الحوار الثنائي المرتقب والحوار الوطني المطلوب كلمة: موريس نهرا
اهمية الحوار تكمن بتوفير شرطين اساسيين، يفقد بدونهما مضمونه ووظيفته الاساسية. ويتمثل الشرط الأول بنوع القضايا المطروحة وعلاقتها بمعالجة الازمات والحاجات الاساسية للشعب والوطن. والشرط الثاني، يرتبط بتحديد القوى السياسية والاجتماعية المعنية بهذه القضايا والمشاركة في معالجتها.
الحوار المرتقب سيكون بين طرفين سياسيين يمتلك كل منهما وزناً في الحكومة القائمة، وفي الحياة السياسية حاليا، ويطغى على دور الاثنين منفردين ومتلاقيين، وعلى تمثيلهما السياسي، طابعاً مذهبياً. أما التناقضات بينهما، فليست خافية في بعديها الداخلي والاقليمي. ولعلّ الجانب الإيجابي الممكن لهذا الحوار، هو انه قد يساعد في تبريد حماوة الانقسامات العمودية والعصبيات المذهبية الحّادة، التي كانت دائماً سبباً ومصدراً للخلل في السلطة وفي المجتمع، خصوصاً في ظل الاضطراب الجاري في محيطنا العربي، والطابع المذهبي والديني الذي يتلبسّه، حيث تصبح هذه العصبيات اكثر خطورة على الوحدة والاستقرار الداخلي، وتخلق مناخاً مؤاتياً لتغلغل وحماية شبكات التطرف والارهاب باسم الدين والمذهب. والمعروف ان "الدولة" الداعشية تستهدف لبنان، ويجري استخدام دورها في اشعال النزاعات والحروب الاهلية في إطار المخطط الاميركي- الصهيوني، بغرض تحقيق هدفين، الأول حرف الصراع عن مجراه الطبيعي الحقيقي بين مصالح شعوبنا العربية التي جسدتها الانتفاضات الشعبية وحراكها الثوري، في شعارات الديمقراطية ضد انظمة القمع، والافقار، والتبعية، وتحويل هذا الصراع الى نزاعات داخل البلدان العربية. والهدف الثاني إقامة دويلات على اساس ديني ومذهبي، تصبح في سياقها إقامة الدولة الصهيونية على اساس ديني ليهود العالم، أمراً عادياً.
إن الحوار الحقيقي الذي يحتاجه لبنان شعباً ودولة، هو الحوار الوطني الذي يخرج عن هدف تقطيع الوقت، ويستدعي البحث بالاسباب الحقيقية لعجز السلطة وشلل الدولة، ووضع اسس جديدة بديلة تؤدي الى بناء الدولة وسلطتها على قاعدة المواطنة والديمقراطية، والرعاية الاجتماعية، والى إيجاد قانون انتخاب غير طائفي، على اساس النسبية والدائرة الوطنية، ليتشارك كل اللبنانيين معاً في اختيار كل ممثليهم في المدى الوطني، بمعايير جديدة، تتمثل ببرامج تعكس قضايا الشعب ومصالحه الاجتماعية والوطنية والإنمائية، وتشكل اساساً لمحاسبة الناخبين لممثليهم.
وأي حوار لا يشمل القوى الديمقراطية العلمانية واللاطائفية يبقى بعيداً وقاصراً عن تلبية طموحات شعبنا في الخروج من هاوية الازمات وبناء الوطن الحصين ودولة المؤسسات الديمقراطية الحديثة، التي تحقق المساواة بين اللبنانيين على اساس المواطنية.