الحدث: مصطفى العاملي لبنان محكوم بتطورات الخارج والسلطة تجتاح حقوق الناس
تأبى الطبقة السياسية الحاكمة إلا أن تذّكر اللبنانيين، وبشكل دائم، بأمرين أساسيين على الأقل أولهما، انها عاجزة عن إدارة البلاد ولو بالحد الأدنى. وثانيهما، انها عدو حقيقي لحقوق ومصالح الناس.
انطلاقاً من هاتين الثابتتين يتحرك أركان النظام الطائفي على المستويين المحلي والخارجي، والنتيجة المغامرة بمصير البلد، بعد أن سقطت الدولة ومؤسساتها على مذبح الشهوات السلطوية والرهانات الخارجية.
ويندرج في هذا الإطار الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي دخل شهره العاشر، و كل ما يقال عن تقدم في الاتصالات حول هذا الملف ليس سوى تمنيات ورغبات لدى البعض من جهة، وتقطيع للوقت من جهة ثانية، فإن الفراغ مستمر في قصر بعبدا، طالما أن الوضع الداخلي على هذا النحو، والدول الخارجية المعنية لا تضع لبنان في سلم أولوياتها في هذه المرحلة التي تشهد الكثير من التطورات الخطيرة، ويراهن كل طرف ان تكون نتائجها لصالحه، في حين أن الخشية الحقيقية ان تكون على البلد ككل.
الحكومة المرشح أن يطول عمرها ستبقى تصرّف الأعمال وفي الإطار الضيق، الى جانب مجلس نيابي مشلول بالكامل، ولعل ما حصل في الجلسة الأخيرة للجان المشتركة التى كانت مخصصة لاستكمال البحث في سلسلة الرُّتب والرواتب خير دليل على ذلك، حين لجأ نواب قوى الرابع عشر من آذار الى مقاطعتها بحجة تكليف الرئيس نبيه بري للنائب إبراهيم كنعان بترؤسها، في حين أن السبب الحقيقي يعود الى أن الرئيس فؤاد السنيورة سعى الى مقايضة هذه السلسلة، ولو بعد مسخها وتفريغها من مضمونها، بالمخالفات المالية التي ارتكبها منذ العام 2005، ومن ضمنها الـ 11 مليار التي ما زالت "ضائعة" حتى الآن في دهاليز الفساد والسرقة وهدر المال العام.
وهذا الأمر لا يدعو الى الاستغراب، لأن نهج العداء لقضايا المواطنين، وبالأخص ذوي الدخل المحدود، قائم منذ قيام هذا النظام الفاسد، الذي تتحكم فيه الحسابات الطائفية والمذهبية، وتضيع فيه الديمقراطية وحق المواطن في العلم والسكن والاستشفاء والحرية...
ومن دون الاسترسال في الإشارة الى مكامن الخلل في تعاطي السلطة مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية فإن الانهيار الشامل للدولة ومؤسساتها سيؤدي بالضرورة الى فوضى عارمة على مختلف الصعد، وذلك أنه لا يمكن الاستمرار في سياسات الهروب الى الأمام وعدم مواجهة الأزمة التي تعصف بالبلد بكافة عناصرها.
والى جانب الملفات المرتبطة بغياب الدولة وانهيار مؤسساتها الدستورية، والأزمة الاقتصادية – الاجتماعية بكافة وجوهها وتجلياتها ونتائجها، فإن خطر الإرهاب الناجم عن الحرائق المشتعلة في المنطقة، يكاد يغطي على الأزمات الداخلية، ويستغله المتحكمون بالسلطة للتهرب من تلبية مطالب المواطنين.
انطلاقاً من ذلك يمكن القول إن الأزمة اللبنانية ما زالت في دائرة المراوحة، السلبية، في انتظار صفقة ما قد تحصل على هامش المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي افيراني، يتم خلالها توزيع مناطق النفوذ من دون أن يعرف حتى الآن لبنان سيكون من نصيب من من الدول التي ستشرف على إعادة ترتيب أموره، بعد أن كشف السياسيون اللبنانيون فشلهم على مدى السنوات الماضية، وان بعضهم يعترف بذلك صراحة، وبالتالي سيبقى البلد تحت الانتداب الأجنبي أياً يكن، ريثما يتخلص الشعب اللبناني من الرواسب الطائفية والمذهبية، ويدرك عندها حقيقة المشكلة وينتفض من أجل تغييرها.