتهنت رفع المسؤولية عن عاتقها وتقاذف الاتهامات، كان لا بد من اعادتها إلى أرض الواقع بجرعة زائدة من الواقعية. خطاب الشارع لم تهوّله الرقابة ولم يكترث لديبلوماسية الحوار السياسي، فانتهج، في أساليب تعابيره، شفافيةً لامست حد كشف المستور. القول الشائع أن "الطبقة السياسية" فاسدة، على أصحيته وصلاحيته، اتهامٌ فضفاض. هكذا تعميم يؤمن شيئاً من الحصانة لمكونات الطاقم السياسي لاتساع قاعدة المنضوين تحت مسماه ويضمن تنصل البعض من مسؤولياتهم. لذلك كان من المنصف بحق الحرمان الذي يعانيه كل لبناني ولبنانية التحول من العاميات إلى الخصوصيات. لم يعد من الجائز حماية الفاسدين والمفسدين والمغتصبين للسلطة عبر قائمة العار المختصرة فقط بـ"الشريحة السياسية". لائحة الضالعين في ملفات الفساد والمستولين على الأموال العامة والمعطلين للاستحقاقات الدستورية خرجت من المجهول المعلوم إلى العلن. ولأن الجميع يستحق عن جدارة الإدانة، أتت أصابع اللوم لتشمل الجميع.. بالأسماء وافرادياًّ. في ساحة رياض الصلح، ثمة من أخذت على عاتقها لصق أسماء الـنواب المئة والثمانية والعشرين الممددين لأنفسهم مرتين على الشريط الشائك المقابل للسرايا الحكومي، فالمجلس قوامه أشخاص، والأفراد لا الجماعات يخضعون للمساءلة والمحاسبة. آخرون حملوا لافتات وضعت عليها صور رؤساء الكتل النيابية مذيّلينها بعبارات "ما رح نرجع ننتخبكن، كلكن يعني كلكن" أو "بعض النفايات لا يجب إعادة تدويرها"، رافضة مشاركة أي حزب من أحزاب السلطة. حنق الفقراء طال كل من فرّط في موقعه ومن قلّب، طائفياًّ ومذهبياًّ، اللبنانيين على بعضهم. الشرعية والحصانة سقطت عن "النخبة السياسية"، والمواطنين أسقطوها في مزبلة التاريخ.</p> <p dir="RTL">حاجز الفئوية أيضاً حُطّم، ولعبة الأرقام ذات الدلالة التبعية كُسِرت واستعيض عنها بأعدادٍ تشير إلى مدى استهتار القائمين على الدولة بالشأن العام ومصالح المواطنين. رقما 14 و8 خرجا من المعادلة لأن الكتلتين السياسيتين اللتين غذيتا النزعة الطائفية منذ العام 2005 جعلتا "البلد دكانة"، بحسب إحدى الهتافات المرفوعة. المواطنون خلعوا عنهم رداء الولاء للطائفة لأن المظلومية عابرة للمناطق والدين، وفكوا الارتباط بزعماء "القطعان المذهبية" بحكم أن الشعب يقود ولا يُقاد. الانتفاضة الجماهرية الوطنية التي تشهدها البلاد انطلقت تلبيةً لمطالب معيشية واقتصادية واجتماعية حُرموا منها، لا استجابةً لنداء زعيم طائفي. الناس تحركت للمساءلة عن الـدين العام الذي قارب الـ70 مليار دولار، وللمحاسبة على تكدس النفايات في الشوارع لأكثر من شهرٍ ونصف الشهر، وللتنديد بدفع فاتورتي كهرباء، ولمكافحة المزيد من التمديد التلقائي لمجلس النواب بعد الانتخابات التشريعية عام 2009، وللمطالبة بقانون انتخابي يقوم على مثلث النسبية والدائرة الوطنية الواحدة خارج القيد الطائقي. الناس التي اكتفت اذلالاً ومرارةً خرجت إلى الشوارع نتيجة تبلور الوعي الجماعي أن الشعب ليس بيادق يحركها الحكام كيفما شاؤوا، وأنهم ليسوا حطب حرائق صراعاتهم وتناقض مصالحهم السياسية المذهبية.</p> <p dir="RTL">أهم ما كسره حراك 29 آب الماضي، ذروة الاحتجاجات الجماهيرية الممتدة على أيامٍ سبعةٍ متواصلة، هو هيمنة الأحزاب السياسية على الشارع اللبناني. ساحات الوطن استعادها الوطنيون والشارع الذي نَبَض بغضب الناس، يُنذر باعادة ولادة حركة شعبية وطنية خرجت من رحم المعاناة مبشّرة بميلادٍ جديد للبنان.</p>
