تجدّد المواجهات بين الجيش اللبناني والمجموعات المسلحة في جرود رأس بعلبك أعاد تسليط الضوء على الخطر الإرهابي الذي يهدّد  الوضع اللبناني بشكل عام، والمناطق الحدودية بصفة خاصة، في ظل  تداخل الأوضاع بين لبنان وسوريا وسائر بلدان المنطقة من جهة، وغياب خطة وطنية وشعبية شاملة لمواجهة المرحلة الصعبة والحرجة من جهة أخرى، وتفاقم أزمة النظام السياسي اللبناني من جهة ثالثة. هذا الوضع يحمّل الجيش اللبناني بإمكانياته التسليحية المحدودة، والمواطنين الرازحين تحت عبء الأزمات الحياتية والمعيشية والسياسية والتحريض الطائفي مهمة التصدّي للمخاطر والإعتداءات المتكررة وحماية القرى والبلدات وتعزيز عوامل الصمود..

  من الناحية العسكرية فإن المجموعات المسلحة تستهدف هذه المنطقة بسبب وجود ممرات طبيعية وطرق جبلية متعددة  يمكن الوصول عبرها إلى البقاع الشمالي. وبعض هذه المسالك قديم جداً وكان يستخدمه الرعاة  في إنتقالهم من سهل البقاع إلى الداخل السوري المعروف بأرض "الحماد" (البادية شرق حمص). لذلك تقدّر هذه المجموعات أنها أكثر منطقة قابلة للإختراق.

  خلال المعركة الأخيرة بين الجيش والجماعات المسلحة الإرهابية، شهدنا مظاهر معبّرة. رغم القلق، لم نر الخوف والهلع والذعر. لم يغادر الأهالي بلدتهم، بل إنضم إليهم شباب قدموا من بيروت للمساهمة في الصمود، والدعم المعنوي .. حدث إستنفار عام، وتحولت البلدة إلى خلية نحل وإلى مقصد للمتضامنين من مختلف البلدات. كانت المعنويات مرتفعة، رغم الألم والحزن والأسى لسقوط الشهداء من العسكريين.. وتحولت مواقع التواصل الإجتماعي، ووسائل الإعلام  إلى منابر للتأكيد على الصمود والوقوف مع الجيش في مواجهة العصابات الإرهابية ...

  يرفض أبناء رأس بعلبك الحديث عن "الأمن الذاتي" . ما يجري هو نوع من الحرص والحذر والمراقبة. يشارك الجميع في حماية البلدة بالوسائل الممكنة والمتاحة .. ويجري التداول والنقاش في آليات التنسيق مع الجيش وفي تأمين المتطلبات اللازمة من النواحي المادية واللوجستية وفي تشكيل لجان أهلية تعنى بمتابعة القضايا المطروحة، فالمواجهة طويلة، ومن الضروري البحث في السبل المناسبة للتحرك والعمل. الثقة عالية بالإنتصار في هذه المعركة، لكن لا بد من الإستعداد ..