كلمة: موريس نهرا السلطويون المتخاصمون يتوحدون ضد استقلالية رابطة الثانويين
ما جرى من تدخل وضغوط في انتخاب رابطة المعلمين الثانويين لا يخرج عن النهج السلطوي نفسه، بل هو استمرار له. وان الهدف منه لا ينحصر بمعاقبة شخص او اشخاص اثبتوا جدارة وصلابة في الدفاع عن حقوق ومصالح فئات اجتماعية كبيرة من شعبنا، وانما لضرب استقلالية هذه الرابطة ودورها الاساسي في نضال هيئة التنسيق النقابية، وبالتالي للافتئات على حقوق هذه الفئات الاجتماعية التي توحدت وراء حقوقها ومصالحها. فاستمرار هذا النهج السلطوي لاستتباع الحركة النقابية والامساك بقرارها يرمي الى تكبيل هذه الحركة وافقادها دورها وطابعها النقابي المستقل ، وابقائها تحت سقف الزعامات السلطوية، واستخدامها في خلافاتهم وتفاهماتهم، وبالتالي افقاد العمال وذوي العمل المأجور، الاداة النضالية الاساسية التي تجمع صفوفهم، وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم، لتبقى يدُ طبقة الاثرياء وارباب المال، طليقة في جني اقصى الارباح وحماية مصالحهم، بفرض قوانين ضريبية ورسوم على الشعب، والاستمرار بالسياسة الاجتماعية المجحفة بحقه، من مسألة الاجور والاسعار، وعدم إقرار السلم المتحرك للاجور، الى قضايا المجلس الاقتصادي الاجتماعي، هذا عدا الفساد وسرقة المال العام والغش وما شابه.
لقد مثّل النضال الجماهيري الذي قادته هيئة التنسيق النقابية نموذجاً نضالياً جاذباً حمل ابعاداً مهمة، عبّرت عن التصادم الشعبي الطبيعي مع الوجه الطبقي لهذا النظام القائم. وشكلت وحدة المشاركة الجماهيرية الكبيرة فيه، الخارقة للطوائف والمذاهب والمناطق، رداً على الطبيعة الطائفية لهذا النظام، ووظيفتها بتفرقة اللبنانيين وبطمس جوهر الصراع . فخشية الطبقة السلطوية هنا، هي من امكانية اتساع الحركة الشعبية وتحولها الى قوة قادرة على فرض اصلاحات وتغييرات جدية. لذلك اقدمت رغم خلافاتها الكثيرة، في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، او عند تشكيل حكومة، وإزاء ايجاد قانون انتخاب جديد، وفي تسيير شؤون الدولة، وفي قضايا اخرى عديدة، بينها قضايا الوطن وبناء الدولة، اقدمت على توحيد موقفها الرامي الى ضرب استقلالية الرابطة والحركة النقابية، ولحرمان الطبقات الشعبية من حقوقها وعيشها الكريم. وتكرر تحالف السلطويين للغرض نفسه، في انتخاب رابطة التعليم المهني.
لكن استمرار هذا النهج في التعاطي مع القضية الاجتماعية والحركة النقابية، لن يوفر الاستقرار والامن الاجتماعي الذي هو عامل اساسي في تشكيل الامن الوطني والمجتمعي، ولن يفلّ من عزيمة المناضلين. فحرمان الناس من حقوقهم يستولد بالضرورة تحركهم لانتزاع هذه الحقوق.