Image: 271 nidaa.jpg
ID: 495
Title: دوليات ضبابية المشهد الانتخابي في اليونان وليد نسيب الياس
Content: <p dir="RTL">بعيد تسديد الحكومة اليونانية برئاسة رئيس حزب اليسار "الكسيس تسيبرس" بتاريخ 20 آب الماضي&nbsp;26 مليار يورو كمستحقات لصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي ولإعادة رسملة المصارف اليونانية، استقال "تسيبرس"، دافعاً الأحزاب إلى خوض غمار الانتخابات البرلمانية المبكرة بتاريخ 20 أيلول الجاري، في ظل أجواء ضبابية تخيم على حزبه "سيريزا" بسبب معارضة 25 نائباً من رفاقه اليساريين والشيوعيين&nbsp;القدامى إبرام حكومته لعقد الاقتراض الثالث بدعم من حزبي الثنائية الحزبية (اليمين والاشتراكية الديمقراطية) السابقة التي حكمت البلاد على مدار أربعين عاماً.</p> <p dir="RTL">وجاءت تداعيات استقالة "تسيبرس" بسرعة البرق، فقد أعلن النائب والوزير السابق "بانايوتي لافازاني" في حزبه تشكيل حزب "الوحدة الشعبية" الذي جمع 25 نائباً وقيادات يسارية بارزة، لتنضم إليه لاحقاً رئيسة البرلمان اليوناني "زوي كوستندبولو" (30 عاما)، من دون أن يفلح في إقناع وزير المالية السابق "يني فاروفاكيس" بالانضمام إليه، بالرغم من قول فاروفاكيس عن أعضاء الحزب الجديد "أنهم اشتراكيون لذا أحبذهم لكن لا اعتقد أن أفكارنا السياسية تتقاطع بين بعضها البعض".</p> <p dir="RTL">وخلطت استقالة "تسيبرس" أوراق الخارطة السياسية في اليونان التي، كما يبدو، لن تنتج أكثرية برلمانية قادرة على حكم البلاد وتنفيذ معايير عقد الاقتراض الثالث التقشفية. ومن المتوقع دخول حزبين جديدين إلى معترك الحياة البرلمانية، هما حزب "الوحدة الشعبية" اليساري الذي سينال بين 4.5 % إلى 6 %، بحسب استطلاعات الرأي، وحزب "الاتحاد الوسطي" برئاسة "فاسيلي لافاندي" الذي دأب منذ أربعين عاماً على محاربة الثنائية الحزبية، وكانت حينها وسائل الإعلام التابع تسخر منه لأنه كان يتهم كلاً من "اندريا باباندريو" و"قسطنطين كراماليس" بالفساد. ومن شبه المؤكد فشل حزب اليونانيين المستقلين اليميني الشعبي بقيادة شريك "تسيبرس" في الحكومة السابقة "بانوس كامانوس" من الدخول مجدداً إلى حرم البرلمان، بعد نجاحه في عمليتين انتخابيتين متتاليتين، فيما تتساوى حظوظ حزب باسوك الاشتراكي الديمقراطي الانتخابية برئاسة "فوفي يانيماتيا" في دخول البرلمان أو عدمه.</p> <p dir="RTL">&nbsp;ومن الواضح أن "تسيبرس" لا يزال نجماً سياسياً يحظى بشعبية واسعة ويحمل على أكتافه وحيداً حزب "سيريزا" الجريح، من دون دعم واضح المعالم من تنظيمه الحزبي الذي ورثه رفيق الأمس "لافازاني". وعلى أقل تقدير، سييفوز في الانتخابات بنتيجة تتراوح بين 30 و33%، من دون أن يحظى بالأكثرية البرلمانية التي تتمثل بـ151 نائباً من أصل 300.