مرّ الكلام: نديم علاء الدين ربيع التوازنات
تلتقي معظم الآراء والتحليلات على أن المنطقة مقبلة على أوضاع دراماتيكية وتطورات عسكرية والاستعدادات جارية لجولات جديدة من القتال تهدف هذه المرة الى خلط الأوراق وتثبيت توازنات جديدة عشية المهلة المحددة لإنهاء المفاوضات الأميركية - الإيرانية حول البرنامج النووي في حزيران المقبل.
بحسب ما هو متوافر من معلومات يبدو ان هناك نوعاً من اتفاق بين الطرفين قد حصل، لكن تسويقه يواجه اعتراضات فرنسية وسعودية وإسرائيلية، فضلاً عن اعتراضات الحزب الجمهوري الذي فاز في الانتخابات النصفية في الكونغرس الأميركي، يفترض أن تعمل الإدارة الأميركية على تذليلها.
وهو اتفاق، على كل حال، لا يؤسس كما يشاع، لتحولات جذرية في العلاقات الأميركية - الإيرانية، تقلب المعادلات الجيوسياسية في المنطقة رأساً على عقب، كما لا يحمل في طياته اتفاقاً حول الأزمات الإقليمية، من أفغانستان الى العراق الى سوريا وفلسطين ولبنان او التوافق على حدود الدور الإيراني في الإقليم، فالولايات المتحدة ليست بوارد التسليم او الاقرار بدور محوري لإيران كما يعتقد، بل جل ماتسعى اليه من خلال الاتفاق هو وضع يدها على الملف النووي الإيراني بما بات معروفاً من معادلة رفع العقوبات مقابل تقديم تنازلات مؤلمة في ملف التخصيب. وخلاف اميركا مع المعترضين كونها ترى أنّ الخيار العسكري الذي تطالب به إسرائيل منذ سنوات للجم الطموحات النووية الإيرانية هو غير وارد، لا من الناحية الميدانية العسكرية بسبب قدرة إيران العالية على المواجهة، ولا من الناحية الاقتصادية–المالية، لأنّ أيّ حرب على هذا المستوى وفي هذه المنطقة الحسّاسة نفطياً من العالم، ستُشكّل خطراً على الاقتصاد العالمي وعلى استقراره المالي. مثلما هي مُقتنعة بأنّ أفضل طريقة لمراقبة البرنامج النووي الإيراني، وضبط سقف تخصيب اليورانيوم، يتمّ عبر وضع اليد عليه ومراقبته بشكل مباشر عبر حملات التفتيش، وتجربة صدام غنية في هذا المجال، بينما العكس سيعني العجز أمام مضي إيران ببرنامجها حتى النهاية.
وأمام احتمال تأخير توقيع الاتفاق النهائي حتى نهاية حزيران المقبل، بتكرار عنوان لا فشل ولا نجاح، يبدو ان هذا الوقت المستقطع سيجري استثماره من قبل الجميع في المنطقة، من المعترضين أو من إيران وحلفائها، بهدف تحسين المواقع والامساك بمزيد من الأوراق.
ان الأشهر القادمة حافلة بالمواجهات على مختلف الجبهات، وليس بعيداً عنها لبنان الذي ينتظر ذوبان الثلوج حتى تتكشف خطط المجموعات الإرهابية ونواياها، وهو ما بدأ يتحسب له الجيش اللبناني الذي عمل على تحسين مواقعه استعداداً للمرحلة المقبلة.