مع الحقيقة: سمير دياب
مع الحقيقة: سمير دياب
جبهة المقاومة الوطنية الفلسطينية
يتوحد الأسرى داخل السجون الصهيونية، ويقاومون بما ملكت إرادتهم، وقوتهم، وقدرة أمعائهم الخاوية على الصمود لصد قهر وعنصرية عدو يحاول إطعامهم بالقوة .. لكن القوة الحقيقية تتجلى فعلاً في ارتباط الأسرى الفلسطينيين بقضية التحرر الوطني لشعب يقدم كل ما عنده من أجل التحرير والتخلص من عدو سجل ويسجل أرقاماً قياسية في ارتكاب المجازر والقتل والتنكيل والإبعاد والتهجير والحرق والتدمير والاعتقال والتعذيب، وفي استعمال كل وسائل القمع العنصري الفاشي بحق شعب فلسطين.
صمود الأسرى بحاجة إلى مقاومة وطنية بأدوات وصيغ توفر الضمانة الحتمية لإنتصار الشعب على أعدائه. مقاومة لها جذور تمتد في وحدة الأرض والشعب، وفي وحدة الفصائل الفلسطينية، وليس في مصالحة ظرفية ومصلحية لقوى السلطة. لأن الوحدة غاية في الأهمية للقضية وللشعب الذي مازال يعيش في مرحلة التحرر الوطني، رغم كل الأقاويل المزعومة عن إنتهاء هذه المرحلة بعد أوسلو، وبعد وجود ما يسمى بالسلطة أو بالسلطتين. ومن دون تكريس الوحدة الوطنية الحقيقية على قاعدة النضال من أجل التحرير يعني ضياع فلسطين. وفي إستمرار الإنقسامات والخلافات الداخلية يعني تقويض كل الانتصارات الوطنية، ويعني دفع العدو إلى المزيد من التعنت والتكبر والتوسع والتهويد وإقتلاع البشر والشجر من أرض فلسطين لإنهاء القضية برمتها.
الوحدة الوطنية الفلسطينية أكثر من ضرورية في مثل هذه الظروف التي يجري فيها إعادة تكثيف الهجوم الامبريالي الصهيوني الرجعي العربي على المنطقة بتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية، أبرز شروطها:
الشرط الأول: الوحدة الفلسطينية ضرورة كأداة وطنية جامعة، وصيغة عملية لتوحيد الشعب وفصائله الوطنية، وهو شرط أساسي للانتصار. وبدون هذه الصيغة تبقى قوة الشعب مقسمة، ومشتتة، وعرضة للتجاذبات والصراعات الداخلية الثانوية فيما بينها على حساب المعركة الرئيسية ضد العدو الصهيوني المحتل.
الشرط الثاني: طرح البرنامج السياسي القادر على إيجاد القواسم المشتركة المستندة إلى الثوابت الوطنية وعمادها الحقوق الوطنية للشعب الذي يناضل من أجل تحقيقها دون تنازل، أو مساومة. إن وضوح البرنامج يشكل ضرورة موضوعية، في بعده الاستراتيجي، وفي حركته التكتيكية، مع أهمية الربط بينهما لضمان ثبات الوحدة وحمايتها من التصدع والانقسام، ما يضمن إستعادة قوية لتصويب مسار القضية، وكسب التأييد لها، بصفتها القضية المركزية في الصراع العربي – الصهيوني، وحجر الزواية في بناء الوحدة العربية.
الشرط الثالث : استعادة دور المقاومة الوطنية الفلسطينية، بتجاربها، وأشكالها كافة، ببندقيتها وحجارتها وأمعائها الخاوية وأدبها وثقافتها ومقاطعتها للتطبيع .. بصفتها الرد الثوري الحقيقي الوحيد للوصول إلى أهداف شعب فلسطين في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس.
الشرط الرابع: أهمية قيادة المرحلة بروحية نضالية مقاومة لا بروحية إنهزامية أو بخلفية الإستئثار بالقرار من أي طرف، أو بعقلية القوة والتفرد خارج إطار العمل الجماعي والقيادة المشتركة القائمة على المبدأ الديمقراطي الحقيقي لمناقشة كافة خطوات كل مرحلة من مراحل المواجهة.
*****
ختم دياب معركة الأمعاء الخاوية داخل السجون الصهيونية لا تنفصل عن المعركة خارجها. فالقضية واحدة، والأهداف واحدة. والعدو الصهيوني تجاوز كل الحدود في ممارساته الوحشية، وحدود الرد عليه لا تنتهي في انتقاده وإدانته وطلب ود المفاوضات معه، بل تبدأ بالتمثل بوحدة ومقاومة الأسرى، وبكسر كل قيود أوسلو، وإعلان جبهة المقاومة الوطنية الفلسطينية.