كلمة: موريس نهرا كمال جنبلاط القائد السياسي والمفكر الرؤيوي
رغم مرور 38 سنة على استشهاده لا يزال فكر كمال جنبلاط والدور الوطني الذي قام به، حاجة لبنانية وطنية وشعبية. فلم يكن كغيره من الزعماء التقليديين. ومع أنه متحدِّر من عائلة إقطاعية، برز قائداً سياسياً مميزاً، ومفكراً رؤيوياً، استطاع ان يجمع في موافقه وممارساته السياسية، بين المشاركة في السلطة، وبين اهتمامه بالعمل الشعبي كضرورة سياسية وديمقراطية ولقيام المجتمع بدوره. فمن خلال إطلاعه الحيّ وتجربته في الحكومات، اكتشف باكراً تعقيدات النظام الطائفي. ورأى ان هذا النظام، يستولد الانقسامات، والعصبيات ويستنبت مشاريع طائفية تصل الى حد الخلاف على هوية لبنان الوطنية وعروبته، وتتحدد بموجبه الحقوق السياسية والإجتماعية للفرد اللبناني، على اساس حجم مذهبه أو طائفته، إضافة لما نتج عن هذا النظام من خلل وتفاوت طبقي اجتماعي ومناطقي متزايد.
لقد تجلّى في مسيرة كمال جنبلاط الفكرية والسياسية، الترابط القائم بين القضية الوطنية والخروج من أسر الطائفية الى رحاب الوطن، وبين القضية الاجتماعية وحقوق الطبقات الشعبية، وكذلك في العلاقة بين الوطني والقومي. متضمناً ذلك ترابط الوجوه الثلاثة في مسار تحرري واحد، وإن كان لكل منها خصوصيته. وفي ضوء ذلك رأى ان قضية فلسطين هي المحور الاساسي للنضال العربي الفعلي، والمعيار للوطنية الحقة.
لقد بدأ كمال جنبلاط زعيماً في قسم من جبل لبنان، لكن مواقفه وبرنامجه السياسي مع حلفائه، الذي يعكس المصالح العامة للشعب والوطن، وفكره التحرري التغييري، جعله زعيماً وطنياً لبنانياً بامتياز، ومثالاً بارزاً في المدى العربي، وشخصية مرموقة على الصعيد الانساني الأوسع.