الفترة الاخبارية المستمرة يوميا من السابعة وحتى العاشرة صباحا
المواطن والقانون الجمعة 2.30 مع المحامي عبد الكريم حجازي
شباك المواطن مع ليال نصر السبت بعد موجز 10.30 صباحا
Like Us On Facebook : Sawt el Shaab
اشكاليات الاثنين 4.30 مع عماد خليل
الفترة الاخبارية المستمرة يوميا من السابعة وحتى العاشرة صباحا
صعبة العيشة هيك - كل تلاتا الساعة 4.30 مع فاتن حموي
حوار فاتن الخميس بعد موجز 4.30 والاعادة الاحد بعد موجز 11.30 مع فاتن حموي
البلد لوين مع الين حلاق الاثنين 5.30
عم نجم الاربعاء بعد موجز 3.30 والاعادة الاحد 6 المسا مع ريميال نعمة
عينك عالبلد مع رانيا حيدر الجمعة 4.30
Displaying 1-1 of 1 result.


رأي: في أزمة الحزب الشيوعي موريس نهرا

قبل الدخول في صلب موضوع الأزمة، لا بد من القول انه لا يمكن الاحاطة بكل عواملها وجوانبها في مقالة واحدة، وخصوصاً أنها لم تنشأ بالأمس، ولم تكن  وليدة عامل واحد. فقد بدا ظهورها منذ عقود، بتأثير عوامل وأسباب عديدة، منها ما يتصل بالحرب الأهلية وإفشال مشروع الحركة الوطنية للاصلاح المرحلي، ومنها نزع السلاح المقاوم للحزب المؤسس للمقاومة. وتتعلق في جانب آخر بتأثير انهيار التجربة الاشتراكية المحققة. وبالطبع سيبين سياق المقال،  ما للانقسامات والعصبيات الطائفية، من تأثير أساسي مناقض لأهداف الحزب الوطنية والعلمانية والاجتماعية ولعمله. هذا علماً ان الحياة السياسية في لبنان والنظام السياسي الطائفي بالذات، هما  في أزمة، تبرز في عجز الطبقة السلطوية عن تسيير آليات السلطة، وصولاً إلى الخطر على الوطن ووحدته وسلمه الأهلي. لذلك سأحاول في هذا المقال الاضاءة على بعض جوانب وأسباب الأزمة، وفقاً لرؤيتي لها، وتوخياً للمعالجة.

ويمكن التأكيد هنا، أن الأزمة ليست بطبيعة وجود الحزب وأهدافه، وإنما تتعلق بكيفية عمله ودوره، وبالمهام التي يطرحها، وبالظروف التي يناضل في ظلها. كما ترتبط بالتالي بمدى استنباط الطرق والآليات التي تقتضيها تعقيدات الوضع اللبناني وخصوصياته. والمسألة الأساسية هنا، هي في الانطلاق من المعرفة الدقيقة للواقع اللبناني الملموس، وحركته وصراعاته، لرسم سياسة الحزب وبنية تنظيمه وخطة عمله في ضوئها.

ومن الواضح أن الحياة السياسية وتناقضاتها ترتبط بعوامل داخلية وخارجية معاً، إقليمية ودولية، متعددة ومتناقضة، وفي ظل نظام طائفي تحاصصي، يشكل مصدراً لانقسامات عامودية داخلياً لا تقتصر على  تشويه واضعاف الوعي الوطني والاجتماعي- الطبقي، بل تشكل أيضاً غطاء لتواصل وتفاعل قيادات الطوائف والمذاهب، مع مرجعيات خارجية لهذه المذاهب، لا تقتصر العلاقة معها على الجانب الروحي- الديني وانما تتحول الى المجال السياسي حيث لهذه المرجعيات سيطرة على السلطة السياسية للدولة التي لها سياساتها ومصالحها.

