كلمة: موريس نهرا كوبا تنتصر بثورتها وصمود شعبها
بعد إطلاق الكوبيين الثلاثة من سجون الولايات المتحدة بعد حملة عالمية مطالبة بحريتهم، أقر الرئيس أوباما، بفشل السياسة الأميركية المتبعة منذ أكثر من 50 سنة، بعزل كوبا، واعتماد سياسة جديدة تقوم على الانفتاح والعلاقات الطبيعية مع هذه الجزيرة الواقعة على تخوم ولاية فلوريدا الأميركية. والسبب الأساسي الذي فرض هذه الخطوة الجديدة، يعود الى قدرة الشعب الكوبي ونظامه الثوري، على الصمود والحفاظ على الوحدة الداخلية، والالتفاف الشعبي حول قيادة الثورة والثقة بها وبالمستقبل.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن إقدام الرئيس أوباما على الغاء سياسة العزل والقطيعة بعد فشلها، يحمل في طياته الاقرار في العلاقة بين دولتين ونظامين مختلفين، بل متناقضين في الأساس. كما يحتوي على دلالة تظهر إمكانية التعايش بين أنظمة مختلفة، وعلى نفي حتمية العداء القاطع والشامل بينها. ولكن ذلك لا يعني ان عملية الانفتاح تجاه كوبا، التي لا تزال في بدايتها، قد أصبحت تامة. فالمشكلات والتعقيدات الناجمة عن 55 سنة من العداء، تحتاج إلى معالجات ووقت وجهود، وهي ليست سهلة. والحصار الاقتصادي وهو المشكلة الأهم لا زال مستمراً. ولا يعني الانفتاح الأميركي هذا، تغييراً في طبيعة النظام الرأسمالي الاحتكاري المعولم في الولايات المتحدة، ولا التخلي عن دوافع ومصالح الشركات الاحتكارية في استغلال ونهب ثروات الشعوب وعرقها. هذا علماً ان ثمة فئة من رجال الأعمال الأميركيين، وبينهم من هم من أصل كوبي في ميامي، يجدون مصلحة لهم، كما لكوبا، في الاستفادة من الانفتاح في مجالي التجارة والسياحة وغيرها.
وعلى أي حال، لا يمكن وضع هذا التحول الذي أعلن الرئيس أوباما عنه في العلاقة الأميركية مع كوبا، إلا في خانة انتصار كوبا وصمودها، وفي صالح المسار التحرري الديمقراطي لشعوب أميركا اللاتينية. علماً ان هذه الخطوة تجري في ظروف دولية تركز فيها سلطات البيت الأبيض على المواجهة مع روسيا ومواقفها ودورها في أزمة الشرق الأوسط، وفي أوكرانيا، لأن في مقدمة أهدافها ومصالحها، مناهضة تعدد القطب، لتتكمن من بسط هيمنتها الأحادية على العالم.