الفترة الاخبارية المستمرة يوميا من السابعة وحتى العاشرة صباحا
المواطن والقانون الجمعة 2.30 مع المحامي عبد الكريم حجازي
شباك المواطن مع ليال نصر السبت بعد موجز 10.30 صباحا
Like Us On Facebook : Sawt el Shaab
اشكاليات الاثنين 4.30 مع عماد خليل
الفترة الاخبارية المستمرة يوميا من السابعة وحتى العاشرة صباحا
صعبة العيشة هيك - كل تلاتا الساعة 4.30 مع فاتن حموي
حوار فاتن الخميس بعد موجز 4.30 والاعادة الاحد بعد موجز 11.30 مع فاتن حموي
البلد لوين مع الين حلاق الاثنين 5.30
عم نجم الاربعاء بعد موجز 3.30 والاعادة الاحد 6 المسا مع ريميال نعمة
عينك عالبلد مع رانيا حيدر الجمعة 4.30
Displaying 1-1 of 1 result.


الفلسطينيون والتجربة اللبنانية صقر أبو فخر

ترك سقوط فلسطين بين أيدي الحركة الصهيونية آثاراً خطيرة على العالم العربي كله، ولا سيما دول المشرق العربي، فقيام إسرائيل في سنة 1948 جسد تحدياً أمنياً وعسكرياً واستراتيجياً غير معهود لدى دول بلاد الشام التي احتلت الحركة الصهيونية قلبها، أي فلسطين. ثم أن نشوء مشكلة اللاجئين، خصوصاً في لبنان وسوريا والأردن، مهد السبيل لظهور توترات اجتماعية في هذه الدول. وفي ما بعد، مع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة سنة 1965 باتت المخاطر العسكرية على دول الطوق العربية عبئاً جديداً يُضاف إلى مجموعة الأعباء التي أثقلت كاهل العرب. ومع ذلك ليس صحيحاً أن العمل الفدائي جرّ على لبنان اعتداءات إسرائيلية غير محتملة، وليس دقيقاً الكلام الذي يقول إنه لولا الفدائيين وعملياتهم في الجنوب اللبناني لما تعرضت الأراضي اللبنانية لاعتداءات الإسرائيليين؛ فالإحصاءات الرسمية اللبنانية الموجودة لدى لجنة الهدنة اللبنانية – الإسرائيلية، ولدى وزارة الخارجية وقيادة الجيش اللبناني تؤكد إن ما بين 1949 و1965 تعرض لبنان إلى نحو  1800 اعتداء إسرائيلي قتل فيها العشرات من اللبنانيين، علاوة على الخسائر المادية غير المحددة تماماً.

كان ياسر عرفات بعد سنة 1970 يريد لبنان قاعدة سياسية وإعلامية له، وقاعدة عسكرية محصورة في الجنوب اللبناني. لكنه لم يكن يرغب، على الإطلاق، في إشعال لبنان، لأن من شأن ذلك أن يخسر كثيراً، خصوصاً الطرف المسيحي. لذلك استغل علاقته بكريم بقرادوني لتحسين صلته بحزب الكتائب، وجهد كثيراً في تطمين المسيحيين اللبنانيين إلى أنه لا يرغب في التوطين أو في أي وطن بديل، وأنه لا يريد أن يكون حليفاً لأي طرف لبناني في مواجهة طرف آخر. ولهذه الغاية أقام علاقات مكشوفة مع الرئيس سليمان فرنجية، ثم مع الرئيس الياس سركيس، فضلاً عن كميل شمعون وبيار الجميل. لكنه، في الوقت نفسه، كان الحليف الحقيقي للحركة الوطنية اللبنانية التي شكلت له السند الأمين في تقلبات الأوضاع اللبنانية. على الرغم من الاختلافات في النهج السياسي أحياناً.