</p> <p dir="RTL">وأضحى "تسيبرس" سيد خوض الانتخابات، فهو يعرف كيف يتحكم بزمام اللعبة السياسية والانتخابية، لذا استقال لتحقيق مكاسب عدة، ومنها "تنظيف" البيت الحزبي من معارضيه، وقبل أن يشعر&nbsp;الناخبون بالآثار السلبية لإجراءات عقد الاقتراض الثالث الذي أبرمته حكومته مع المؤسسات الدائنة الأوروبية والدولية بقيمة 86 مليار يورو والتي ستؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى تراجع شعبيته، إلا في حال نجاحه بمكافحة التهرب من الضرائب والفساد على حد قوله. كما أراد أيضاً أن يفاجئ رفاقه القدامى الذين انشقوا عن حزبه وقبل أن يفلحوا في ترتيب أمورهم التنظيمية. وسعى تسيبرس أيضاً إلى تفادي استمرار دعم حكومته السابقة من الثلاثية الحزبية المتمثلة بحزب الديمقراطية الجديدة اليميني المحافظ، وحزب باسوك الاشتراكي، وحزب &nbsp;"بوتامي" من يمين الوسط، والذين يحملهم مسؤولية قيادة البلاد إلى الإفلاس وتنفيذ شروط عقود الاقتراض التقشفية. ونفى "تسيبرس" أنباء عن احتمال تشكيل حكومة ائتلافية مع أي من أقطاب الثلاثية الحزبية التي لا تزال رواسب حكمها واضحة في إدارة حكم البلاد.&nbsp;</p> <p dir="RTL">والسؤال الذي يطرح نفسه هو مع من سيتحالف "تسيبرس" بتاريخ 21 أيلول 2015، فتحالفه من رابع المستحيلات مع الحزب الشيوعي اليوناني المعارض الذي من المتوقع أن&nbsp; يحافظ على قوته البرلمانية 5.46% مع احتمال ارتفاعها، وكذلك تحالفه مع حزب "الفجر الذهبي" اليمني المتطرف الذي سيحتل المركز الثالث على أقل تقدير بنسبة بين 6.5% إلى 7.5%.</p> <p dir="RTL">إذن لن يبقى أمامه سوى التحالف مع حزب "الوحدة الشعبية" المنشق عنه والمعارض لخطط الإصلاحات الأوروبية أو حزب "الاتحاد الوسطي"، أو الوصول إلى حائط مسدود والإعلان مجدداً عن انتخابات برلمانية سابعة خلال خمسة أعوام.</p> <p dir="RTL">وفي المقلب الأخر، يبدو أن أعداء الأمس أي ممثلي النيوليبرالية الأوروبية والرايخ الرابع الألماني والمؤسسات المالية يقدمون الدعم المباشر وغير المباشر "لتسيبرس".&nbsp;فقد ذكرت المفوضية الأوروبية أنها "ليست قلقة" من أن يؤثر قرار إجراء انتخابات مبكرة في اليونان على حزمة إنقاذ البلاد أو تنفيذ الإصلاحات المرتبطة بها، وان نجاحها مرتبط بالدعم الواسع النطاق لعقد الاقتراض الثالث.</p> <p dir="RTL">من ناحيتها، أكدت الحكومة الألمانية على ضرورة أن تلتزم اليونان بتعهداتها بشأن خطة الإصلاح والتقشف التي حصلت بموجبها على حزمة مساعدات ثالثة بالمليارات حتى عقب إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.</p> <p dir="RTL">وذكرت مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني أن استقالة "تسيبرس" ايجابية بالنسبة لديون اليونان لأنها تفتح الطريق أمام تشكيل حكومة متناسقة وموحدة، مما يحسن آفاق تطبيق معايير عقد الاقتراض الثالث وتخفيض خطر نفاذ السيولة والتمويل المصرفي.