
بوضوح: ربيع ديركي حكم الاستقالة من المسؤوليات
حراك دبلوماسي ومبادرات لحل الأزمات في المنطقة الملتهبة بحروب المتصارعين عليها، علت وتيرتها العسكرية مع تغيرات في خارطة القوى المسيطرة على الأرض، التي يبدو أيضاً أنها غير ثابتة، من سوريا إلى العراق وصولاً إلى اليمن، بما يعكس أن زمن التسويات يعني عملياً ارتفاع لصوت آلة الحروب لجمع نقاط على الأرض لفرض تحسين شروط التسويات، ولكن في ظل توازن القوة بين المتصارعين فمن المغامرة المراهنة على أن التسوية في المنطقة قريبة، ومن المغامرة المراهنة على أن تسويات من هنا وأخرى من هناك، سوف تنتج الحلول في المنطقة، بل هي تسويات على الدول، وليس لمصلحتها ومصلحة شعوبها.
وفي هذا الزمن الفاصل قبل الوصول إلى تسوية، وأن ما بعد الاتفاق النووي ليس كما قبله، لبنان لا يزال في حال شلل، انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليس في الأفق المنظور لربط الطبقة السياسية هذا الاستحقاق بتطورات المنطقة وتغير موازين القوة فيها، مجلس نواب قانون الستين قبل التمديدين وبعدهما عاطل من العمل ولكن رواتب النواب ومخصصاتهم لا خوف عليها، بل الخوف على رواتب الموظفين في القطاع العام الفقراء، حكومة الـ 24 وزيراً – رئيساً إن تمت الدعوة إلى عقد جلستها انجاز ليس بعده انجاز سوى الخروج من دون قرارات، مع اتجاه إلى دخولها في إجازة قد تكون طويلة ليصبح الشلل الدستوري في لبنان ثلاثياً، ولكن ممنوع استقالتها لأسباب بات يعرفها القاصي والداني. والسجالات بين مكونات الطبقة السياسية وتقاذف المسؤوليات جارية على قدم وساق، على وقع استقالتهم من تحمل مسؤولية أزمة النفايات الكهرباء المياه... حقوق الموظفين والأجراء بسلسلة عادلة للرتب والرواتب... ومن مفارقات الزمان حديث أطراف تلك الطبقة عن الدين العام ونمو نسبته إلى الناتج المحلي والفقر والبطالة وكأنهم غير مسؤولين عن السياسات المالية – الاقتصادية – الاجتماعية التي بنتيجتها ضربت كل مقومات الاقتصاد الوطني المنتج، لحساب حيتان المال السياسي الريعي. باختصار جمهورية بلا رئيس نواب بلا مجلس نواب وزراء بلا حكومة.
كل ما يعيشه المواطن من أزمات وضرب لحقوقه السياسية والاقتصادية – الاجتماعية تحمل بذور ثورة على هذا النظام السياسي الطائفي، تحمل ضرورة إسقاط هذا النظام، ويبقى التحدي ترجمة هذه الضرورة على الأرض.