التجربة اللبنانية

بعد الخروج من الأردن في صيف سنة 1971 اتخذ ياسر عرفات مقره الرسمي في دمشق، لكن مقره الفعلي كان في بيروت. ومن مقره في بيروت أدار  أصعب ثورة في التاريخ العربي المعاصر، وواجه أهوالاً كثيرة، ونال، في الوقت نفسه، مكانة لا تضاهى. وفي لبنان كان ياسر عرفات يخشى تكرار التجربة الأردنية، فسعى إلى التفاهم مع الجميع يميناً ويساراً. لكن حلفه الأساسي ترسخ مع كمال جنبلاط ومع الحركة الوطنية اللبنانية التي تألفت آنذاك من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وحزب البعث وحركة المرابطون وشخصيات لبنانية يسارية. وكان لكمال جنبلاط مكانة خاصة لدى ياسر عرفات، فلم يرفض له طلباً على الرغم من بعض الاختلافات في النهج السياسي. وفي هذه الأثناء كانت إسرائيل تغتال غسان كنفاني في منطقة الحازمية شرقي بيروت في 8/7/1972، وترسل طرداً ملغوماً لينفجر بين يدي أنيس صايغ في 19/7/1972، وترسل طرداً ثانياً لينفجر بين يدي بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة "الهدف" في 25/7/1972، وتغتال وائل زعيتر في روما في 16/10/1982، وتطلق النار على محمود الهمشري في باريس في 8/12/1972 ليتوفى في 9/1/1973، وتغتال باسل كبيسي في باريس أيضاً في 6/4/1973. وكانت الذروة في 10/4/1973 عندما تسلل فريق من الكوماندوس الإسرائيلي بقيادة إيهودا باراك إلى بيروت، وتمكن، بتسهيل من عناصر داخلية لبنانية من اغتيال كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر. وهذه الحادثة أدخلت الوضع اللبناني في مشكلات سياسية وأمنية متفاعلة، ومهدت السبيل للانفجار اللاحق في أيار 1973.

الطريق نحو الانفجار

سار في جنازة القادة الثلاثة كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر نحو 250 ألف شخص بحسب تقديرات تلك المرحلة. وكان الفلسطينيون آنذاك لا يستطيعون حشد أكثر من خمسين ألفاً في أقصى امكاناتهم. وهذا يعني أن الأغلبية الساحقة من المشاركين هي من اللبنانيين. وقد لفت هذا الأمر الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان، ومحطات المخابرات الأجنبية في بيروت، ولاحظ الجميع أن المقاومة الفلسطينية باتت قوة كبيرة، بل قوة سياسية لبنانية يحسب لها الحساب. ومنذ ذلك الحين بدأت العُدة لضربها. وكان أن انفجر القتال في 2/5/1973 بين الجيش اللبناني والفدائيين الذين تصدوا لمحاولات تطويق المخيمات وقصفها بالطيران. وقد كان المقصود شل فاعلية المقاومة تماماً، وإخضاعها للقواعد الأمنية اللبنانية، وإن تيسر الأمر، فالقضاء عليها على الطريقة الأردنية. وبالطبع لم يتمكن الجيش من اقتحام المخيمات، وتلقى الرئيس اللبناني سليمان فرنجية إنذاراً من الرئيس أنور السادات، وإنذاراً آخر من الرئيس حافظ الأسد الذي اتبع إنذاره بإغلاق الحدود السورية – اللبنانية. وعند ذلك توقف القتال، وخرج الفدائيون من هذه المعركة بفوز سياسي. وكانت سوريا ومصر آنذاك قد بدأتا العد العكسي لحرب تشرين الأول 1973.

استثمر ياسر عرفات نتائج أحداث أيار 1973 لتعزيز مكانته السياسية. وهذه المكانة أتاحت له المشاركة في الحرب التي نشبت في 6 تشرين الأول 1973 بين جيشي مصر وسوريا من جهة والجيش الإسرائيلي من الجهة المقابلة. وساهمت هذه المشاركة في انتزاع مكانة عربية خاصة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وصار ياسر عرفات لاعباً أساسياً في سياسات المنطقة. وفي هذا الميدان كوفئ ياسر عرفات في مؤتمر القمة العربية السابعة المنعقد في الرباط في 26/10/1974 باتخاذ قرار يعترف فيه بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. ثم وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1974، وبأغلبية 110 دول، على قبول منظمة التحرير الفلسطينية عضواً مراقباً لديها، ما أفسح في المجال أمام ياسر عرفات لإلقاء كلمة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أمام أنظار العالم

