أصل الإرهاب النداء 259/ مع الحقيقة : سمير دياب
أصل الإرهاب
النداء 259/ مع الحقيقة : سمير دياب
كان لأميركا اليد في عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال السويسرية برئاسة الصهيوني هرتزل الذي تحدث عن فلسطين دولة يهودية عام 1897.
لم تسجل ذاكرتنا عبر التاريخ، ولحد الآن، سوى أن الامبريالية الأميركية تشكل منبع الإرهاب، والحاضنة الأساسية له. ورغم أن شعوبنا في المنطقة العربية عانت الويلات من إرهابها مباشرة، أو عبر العدو الصهيوني، إلا أنها نجحت في تقديم نفسها بأوجه مختلفة لإيقاعنا في أفخاخ مشاريعها التي لا تحمل سوى وجه الهيمنة والسيطرة على مقدرات المنطقة وشعوبها.
نوايا استعمارية، بوجوه جميلة، ترسم صوراً عن حقوق الإنسان، الديمقراطية، والنعيم القادم من أميركا.. رحلة هذا الوجه بدأت في أفغانستان، لتبدأ مرحلة التوظيف السياسي للإسلام تحت راية الجهاد، عين على السوفياتي الملحد، وعين على سيطرة مفارق ومنابع الطرق الغنية من الجمهوريات السوفياتية السابقة الى ايران والعراق ... وصولاً إلى خط تكريس "يهودية اسرائيل" ، والعقل يدير لعبة ما يسمى "مشروع الشرق الأوسط الجديد". بأهدافه المعروفة.
لكل واقع اجتماعي في المنطقة خطته في إثارة النعرات، وحصته في الفوضى وطرق الدعم والتسليح والحروب.. خصوصاً، بعد توفير جملة عوامل (خروج السوفيات والمعسكر الاشتراكي من المعادلة الكونية – حرب الخليج الاولى والثانية – تآكل ألانظمة العربية بأمراضها السلطوية – خفوت الوهج الفلسطيني بعد اجتياح بيروت وخروج منظمة التحرير الى تونس ثم مدريد وأوسلو – تراجع دور القوى اليسارية والقومية وغياب البدائل الحقيقية..)
ساهمت جملة العوامل هذه، في تنامي خطاب الإسلام المتطرف. فمن شعار الجهاد الأفغاني الى الجهاد الكوني، ومن الحديث عن الهلال السني مقابل الهلال الشيعي،بدأ العمل على تغذية الشروخ، وتدريب المجموعات الأصولية الإرهابية، وتوفير كل الدعم والتجهيزات اللازمة وتهيئة القنابل البشرية كسلاح فعّال لتحطيم عناصر قوى التغيير، وايجاد بدائل متناحرة على نصوص الدين والفقه لتغذية بذور الفتنة المذهبية، وإبجاد الأرضية الصالحة لتوفير غطاء جديد للاستعمار يتحكم عن بعد بمجريات الصراع، ويعيد وهج حضوره بقوة، بعد أن تم التعثر في تحقيق أهداف الاحتلال الأميركي المباشر للعراق، أو غير المباشر بواسطة العدو الصهيوني بفعل المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين.
وهكذا بعد انهيار "الشيوعي السوفياتي"، تم العمل سريعاً من "الإمبريالي الأميركي" على محاولة تطويق مصادر الطاقة وطرق البترول والغاز وفق توزيع جغرافي وديمغرافي يؤمن له السيطرة على هذه المقدرات المصيرية. ولم تكن حرب البلقان ثم أفغانستان والعراق، إلا انعكاساً لأزمة الرأسمالية الحقيقية، وإن كان الرد على اعتداءات 11 سبتمبر، شكل المفتاح لشن ما يسمّى الحرب العالمية ضد "الإرهاب"، إلا أن الحقيقة تمثلت في إطلاق سراح الوحش الإرهابي المتطرف من القمقم، بعد التعثر في ضبط المشهد الإقليمي، وبعد إنكشاف قباحة وجهها، وبداية فترة انهيار أنظمتها العربية الذيلية جراء ثورات شعوبنا العربية وانتفاضاتها غير المسبوقة والمحسوبة من تونس ومصر واليمن.. فكان أن استعارت وجه الإرهاب الأصولي ودفعه للتبوء في ثورات الشعوب كبديل يعمم النموذج التركي، ولما توسعت دائرة الثورات كان الرد حاسماً بإغراق المنطقة في بحور من الدم والفوضى، وشكلت سوريا ساحة الإختبار بعد استعصاء الحل الديمقراطي السلمي، واعتماد السلطة الحل العسكري كطريق وحيد لحسم الأمور. أدى ذلك الى تعميق الأزمة وخلق جبهات مسلحة تعج بالإرهابيين من كل حدب وصوب، مدججين بأحدث أنواع الأسلحة الأميركية ليس بغرض القضاء على سوريا ودورها فحسب، إنما القضاء على المنطقة برمتها، وقتل أهداف الثورات الشعبية العربية في