مجلة النداء مع الحقيقة: سمير دياب في فلسطين نبقى .. وإليها سنعود
في 29/11/1947 أوصت الأمم المتحدة بالقرار رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية. ومن يومها، بدأت رحلة الصراع مع عدو عنصري استيطاني صهيوني يجسِّد وجهاً من وجوه الاستعمار الإمبريالي القديم والجديد في المنطقة. وما بين حق العودة وتقرير المصير الوطني وتحرير فلسطين من جهة، وإمعان في التقسيم والتوسع والاستيطان والتهجير والقتل والتهويد من جهة التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي.
بعد أقل من عام على قرار التقسيم صدر في 10/ 12/ 1948 القرار رقم 194 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي دعا إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها إبان النكبة، واعتبرت الأسرة الدولية بأن قبول عضوية ما يسمى " بدولة إسرائيل" في الأمم المتحدة مرهونة بتطبيق هذين القرارين، وها قد مضى سبعة وستون عاماً دون تطبيق هذا القرار، والأمور في فلسطين ذاهبة الى المزيد من التعقيد والتأزم والاعتداءات والقتل والاستيطان والتهجير، لتكريس يهودية " دولة إسرائيل". كل ذلك يجري أمام الأسرة الدولية التي لا تتحرك إلا لإدانة العملية البطولية للمقاومة الوطنية الفلسطينية في القدس، ردّاً على وحشية ممارسات العدو الصهيوني وتطرف مستوطنيه بحق الشعب الفلسطيني.
والمبكي أن رئيس السلطة الفلسطينية " أبو مازن" كان الأسرع في إدانة عملية أبطال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في القدس، لا لقلة نظر منه، إنما لمنهجية باتت هي الأساس في معادلة السلطة للصراع مع العدو الصهيوني، سميت بالمفاوضات. بحيث أستبدلت هذه المعادلة : المقاومة بالمفاوضات، والمفاوضات بالتنازلات، والتنازلات بالإبقاء على اسم السلطة.. فيما القضية تسبح في بحر من الإنقسامات الداخلية بين سلطتين تتنازعان على فتات، فيما الفئوية الحزبية والمصالح الشخصية تتسيّد على حساب دماء المقاومين، وصمود الشعب الفلسطيني الجبار الذي لم يعرف يوماً الإستسلام أو الرضوخ لغطرسة هذا العدو، وآخر مآثر هذا الشعب البطل في صمود أهل غزة، ومقاومتهم على مدى واحدٍ وخمسين يوماً.
حق العودة.. لا يموت بقرار، ولا يخضع لمزاجية الأسرة الدولية، ولا لسيطرة وتحكم الإمبريالية الأميركية والعالمية، ولا لمشروع قرار "تهويد" فلسطين الأخير. ولا لأهواء السلطة الفلسطينية التي انهمكت ببناء أذرع لمقاولاتها في السلطة بدل أن تنهمك في بناء هياكل لتحقيق أهداف القضية الفلسطينية. وبالتالي، فإن هذا الحق لا يخضع للمساومة أو التنازل ولا يسقط بالتقادم، أو يعدل، أو يتغير مفهومه في أي إتفاق سياسي. من هنا لا يحق لأحد مهما ادعى تمثيل الشعب الفلسطيني أن يتخلى عن حق العودة ولا عن شبر واحد من أرض فلسطين، كون هذا الحق غير قابل للتصرف، وهذا ما نصت عليه المادة الثانية من معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 على " أن أي إتفاق بين القوة المحتلة والشعب المحتل أو ممثليه باطل قانونيا، إذا أسقطت حقوقه."
وهذا ما أكدته الأمم المتحدة في العام 1946 على حق جميع الشعوب بتقرير مصيرها وخصّت به الشعب الفلسطيني عام 1969 وجعلته حقا غير قابل للتصرف للفلسطينيين في القرار رقم 3236 عام 1974.
حق العودة، هو حق للاجئ الفلسطيني تتم بعودته إلى المكان نفسه الذي طرد منه أو غادره لأي سبب، هو أو أبوه أو أجداده، ولا تتم بعودته (إذا تحققت) إلى الأراضي المحتلة في العام 1967.
سبعة وستون عاماً مرت على النكبة. والنكبة مستمرة في كل مدينة وقرية فلسطينية على امتداد مساحة فلسطين.
في ذكرى تقسيم فلسطين، ومن أجل حق تقرير المصير الوطني الفلسطيني، لا بد من إعادة التأكيد بأن الطريق الوحيد لمواجهة هذا المشروع الصهيوني العنصري يكمن في إطار إعادة تشكيل جبهة المقاومة الوطنية الفلسطينية لتحرير فلسطين، وفي استعادة بناء إستراتيجية وطنية تحمي كافة حقوق الشعب الفلسطيني وتؤكد على الطابع التحرري والديمقراطي للنضال الوطني، والانضمام إلى المعاهدات والمواثيق والمؤسسات الدولية التي تتيح ملاحقة ومحاكمة قادة العدو على جرائمهم، فضلاً عن استمرار النضال لفرض المقاطعة على دولة الاحتلال وصولاً الى نزع شرعيتها.
في فلسطين نبقى .. وإليها سنعود.