بوضوح: ربيع ديركي من يرسم الشرق الأوسط؟
تطغى على منطقتنا الحروب مدمرة البشر والحجر، ترسم فيها الخريطة الداخلية لحدود دولنا، في مرحلة سايكس- بيكو الجديدة المولودة من خاصرة حروب تخاض بين المتحاربين على النفوذ بالوكالة بدمائنا القانية.
وفي مشهدية الحروب حدثت تطورات تحمل صورة من يرسم خارطة "الشرق الأوسط الجديد" أبرزها:
الدخول الروسي العسكري في سوريا عبر ضربات جوية ضد تنظيم داعش الإرهابي ومجموعات مسلحة أخرى، بعد ضربات ما يسمى الائتلاف الدولي ضد الإرهاب التي أدت إلى مفعول عكسي زاد من تمدده، وطبعاً تدخل دولي وإقليمي وعربي في الحرب بسوريا.
وقبل ذلك اتفاق فيينا بين مجموعة 5+1 وإيران حول برنامجها النووي، أظهرت التطورات على أرض الحروب أنه يحمل سلة متكاملة لشكل التسويات، فالتغيرات الميدانية في اليمن بفعل التدخل السعودي تحت ما يسمى الحلف العربي، لبقاء اليمن حديقة خلفية للسعودية على حساب استقلاله وحق الشعب بتقرير مصيره، إحدى تجليات صراع ما بعد اتفاق فيينا النووي لناحية انقلاب موزاين القوة بين المتحاربين في اليمن.
وفي فيينا، أيضاً، جلس المتخاصمون إلى طاولة واحدة لبحث حل الأزمة السورية، بغياب سوري، جلس أقطاب التسوية الأميركي والروسي والسعودي والإيراني، والبحث في الحل لا يزال في بدايته وسط حرب تثبيت أمر واقع على الأرض، يمهد لتسوية تحدد حدود النفوذ داخل الحدود السورية.
مشهدية المباحثات ومن يجلس إلى طاولتها تحدد من يرسم خارطة الشرق الأوسط ودوله ما بعد سايكس – بيكو، بين قطب امبريالي، الولايات المتحدة، مارس كل أشكال الحروب والاحتلال وتفريخ الإرهاب، ومعالم قطب بدأ بالظهور، روسيا، التي تريد موقعها في هذه الخارطة، وهنا القطبان ليسا على طرفي نقيض، كما كان الحال بين مشروع امبريالي استعماري، بقيادة الولايات المتحدة، وبين مشروع تحرري ثوري بقيادة الاتحاد السوفييتي، بل بين القطب الذي بدأ يفقد أحاديته والقطب الناشئ بينهما حرب على النفوذ لتقاسم الثروات وفق آليات النظام الرأسمالي وتطوره، وفي حربهما ترسم أدوار جديدة لدول إقليمية، موزعة بين القطبين، هي تركيا والسعودية وإيران، والجالسون إلى طاولة المفاوضات يرسمون حدود "الشرق الأوسط الجديد"، وفيها يبقى الكيان الصهيوني محمياً كرأس حربة للامبريالية.