الحدث: مصطفى العاملي الحكومة تترنح تحت ضغط الفساد والنفايات واللاجئين والإرهاب.... والحوار الثنائي يكتفي بـ "التنفيس"
بغض النظر عن النتائج التي يمكن أن يصل إليها المتحاورون. فإنه لا يمكن إدراج هذه الحوارات إلا في خانة تقطيع الوقت الضائع بأقل خسائر ممكنة، ريثما تتضح معالم المرحلة المقبلة التي تتحكم فيها التطورات الإقليمية وخصوصاً في سوريا. فالمتحاورون لم يعدوا بتحقيق أهداف كبيرة من لقاءاتهم الثنائية... فحزب الله وتيار المستقبل وضعا هدفاً أساسياً وهو تنفيس الاحتقان المذهبي. وتحاشي مقاربة الملفات الخلافية الأساسية بينهما، فيما تُرك ملف انتخاب رئيس الجمهورية وما يتفرع عنه لإعادة بناء الدولة للتقدم في تنفيس الاحتقان "إذا بقي حجارة منراشق".
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار؛ كيف يمكن إزالة التشنج بين الطرفين، من خلال هذه الجلسات الحوارية التي لن تتطرق إلى الأسباب التي أدت إليه؟ وهل أن جمهور الطرفين قادر على تنفيس احتقانه الممتد لسنوات ولأسباب جوهرية لمجرد أن اجتمع بعض القياديين وأصدروا بياناً أعلنوا فيه عن تحقيق تقدم جدّي في هذا المجال؟ أليست مواضيع السلاح غير الشرعي والتدخل في سوريا وأحداث السابع من أيار 2008 والمحكمة الدولية، هي التي أدت إلى هذا الاحتقان وبالتالي كيف يمكن تنفيسه دون معالجة أسبابه؟
أما الخط الحواري الآخر أي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والذي يمكن اعتباره رد غير مباشر على الخط الحواري الأول فله طبيعة مختلفة وعناوين أكبر؛ كما أعلن العماد ميشال عون الذي يطمح إلى إعادة النظر في الجمهورية ..ككل. مع أن الهدف الحقيقي يتمثل في موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ورغم الأجواء التفاؤلية، فإن تراكم القضايا بين الرجلين تجعل من غير السهل توافقهما على حل لهذا الملف. لأن كل منهما ليس مستعداً للتنازل للآخر؛ فضلاً عن أنهما مضطران للأخذ بعين الاعتبار مواقف حلفائهما. مع العلم أن العماد عون ما زال حتى الساعة يرفض كل الأسماء البديلة ويعتبر أن هذه فرصته الأخيرة لتولي رئاسة الجمهورية. وهي حق طبيعي له باعتباره صاحب أكبر كتلة نيابية مسيحية والأكثر تمثيلاً للشارع المسيحي.
وعلى صعيد التطورات الأمنية كتب العاملي أن الإرهابيين الذين كانوا يقاتلون في سوريا والعراق، وعددهم بالآلاف، لم يختاروا الانتقال إلى هذه الجرود الوعرة من أجل الإقامة فيها، بل من أجل التمدد إلى لبنان واتخاذ قواعد ومراكز لهم فيه. وقد سعوا إلى ذلك منذ اليوم الأول لوصولهم، مع أن هناك من يعتبر أن أحلامهم تراجعت بعض الشيء اثر الضربة القوية التي وجهها إليهم الجيش اللبناني في الشهرين الأخيرين من السنة الماضية في طرابلس وعكار.. ولكن هذا لا يعني أن خطرهم قد زال، إذ ما زال باستطاعتهم إعادة تحريك خلاياهم النائمة في العديد من المناطق تحظى ببيئة حاضنة.
ورغم تخبط الحكومة بمشاكلها وملفاتها الشائكة وعدم قدرتها على التصدي لأي منها، أبت إلا أن تفتح لنفسها باباً جديداً للنزاع بين اللبنانيين من جهة وبينهم وبين السورين من جهة ثانية. فبعد سنوات من الفوضى والكيدية في فتح المعابر للاجئين والمسلحين السوريين وإقامة مراكز التدريب لهم وبعد أن فاق عددهم المليون ونصف المليون شخص. رأت أن تتخذ قرار بإعادة تنظيم دخول السوريين إلى لبنان وفرض شروط عليهم. وهو أمر كان ضرورياً منذ البداية أولاً، وثانياً كان يجب أن يحصل تنسيق مع الجهات المعنية في الجانب السوري، كي لا تكون ردة فعله لغير صالح لبنان.
إن معالجة قضية اللاجئين وتداعياتها التي تفوق قدرة لبنان على تحملها خصوصاً بعد أن تقلصت المساعدات الدولية لهم. لا تكون بقرارات ارتجالية ذات طابع عنصري ليس من المعروف أهدافها ولمصلحة من؟
مجدداً لا بد من التأكيد على أن مصير لبنان كبلد مستقل في خطر، كونه يقع على خط الزلازل الإقليمية. وأن الطبقة السياسية الحاكمة بدل أن تسعى إلى توفير الإسعافات الأولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فها هي تدفع به إلى الحمم المشتعلة من حوله وقد يصح القول أنها أشبه بـ "عائلة عميان" رزقت بطفل سليم. ومن كثرة ما قبلَّت به ووضعت أصابعها في عينيه أعمته!!!