الفترة الاخبارية المستمرة يوميا من السابعة وحتى العاشرة صباحا
المواطن والقانون الجمعة 2.30 مع المحامي عبد الكريم حجازي
شباك المواطن مع ليال نصر السبت بعد موجز 10.30 صباحا
Like Us On Facebook : Sawt el Shaab
اشكاليات الاثنين 4.30 مع عماد خليل
الفترة الاخبارية المستمرة يوميا من السابعة وحتى العاشرة صباحا
صعبة العيشة هيك - كل تلاتا الساعة 4.30 مع فاتن حموي
حوار فاتن الخميس بعد موجز 4.30 والاعادة الاحد بعد موجز 11.30 مع فاتن حموي
البلد لوين مع الين حلاق الاثنين 5.30
عم نجم الاربعاء بعد موجز 3.30 والاعادة الاحد 6 المسا مع ريميال نعمة
عينك عالبلد مع رانيا حيدر الجمعة 4.30
Displaying 1-1 of 1 result.


قضية: نديم دياب جسد المرأة: بين التحرر والإغراء

لطالما اعتبر النقد لصورة المرأة السائدة في السياقين الإعلامي والإعلاني أن لدى النظام الرأسمالي نزعة إلى استغلال أجساد النساء وتحجيمهن إلى مخلوقاتٍ جنسية بغية الربح السريع. موقفٌ لم يخلُ يوماً من معارضةٍ شرسة لما يستتبع ذلك الاستغلال من عواقب على تطور مفهوم المساواة الجندرية وتحرير العنصر الانثوي من قبضة المجتمع الذكوري. غير أن لظهور وسائل التواصل الاجتماعي على ما يبدو مساهمة في بروز أصوات أضافت على المتهمين بالإساءة إلى المرأة من معلنين وشركات إنتاج عنصراً جديداً خلافي الطابع هو المرأة عينها، مشككة في دورها الإيجابي لنصرة أخواتها، فكان الاختلاف في الآراء والخلاف.

انشغل الـ”تويتريون" (نسبة إلى تويتر) في الولايات المتحدة مطلع الشهر الحالي بجولة جديدة من التحركات الإشكالية بدأت بتغريدة أطلقها مستخدمٌ حَمَّل صورة ثابتة لثلاث نساء جاثمات على أيديهن وأرجلهن رافعات لمؤخراتهن أخذها من فيديو منشور على موقع يوتيوب. كتب الشاب الأميركي "لنجعل منها (أي الصورة) صَيْحة" مذيلاً عباراته بـ"هاشتاغ" أو وسم إلكتروني #ArchYourBackChallenge أو تحدي "تقويس الظهر"، ليتناقله المستخدمون، وتتكاثر الصور المستنسخة، فتعلو المؤخرات لنصرة التحرك ومعها الأصوات المنددة لهكذا تحد يضع المرأة في وضعيةٍ دونية.

الأرجح أن المشاركات اللواتي تبنين هكذا قضية لم يدرين أن الحملة التي دعمنها أو أسهمن فيها هي وليدة لحظة ملل شعر بها العقل المدبر، والذي كان هدفه على الأرجح أيضاً قليلاً من التسلية المجانية فيما لو وجد من يوقعهن في شركه. لكن الأكيد، إلى جانب حصول الشاب على مبتغاه، هو أن خدعته للاستمتاع ببعض العري فتحت الباب أمام جدل جديد- قديم حول كيفية تظهير المرأة لجسدها بغية تمكين نفسها. ففي الوقت الذي رأت فيه الكثيرات أن في استفزازية الصور وسيلة لشعور المرأة بالقوة نظراً لكونها هي صانعة الصورة والرسالة التي تتضمنها، وبالتالي المحرك الرئيسي لشخوص الأعين تجاهها، ثمة من ثارت على الإثارة المبتذلة معتبرة أن ضلوع المرأة في اختزال نفسها بالعري، ولو في إرادتها التامة، أمراً مؤسفاً وعاملاً مساهماً في تشويه صورتها، داعية إلى مواجهة هذه الموجة من العري الخياري بالتركيز على عضو جسدي أهم هو العقل والمشاركة في حملة مضادة هي  #ShowYourDiplomaChallenge أو تحرك "اظهري شهادتك الجامعية".

