شؤون اقتصادية أحمد ديركي حروب أسعار النفط
تقلبات لا منطقية في أسعار النفط العالمي تمثل إحدى وجوه الحرب، لكن هذه الحرب قائمة ليس بين نقيضين بل بين متماثلين لاستكمال الهيمنة على هذه المادة التي تمثل عصب الحضارة الحديثة، كما يمثل أحد المكونات الرئيسية لدعائم النظام الرأسمالي بنمطه المعولم، وذلك لارتباط الدولار بالنفط بعد تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن اتفاقية "بريتين وود". وبهذا أصبح النفط لا يباع ولا يُشرى إلا بالدولار الأميركي في كل إنحاء العالم. لكن النفط لا يتواجد في بقعة جغرافية واحدة، كما لا يُنقل إلى بقعة جغرافية واحدة مما يشكل اليوم أحد أوجه الحرب وذلك للاستحواذ على النفط وطرق نقله لتأبيد النظام الرأسمالي ومعادلة البترو ــــ دولار.
في قراءة الأرقام الصادرة عن المؤسسات الدولية يمكن لنا أن نتلمس بعضاً من معالم هذه الحرب القائمة، ليس على النفط، بل بالنفط من خلال التلاعب بأسعاره من أجل هزيمة، وإخضاع، الطرف الآخر في هذه الحرب، ليلتحق به كلياً بدل أن يكون منافساً له، خصوصاً إن كان اقتصاده قائماً بشكل أساسي على تصدير هذه المادة النادرة، ولا يملك اقتصاداً متنوعاً، وهذه أيضاً إحدى قوانين الرأسمالية، المنافسة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى الاحتكار.
كون منظمة "أوبك"، الكارتيل النفطي، لا تملك كل نفط العالم، لكنها تملك العملة التي يجب أن يتداول بها النفط، فالدول من خارج منظمة "أوبك" تلبي الفرق بين العرض والطلب العالمي. فكان مجموع ما زودت به هذه الدول العالم من نفط ما مجموعه 56.23 مليون برميل يومياً، أي بزيادة بلغت 1.99% عن عام 2013، ضخ من دول خارج "أوبك" إلى العالم ليروي عطشه للنفط. ومن المتوقع لهذه الدول أن تزود العالم بالنفط، 57.09 مليون برميل يومياً، عند نهاية عام 2015. وفي آخر تقرير حول هذا الموضوع من المتوقع أن ينخفض الرقم بمقدار -0.41.
في المقابل قُدر الطلب العالمي على نفط "أوبك" بحدود 29.1 مليون برميل يومياً، عام 2014، ومن المتوقع في عام 2015، أن يصل الطلب إلى 29.2 مليون برميل يومياً.
عند مقاربة هذه الأرقام يمكن تلمس مدى قوة الدول من خارج منظمة "أوبك" في السوق العالمية للنفط، في عام 2013 كان طلب العالم على النفط 90.20 مليون برميل يومياً، زودته هذه الدول بـ 54.24 مليون برميل يومياً، وفي عام 2014 زودته بـ 56.23 مليون برميل يومياً من أصل 91.15 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع أن تزوده بـ 57.09 مليون برميل يومياً من أصل 92.32 مليون برميل يومياً.
أرقام تشير إلى أن الحرب بأسعار النفط تؤدي إلى نشوء أمم وانهيار أخرى، لكن هذا لا يتبلور خلال أيام أو بضعة أشهر بل بحاجة كحد أدنى إلى حرب تدوم لمدة سنة كاملة لتتبين بعض ملامح نتائجها. من أبرز مقومات هذه الحرب عامل الصمود أمام انخفاض أسعار النفط إلى ما دون تكلفة الإنتاج! خاصة وإن هناك بعض التوقعات التي تشير إلى استمرار في تدني الأسعار ليصل سعر برميل النفط إلى حدود الـ 20 دولار أميركي. >
أما بخصوص الملف الاقتصادي فقد تركّز مع الحكومة الجديدة كما سالفاتها على المديونية فقام نواب البرلمان (نوّاب الشعب) بالتصويت على قرض قال عنه النائب عن الجبهة الشعبية الاقتصادي فتحي الشامخي: التصويت لن يكون على قرض بـ: 300 مليون اورو بل التصويت سيكون على بيع البلاد بـ: 300 مليون اورو.