</p> <p dir="RTL">وأمام هذه الضبابية التي تسود المشهد السياسي في اليونان، سيكون من الصعب التكهن بنتائج الانتخابات كون مؤسسات الإحصاءات أثبتت فشلها في توقع نتيجة الاستفتاء الشعبي في حزيران الماضي وقال فيه الشعب لا "&Omicron;&chi;&iota;" بنسبة 61.31% مقابل 38.7% لمؤيدي الإجراءات التقشفية والبرجوازية المحلية التابعة لمركز القرار الألماني. وكما قال القائد الشيوعي اليوناني الراحل "خاريلوس فلوراكيس" يوماً أن "الصناديق حبلى"، ولا أحد يستطيع أن يتحكم بالنتيجة لأن الكثير من المعايير هي التي ستولد حكومة فاعلة أو غير قادرة على إدارة الأزمة المالية المتفاقمة وتنفيذ الإجراءات التقشفية التي تنال من حقوق الشعب في الضمان الاجتماعي ورفع سن التقاعد إلى 69 عاماً أو إلى 71 عاماً ودفع المكلفين لمزيد من الضرائب.</p> <p dir="RTL">لذا ستكون هذه الانتخابات مفصلية في التاريخ السياسي اليوناني الحديث، وستتحكم بمصيرها الوجوه الانتخابية وليس البرامج التي أضحت صعبة التنفيذ في ظل الواقع الاستعماري المالي الأوروبي والدولي لليونان، وعدد الأحزاب التي ستدخل البرلمان وموقف القوى الأجنبية من نتائجها، وبالطبع يتحكم بها "تسيبرس" الذي خاض تجربة الحكم اليساري لمدة سبعة أشهر من دون أن يتمكن حسب قوله من تنفيذ وعوده المتمثلة بنظافة اليد ومحاربة المحادل الاقتصادية المحلية والأوروبية وملاحقة الجريمة المالية والفساد الذي ما زال متفشياً في البلاد وحل مشكلة النظام التقاعدي ومشكلة البطالة عن العمل التي تصل نسبتها إلى 27%.</p> <p dir="RTL">من أجل مستقبل اليونان لا بد من إيجاد صيغة ما تجمع اليسار اليوناني إلى جانب الشيوعيين كقوة تحالفية قادرة على قلب موازين القوى وقيادة المرحلة باتجاه إقامة نظام حكم سياسي مستقل تحقق فيه العدالة الاجتماعية.&nbsp;</p>
Image: 271 nidaa.jpg
ID: 496
Title: تركيا أردوغان و"حزب العدالة والتنمية" يقودان تركيا نحو حرب أهلية تونكاي يلماز مساعد أمين عام حزب اعادة تأسيس الاشتراكية
Content: <p dir="RTL">العجلة التي وضعتها الامبريالية والصهيونية ضد شعوب الشرق الأوسط في سبيل السيطرة على ثرواتها من النفط وجني الأرباح، ما زالت تعمل. هي عجلة مخطط الفوضى والحروب المرتبط بمشروع "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الموسع"، الأميركي الصنع، الذي تدفع ثمنه شعوب المنطقة من موت، ودمار، ومآس، وذلك من خلال خلق دائرة نار في المنطقة. وفي هذا الإطار فإن أردوغان، وحزبه، حزب العدالة والتنمية، يعرف عن نفسه كرئيس لمشروع الشرق الأوسط الكبير، والنزعة لإيجاد أبجدية هذا المشروع موجودة منذ 13 عاماً، أي منذ توليهم للسلطة السياسية في تركيا.</p> <p dir="RTL">لقد مثلت الانتخابات العامة، في 7 حزيران الماضي، عتبة أساسية لاستكمال مشاريع حزب العدالة والتنمية / أردوغان. وهذه المشاريع كان من الممكن استكمالها في حال عدم تمكن "حزب الشعوب الديمقراطي"، وجبهة القوى الديمقراطية، من الفوز بالانتخابات البرلمانية السابقة. ففوز "حزب الشعوب الديمقراطي" بـ80 مقعداً برلمانياً منع طيب أردوغان من أن يصل إلى مشروعه المتمثل بتحويل تركيا إلى نظام رئاسي يكون هو رئيسه، ومنع، في الوقت نفسه، حزب العدالة والتنمية من أن يصبح صاحب أكبر قوة برلمانية تجعله غير مضطر للتحالف مع أي حزب آخر.