بعيداً من أحاجي مناقشات الوزراء لمشروع الموازنة، وما إذا كانت ستقر أم لا؟، فإن أسس مشروعها لا تختلف عن أسس سابقاتها، والمؤشر على ذلك عدم لحظها أي استثمارات تنموية، حيث 70% من نفقاتها تذهب الى خدمة الدين العام ودعم الكهرباء وحصة الرواتب والأجور، في مقابل 8% فقط من نصيب النفقات الاستثمارية، وطبعاً يبقى في الموازنات العامة مبدأ زيادة الضرائب لتمويل العجوزات من جيوب الفقراء، حيث تقدر إيرادات الضرائب الجديدة في مشروع موازنة العام 2015 بحوالى 1300 مليار ليرة إضافية.

حقيقة النهج الاقتصادي السائد والساعي الى جني الأرباح وتسييد "اقتصاد الريع"، تظهره الأرقام والنسب التالية:

انهيار حصة الأجور من مجمل الناتج المحلي الى 20%؛ أكثر من 41% نسبة التضخم؛ 16% نسبة الريوع الاحتكارية، ارتفاع عدد المهاجرين من الفئة الشابة الى 50 ألف، في مقابل بطالة بلغت نسبتها 34%، وعجز الاقتصاد السائد عن تأمين فرص عمل.

أما الدين العام المعلن فتجاوز الـ 71 مليار دولار، أي تجاوز الـ 100%، ولكن هنا لا بد من تصحيح خطأ شائع، فالدين المعلن عنه ليس الدين العام بل هو الدين الحكومي، وبالتالي فإن الدين العام يعني الدين الحكومي يضاف إليه دين المؤسسات العامة المالية وغير المالية، مما يعني تجاوز نسبة الدين المعلن عنه بحوالى الضعف.

في المقابل، وصلت أرباح مصارف "ألفا" ( مجموعة الـ 14 مصرفاً الأكبر في لبنان التي تمثل 90% من السوق المحلية)، الى 1.87 مليار دولار فقط لا غير!

والسؤال أي موازنة وأي اقتصاد هذا؟ الأرقام والنسب المئوية تظهر أن الموازنات العامة ومشاريعها هي استمرار للنهج الاقتصادي المتبع في لبنان منذ العام 1992، اقتصاد الطغمة المالية وجنة أرباحها، على حساب اقتصاد وطني منتج وخالق لفرص العمل.

إظهار حقيقة النهج الاقتصادي والنضال من أجل تغييره تعتبره قوى السلطة وأركان النظام القائم لغة خشبية، لخشيتها على مصالحها السياسية والاقتصادية الخشبية التي وضعت معظم الشعب اللبناني في مستويات قياسية من الفقر والبطالة، وحولت القدرات الاقتصادية الى ريوع تفيد منها وحدها