في 13/11/1974 وقف ياسر عرفات أمام ممثلي دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى جانب الكرسي الأصفر المخصص للرؤساء تلقى عاصفة من التصفيق لم تتح لغيره على الإطلاق. ومن على منصة الخطابة ألقى أبو عمار خطبة بليغة ختمها بالقول: "جئتكم ثائراً أحمل غصن الزيتون بيد والبندقية في اليد الأخرى. فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي". وكرر هذه العبارة مرة ثانية، فانفجرت القاعة بالتصفيق الذي استمر نحو ثلاث دقائق.

لم تكن الأرض السياسية ممهدة أو معبدة تحت أقدام ياسر عرفات ورفاقه حينما تمكن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية من تحقيق هذه الإنجازات. ولم تكن الولايات المتحدة الأميركية لتقبل مثل هذه التطورات في الشرق الأوسط بعد انسحابها من فييتنام في سنة 1975. لذلك راح هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركية، بجولاته المكوكية، يعمل على تفجير صاعق الحرب الأهلية اللبنانية في سنة 1975 والتي لم تتوقف إلا في سنة 1990.

وحول الحرب الأهلية

بدأت الحرب الأهلية اللبنانية بمجزرة ضد الفلسطينيين في 13/4/1975 حينما أطلقت عناصر تنتمي إلى حزب الوطنيين الأحرار النار على باص لبناني يقل عدداً من الفلسطينيين واللبنانيين. لكن مقدمات هذه الحرب بدأت بعد حرب تشرين الأول 1973. وكان اليسار اللبناني في ذروة صعوده، وكان يتطلع إلى تغيير النظام اللبناني الطائفي أو تطويره إلى نظام أقل طائفية، وأكثر عدالة. وكان ياسر عرفات يخشى انفجار التناقضات اللبنانية في وجهه، بينما كان كمال جنبلاط ورفاقه في الحركة الوطنية يسعون إلى كسر المعادلة اللبنانية وتغييرها. وفي خضم التعقيدات السياسية والعسكرية التي خلقتها الحرب الأهلية، صار ياسر عرفات لاعباً في السياسة المحلية اللبنانية، وهو الأمر الذي لم يكن يريده، بل وجد نفسه غارقاً فيه. وفي معمعان هذه الحرب سقط العديد من المخيمات الفلسطينية وجرى تدميرها والتمثيل بساكنيها مثل تل الزعتر وجسر الباشا وضبيه. وتشابكت خيوط هذه الحرب حتى صار من غير الممكن الخروج منها بتاتاً، بل إن حماية منظمة التحرير الفلسطينية باتت تستوجب الانخراط في الحرب نفسها. وجاء اغتيال كمال جنبلاط في 16/3/1977 ليصيب ياسر عرفات بخسارة هائلة. ولم تكد المقاومة الفلسطينية تتوازن قليلاً بعد اغتيال كمال جنبلاط وبعد التفاهم مع سوريا حتى كانت إسرائيل تحتل جزءاً من جنوب لبنان، وتنشئ ما أسمته "الحزام الأمني" في جنوب لبنان. وهكذا صارت الحدود مع إسرائيل بعيدة، وتقلص نطاق العمليات الفدائية ضد إسرائيل.

بين سنة 1980 و1982 تهتكت الأوضاع اللبنانية كثيراً، وأُنهك المجتمع اللبناني والمقاومة الفلسطينية معاً، وسقط الجميع في شباط القتل اليومي من دون أي نتيجة سياسية. واضطر  ياسر عرفات إلى إدارة الشؤون اليومية بطرق تجريبية لم يختبرها من قبل. واستمر الوضع على حاله من التدهور والتفتت والانحلال حتى وقوع الاجتياح الإسرائيلي في الخامس من حزيران 1982.