</p> <p dir="RTL">لقد واجه حزب الشعوب الديمقراطي، طيلة فترة الحملات الانتخابية، الابتزاز من قبل الإسلاميين، والمجموعات الفاشية القومية، ومنظمات الدولة "السرية" الواقعة تحت قيادة حزب العدالة والتنمية. حيث تعرض أعضاء ومسؤولي "حزب الشعوب الديمقراطي" للاعتقال من قِبل هذه الأجهزة "السرية"، كما كانت اجتماعاته تهاجم بالأسلحة النارية والقنابل.</p> <p dir="RTL">وعلى الرغم من كل هذه الأعمال العنفية من قِبل "حزب العدالة والتنمية" لمنع "حزب الشعوب الديمقراطي" من الفوز بالانتخابات، فإن القوى الديمقراطية في تركيا استطاعت تخطي كل هذه العقبات والخدع والاعتداءات الجسدية وحصلت على 13في المئة من نسبة الأصوات في الانتخابات البرلمانية.</p> <p dir="RTL">إن فوز "حزب الشعوب الديمقراطي" أفشل مخططات أردوغان وحزبه، حيث كانت تركيا تنزلق نحو جو الحرب الأهلية. واليوم يحاول كل من اردوغان وحزبه، من خلال الدكتاتورية وإثارة الحروب في المنطقة، استعادة السلطة السياسية التي خسروها في الانتخابات.</p> <p dir="RTL">إن الفترة القانونية المحددة لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات محددة بـ 45 يوماً، ولكن لم يتم تشكيل حكومة حيث أعلن داوود أوغلو، الرئيس العام لحزب العدالة والتنمية، بعد الفترة القانونية المحددة، انه لن يشكل ائتلاف حكومي. ووفقاً لتجارب سابقة فإنه على الحزب الذي حصل على ثاني أكبر نسبة أصوات في الانتخابات، أي حزب الشعب الجمهوري، تشكيل حكومة وعلى رئيس الجمهورية، أردوغان، الإعلان عن انتخابات فورية.</p> <p dir="RTL">إن إعلان أردوغان ونواب حزب العدالة والتنمية، بالتزامن مع ممارسات السلطة الحالية، تشير مجتمعة إلى أن هناك حرباً مصيرية سوف تحصل إلى حين موعد انتخابات تشرين الثاني من العام الحالي. من هنا لا عجب من أن ما يقرب 200 مواطن فقدوا حياتهم بسبب الهجمات من قبل السلطة و"المدنيين" التابعين لها. وفي الفترة عينها فهناك ما يقرب من 3000 من الشعب التركي معرضين للاعتقال، وقد تم اعتقال أكثر من 1000 منهم.</p> <p dir="RTL">إن الدولة التركية وبعد حصولها على الإذن بالقيام بعمليات عسكرية، وفتح قاعدتها العسكرية، انجرليك، لتستخدمها الولايات المتحدة وقوى الائتلاف لمحاربة الإرهاب، بدأت الدولة الهجوم ليس فقط على كانديل، منطقة أكراد العراق، بل أيضاً على المقيمين في كردستان العراق. في مواجهة هذه الهجمات والعمليات العسكرية أعلن الشعب الكردي "الحكم الذاتي" للدفاع عن وجوده.</p> <p dir="RTL">وبالإضافة إلى العمليات العسكرية التي تقوم بها السلطة التركية في الساحل الغربي من تركيا، فإن أي تحرك ديمقراطي تواجهه السلطة بعنف وضغط كبيرين. وعلى الرغم من كل هذا القمع الذي يمارسه حزب العدالة والتنمية والسلطة التركية فإن رد فعل المجتمع على هذا القمع يتعاظم بشكل تدريجي. حتى المجموعات المشكلة من أطياف اجتماعية مختلفة بدأت تدرك أن ما يقوم به أردوغان وحزبه من ممارسات سياسية وعمليات عسكرية، لا ينطلقون فيها من الدفاع عن الوطن. ففي جنازة الجنود، رددت شعارات، تقول "أردوغان القاتل"، و"اللعنة على حزب العدالة والتنمية".