ضيف النداء عصام شعبان (مصر) عام من قمع الحريات وعودة الدولة البوليسية
بعد الموجة الثورية في 30 يونيو التي أسقطت محمد مرسي نتاج الفشل الذريع لحكمة هو وجماعته، استطاعت قوى نظام مبارك الصعود مرة أخرى على الساحة مستغلة ظرف غياب كتل سياسية مبتورة قادرة على فرض إرادة الجماهير، وأدينت الديمقراطية حيث أنها لم تأت إلا بنظام متعصب فاشي غير وطني، تحولت موجة الهجوم على الإخوان مباشرة إلى الهجوم على الثورة، ووجدت الدولة وأجهزتها القمعية والإعلامية الفرصة سانحة للانتقام من كل من شارك في الثورة وأعد لها.
أصدرت السلطة قانون منع التظاهر في الفترة الانتقالية في2013 بهدف تجريم أي حراك شعبي يرفع مطالب التغيير كما حدث في الفترة الانتقالية الأولى ما بعد 25 يناير 2011 ، وكانت الحجة جاهزة، هذا القانون موجه لتظاهرات الإخوان المسلمين العنيفة، بهدف إجهاض أي حراك يرفع مطالب تتعلق بتغيير النظام .
قمع للطلاب في الجامعات وحرمان من الدراسة وحبس دون العرض حتى قاضي التحقيقات والتهمة هي الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، هذا العنوان الرئيسي فيما يخص الحركة الشبابية والطلابية وموقف السلطة منها، حالات القبض العشوائي التي اعترفت بها السلطة وصنفتها تحت عنوان "أخطاء سوف يتم التراجع عنها والإفراج عن الأبرياء" تضاف إلى سجل الانتهاكات، 20 إلف معتقل في السجون المصرية منهم. ثلاثة آلاف طالب لم يحكم على أغلبهم ولم نعرف تهمتهم، يتضح مما سبق أن المستهدف من هذه الإجراءات ليس الإخوان المسلمين فحسب بل الكتل الشبابية والاجتماعية التي كانت وقوداً للثورة.
والوقائع تشير الى ان هناك مئات الحالات من حبس لنشطاء من تيارات سياسية أو لغير المنتمين سياسياً، نتيجة تطبيق عقوبة قانون التظاهر ليحكم عليهم بالحبس والغرامة فترات ما بين العامين إلى خمسة عشر عاماً، كل ذلك يأتي في الوقت الذي خرج فيه مبارك وزبانيته من الجهات الأمنية والفاسدين براءة، ويقمع بأقصى قوة ليس فقط لتأمين وجوده لفترة محمياً من مطالبات الديمقراطية بل أيضاً لاستمرار النظام الاقتصادي الذي يمارس ويطبق سياسات اقتصادية مفقرة أشد عنفاً من ممارسات مبارك.
لم يقتصر القمع البوليسي على المتظاهرين فقد سجلت حالات اعتداء وقتل للمواطنين ليس لهم علاقة بالعمل السياسي أساساً، بل إن الكتابة والتعليق على الفيس بوك يمكن أن تصبح دليل وأداة اتهام، تجاور التضييق والهجوم المستمر على الإعلام والإعلاميين والكتّاب الذين يبدون اختلافاً مع النظام، كل هذا يدور في حالة وهن وضعف لقوى الثورة وشبابها وفى ظل تواطؤ جماعي من أغلب النخب السياسية والإعلامية،التي تقوم السلطة إما باحتوائها أو زيادة معدلات الرعب لديها من خطر عودة الإخوان المسلمين للسلطة، ونظراً ان تلك النخب لا تقدم بدائل ومنفصلة عن الهموم اليومية وفاقدة الاتصال بالجمهور فإنها تستسلم للواقع وتبرر سياسات السلطة طالما لم يطلها القمع حتى الآن.