قضية: محمود الزيات اللاجئون الفلسطينيون في لبنان .. شعب انسلخ عن أرضه لتستهدفه الأمم المتحدة "الاونروا" تسلك طريقها بالتخلي عن قضية اللاجئين لشطب حق العودة
"كفانا موتاً على أبواب المستشفيات.. انهم يدفعوننا الى الجوع"، تلك هي الصرخة التي بات يطلقها اللاجئون الفلسطينيون، المقيمون في المخيمات، في الإعتصامات اليومية التي ينظمونها أمام مقار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الاونروا" التابعة للأمم المتحدة، التي ينظر إليها الفلسطينيون على أنها الأداة التي ستتسلل منها السياسات الدولية التي تستهدف قضية اللاجئين وحقهم في العودة إلى ديارهم، وفقاً لما نصت عليها قرارات الأمم المتحدة.
من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال... أعلن اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في لبنان حالة طوارىء حياتية، بعد ان بلغت برامج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" درجة لم تعد تطاق، بعد أن أصبحت تهدد فئات واسعة من سكان المخيمات في معيشتهم ومصيرهم، فالخدمات الاجتماعية والصحية والتربوية والحياتية تدنت صورة مريعة ، وادت من حال الفقر التي يعاني منها معظم الفلسطينيين، في ظل بطالة تتسع، مع الحصار الذي تمارسه الحكومات المتعاقبة في لبنان، التي وضعت تشريعات تمنع العمل للفلسطينيين في أكثر من 60 مهنة.
وما زاد من حالة التدهور الاجتماعي والمعيشي للاجئين الفلسطينيين، الإجراءات والقرارات التي أصدرتها وكالة "الاونروا" التي طالت اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، في وقت تتجه مؤسسات المجتمع الدولي، بما فيها المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، إلى إعداد البرامج الإغاثية للآلاف من النازحين السوريين المنتشرين في تجمعات ومخيمات عشوائية على امتداد الخارطة اللبنانية.
آخر الخطوات التصعيدية التي لجأ إليها اللاجئون الفلسطينيون، في إطار ممارسة الضغط على وكالة "الاونروا"، إقفال مكاتبها ومحاصرة عملها المتواضع، الذي بات يقتصر على معاينات طبية روتينية، والتلويح بخطوات تصعيدية أكثر إيلاماً، فيما لم ينل الفلسطينيون إزاء هذه التحركات، سوى وعود تتبخر مع المزيد من الإجراءات الظالمة التي تزيد من معاناة سكان المخيمات، وكشفت مصادر قيادية فلسطينية، أن كل الاتصالات واللقاءات التي أجريت مع إدارة "الاونروا" في لبنان، ومنها اللقاءات التي جرت في مقر السفارة الفلسطينية بمشاركة السفير اشرف دبور، واللقاء الذي عقد في مقر بعثة الأمم المتحدة في لبنان بحضور، وبمشاركة جهات رسمية لبنانية، لم تُفض إلى نتائج ايجابية، بل إلى المزيد من المماطلة والتسويف وإغداق الوعود، فيما تجمع القوى والهيئات الفلسطينية على الاستمرار في التحرك وتصعيده، لإجبار الجهات الدولية الى التراجع عن سياسة تقليض الخدمات التي تكاد تخنق شعبنا في المخيمات، الذي يعتمد في معيشته على الفتات التي ترميها لهم وكالة "الاونروا". ورأت ان مسلسل تقليص الخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية ليس بعيدا عن ألأهداف ألصهيونيه التي تسعى في مضامينها الى خبايا سياسية لأنهاء حق العودة وفرض التوطين كواقع سياسي نكون فيه ضحية المتغيرات في المنطقة، ولكن شعبنا متمسك بحقه في العودة إلى دياره، على الرغم من لجوء المجتمع الدولي الى تهديده بلقمة عيشه وحياة أبنائه، ونحن نُحمّل المجتمع الدولي، من خلال وكالة "الاونروا" كل المآسي والحرمان والمعاناة الاجتماعية والحياتية التي يعيشها شعبنا في المخيمات.
