في موضوع الغلاف كتبت هيئة "النداء" فلسطين تقاوم.. فلسطين تنتصر
ممّا لا شك فيه أن العدوان الصهيوني على قطاع غزة وعلى الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى ذريعة. ففي غمرة ما يجري في العالم العربي من ثورة مضادة بقيادة القوى المضادة للثورة المستظلة بالدين، وبدعم امبريالي- عربي رجعي ضد ثورات الشعوب العربية وانتفاضاتها، وصراع دولي – إقليمي لرسم خارطة نفوذ جديدة عنوانها تفتيت العالم العربي وإدخاله في صراعات وحروب مذهبية وإثنية تفتيتية. استغل العدو الصهوني هذا الواقع وشن عدوانه على قطاع غزة.
والواضح أنه عدوان الهدف منه فرض أمر واقع جديد وذلك لفرض المزيد من التنازلات والتسويات على المسار التفاوضي الذي هو في أساسه عملية مفاوضات على فلسطين وليس من أجل فلسطين، وبالتالي الوصول، من ضمن المخطط الامبريالي الأميركي – الصهيوني وبتنسيق مع الأنظمة العربية الرجعية، إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائياً وتصفية أي فعل مقاوم للإحتلال، ومن أبرز، لا بل أخطر، عناوين تصفية القضية الفلسطينية ضرب حق العودة وتنفيذ ترانسفير للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 إلى خارجها، أي إلى ما بات يروّج له بـ "الوطن البديل" الذي ترسم حدوده في المشروع الامبريالي "الشرق الأوسط الجديد"، ممّا يعني عملياً التمهيد لتنفيذ مشروع دولة دينية صافية أي "دولة اليهود في العالم"، وهذا هو فحوى "مبادلة الأراضي" الذي تروّج له الأنظمة العربية الرجعية ومشروع "اتفاق الإطار" الأميركي، في وقت يجد العدو الصهيوني في طروحات قوى الإسلام السياسي التي إلتفت على ثورات الشعوب العربية وانتفاضاتها وحرفتها عن أهدافها التغييرية الديمقراطية الوطنية، الذي تلقف المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار التي تصب في صالحه ضد القضية الفلسطينية وضد المقاومة، ذريعة لقيام الحلم الصهيوني "دولة اليهود" على أرض فلسطين.
وقائع العدوان الصهيوني على قطاع غزة ومدى إجرامه تشير، مرة جديدة، إنه يسعى إلى كسر إرادة المقاومة وبالتالي فرض شروطه على الشعب الفلسطيني هذا من الجانب الإسرائيلي، أما من الجانب الفلسطيني الرسمي فإنه، وعلى الرغم من الإجرام الصهيوني، لا يزال مستمراً في المراهنة على المفاوضات وعلى وساطات لوقف العدوان الإسرائيلي التي تعطي العدو "حق" شن عدوان جديد ساعة يريد، وكلا المراهنتين تجهضان خيار الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة، لأنهما يحدان من الأفق السياسي الوطني لإرادة الشعب الفلسطيني وقواه الرافضة لمسار المفاوضات والتسويات.
في مواجهة العدوان الإسرائيلي فإن الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من حجم القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وتهويله بشن حرب برية وإتباعه لاستراتيجية شن موجات من الغارات ثم التوقف لرؤية ما إذا كانت الرسالة قد وصلت، فإن الشعب الفلسطيني ازداد احتضانه للمقاومة التي بتوسيع نطاق عملياتها وتنويعها أثبتت أنها تخوض مقاومة في موقع الند مع العدو.
فعل مواجهة العدوان الإسرائيلي أثبت وحدة الشعب الفلسطيني الذي قطعّت أوصاله، وأثبت وحدة وترابط تراب الوطن بين الضفة وقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ممّا يوجد الظروف الموضوعية لإطلاق مقاومة شاملة ضد العدو: انتفاضة ثالثة في القدس والضفة وفي جميع الأراضي الفلسطينية، واستمرار المقاومة المسلحة في قطاع غزة، وتوحيد، في الوقت نفسه، إمكانات جميع الفصائل الفلسطينية المقاومة ونبذ الخلافات السياسية في ما بينها التي أضرت بالقضية وبالمقاومة وأعطت العدو عناصر قوة أكبر.
إن توحد القوى والفصائل الفلسطينية حول برنامج وطني مقاوم يخرج القضية الفلسطينية من أسر ثنائية سلطتي فتح وحماس وتجاذباتهما السلطوية، ومن أسر التآمر الدولي والعربي الرسمي الرجعي على القضية الفلسطينية، وبالتالي يفرض شروطه الوطنية التي تنطلق من: فرض إلغاء التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، ووقف المفاوضات – التسويات، دعم صمود الشعب الفلسطيني، تأكيد حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة بجميع أشكالها، وأعلاها الشكل العسكري، وترابط هذه الأشكال وتكاملها مع بعضها البعض لتحقيق الهدف الوطني وهو تحرير فلسطين وحق العودة وإقامة دولة وطنية فلسطينية على كامل تراب فلسطين وعاصمتها القدس.
إن أسس البرنامج الوطني لوحدة الفصائل الفلسطينية من شأنها وحدها حماية المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال والتأسيس لانطلاقة انتفاضة ثالثة، وهو برنامج لليسار الفلسطيني والقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية دور أساسي في تحقيقه؛ كما أن حماية المقاومة الفلسطينية، بجميع أشكالها، تضع القوى اليسارية والديمقراطية والتقدمية العربية، والشعوب العربية التي ثارت وانتفضت ضد أنظمة حكم عربية وتمكنت من إسقاط رموز بعض الأنظمة، تضعهم أمام مهمة حماية المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني من التآمر العربي الرجعي والدولي، ودعم صمود الشعب الفلسطيني. هي مهمة إقامة أنظمة حكم وطنية ديمقراطية مقاومة.