زينب باقة ضوء..رحلت

"نحن لا نسير في الحياة لكننا نحملها ونسير بها" .

زينب ياغي أميرة الكلمة، وأيقونة الصوت، حملت هذه الحياة وسارت بها الى مكان رحيلها الأخير.

هم الطيبون يرحلون دون سؤال، ودون وداع. هم دائما صادمون كما هم صامدون.

زينب ياغي حزمت باقة ضوء كلماتها ..ورحلت، تاركة خلفها وصية الأمل المتعلق بنبض الناس حيث ثروتها الغنية التي جمعتها في حقبة نضالها الحزبي والإعلامي.

رحلت الرفيقة المتمردة  الطيبة التي لم تخلع يوما وجهها الحقيقي، والتي لم  تبهرها مكياجات المدينة.

رحلت من سكنت المدينة طالبة ثم مناضلة شيوعية وصحافية وإعلامية من الطراز المباشر الذي يحاكي نبض الفقراء، ووجع المقهورين والمظلومين.. ولم  تبدل يوما انحيازها لطبقتها الإجتماعية.

إبنة زوطر المقاومة كما جنوبها والوطن بقيت على تماس بقضيتها الوطنية، وعلى علاقة بشتلة التبغ ورائحة الطيون ، كما المقاومة الوطنية التي إرتبطت بها فكرا ونهجاَ ونضالا وثقافة وكتابة، واكبت خطواتها ورافق قلمها طريق المقاومين منذ الإنطلاقة الى حين طلوع فجر الحرية وشمس التحرير على العدو الصهيوني.

رحلت الرفيقة والصديقة والإعلامية المحبة بعد أن نذرت نفسها للحرية والديمقراطية والكلمة الحرة ودافعت عن القضية الوطنية والاجتماعية كما عن فلسطين حتى الرمق الاخير.

قاومت زينب ياغي دون هوادة ضد هذا المرض اللئيم الخبيث، وكعادتها، بقيت مقبلة على الحياة، كما عرفها كل من رافقها وعايشها وخبر طيبتها وبساطتها وعلاقاتها الطبيعية مع الزملاء والرفاق دون تكليف أو اصطناع.

في كل سنوات عمرها، بقي القلم رفيقها وصديقها، وكانت كتاباتها وتحقيقاتها ومقالاتها مرآة حقيقية لقضايا الناس وهمومهم والآمهم، تكشف عن المستور، وعن لعبة كبار الساسة  وطائفيتهم وظلمهم وفسادهم وتهميشهم للفقراء والكادحين في الريف كما في المدينة، في المصنع كما في الجامعة، في التعليم كما في الصحة والتنمية والفقر والخدمات والحياة.. لم تغمد سيف قلمها، ولم تتراجع يوما عن مواقفها.. كانت تملك خطة وهدفا، وبحر لا ينضب من الافكار والمبادرات ، وهي الخبيرة والملتزمة الى أقصى الحدود. وهي الرائدة في مجال عملها والصاخبة الى اقصى الحدود.

تشهد إذاعة صوت الشعب بيتها الاعلامي الاول واستديوهاتها وقسم الاخبار فيها التي واكبت إنطلاقتها ومسيرتها لحقبة طويلة من الزمن على مهارة وجسارة وثورية هذه المناضلة ومواقفها السياسية الموضوعية الجريئة.

كما تشهد "جريدة السفير" بيتها الاعلامي الثاني من اساسها الى رئيسها على مدى  التزام هذه المقاتلة وصراحتها وصدقيتها في احتضان قضايا فقراء الوطن والدفاع المستميت عن حقوقهم  ومكتسباتهم في كافة المجالات.

برحيلك يا زينب خسر حزبك، وخسرت صوت الشعب، وخسرت صحيفة السفير، وخسرت الصحافة  اللبناية والجسم الاعلامي قامة من قامات رواد الكلمة، صنعت من دمها حبرا للحرية والديمقراطية، ومن حياتها طريقا نضاليا من أجل التحرير والتغيير.

في رحيلك يا زينب نقول ستبقى عيونك شموعا تنبر دربنا في عالم صناعة الحرف والكلمة الحرة.   

منا اليك، يا رفيقتنا الطيبة، كلمة حب من القلب الى القلب. وتحية شكر وعرفان ولو بعد رحيلك. سنفتقدك ابداَ لكن لن ننساك.

سمير دياب

مدير عام اذاعة صوت الشعب
  

26 كانون الثاني 2016