مذكرة فلسطينية
ومواكبة للتصعيد الشعبي الفلسطيني في المخيمات، أكدت القيادة السياسية الفلسطينية على أهمية التحرك، واستنكرت إصرار إدارة "الاونروا" على تجاهل المطالب المحقة للاجئين الفلسطينيين ونددت القيادة السياسية الفلسطينية سياسة العناد والتجاهل لمطالب اللاجئين الفلسطينيين من قبل المدير العام لوكالة الاونروا في لبنان (ماثياس شمالي)، وعدم تقديم أي خطة إيجابية تذكر في اللقاء المشترك الذي عقد لإنهاء الأزمة التي نتجت عن قراراته وإجراءاته الظالمة، والتي مست بشكل مباشر كافة القضايا والاحتياجات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبخاصةً تلك المتعلقة بالإستشفاء والطبابة، وجددت موقفها الرافض لكل القرارات والإجراءات التي صدرت عن إدارة الوكالة، خاصة تلك التي استهدفت قضية الاستشفاء والطبابة وخطة الطوارئ لأهلنا في مخيم نهر البارد المنكوب، ومبلغ الإيواء الذي كانت تقدمه الوكالة لإخوتنا الفلسطينيين النازحين من مخيمات سوريا، وتعهدت بمواصلة التحركات الإحتجاجية ورفع السقف السياسي والجماهيري على أعلى المستويات في لبنان، وذلك بالتعاون مع الأخوة اللبنانيين والدول الصديقة والأمين العام للأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي، لبلورة حلول جدية تصب في رفع المعاناة عن أهلنا اللاجئين في لبنان، وعن إخوتنا اللاجئين الفلسطينيين النازحين من مخيمات سوريا، وطالبت بمواصلة تنظيم برامج التحركات الإحتجاجية السلمية والحضارية لمواجهة قرارات وإجراءات وكالة الاونروا التعسفية، إلى أن تستجيب إدارتها وتتراجع عنها بشكل كامل.
وجاء في المذكرة... لا يخفى على أحد بأن وكالة الاونروا ومنذ أكثر من خمس سنوات وهي تتجه نحو التقليص المتواصل لخدماتها وتقديماتها ومساعداتها التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين عموماً وفي لبنان خصوصاً، حيث طالت هذه التقليصات كافة المجالات الحياتية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين، المتعلقة بالتربية والتعليم، والطبابة والاستشفاء، والإغاثة والإيواء، والتوظيف وغيرها، ولم تلتزم إدارة وكالة الاونروا بالمعايير الإنسانية الدولية المتعلقة باحتياجات اللاجئين الملحة والضرورية، بحيث أصبحت تقديماتها ومساعداتها في مختلف المجالات، متدنية جداً، ولا تلبي الحد الأدنى للمعيشة والحياة الإنسانية، وهذا ما أوجد مخاوف وهواجس كبيرة لدينا ولدى اللاجئين الفلطسنيين، وفتح الباب على مصراعيه للاستنتاج بأن هذه السياسة وهذا السلوك من قبل إدارة وكالة الاونروا، يأتي في سياق مشروع الإنهاء المتدرج لدورها الذي أنشئت من أجله في العام 1949، بقرار من الأمم المتحدة.
ولفتت المذكرة إلى أن "الانروا" أوقفت خلال العام الماضي2015 العمل بخطة الطوارئ التي كانت تعتمدها لأبناء مخيم نهر البارد المنكوب، والتي من خلالها كانت تقدم الوكالة سلة غذائية متواضعة، بالإضافة إلى استشفاء 100 في المئة وبدلات الإيجار للعائلات التي ما زالت منازلها مدمرة. وأوقفت أيضاً مبلغ الـ 100 دولار التي كانت تقدم لكل عائلة كبدل إيواء لإخوتنا النازحين من مخيمات سوريا، فضلاً عن تخفيض القيمة المالية للسلة الغذائية المعطاة لهم، مع أن إدارة وكالة الاونروا تدرك تماماً بأن النازحين الفلسطينيين من مخيمات سوريا لا يستفيدون من التقديمات التي يوفرها المجتمع الدولي للنازحين السوريين. وفي مجال التربية والتعليم خفضت "الاونروا من جودة التعليم، وأبرز ما قامت به في هذا المجال، إجراء عملية دمج للصفوف بحيث أصبح بالصف الواحد 50 طالباً وما فوق، وتجميد أي تعيينات جديدة وتقليص عدد المياومين إلى الحد الأدنى، واللجوء إلى اعتماد سياسة العقود المؤقته لتعبئة المراكز الشاغرة، وتشجيع المعلمين ذوي الخبره على الاستقالة واستبدالهم بمياومين، وبهذا السلوك تكون إدارة وكالة الاونروا قد أسقطت أيضاً من أجندتها وبرامجها مهمة التشغيل التي تعتبر واحدة من المهام المناط بها. وفي مجال الاستشفاء فقد عملت "الاونروا" ومنذ عقود على تقليص حجم خدماتها الاستشفائية، وتجاهلت الازدياد المضطرد لعدد اللاجئين الفلسطينيين، ولم تقدم أي خطة إنسانية لاستيعاب هذا الازدياد، فيما يتعلق بعياداتها ومختبراتها في المخيمات، من حيث زيادة طواقمها