مر الكلام: نديم علاء الدين - سيناريوهات أمنية مخيفة
كل المعطيات والتطورات التي تشهدها المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً تشير الى أنّ المواجهة بين الجيش اللبناني والمجموعات الارهابية واقعة لا محالة، وان الوقت لم يعد مفتوحاً، بل صار ضيقاً جداً، استناداً الى عوامل عديدة بات البلد فيها رهن سيناريوهات امنية مخيفة:
أولها قضية العسكريين المخطوفين، التي تحولت الى مأساة ومشكلة وطنية مهينة بفعل الأداء الحكومي السيء، والتعامل معها بخفة واستجداء لوساطات باتت تتبارى في رفع مطالب الخاطفين، وتحميل اللبنانيين مسؤولية عدم تلبيتها او المفاضلة بينها، من دون استخدام اية وسيلة او إمكانية للضغط على الخاطفين واجبارهم على الافراج عنهم.
والحال أن الرضوخ للمُقايضة التي يُطالب بها الإرهابيّون، رغم تبنيه من قبل بعض الجهات، لن يكون سهلاً تمريره او قبوله من قبل شرائح واسعة داخليّة، لما يشكله من ضرب لهيبة الدولة وما يفتحه من شهية للمجموعات الإرهابيّة وخلاياها النائمة على القيام بعمليّات خطف مُستقبلاً، بهدف الابتزاز وفرض المزيد من الشروط.
ان استمرار التعامل مع هذه القضية بالطريقة نفسها سيُعرّض حياة المزيد من العسكريّين الى الخطر، الامر الذي ستزداد معه صعوبة ضبط رَدّات الفعل الداخليّة.
سواء حلت قضية العسكريين او لم تحل فإن ثاني هذه السيناريوهات يمثله وجود المُسلّحين في جرود عرسال، حيث ينتظرون قدوم فصل الشتاء، وهم في وضع محاصر من الجانبين اللبناني والسوري، ما يعني انهم سيواجهون ظروفاً مناخية وحياتية صعبة، حيث البرد القارس وكثافة الثلوج وانقطاع خطوط الامداء من ذخائر وتموين ومحروقات، ما سيدفع بهذه المجموعات الى النزوح والتحرك بحثاً عن فتح ثغرة في الطوق المفروض عليهم، والتمدد باتجاه عرسال مجدداً، رغم انهم لم يخلوها تماماً، والأخطر هذه المرة انهم سيوسعون من دائرة استهدافهم لتأمين مزيد من الحماية وعناصر البقاء نحو قرى بقاعية أخرى كالفاكهة ورأس بعلبك والقاع يعتبرها الارهابيون فريسة سهلة، من جهة، وتشكل جسر عبور وتواصل مع الشمال اللبناني، من جهة ثانية، مع ما يحمله ذلك من مخاطر امنية قد تمتد الى سائر قرى عكار وصولاً الى طرابلس دعماً وتأييداً للارهابيين او تخفيفاً للضغط عنهم بالهاء الجيش وجره الى توسيع دائرة انتشاره لاضعافه في مواجهتهم.
ارتباطاً بهذا السيناريو وتتمة له تشكل المجموعات والخلايا الإرهابية النائمة المنتشرة بكثافة في مخيمات اللاجئين السوريين بؤراً أمنية خطيرة لتغلغلها بشكل واسع في معظم المناطق اللبنانية وبخاصة في المنطقة الممتدة من البقاع الغربي حتى الأوسط.
يبقى السيناريو الرابع المخيف الذي يحيط بمنطقة العرقوب، حيث تقاطع المصالح بين اسرائيل وبين هذه المجموعات الإرهابية التي سيطرت على منطقة واسعة من الجولان السوري على حدود فلسطين، وتستعد للتحرك شمالاً باتجاه العاصمة دمشق، فإن اولويات تقاطع المصالح وتأمين الحماية الخلفية لهذه المجموعات ان تتأمن مصلحة إسرائيل في توسيع الحزام الآمن لها باتجاه الجنوب اللبناني وتحديداً في منطقة العرقوب لما تشكله من خاصرة ضعيفة اذا ما توسعت هذه القوى باتجاه حاصبيا وراشيا شمالاً وباتجاه ابل السقي والخيام غرباً ومخاطر حصول هذا السيناريو قائمة في التغطية الإسرائيلية والسماح لجبهة النصرة بالاقامة في منطقة واسعة على حدودها، وعمليات التواصل الجارية بين بيت جن السورية وشبعا اللبنانية عبر مناطق السيطرة الإسرائيلية بالإضافة الى عمليات التهريب الكثيفة من داخل الأراضي السورية عبر سفوح جبل الشيخ الغربية.
السياسة الراهنة لاركان السلطة لا تبشر بنهج يحشد طاقات اللبنانيين ويوحدها على أسس وطنية، بل بالعكس يبشر بجعل هذه المَخاطر مُضاعفة وغير قابلة للضبط، في ظل بيئة حاضنة يشكلها النظام السياسي الطائفي اللبناني وتعززها السلطة بأدائها بعيداً عن أي شعور بالمسؤولية الوطنية. ما يجعل من احتمال تحقق هذه السيناريوهات جزئياً او دفعة واحدة امراً قابلاً للتحقيق.