مع الحقيقة: سمير دياب تحرر النساء شرط لازم لتحرر الرجال تحية للمرأة في عيدها الدائم
أولى خطوات التحرر والتقدم، تكمن في الإعتراف بالمرأة ذاتاً إنسانية حرةً، مستقلة، مساوية للرجل في الكرامة الإنسانية، وفي سائر الحقوق، ومعاملتها على هذا الأساس. وإن تحرر النساء شرط لازم لتحرر الرجال. والمجتمع هنا، في مفهومه وواقعه، هو، الإنسان نفسه وقد غدا موضوعياً. وبهذا المعنى، فإن الإنسان لا ينتج عالمه وتاريخه فحسب، بل ينتج ذاته في العالم وفي التاريخ. أي ينتج ثقافته وحضارته.
ولما كان القانون، بصفته العامة والمجردة، هو مبدأ وحدة المجتمع وماهية الدولة، فإن القانون المدني الموحد للأحوال الشخصية هو المدخل الضروري لتوحيد القانون، ومقدمة لازمة لتوحيد المجتمع؛ فلا يعقل أن نتحدث عن مجتمع مدني ديمقراطي، أو عن وحدة وطنية في ظل قوانين متعددة في "المجتمع" الواحد، ولا سيما في مجال الأحوال الشخصية ؛ إذ لا تزال هذه القوانين تخضع لنظام المِلل العثماني، مع بعض الرتوش التي لم تغير في المضمون، حيث تتعزز الانقسامات وتتنوع أشكال التعاطي مع المرأة وفقاً لكل طائفة ومذهب، تمييز فاقع بين إمرأة وأخرى في ذات المجتمع، وما زلنا للأسف نعيش وفق النظرية الذكورية السائدة، عصر" الحريم" . لذلك ، فإن قضية المرأة تتصل، من هذا الجانب، بقضية علمنة المجتمع وتحديثه وجعله فضاء مشتركاً من الحرية.
إن قضية المرأة في مجتمعنا، كما في سائر المجتمعات المتخلفة، تكتسب الطابع الثوري. لأنها قضية تستهدف النواة الصلبة للأيديولوجية التقليدية السائدة، بما هي أيديولوجية ذكورية متفوقة، وإن طابعها الثوري، يكمن حصراً في اعتبارها قضية الإنسان وقضية المجتمع، على الصعيدين الإنساني العام والاجتماعي الخاص، وقضية الديمقراطية على الصعيد السياسي. المعركة التي يتوقف على كسبها مشروع الديمقراطية والتقدم العربي كله.
والمرأة كإنسان، لم تغب يوماً، عن ساحة من ساحات النضال الوطني أو الديمقراطي السياسي والاجتماعي والحقوقي. كانت، وستبقى، جزءاً من الثورة والمقاومة والنضال الديمقراطي العام من أجل التحرير والتغيير الديمقراطي.
تحية للمرأة في عيدها الدائم.