الأول من ايار عيد العمال صناع الماضي بمجده وأمل التغيير في المستقبل د. خالد حدادة
عمال لبنان، فقراؤه . عمال العرب، فقراؤهم. يعيشون ابشع المراحل. حقوقهم منهوبة، حرياتهم مصادرة. يتحملون الأعباء. كان الغيلان السود يكتفون بعرقهم. وها هم اليوم، ناهبوا لبنان وسارقوا ثروات العرب يمتصون دماءهم ويصادرون حياتهم والأوطان.
عمال العرب، تحملوا قمع الأنظمة وظلمها، تحملوا الفقر، رغم الثروة. نظروا الى ثرواتهم تضيع في جيوب الملوك والأمراء والرؤساء، وعبرهم الى خزائن الامبريالية الحديثة، ومن هذه الخزائن الى العدو الإسرائيلي، أسلحة وطائرات ودعماً مباشرا، تقصف مدنهم ومصانعهم... تقصف مدارسهم من غزة الى لبنان وسوريا. وبالواسطة الى فقراء اليمن وليبيا.
وفوق ذلك، ليست أجسامهم، بل الأوطان تنزف دماً وتتعرض بفعل المشروع الإمبريالي الى سايكس- بيكو جديد، يستكمل الأول مصادرة للثروة وضياعاً للحق الفلسطيني. يستخدمونهم في حروب ليست حروبهم وتصادر ثورات كان يؤمل ان تكون لهم، تصادرها هي الأخرى طيور الظلام المتسترة مشروع اميركا واسرائيل. يستخدمونهم في حروب المذاهب التي تصادر حتى حقهم بأن يكون لهم مشروعهم الخاص، طموحاتهم الخاصة والمستقلة. فتستعملهم برجوازية العرب واعوانها الحكام حطباً يأخذ لون المذاهب ويصادر الدين، سلاحاً لنهب الحقوق ولإشعال الحروب البديلة، عن الحرب الوحيدة التي يرونها، من أجل فلسطين ... ليسوا وحدهم من يدفع الثمن، بل الأوطان، الشعب في كل بلد عربي. والشعب بهذا المعنى، هم الفقراء الذين لا وطن لهم إلا وطنهم والاّ فمسكنهم بطون القرش والسمك، تتلقفهم من سفن الفقر والموت التي يهرب فيها بعضهم، طمعاً بالأمن والسلام والهرب الى أوروبا...
******************
عمال لبنان، هم ايضاً توسع جسمهم ليطال كل فقرائه، معلمين وموظفين وكل ذوي الأجر المحدود، ومن تدحرجوا من الطبقات الوسطى، ليحتضنهم جسم العمال الدافىء...
كل هؤلاء اليوم، يدفعون ثمن النهب والفساد، فوائد الديون التي بدأت تلامس المئة مليار دولار معظمها ليس للخارج بل لحيتان المال من رجال المصارف وأصحابها ومن اصحاب الشركات العقارية الكبرى. التي تنهب الحقوق والأراضي.
يتهددهم الجوع والبطالة ويضربوهم بأشقائهم من العمال والعاملات الأجانب والاثنان منهوبان وعرقهم يسرق ويباع بأبخس الأثمان.