وتترك هذه التداخلات أثراً كبيراً في تحديد التوازنات والتسويات السياسية في لبنان، وتجعل الوضع هشاً وفي خلل دائم، وتضعف دور العامل الداخلي. فيصبح احتدام التناقضات بحاجة الى حاضن لانعاش النظام الطائفي المأزوم  واطالة عمره، كما حدث في اتفاق الطائف، وفي الدوحة مثلاً.

وبالإضافة إلى التداخل بين الوطني والطائفي، والمذهبي والاجتماعي وبين الداخلي والخارجي، يشهد لبنان أولويات متحركة. فعند  حدوث عدوان إسرائيلي تكون مواجهته أولوية. وفي حالات أخرى تصبح القضية الاجتماعية والتحرك المطلبي هما الأولوية. وأحياناً يكون الإصلاح السياسي لبناء الوطن والدولة الديمقراطية العلمانية في موقع الأولوية. مما يخلق تعقيدات جدية تحدُّ من التراكم في  الوعي الجمعي الذي تضعفه التموجات والمناخات الطائفية، التي تخلق حالة حذر وتباعد بين ذوي المصلحة الواحدة وأبناء الوطن الواحد.

وفي وضع كهذا يصعُب قيام تحالف جبهوي، ويصبح التقاطع حول قضايا هو الأساس الممكن والمعيار لتلاقي الحزب أو تباعده مع مواقف القوى الأخرى.. لكن ثمة أوساطاً ثقافية ونقابية واجتماعية وسياسية في معظم أو كل المناطق والطوائف والمجالات، تدرك مساوئ وخطورة استمرار النظام الطائفي وضرورة تغييره، لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية. ويستدعي جمع هذه الطاقات والكفاءات ايجاد أطر  تجد ذاتها فيها، لتوحيد عملها وفاعليتها، بما يجعلها رافداً مهماً في قيام حركة شعبية ناهضة وضرورية للتغيير الديمقراطي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الأمر لم ينل حتى الآن الاهتمام الكافي على صعيد عمل الحزب مركزياً ومناطقياً.

ومع الوضع الاجتماعي المأزوم، والتشابه في تردي معيشة أكثرية اللبنانيين يصبح الانقسام الاجتماعي الأفقي أكثر وضوحاً. لكن ثمة انقسام مقابل يتخذ طابعاً عامودياً. وهذا الأمر ليس مجرد ظاهرة سطحية، بل يرتبط نشؤه وأسبابه بأحداث وظروف معينة من تاريخ بلدنا ومجتمعنا، ورسخته قوى السيطرة الخارجية في تركيبة السلطة والنظام السياسي اللبناني. وان ما ينشأ عنه من فرز وحذر وعصبيات بين المجموعات اللبنانية، يجعل الحزب وعمله كمن يسبح عكس التيار. ولا تنحصر سلبيات هذه المناخات بتأثيرها على الوعي الطبقي والاجتماعي، وهذا ليس قليل الأهمية، بل تصل أيضاً إلى تغييب مفهوم الوطن والمواطنة، لصالح ولاءات وهويات طائفية ومذهبية تعود إلى ما قبل الدولة الحديثة. وتغذيها الآن النزاعات والحروب الدينية لتدمير وتفتيت بلدان المنطقة. وليس صدفة أن يجري الشحن الطائفي كلما برزت القضية الاجتماعية واتسعت الحركة الاحتجاجية والمطلبية. لذلك نجد تفاوتاً كبيراً بين اهتراء وشلل النظام الطائفي، وبين بطء الوعي ونضج العامل الذاتي المتمثل بالدور الشعبي الضروري للتغيير.

