بوضوح: ربيع ديركي أزمة نظام وليس أزمة نفايات
ثمانية أشهر على أزمة النفايات المتراكمة في الشوارع والمكبات العشوائية، تخللها حلول فريدة كفرادة الصيغة اللبنانية، واليوم عاد مجلس الوزراء الى قرار فتح مطمر الناعمة لمدة شهرين وليس لمدة أسبوعين خلافاً لقراره السابق، وإنشاء مطمر في الكوستابرافا وآخر في برج حمود، أي عودة إلى الطمر بدلاً من المعالجة العلمية للنفايات التي تحولها إلى مصدر من مصادر الثروة، وعاد معه تأكيد استمرار سوكلين وسوكومي بالأعمال التي كانت تقوم بها، وأصبحت الخطة المرحلية لمعالجة النفايات أربع سنوات بدلاً من 18 شهراً، مع رشى للبلديات على شكل حوافز، تقدر بحوالى 50 مليون دولار ستدفع سنوياً للبلديات بدلاً من الإفراج عن أموال الصندوق البلدي المستقل، إضافة إلى 6 دولارات عن كل طن من النفايات ينقل إلى مطمر الناعمة من دون تحديد من سيدفع هذه الدولارات.
إذن، عاد الطمر وعادت معه سوكلين التي اعترفت أنها كانت تطمر 80 في المئة من النفايات وتعالج 20 في المئة منها، مما تسبب بكارثة بيئية لا تقل كلفتها عن الكلفة الباهظة للحل المرحلي الذي لزم إليها طيلة الـ 20 سنة الماضية المقدرة بأكثر من ملياري دولار، ومع هذه العودة السوكلينية أصبحنا مع سوكلينات، ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل ينص قرار مجلس الوزراء على تجهيز مطمرين جديدين على الشاطئ في كل من برج حمود وخلدة، أي ردم البحر والسطو على الأملاك العامة في مشهد يذكر بما حصل مع مكب النورماندي في بيروت، وما يحصل اليوم في مكب صيدا.
قرار طمر النفايات يظهر مدى تحكم السمسرات المختلف عليها من تركة النفايات، ويوضح أن الأزمة ليست أزمة نفايات بل أزمة نظام بكامله، مما يتطلب توسيع الحراك الشعبي وتجذيره سياسياً باتجاه مواجهة النظام السياسي الطائفي وأسسه الاقتصادية القائم عليها.
***
بعيداً من أزمة النفايات في لبنان وانشغال أطراف السلطة السياسية بكيفية تقاسم الحصص منها، قررت روسيا سحب القوة الرئيسة من سلاحها الجوي من سوريا، بالتزامن مع بَدْءِ مباحثات جنيف حول الأزمة السورية، قد يبدو القرار مفاجئاً، ولكنه يؤشر إلى حجم الاتفاق الروسي – الأميركي حول التسوية في سوريا والمنطقة وإن كان يسير بخطى بطيئة لترسيم حدود النفوذ وأدوار القوى الإقليمية في المرحلة الجديدة لما بعد سايكس – بيكو بعد مرور مئة عام عليه ليعاد تقسيم المقسم أصلاً.