</p> <p dir="RTL">يبدو أن أردوغان وحزبه، وعلى الرغم من ردود الفعل على ممارساتهم السياسية والقمعية، مصرين على إجراء انتخابات برلمانية بشكل فوري في ظل حال الفوضى والعنف. بالفعل أنها لأحجية ما إذا كانت ستجرى الانتخابات أم لا، في هذا الجو من انتشار العنف من كردستان وصولاً إلى غرب البلاد.</p> <p dir="RTL">إن حزب الشعوب الديمقراطي كحزب سياسي مؤلف من الحركة الكردية، واشتراكيين أتراك، وحقوق المرأة، وحركات ديمقراطية، وحزبنا، حزب إعادة تأسيس الاشتراكية، يشكل هذا الحزب، أي حزب الشعوب الديمقراطي، الأمل الوحيد لشعب تركيا، ويبدو أنه قادر على تخطي كل هذه العقبات، وبالتالي إذا جرت الانتخابات في أول تشرين الثاني المقبل، فإن حزب الشعوب قادر على تخطي هذه العقبات على الرغم من كل الضغوط، والعنف، والمنع، والقمع التي يتعرض لها في هذه الفترة العصيبة، لذلك سوف يرفع الحزب من مستوى&nbsp; تنظيمه، ونسبة المقترعين له.</p> <p dir="RTL">وفي إطار تحضير حزب الشعوب الديمقراطي لخوض الانتخابات المقبلة، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار كل مجريات الأمور حيث يبدو أن الأمور أكثر غموضاً وسوداوية بالنسبة لما يمكن أن يفعله أردوغان عند مواجهته بفشل آخر في انتخابات أول تشرين الثاني المقبل. إن الشعب التركي سيقرر ليس فقط تشكيل الحكومة، ولكن سيقرر أيضاً اتجاه سياسة البلاد ما إذا كانت ستذهب نحو حرب أهلية، أو انقلاب عسكري أو انتقال ديمقراطي.</p> <p dir="RTL">إن خسارة أردوغان وحزبه لرئاسة الجمهورية وفشلهم في تحقيق ذلك&nbsp; سيكون خيراً ليس لشعب تركيا فقط، بل أيضا لشعوب المنطقة. وجميعنا يعلم أن شعوب منطقة الشرق الأوسط والقوى الثورية كلها معنا في هذا النضال وجميعنا يؤمن بأن الاشتراكية والثورة سوف ينتصران.</p> <p dir="RTL">&nbsp;</p> <p>يتحكم بالنتيجة لأن الكثير من المعايير هي التي ستولد حكومة فاعلة أو غير قادرة على إدارة الأزمة المالية المتفاقمة وتنفيذ الإجراءات التقشفية التي تنال من حقوق الشعب في الضمان الاجتماعي ورفع سن التقاعد إلى 69 عاماً أو إلى 71 عاماً ودفع المكلفين لمزيد من الضرائب.</p> <p>&nbsp;</p> <p dir="RTL">لذا ستكون هذه الانتخابات مفصلية في التاريخ السياسي اليوناني الحديث، وستتحكم بمصيرها الوجوه الانتخابية وليس البرامج التي أضحت صعبة التنفيذ في ظل الواقع الاستعماري المالي الأوروبي والدولي لليونان، وعدد الأحزاب التي ستدخل البرلمان وموقف القوى الأجنبية من نتائجها، وبالطبع يتحكم بها "تسيبرس" الذي خاض تجربة الحكم اليساري لمدة سبعة أشهر من دون أن يتمكن حسب قوله من تنفيذ وعوده المتمثلة بنظافة اليد ومحاربة المحادل الاقتصادية المحلية والأوروبية وملاحقة الجريمة المالية والفساد الذي ما زال متفشياً في البلاد وحل مشكلة النظام التقاعدي ومشكلة البطالة عن العمل التي تصل نسبتها إلى 27%.</p> <p dir="RTL">من أجل مستقبل اليونان لا بد من إيجاد صيغة ما تجمع اليسار اليوناني إلى جانب الشيوعيين كقوة تحالفية قادرة على قلب موازين القوى وقيادة المرحلة باتجاه إقامة نظام حكم سياسي مستقل تحقق فيه العدالة الاجتماعية.&nbsp;</p>
Image: 271 nidaa.jpg