لقد استولدت الطائفية والفكر الطائفي الذي شكل أساساً للنظام السياسي القائم خصوصيات ومناخات متناقضة في مجتمعنا المتعدد، إضافة إلى التمايز الثقافي بين مكوناته. مما يجعل وقع مواقف الحزب وخطه السياسي المركزي عليها وفيها، ليس واحداً. وكذلك بالنسبة لظروف العمل. وعدا ضعف ايصال هذه المواقف الى الناس واجتزائها  بسبب عدم امتلاك الحزب وسيلة إعلامية مرئية، ونظراً لكثافة الضّخ الإعلامي الآخر، وبخاصة شاشات التلفزة، فإن هذه الخصوصيات وتنوع ظروف العمل فيها لم تؤخذ بالاعتبار كمسألة ضرورية  تحتاج الى بحث في الهيئات المركزية والمناطقية، وفي ايجاد البنية التنظيمية التي تلائم تعزيز هيئات المناطق ومساعدتها لجعلها قادرة على القيام بدورها القيادي  في مناطقها وبلورة ورسم خطة عملها فيها، واختيار المهام وأشكال وأساليب العمل الممكنة في الظروف المحلية،  دون ان يتعارض ذلك مع مضمون خط الحزب العام.

ومن الطبيعي في ظروف وأوضاع معقدة كهذه، أن ينشأ تمايز وتباين أحياناً في الرأي، حيال قضية أو موقف معين. وهذا أمر طبيعي في حزب حيّ، مرتبطٍ بالمجتمع وجزء من نسيجه القائم. لكن الديمقراطية الواسعة والمرونة في التنظيم، التي يستلزمها عمل الحزب، لا يعني انتفاء ضوابط تحافظ على وحدة الحزب وفاعلية عمله.

لقد حصلت تغيرات كبيرة في  البنية الاجتماعية في لبنان، بعد الحرب الأهلية التي دامت  16 سنة، سواء في حجم الطبقة العاملة وبنيتها، وفي الوضع الاقتصادي الاجتماعي العام، وتراجعت قطاعات الإنتاج من 30% من الدخل العام الى 20%، وتوقفت معظم المؤسسات الإنتاجية الكبيرة، وباتت أكثرية المؤسسات أشبه بأعمال حرفية يتراوح عدد العاملين فيها  بين 3و6 عمال. وبالاضافة الى ذلك فقد خرج من العمل معظم العمال الذين اكتسبوا  ثقافة عمالية ونقابية، إما بعامل السن والوفاة، أو بالهجرة. أما العمال الوافدون من الريف لا يزال معظمهم تحت تأثير مفاهيم وولاءات تقليدية تبطئ انخراطهم في النضال العمالي والنقابي. ويحتاج الأمر إلى جهد وتجربة ليستقيم. لقد أدى ذلك وترافقه مع التدخل المباشر للسلطة الى اضعاف الدور النقابي ومصادرة استقلالية الاتحاد العمالي العام. لكن المفهوم الكلاسيكي للعامل لم يعد هو المعيار. فقد اتسع هذا المفهوم ليشمل جميع ذوي العمل المأجور على اختلاف مواقعهم في العمل. وارتباطاً بذلك فقد اتسعت القاعدة الاجتماعية لهذه الطبقة وفئاتها، وبرز ذلك في التحركات الجماهيرية لهيئة التنسيق النقابية على مدى السنوات الثلاث الماضية. بالطبع لا يمكن تجاهل تأثير اليد العاملة الخارجية المتدفقة على سوق عمل اللبنانيين، وهذا يحتاج الى معالجة خاصة.

لقد أدت الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الى جعل جمهور واسع من الطبقة الوسطى أقرب في وضعه المعيشي الى العمال. والى  جانب تأثير أزمة النظام القائم وسياساته الاقتصادية على أوضاعهم، فإنهم يتضررون أيضاً من سياسات الليبرالية الجديدة للرأسمالية المعولمة، التي تعمل عبر صندوق النقد الدولي وغيره الى اضعاف وإزالة القطاع العام ودور الدولة في حماية الانتاج الوطني، مما يعني ان هذه الأكثرية الساحقة من شعبنا، باتت موضوعياً ذات مصلحة في تحقيق الأهداف المرحلية للحزب بالتغيير الديمقراطي الملبي لحاجات شعبنا ووطننا وبينها اعتماد سياسة انمائية ملائمة. لكن ذلك يتطلب من هيئات الحزب القيادية اعتماد طريقة تعاطي مع هذه الفئات الاجتماعية، للتلاقي  على ما هو مشترك من الأهداف والمهام. وهذا يدفع الحزب أكثر فأكثر للالتصاق بالواقع اللبناني، ليس بما يتعلق بالهدف المرحلي فقط، بل وحتى في مفهوم  الحزب للاشتراكية في وضع لبنان وبنيته الاقتصادية الاجتماعية. وهذا ما أقره المؤتمر الثالث للحزب، الذي عقد في أوائل كانون الثاني 1972، والذي حالت الأحداث وتفجر الحرب الأهلية دون إعطائه حقه من الاطلاع والنقاش في منظمات الحزب، وخصوصاً ان بناء الاشتراكية لا يتم بالنقل الميكانيكي لأي تجربة أخرى جرت أو تجري في ظروف غير ظروف مجتمعنا وخصائص بنيته الاجتماعية.