حقوق المرأة السياسية والقانونية والاجتماعية وحريتها في امتلاك جسدها والتصرف فيه لم يكن دائماً من المسلّمات، إذ أن القوى المسيطرة على السوق والعقلية الذكورية جعلت من جسمها سلعة لأهداف اقتصادية وجنسية كنوع من الاستعباد. ثقافتا تخجيل المرأة من جسدها والإذعان للهيمنة الذكورية الممنهجتان ما تزال آثارهما واضحة في كثير من المجتمعات بما في ذلك المجتمعات الغربية، وكانتا من إحدى الدوافع لظهور حركة لتمكين المرأة هناك. عملية تحرير الذات أفضت إلى جعل المرأة "قوامة على نفسها"، وأعادت الاعتبار لجسم المرأة على أنه كيان من المخزي تشييئه واختزاله بمفاتنه.

الجسد، كوجود مادي، استخدمته النساء في بعض التقاطعات الزمنية دفاعاً عن قضايا واحتجاجاً على أخرى. في هذا الإطار، خلعت بعض النسوة ثيابهن، ليس لتخلعن عنهن القيود الاجتماعية ووصمة العار التي أُلحقت بأجسادهن فقط، بل كتعبيرٍ سياسي ومدني. استعملن أجسادهن للفت الانتباه ليس للجسد ولكن للفكر الذي يؤمن به الجسد. علياء المهدي عام 2012 تعرت أمام السفارة المصرية في السويد ليس لمجرد نزوة اعترتها على حين غرة، بل للتنديد بوصول الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم. الفتاة العشرينية حولت جسدها إلى يافطةٍ متنقلة للاعتراض على الدستور المصري، كاتبة "الشريعة ليست دستوراً". أما التونسية أمينة السبوعي، فقد قامت في العام 2013 بنشر صورة لها على صفحتها على الفايسبوك إستنكاراً لمفهوم الشرف في التقاليد العربية، فخطّت على صدرها العاري "جسدي ملكي، ليس شرف أحد". هي أقدمت على خطوة مماثلة ليس لأغراض جنسية، بل كمحاولة فردية للهجوم على ثقافة العورة المرتبطة بجسد المرأة.

اليوم وقد استعادت النساء المبادرة (مبدئياً، وليس في المطلق)، ثمة من تناست السبب الرئيسي للنهوض في تفعيل دور المرأة ورفع قيمتها البشرية والحد من اعتبار جسدها دمية جنسية، أو سلعة للاستهلاك الجنسي والربحي، فوقعت في الفخ الذي سبقها إليه المنظومة الاجتماعية- الاقتصادية منذ القدم. نساء "تويتر" استعن بالجسد لشدّ النظر إلى الجسد، فسلَّطْن الضوء، عمداً أو من دون قصد، على  تضاريسهن، وبالتالي قدَّمْنَ أنفسهن على أنّهن جزء عوضاً عن كلٍّ متكامل. التعويل على الجسد، واستغلاله بطريقة جنسية كوسيلة لتحقيق الذات لا يدخل ضمن عملية التحرر الجنسي، انما يسهم في تدعيم عملية العبودية للجسد. تسليع البعض لأنفسهن يخدم مشروع تسليع الآخرين للنساء، في وقت ما تزال كثيرات يعانين من التمييز والتهميش والخضوع، والتسطيح.

على الجسد، كعامل إغراء، أن يخرج من قضية تمكين المرأة من أجل الاستفادة من قدراتها وحشد امكاناتها ضمن عملية التغيير الاجتماعي وتحقيق المساواة التامة. فالجسد إلى زوال، أما الفكر فباق، وما يستنبطه من مبادئ ومواقف ومبادرات محتم عليها التناسل بعد أن يفنى الهيكل. 


Displaying 1-1 of 3 results.
Displaying 1-4 of 4 results.
- مجلة النداء - موقع الحزب الشيوعي - دار الفارابي - مجلة الطريق