شؤون اقتصادية: أحمد ديركي وزني: اللوبي المصرفي يمنع لبنان من الاستفادة من احتياطه من الذهب
من يحكم لبنان؟ الإجابة البديهية النظام السياسي القائم. نظام برلماني، وفقاً للنص الدستوري، ونظام اقتصادي حر، قائم على معادلة "العيش المشترك"، والني تعني في الجوهر التقاسم الطائفي لهذا النظام السياسي. لتصبح ذات صيغته نظام سياسي – طائفي.
لكن إذا أُضيفت كلمة "فعلياً" على السؤال المطروح يصبح: من يحكم فعلياً لبنان؟ هنا تختلف الإجابة بشكل جوهري، وإن كانت لا تنفصل عن الإجابة الأولى. ولتبيان من يحكم لبنان فعلياً نذهب إلى احتياط الذهب في لبنان، وكيفية الاستفادة منه.
يملك لبنان 22.9% من مجموع احتياط ذهب الدول العربية، ما يضعه في المرتبة الثانية، من حيث احتياط الذهب، بعد المملكة العربية السعودية. ويقدر سعر ذهبه بـ11 مليار دولار، سعر متقلب وفقاً للسعر العالمي للذهب، وكميته 286.8 طن، حتى آخر شهر أيار 2015، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي.
كيف يمكن لبلد يملك هذا الكم من الذهب واقتصاده يمر بأزمات حادة؟ ومن بعض مؤشرات هذه الأزمة الحادة بطالة تقارب 30%، الدين العام كنسبة إلى الناتج المحلي تلامس 150%، وهي من أعلى المعدلات في العالم، ومن أصل 4 ملايين مواطن يوجد مليون و170 ألف مواطن يعيشون تحت خط الفقر، أي أن ثلث المواطنين يعيشون تحت خط الفقر، وفقاً للأرقام اللبنانية الرسمية.
لم يعد للذهب دور أساسي للعبه في اقتصاد الدول، ويعود هذا إلى كسر اتفاقية Bretton Woods، عندما أعلن نيكسون، رئيس الولايات المتحدة العالمية، صاحبة أكبر احتياط ذهب في العالم، والتي كانت تنص على انه يمكن للمصارف المركزية للدول أن تستبدل ما لديها من دولارات بذهب عند الطلب.
طبعاً لا يعني هذا أن الذهب أصبح عديم القيمة باقتصاد الدول.
بالعودة إلى احتياط الذهب في لبنان، يقول الخبير الاقتصادي، د. غازي وزني، في لقاء معه على إذاعة "صوت الشعب"، في برنامج "نحن والاقتصاد"، انه "يؤيد قانون منع بيع الذهب وذلك لفقدان الثقة بالسلطات السياسية" كما أن لبنان، على الرغم من قانون منع بيع الذهب إلا انه "يمكنه أن يوفر المليارات إذا أستخدم احتياطه من الذهب بالطريقة السليمة." وهي طريقة "يعلمها أهل المال، والبنك المركزي يعرفها، والسلطات المالية تعرفها أيضاً، والجميع يعلمها" وهي عملية ليست معقدة "حالياً لبنان يقترض من المصارف المحلية، لدفع مستحقاته، بفائدة تصل إلى حدود 6.2%، لمدة تزيد عن 10 سنوات، والإصدار الأخير، اقتراض لمدة 20 سنة. ما يعني أن لبنان يدفع فائدة 6.2% على قروضه من المصارف المحلية. في المقابل في استطاعة لبنان أن يرهن احتياطه من الذهب، من دون بيعه - تطبيقاً لقانون منع بيعه - للأسواق المالية العالمية ويستدين على أساس هذا الرهن بأسعار الفائدة العالمية على الدولار الأميركي، وهي لا تتعدى 2.5%، وللمدة عينها، مع لحظ أن هذه النسبة للفائدة تصل أحيانا إلى حدود 1.1%. وبمقارنة بين الأمرين قرض من المصارف المحلية بفائدة 6.5%، مقابل قرض من الأسواق المالية العالمية بفائدة لا تتعدى 2.5%، ولنفترض أن المبلغ 5 مليارات، ولمدة 10 سنوات، هذا يعني أن لبنان باستطاعته أن يوفر الملايين سنوياً، أي يوفر ما يقرب 200 مليون دولار سنوياً، أي أنه يوفر 2 مليار دولار في حال كان الدين على 10 سنوات. كما يمكنه أن يضع ضمن شروط القرض من المصرف الأجنبي دفع تكلفة الذهب، من الصيانة، إلى التأمين، وغيرها من الأمور المتعلقة بهذه القضية، وبهذا يوفر لبنان على نفسه هذه التكلفة. أي زيادة توفير على توفير."
يقول وزني، هذه الآلية من استخدام احتياط الذهب بالشكل السليم "بحاجة إلى قرار سياسي، وممنوع على الحكومة اتخاذ هذه الخطوات والاستفادة من احتياط الذهب بالشكل السليم. يعود سبب منع، أو عرقلة، هذا القرار السياسي لاستخدام الذهب بالشكل السليم إلى لوبي المصارف. في لبنان اللوبيات الاقتصادية من العقاري، إلى النفطي، إلى الوكالات الحصرية، إلى المصرفي... كل هذه اللوبيات أقوى من السلطات السياسية الحاكمة، تمنعها، أو كحد أدنى تعرقل، اتخاذ أي قرار قد يؤثر سلباً على مصالحها. وبهذا فإن السلطات السياسية الحاكمة هي الحلقة الأضعف في حلقة مصالح اللوبيات."
بالعودة إلى سؤال من يحكم لبنان تصبح الإجابة الحاكم الفعلي هو اللوبيات الاقتصادية التي تأخذ من النظام السياسي – الطائفي أداة طيعة في يدها للحفاظ على مصالحها الاقتصادية من دون أي اعتبار لمصلحة الوطن والمواطن، وبدوره النظام السياسي – الطائفي يسهل ويُشرع عمل هذه اللوبيات.