إلى منفى جديد

وصلت القوات الإسرائيلية إلى مشارف بيروت في 14/6/1982 وطوقتها وفرضت عليها الحصار. وبين 14 حزيران و20 آب 1982 خاض ياسر عرفات قتالاً على جميع الجبهات رافضاً الاستسلام أو الخروج من بيروت تحت راية الصليب الأحمر الدولي. وبعد 88 يوماً من القتال اليومي والحصار الشامل، وبعد مشاورات مع حلفائه اللبنانيين ولا سيما الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي، وافق ياسر عرفات على خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت بناء على اتفاق مشرِّف يحفظ كرامة الثورة والمقاتلين، ويفصل كيفية خروج المقاتلين بأسلحتهم وكيفية خروج موكبه. وفي 30/8/1982 بعد أن غادرت آخر دفعة من الفدائيين، انطلق موكب ياسر عرفات من مقره في منطقة الفاكهاني إلى منزل وليد جنبلاط في المصيطبة حيث كان قادة الحركة الوطنية اللبنانية والأحزاب اللبنانية في انتظاره. ثم انتقل الجميع في موكب حاشد، وتحت زخات الرصاص، إلى القصر الحكومي لوداع رئيس الوزراء شفيق الوزان. أما محطة الوداع الأخيرة في بيروت فكانت في الميناء الذي تولت مهمات الحراسة وحفظ الأمن فيه قوات فرنسية وقوات أخرى من مشاة البحرية الأميركية. وقد حظي ياسر عرفات بوداع رسمي وشعبي طغى عليه التأثر العاطفي الشديد. وفي خطوة تجاوزت الأصول البروتوكولية أوفد الرئيس اللبناني الياس سركيس رئيس الحكومة شفيق الوزان والوزير رينيه معوض ليمثلاه في مراسم وداع ياسر عرفات. كما كان في الوداع المفتي حسن خالد، والرئيس سليم الحص والرئيس صائب سلام والرئيس تقي الدين الصلح والرئيس رشيد الصلح ومالك سلام ونسيب البربير وتمام سلام ومنح الصلح ومحسن ابراهيم ووليد جنبلاط وجورج حاوي ومروان حمادة وإنعام رعد وعبد الرحيم مراد وبشارة مرهج وفؤاد شبقلو ومحسن دلول ورياض رعد وحبيب صادق ونبيه بري ومدير المخابرات العسكرية في الجيش اللبناني العقيد جوني عبده، فضلاً عن سفراء فرنسا وإيطاليا واليونان. وبعد ذلك صعد ياسر عرفات إلى السفينة اليونانية "أطلنتيس" التي واكبتها أربع سفن حربية تابعة للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإيطاليا واليونان. وكانت محطته الأولى اليونان التي استقبله على مينائها رئيس الوزراء اندرياس باباندريو. ثم انتقل بعدها إلى تونس التي وصلها في 3/9/1982 وكان في استقباله الرئيس الحبيب بورقيبة. وقبل مغادرة عرفات بيروت منح هذه المدينة وأهاليها "وسام صمود بيروت". وفي لحظة الوداع خاطب المودعين بقوله: "إلى فلسطين إني راحل. لكن قلبي سيبقى في بيروت. نركع أمام كل رجل وامرأة وطفل لبناني، لأنهم قدموا لنا ما لم يقدم".

 

* * *

 

لم تنتهِ قضية فلسطين بخروج قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان. وقعت مجازر صبرا وشاتيلا، ثم حرب المخيمات، وفي ما بعد دُمر مخيم نهر البارد. وما برح الفلسطينيون يشكلون عاملاً مهماً في الحياة السياسية اللبنانية، إما كقوة بشرية، أو كقوة سياسية وعسكرية. ولا يستطيع لبنان أن يخرج من دوامة العنف والاضطرابات السياسية ما لم تتضمن أي تسوية داخلية فيه، تسوية حقوق الفلسطينيين المدنية، وتطوير علاقة تفصيلية تأخذ في الاعتبار حاجة لبنان إلى الأمن، وحاجة الفلسطينيين، في الوقت نفسه، إلى الأمان.


Displaying 1-1 of 3 results.
Displaying 1-4 of 4 results.
- مجلة النداء - موقع الحزب الشيوعي - دار الفارابي - مجلة الطريق