الفقراء يطردون من المدن ليذهبوا، الى البيوت- العلب في الضواحي، عبر قانون للإيجارات تآمر جميع أطراف الطبقة السياسية لإقراره ولاستكمال طرد فقراء بيروت منها، ليس لصالح صغار الملاكين، بل لصالح الشركات العقارية الكبرى. وهل ننسى الملاكين القدامى في أسواق بيروت القديمة استنفدتهم الحرب وجاءت سوليدار لتستكمل نهب رصيدهم ومدخراتهم وتحولهم الى المستشفيات معرضين للنوبات القلبية والى القبور، لم يتحملوا معها العجز أمام تآمر الحكام على حقوقهم. هكذا يخطط، يطرد الفقراء المستأجرين وبعدها تأتي "السوليدارات" لتأكل حق الملاكين القدامى... والمعلمين والموظفين، يمنع عليهم حق المطالبة بزيادة استنفدت قيمتها الفعلية منذ سنوات. وتهمل تحركاتهم ويصبح الهدف المتفق عليه من الحكام، ليس اقرار سلسلة الرتب والرواتب وإعطائهم الحد الأدنى من حقوقهم. بل يصبح الاستهداف المتفق عليه بين الحكام، تنفيذا لقرار حيتان المال، المدلعين باسم "الهيئات الاقتصادية. هو ضرب حقهم بالتحرك، والتصويب للنيل من وحدة هيئتهم واستهداف رموزهم. الى ذلك يضاف اليوم مشروع ضرب قانون العمل والضمان الاجتماعي، عبر السماح للمناطق الاقتصادية الحرة بعدم تطبيق قانون العمل اللبناني.
واكثر من ذلك، فهم الفقراء، يذهب أبناؤهم ابناء الجيش والقوى الأمنية لمواجهة الخطر القادم رديفاً للعدوان الاسرائيلي، خطر الارهاب المتستر بالدين، يذهبون بأجسادهم، بأسلحتهم الخفيفة ووراءهم عائلات يتركون لها اشباح الرواتب يذهبون معرضين للإستشهاد والأسر، وأسرهم وابناؤهم متروكون لقدر الفقر والعوز، ممنوع عليهم حقهم في تصحيح رواتبهم وفي سلسلة تلبي بعضاً من حقوقهم.
وفوق ذلك، يختلف السياسيون على كل شيء، ويتفقون على تحاصص الاتحاد العمالي فيحولونه اداة تصفق لمشاريع الهيئات الاقتصادية وتستمر السلطة السياسية بمصادرة حق التنظيم النقابي المستقل، عبر بدعة الترخيص من وزارة العمل، هذه البدعة المنافية للحريات النقابية والمكبلة لحقوق العمال في نقاباتهم المستقلة. والنقابات في جوهرها وفي مبرر وجودها ان تكون مستقلة.
وفوق كل ذلك، يجب ان يدفع الفقراء والعمال بخاصة، ثمن الانهيار في النظام السياسي. ثمن انتهاء هدنة الاتفاق اللعين، اتفاق الطائف الذي جدد النظام الطائفي، نظام البرجوازية اللبنانية والطغمة المالية، بل جعله اكثر خطراً على الوطن والمواطن عبر تشريع الاستقطابات المذهبية المرتبطة اساساً بالخارج ومصالحه.
نعم، يدفع الفقراء ويدفع الوطن معهم، ثمن عجز الطبقة السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية، بفعل العجز الاقليمي عن اختيار رئيس لهم. ومجلس نواب معطل عاجز عن الاجتماع بانتظار ما سينتجه الواقع الإقليمي. ومجلس وزراء، لا يكفي انه منذ تسع سنوات عاجز عن إقرار موازنة وعن المحاسبة عن نهب واضح بعشرات المليارات من الدولارات. بل انه يهدد بتحميل المواطن والفقراء هذا العجز، فيتوعدون بوقف الرواتب. يلتزمون بدفع ديون غير مستحقة وبمئات الملايين من الدولارات سنوياً كفوائد فقط لهذه الديون. ويستنكفون عن اقرار سلسلة لا تكلف سنداً واحدا من هذه الديون.
******************
رغم كل هذا الظلام والسواد، هم الذين ينتجون الحياة، يصنعون آفاقهم وأدواتهم، هم الذين ينتجون الثقافة والفن لكل شعب.
رغم الظلام والقهر والفقر، اطفالهم يعرفون اللعب بألعاب يدوية لا يدفعون ثمنا لها، هم الذين لا يستأجرون من يغني أو يرقص لهم بملاين الدولارات.
