كلمة: موريس نهرا عام جديد مثقل بأزمات موروثة
فيما تقوم البلدان والحكومات في المجتمعات المتقدمة، بإجراء جرده شاملة تبرز فيها ما حققته من انجازات في العام الماضي، وتطرح فيها ما ستحققه في العام الجديد ، يغرق الناس في بلادنا بالمزيد من التخبط والصعوبات. فما كان مدعاة قلق واستياء في ظروف حياتهم ومعيشتهم، استمر وأُضيف إليه القلق على مصيرهم ومصير بلدهم ومستقبل أبنائهم. فالدولة في حال انحدار، ولا يزال البلد بدون رئيس للجمهورية، بانتظار تفاهمات خارجية تتيح ذلك، والبرلمان يمدد لنفسه مصادراً حقوق الشعب الذي له وحده الحق في الانتخاب وتحديد المهل المكرسة في الدستور. وفوق ذلك وإزاء العجز عن اتفاق السلطويين على قانون انتخاب جديد، ندخل العام الجديد على وقع تصريح لأحد كبار المسؤولين يقول فيه ان الباقي هو قانون 1960، هذا القانون السيئ الذكر، الذي أتى بالتمثيل المشوه للشعب ومصالحه وحقوقه.
ولا نرى حتى اليوم وحدة حقيقية للقرار السياسي، بل ثمة من ينظر إلى مواجهة الداعشيين من زاوية المذهبية السياسية وتناقضاتها.
وإزاء هذا التردي للأوضاع العامة واستمرار المشكلات والقضايا المزمنة، وما ظهر من حجم الفساد الغذائي حتى الآن، لا يمكن اعتبار ان ما يُعقد من حوارات ثنائية هنا وهناك، هو أمرٌ كافي. فالمسألة في جوهرها ليست في الاختلافات والخلافات أو التفاهمات بين أطراف السلطة القائمة، فعلى ايجابية الحوار بينها، تبقى التناقضات بالأساس بين النهج السياسي السلطوي وطنياً واجتماعياً وديمقراطياً، وما أدى اليه من أزمات وشلل وعجز، وبين مسألة بناء الوطن والدولة الديمقراطية الحديثة. فالمساومات والمصالحات بين الزعامات السلطوية لا تشكل علاجاً وحلاًّ. فلا يلبث مفعول المسكنات الظرفية أن ينتهي، وتعود الأزمات نفسها. والمشكلة الأساسية هنا هي في ان الطبقة السلطوية وزعاماتها لا تزال متمسكة بنظامها الطائفي، لأنه يوفر لها شروط تجديد زعامتها ومواقعها وحصصها، في حين ان المشكلات الحقيقية القائمة لا حلول لها تحت سقف النظام السياسي نفسه...والمطلوب إذن هو مصالحة السلطة مع الوطن ومع دولة المواطنة والديمقراطية، مع الشعب ومصالحه الحياتية والوطنية.
وهذا لا يمكن انتظار الوصول إليه على يد الطبقة السلطوية. والمسؤولية الأساسية في تحقيق ذلك تقع على عاتق جميع قوى التغيير الديمقراطي، وأوسع فئات شعبنا ذات المصلحة والحاجة إلى تحقيق هذا التغيير...