زراعة: محمد عبدو عن زراعة التبغ والزيتون
يحتفل العديد من مزارعي لبنان اليوم، بعيدين أو موسمين زراعيين: الأول هو قطاف الزيتون، والثاني هو تسليم محصول التبغ في مراكز سبعة حددتها الدولة.
فالزيتون هذه الشجرة المباركة حتى التقديس هي شجرة معمرة يبلغ عمرها حسب معطيات الأمم المتحدة أكثر من ألف سنة، فهي إلى جانب ذلك المصدر الرئيسي للزيت الغذاء الرئيسي لمعظم العائلات اللبنانية.
أما زراعة التبغ وهي زراعة حديثة في لبنان نسبياً، فهي مرتبطة بنضالات عمال ومزارعي التبغ على مدى 80 عاماً أي منذ عام 1935، عام تأسيس إدارة حصر التبغ والتنباك.
تنتشر زراعة الزيتون في معظم المناطق اللبنانية على علو أقل من 600 متر عن سطح البحر وخاصة في المناطق الساحلية وهي مزدهرة بشكل خاص في مناطق حاصبيا، الشوف، الكورة، ومرجعيون، ولكنها ما زالت تعتمد على المعاصر الحجرية، بعامة، وهي أساليب بدائية نسبياً، وهي تتعرض للانقراض بسبب زحف الباطون المسلح (سهل الشويفات شرقي صيدا والشوف) في هجمة شرسة من قِبل تجار البناء.
وللزيت اللبناني الذي هو غذاء ودواء أيضاً، فهو مدر للبول وحافظ للسكر وضغط الدم وملين للمعدة ويحتوي فيتامين B2 – B1 – A، وحمض الفليلوليك وغيرها... ولكن برغم كل ذلك فلا يوجد في لبنان حتى اليوم تعاونية فاعلة للاهتمام بهذا الموسم.
أما زراعة التبغ التي تأسست عام 1935 على يد المتصرف السامي الفرنسي فقد مرت بعدة مراحل أهمها:
1- من عام 1935 حتى عام 1947 كانت تحت إشراف وملكية الرأسمال الفرنسي الاحتكاري
2- عام 1947 دخلت الاحتكارات الأميركية تحت غطاء "مشروع مارشال" واشترت قسماً من الأسهم لصالحها.
3- بعد موجة الإضرابات ضد احتكار الشركة والتي انتهت بسقوط شهداء من مزارعي التبغ عام 1973 أقرت حكومة الرئيس سليم الحص الأولى مطلع عام 1977 المراسيم التي حولت الشركة الاحتكارية إلى مؤسسة حكومية.
4- بالرغم من ذلك فقد شهدت تلك المراحل من النضالات، وبعد أن تحولت الشركة من الإنتاج اليدوي للسيجارة إلى الإنتاج الآلي، وبعد أن حرمت العمال من تعويضاتهم، شهدت إنتاج عدد كبير من السجائر الوطنية، أدت إلى زيادة دخل الموازنة من أرباح الشركة، وهذه الأصناف ما زال يذكرها المدخنون القدامى وهي (بافرا – خانم – تاطلي – السيجارة الشعبية – خصوصي للجيش – وينجه وغيرها)
ولكن هذه الأصناف ما لبثت أن اختفت من الأسواق بفعل احتكار السيجارة الأجنبية وخاصة الأميركية وهيمنتها من قِبل التجار على السوق.
إن إنتاج تعاونية صناعية زراعية لإنتاج نوع جيد من السيجارة الوطنية لا يدخل من باب تشجيع التدخين، بل من باب ضرب الاحتكار الأجنبي للدخان، والتنباك، والسيجارة. فاللبناني الذي أختنق بدخان النفايات لم يعد يهتم كثيراً بنوع الدخان. فالأسواق اللبنانية للدخان تحوي كل أصناف المالبورو، والجيتان... وغيرها ولا يوجد صنف لبناني الصنع ينافسها سوى سيدرز وأوكي.