الطبية والفنية والإدارية، كما وتراجعت كلياً صيدلياتها بتوفير الأدوية الضرورية للمرضى، ولجأت مع مطلع هذا العام 2016، إلى تقليص الخدمات الاستشفائية من خلال الخطة التي وضعتها إدارة الاونروا في لبنان، والتي تجبر المرضى من اللاجئين الفلسطينيين على دفع قسط من فاتورة الاستشفاء في المستشفيات التي تتعاقد معها وكالة الأونروا، في الوقت الذي يعيش ما نسبته 66.4 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تحت خط الفقر، أي أنهم عاجزون عن تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية وغير الغذائية الضرورية، و56 في المئة منهم عاطلون عن العمل، وفق المسح الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان الذي قامت به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الاونروا) بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت في صيف 2010
وحملت المذكرة إدارة الاونروا المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع الصحي للاجئين الفلسطينيين في لبنان وحذرت من مخاطر الإستمرار باتباع سياسية إدارة الظهر التجاهل لمطالب اللاجئين الفلسطينيين، وأكدت أن المخرج المناسب لهذه الأزمة يتمثل بتراجع " الاونروا" عن قراراتها وإجراءاتها التي اتخذتها مؤخراً، وإعادة ما تم تقليصه سابقاً، والعمل على تأمين كافة الاحتياجات والمتطلبات المعيشية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين، والقيام بحملة دولية لحشد التمويل المطلوب لإستكمال إعمار مخيم نهر البارد، والتعويض على أبنائه وإنهاء مأساتهم المستمرة منذ أكثر من سبعة أعوام.
ماذا تقول القوى والهيئات الفلسطينية؟
ويقول مسؤول الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان علي فيصل... إن خيار شعبنا من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان هو التصعيد، أمام التقليص الحاد الذي تمارسه وكالة "الاونروا"، وهي سياسة وصلت الى حد التآمر على قضية شعبنا وحقوقه في العيش الكريم، وهو حريص على الاستمرار في التحركات الضاغطة لاجباره المجتمع الدولي في الالتفات الى الملفات الحياتية والمعيشية للآلاف من الفلسطينيين. إذا لم تتراجع الاونروا عن قراراتها المجحفة بحقّ اللاجئين الفلسطينيين، خاصة تلك المتعلقة بتخفيض الخدمات الصحية التي تنال من صحتهم وكرامتهم، وأن هذه الإجراءات المجحفة والظالمة هي استهداف للنسيج الاجتماعي والوطني للاجئين الفلسطينيين في سياق استهداف حق العودة، ونزول عند الضغوطات الأميركية والإسرائيلية المعبّر عنها صراحة وفي أكثر من مناسبة، داعياً الدول المانحة والأمين العام للأمم المتحدة والمفوض العام والمدير العام للاونروا للتحرك العاجل لتوفير الأموال اللازمة بما ينسجم مع الاحتياجات المتزايدة للاجئين، خاصة وانهم يعتمدون على وكالة الغوث كمصدر رئيسي لمعيشتهم. ويرى فيصل أن المعركة مع "الاونروا" ليست خدماتية أو مالية بل هي معركة سياسية بالدرجة الأولى، محورها الحفاظ على قضية اللاجئين وحقهم في العدوة الى وطنهم.
أما مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في منطقة صيدا عبدالله الدنان ، فيؤكد على خيار الضغط على "الانروا" لاجبارها على التراجع عن سياساتها التجويعية، من خلال تصعيد التحركات التي تشارك فيها القوى والهيئات الشعبية الفلسطينية، وقال إن القضية الأساس للتقليصات التي تمارس على شعبنا في المخيمات، ليست مالية وإنما سياسية، والسبب أن الدول الداعمة لـ "الأونروا" تسلك طريق تصفية قضية اللاجئين لشطب حق العودة، في وقت عجز فيه المجتمع الدولي عن تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفي مقدمها قضية حق العودة.
فيما أكد أمين سر لجنة الدفاع عن حق العودة فؤاد عثمان خلال الاعتصام أن التحركات الجماهيرية ستتواصل حتى تحقيق أهداف ومطالب شعبنا وفي مقدمتها التراجع عن قراراتها الظالمة بحق أبناء شعبنا وفي الأيام المقبلة ستتواصل وتتصاعد طالما أن مدير عام وكالة "الانروا" مصر على قراراته الظالمة بحق أبناء شعبنا ضارباً عرض الحائط كل التحركات التي يقوم بها شعبنا في المخيمات دون أن يكلف نفسه عناء البحث فعلياً عن إيجاد مخرج لحل الأزمة وهذا ما يؤكد أن كل ما يجري له أهداف سياسية.