حدث ورأي: منذر بو عرم نتنياهو المأزوم عين على التهويد.. وأخرى على التمديد
واقع الحال يؤكد أن نتنياهو وحلفاءه في "إسرائيل بيتنا" واليمين الديني المتشدد "الحريديم"، في طريقهم إلى تحقيق انتصار انتخابي وفق استطلاعات للرأي بناء على تلاشي قوة حزب العمل المؤسس التاريخي للكيان المغتصب، وتماهي المشاريع الانتخابية للمعارضة الصهيونية مع ما يطرحه نتنياهو، وفي هذا السياق يندرج إعلان وزيرة العدل تسبي ليفني المعارضة الرئيسية له في الحكومة بأنه يعرض ما وصفته "بإسرائيل اليهودية الديمقراطية" للخطر، وهذا ما يؤكد أن ليفني وغيرها من الزعماء الصهاينة لا يختلفون في جوهر موقفهم مع المشروع الليكودي لبناء إسرائيل اليهودية المزعومة مع قفازات مخملية، أما ما يعزز هذا التوجه فهو هيمنة الجماعات الاستيطانية المتطرفة على مواقع القرار اثر وصول ما يزيد عن مليون مستوطن إلى الضفة الغربية نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، مشكلين بذلك كتلة ضغط كبرى تحول دون إقرار تسوية نهائية على قاعدة الأرض مقابل السلام للتخلص من الدولة ثنائية القومية، ليكون البديل تلازم مزاعم السلام الإسرائيلية مع الزحف الاستيطاني العشوائي والمنظم فضلاً عن توسيع الطرق الالتفافية لوصل هذه المستوطنات بحيث لم يعد للفلسطينيين ما يفاوضون عليه في سبيل إنشاء دولتهم الموعودة.
عوامل القوة هذه شجعت نتنياهو على إطلاق حربه الوقائية الدبلوماسية معلناً خلال توجهه إلى روما للقاء وزير الخارجية الأميركية جون كيري، بأن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة لا يغير في واقع الأمر شيء، ومرفقاً هذا الإعلان بحملة إيديولوجية عنوانها أن كيانه الصهيوني هو جزيرة معزولة في بحر التطرف الإسلامي، في محاولة لإيجاد القاعدة الإيديولوجية لإقامة كيان يهودي بالكامل وتطبيق سياسة التهجير للفلسطينيين "ترانسفير" للحفاظ على ما يصفه بالمصالح الأمنية لكيانه، وعلى خط موازٍ عاد نتنياهو ليستعيد جزءاً من دور وظيفي لإسرائيل في خدمة رأس المال المعولم وهذه المرة بدعوى التصدي للتطرف الأصولي لتنسحب هذه المعادلة على السعي لإقامة تحالف مع الأنظمة العربية المنخرطة في المشروع الأميركي الموضوع للمنطقة لمواجهة إرهاب مصنع أميركياً أصلاً.
هذا التحالف يمثل من وجهة الكيان الصهيوني بزعامة نتنياهو الملاءة الملائمة لتغطية مشاريعه التهويدية التصفووية للقضية الفلسطينية. دافعاً باتجاه تمرير مشروع قانون الدولة القومية بعد فوزه المرجح للانتخابات ومشرعناً الاستيطان العشوائي والمنظم.
أما أقوى أوراق نتنياهو فهي تشرذم الساحة الفلسطينية ووقوعها أسيرة ثنائية فتح - حماس بتداعياتها المدمرة للمشروع الوطني الفلسطيني وصراعاتها الفئوية على حساب هذا المشروع.
بات ملحاً تخلي الفلسطينيين عن الرهانات العقيمة على أي تسوية مع العدو وإعادة الاعتبار للمقاومة المسلحة، مع إعادة إطلاق الانتفاضات الشعبية في الضفة الغربية وفق برنامج وطني شامل يأخذ بعين الاعتبار ضرورة مواجهة المشروع الأميركي – الإسرائيلي في الساحة الفلسطينية وإرهاق العدو واستنزاف قدراته من خلال الحرب الأنصارية المحمية ببيئة شعبية حاضنة ومنتفضة وإعادة الصراع إلى المربع الأول، خصوصاً وان سعي السلطة الفلسطينية لاعتراف دولي بدولة حدودها الأراضي المحتلة عام 1967 هو بحد ذاته شرعنة تاريخية للكيان الصهيوني على 82% من فلسطين المحتلة عام 1948، والكتل الصهيونية التي تطال 48% من الضفة الغربية "لا تمثل مع قطاع غزة إلا 18% من فلسطين"، ما يعني إعادة الاعتبار لحقيقة أن الصراع مع الصهاينة هو صراع وجود وليس صراع حدود، وان الرهان على تسوية نهائية برعاية أميركية هو حلم عقيم.