حدث النداء مصطفى العاملي حوار تنفيس الاحتقان الثنائي يعزز الدولة أم يقوّض بنيانها؟
يطوي العام 2014 آخر أوراق روزنامته على انطلاق "حوار الضرورة" بين "تيار المستقبل" و "حزب الله" برعاية الرئيس نبيه بري، وتشجيع من النائب وليد جنبلاط، اللذين يسعيان بما لديهما من إمكانيات لإعادة تجميع "قوى الطائف الطائفية" تحت عباءة هذا النظام، بعد إعادة الروح إليه، رغم أن هذا الأمر بات شبه مستحيل، وإن حصل فعلى حساب الوطن والدولة والمؤسسات لحساب المزارع الطائفية والمذهبية.
وإذا كان اللقاء الأول الذي انعقد يوم الثلاثاء الماضي انتهى إلى إشاعة أجواء ايجابية، والى محاولة تطمين الحلفاء بأن ما يحصل ليس اصطفافاً سياسياً جديداً وليس على حسابهم، فإن السؤال المطروح هل صحيح أن الأمر يقتصر على تبريد الأجواء المذهبية، أم أن لهذا الحوار وظيفة أخرى والى أين سيصل؟
وهل بالإمكان فصل الملفات عن بعضها بشكل مصطنع؟ إذ كيف يمكن الحديث عن تبديد التشنج على الأرض فيما الخلاف مستحكم حول الأزمة السورية والمحكمة الدولية والسلاح، وهذه الأمور هي التي كانت وراء هذا الاحتقان.
وتساءل مصطفى العاملي ماذا بعد؟
لا بد من التأكيد بأن لاشيء منتظراً في العام المقبل، فالأزمات مفتوحة، خصوصاً مع استمرار التطورات في سوريا التي تنعكس بشكل مباشر على لبنان سياسياً وأمنياً واجتماعياً.
ففي ملف رئاسة الجمهورية، فإن المعطيات المتوفرة تؤكد، أن الأمور ما زالت تدور في حلقة مفرغة، رغم كثرة الضجيج الداخلي والخارجي القائم حوله، والحركة الدبلوماسية التي حصلت خلال الأيام الماضية، وأن ليس هناك مبادرات محددة لإنهاء هذا الفراغ في قصر بعبدا، وان مهمة هؤلاء استكشافية.
الخلاف السعودي – الإيراني ما زال كما هو، والأزمة السورية ومواقف الأطراف الداخلية المعنية لم تتغير، وبالتالي فإن المشكلة ستبقى قائمة العام المقبل طالما لم تحصل تبدلات على المشهد السوري، وطالما أن العماد ميشال عون متمسك بترشحه رغم الفيتو الموضوع عليه من قبل خصومه في الداخل، وحلفائهم في الخارج، والمعلومات تشير إلى أن السعودية ترفض البحث في اسمه كمرشح محتمل للرئاسة، وهي التي سرّعت في إنهاء الحوار بينه وبين رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري.
ومع ذلك فإن عون وجعجع يشعران حالياً أن هناك شيئاً ما يخطط بمعزل عنهما، وقد يكون على حسابهما، وان من شأن الحوار بين "حزب الله" و "تيار المستقبل" أن يصل إلى اتفاق على رئيس للجمهورية ويفرضانه بشكل غير مباشر على الجميع.
وانطلاقاً من هذه القراءة وفي إطار سياسة المزايدة بينهما وادعاء الحرص على الدور المسيحي، ولاسيما اختيار رئيس للجمهورية، أفادت المعلومات انه يجري تسريع التحضيرات لعقد حوار بين الزعيمين المارونيين،
ولكن من أين لهما أن يتوصلا إلى تجاوز خلافاتهما العميقة والمتجذرة من جهة، وارتباطاتهما الخارجية من جهة ثانية، فجعجع باتت محجته في السعودية التي زارها خلال الأشهر الماضية مرتين، في حين، أن عون غيّر مربط خيله من باريس إلى طهران. مع العلم أن المرحلة والتطورات في المنطقة لا تسمح بمغامرات من هذا النوع.
والشيء بالشيء يذكر، وما يقال عن الملف الرئاسي، الذي سيبقى قابعاً على رف الانتظار بانتظار تبدل المعطيات المحلية والخارجية، يقال عن قانون الانتخاب العتيد، الذي ينطلق البحث فيه إلى الخلف.. وهذا ما كشفته اجتماعات لجنة التواصل النيابية، التي تحولت المناقشات فيها إلى ما يشبه سوق عكاظ.
وهذه النتيجة مدموجة بالتمديد للمجلس النيابي لولاية كاملة، تعني القضاء على المظاهر الديمقراطية المزيفة أساساً في هذا البلد،
وسواء اتفقت فرنسا وإيران، أو اختلفت موسكو وواشنطن على الملف الرئاسي، أو غيرهم من الدول التي تعتبر معنية بالوضع اللبناني، فإن هذا الموضوع بات مرتبطاً أكثر من أي وقت مضى بحل الأزمة السورية من جهة، وبالتوافق الإيراني – السعودي على اسم محدد، وهو أمر حتى الآن غير متوفر، وبالتالي فإن ما يجري لعب في الوقت الضائع.
وانطلاقاً من ذلك يزداد ملف قضية العسكريين المخطوفين تعقيداً وما يقال عن احتمالات الوصول إلى تسوية ما هي إلا مجرد تمنيات ورغبات لا تستند إلى إرادة الخاطفين الإرهابيين، الذين يبدلون بشروطهم بشكل دائم، في حين أن الحكومة لا تجد أمامها سوى تقديم المزيد من التنازلات بعدما عجزت عن استخدام أدوات القوة المتوفرة لديها في هذا المجال.
ختم العاملي حدث النداء ما يحصل على صعيد الممارسة السلطوية، ليس له علاقة بالدولة ولا بالعبور إلى الدولة بل مجرد تسويات مذهبية تقوّض في النهاية بنيان الدولة، أو ما تبقى منها، وما يقال عكس ذلك هو ذر للرماد في العيون ومن يعش يرى!