لقد شهد الحزب في مرحلة النضال الديمقراطي وبين أواخر ستينيات القرن الماضي وحتى بدء الحرب الأهلية عام 1975، نهوضاً جماهيرياً وتنامياً ملحوظاً في صفوفه. في حين ان التقرير التنظيمي في المؤتمر الخامس 1987، في ظروف الحرب  يشير الى بلوغ عدد من هم خارج التنظيم 40% من الأعضاء. وقد استمرت الأزمة وبصورة  علنية بعد توقف الحرب.. وقد طغى على عمل الحزب منذ تلك الفترة، نشاطات سنوية ذات طابع مركزي، تتكرر فيها ذات الشعارات باسقاط النظام الطائفي وسيطرة الطغمة المالية. الخ..

ورغم صحة هذه الشعارات الكبيرة، إلا ان صعوبة تحقيقها في الظروف القائمة، تجعل قسماً من الشيوعيين يشعر بنوع من العجز وضعف الكفاحية. والنقص الأساسي هنا هو بعدم ترافق هذه الشعارات الصحيحة، بمهام وبرامج عمل ملموسة لمنظمات المناطق والفروع، قابلة للتحقيق، تتعلق بقضايا بلدة أو حي أو بفئات اجتماعية محلية، وجمعيات وروابط شبابية ثقافية واجتماعية وبيئية وغيرها. فهذه المهام أو الحملات لقضايا جزئية ومحددة، تجعل الشيوعيين في صلات وأطر مشتركة مع الناس، مما يعزز دورهم والثقة بجدوى نضالهم وعملهم، ويكسب الناس تجربة ترفع من مستوى وعيهم واستقلاليتهم عن الزعامات الطائفية والتقليدية، وتجعلهم أكثر استعداداً للمشاركة في العمل الجماهيري العام. ومثل هذا الأمر وأهميته لا يجوز تركه للعفوية. فلا بد من آليات عمل قيادية تجعل هذه الأمور موضع متابعة، وتحث على روح المبادرة والاستفادة من الفرص والظروف التي تبرزها التطورات. كما ان ضرورات التجديد  في الحزب  والنشاطية المطلوبة، تستدعي الاهتمام الضروري بالتثقيف الفكري وبالبرنامج السياسي والاجتماعي، خصوصاً في تكوين الكادر وتجديده المتواصل.

ولكون الحزب ليس هدفاً بذاته بل أداة لتنظيم العمل لتحقيق أهداف ومصالح شعبنا ولأن الهدف المرحلي يعكس مصالح اكثرية اللبنانيين الساحقة. ولكون التغيير الثوري ليس عملاً انقلابياً بل يرتبط بنضال الجماهير ووعيها. فإن بنية الحزب التنظيمية وأولويات سياسته التنظيمية، حيال المناطق والقطاعات  والمدن، ينبغي ان تكون ملبية لمهام الحزب ودوره. وهذا ما يستدعي المزيد من الديمقراطية والمشاركة والانفتاح والمرونة، بما يجعل الحزب أقرب إلى الناس وأكثر اهتماماً بقضاياهم.


Displaying 1-1 of 3 results.
Displaying 1-4 of 4 results.
- مجلة النداء - موقع الحزب الشيوعي - دار الفارابي - مجلة الطريق