انهم ينتجون الفرح، يرقصون ويغنون من مدن الصفيح في اميركا اللاتينية الى ساحات شيكاغو واحياء نيويورك الفقيرة، الى فقراء باريس الى لندن وموسكو. اطفالهم يشكلون فرق الراب وفتيانهم وفتياتهم يرقصون ويغنون بفرح حقيقي، لا يشوبه الطمع والحقد....
انه عيد عمال المناجم يرقصون ويفرحون مع شعب تونس في شارع بورقيبه،هم عمال حلوان والاسكندرية وبحارة المرافىء،يغنون وينظمون الشعر للثورة قي ساحات الحرية المصادرة مع ثورتهم في مصر وتونس وكل بلد عربي .انه عيد عمال فلسطين يرقصون غير آبهين بقذائف الموت فوق رؤوسهم .
انه عيد عمال لبنان،عيد الذين يعرفون الفرح ويرقصون الدبكة على سطوح المنازل في الارياف والاحياء الشعبية .
إنهم ينتجون العيد ولا يستحقونه فقط. حق لهم الفرح فيه كما في كل يوم. إنه عيدهم، عيد العمال في العالم....
إنه ايضاً عيد الشهداء، شهداء الدفاع عن الحقوق عن عمال غندور وعمال التبغ....
إنه عيد المرأة العاملة وشهيدتها الوردة. عيد المقاومة وشهداؤها، اليس الفقراء هم اكثر من يدفع ودفع الدم من اجل التحرير؟
إنه عيد الاستقلال، هم كانوا وقياداتهم في قلب الحركة الجماهيرية ( وليس الفولكلور الفوقي) من اجل الاستقلال.
عيد الجنود، ابناؤهم، ممن يضحي من اجل الوطن.إنه ايضاً عيد المعلم والموظف المبلوعة حقوقه. إنه عيد التعليم الرسمي والجامعة الوطنية التي يدافعون عنها في وجه من يريد ضربهما لحساب التعليم الخاص، ويأتي اليوم ببدعة الإدارة الخاصة للتعليم الرسمي يقلد ممثليها درعا في فينيسيا ويبشر بإدارة موازية في التعليم الرسمي، وهو ذاته الذي ضرب الشهادة الرسمية للإساءة للتعليم الرسمي ومستواه.
إنه كل هذه الاعياد. عيد الوطن وعيد الديمقراطية عيد الشعب. كما هو على المستوى العربي عيد الحرية وعيد فلسطين.
إنه عيدهم، لأنه عطر الماضي وبشارة المستقبل...
إنه حقهم في حركة نقابية ديمقراطية، لا تأخذ إذنا من وزارة لتثبت شرعيتها ولا تخضع لمحاصصة الطوائف وامراؤها واحزابها. لا تخضع لإملاءات الطغمة المالية. حركة تمثل مصالح العمال اللبنانيين والعمال في لبنان، العرب منهم والأجانب. حركة أولويتها حقوق العمال والفقراء ينظرون الى اية شرعية، بما فيها شرعية وحدة الحركة النقابية ليس بإذن من الحكومات، بل بما تمثله الوحدة من دفاع عن حقوق العمال والفقراء.
عيدهم سيكتمل بمشروعهم السياسي المستقل، مشروع يحمل مصلحة الوطن وطموح كل الفقراء وذوي الأجر المحدود، طموح المواطن اللبناني بكل فئاته بوطن علماني ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية وليس وطن المذاهب والطوائف المستتبعة للخارج والمتصادمة على وجود الوطن والمتفقة على حساب حقوق المواطن.
عيدهم سيكتمل بمشروع عروبي تقدمي، يحقق التغيير الحقيقي ويلغي انظمة التبعية والخيانة، من أجل فلسطين واستعادة الثروة المنهوبة والتنمية الشاملة في العالم العربي.
تحية لعمال لبنان، صناع الماضي بمجده وأمل التغيير في المستقبل.
تحية لعمال العالم في عيدهم...